التهريب البري إلى مصر.. مغامرة المعاناة والحظ والتحمل
تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT
رحلة المعاناة بدأت بالبحث عن مهرب أمين عطفا على حكايات متداولة عن تعرض مسافرين للاحتيال والابتزاز وتركهم في الحدود
التغيير: أسوان
بعد تفكير عميق وعصف ذهني مضن قررنا حسم أمرنا والتوجه إلى مصر عن طريق التهريب برا على الرغم من مخاطر المغامرة.
رحلة المعاناة بدأت بالبحث عن مهرب أمين ومضمون عطفا على حكايات متداولة عن تعرض مسافرين للاحتيال والابتزاز وتركهم في الحدود المصرية السودانية يواجهون الموت والجوع.
وقع الاختيار على أحد المهربين، وهو مشهور بصدقه ونزاهته، أخبرني عنه صديق سافرت زوجته وأولاده معه وشهدوا له بطيب المعاملة والمهنية والاحترافية.
السفر في العيد
خامس أيام عيد الفطر الماضي كان الموعد المضروب للتحرك من ولاية كسلا شرقي السودان. في البدء اتفق معنا المهرب على أن يصلنا حيث نسكن ولاحقا طلب منا أن نلتقيه عند قرية الحفائر التي تبعد نحو نصف ساعة من المدينة.
اتفقنا معه على مبلغ 250 دولارا للفرد تكاليف للرحلة حتى منطقة الكسارات في مدخل أسوان المصرية. وصلنا قرية الحفائر إحدى معاقل قبيلة الرشايدة، معظم بيوتها من القش والطين ولا تبدو عليها آثار غنى وثراء، ومعظم سكانها يعملون بالتجارة وتعدين الذهب.
استقبلنا المهرب ببشاشة وطلب منا دفع الأموال أولا، وطلب من أحد أصدقائه تشغيل الإنترنت عن طريق نظام “ستار لينك” نسبة لضعف الشبكة العادية، وبالفعل قمنا بتحويل المبلغ ومن ثم اتجهنا إلى خارج القرية في انتظار سيارتي دفع رباعي من ماركة “تويوتا بوكس” متجهتين لذات وجهتنا، فالرشايدة يحبون الرفقة من بني قبيلتهم.
بعد انتظار دام قرابة ساعتين حضرت السيارتان محملتين بالاسر السودانية اطفالا ونساء وامتعة. وضعنا امتعتنا رفقة الماء والبسكوت والبلح وبعض معينات الرحلة في صندوق العربة.
توتر وخوف
التوتر والخوف كانا مسيطرين على الموقف بالنسبة للمسافرين. حاول المهرب كسر الترقب بالحديث معنا وطمأنتنا. اتجهت السيارات إلى مدينة عطبرة عبر طريق خلوي مع بعض المحادثات المتقطعة داخل السيارة والاغاني الخاصة بالرشايدة المنبعثة من مشغل الموسيقى بالسيارة.
ست ساعات متواصله تتخللتها وقفه الأداء صلاة المغرب في الطريق الصحراوي الموحش الذي يخلو حتى من الحيوانات. توقف بعدها السائق مرة واحدة في الطريق حيث وجدنا خياما عشوائية ورواكيب يقدم اصحابها الوجبات. تناولنا الفول والعدس والشاي والقهوة وواصلنا المسير إلى أن وصلنا مشارف عطبرة لنقابل ارتكازا للجيش.
طلب منا أفراد الاستخبارات ابراز الهويات وتحديد الوجهة عندما اخبرناهم باننا نقصد عطبرة غضبوا وطالبونا بعدم الكذب وبأنهم يعلمون بأننا متجهون إلى اسوان.
دخلنا منطقة أبو عريضة حوالي الساعه 11 مساء. اخبرنا المهرب بأن إحدى السيارات ستدخل إلى مدينة عطبرة لجلب مسافرين آخرين ثم تتواصل بعد ذلك الرحلة.
تركنا المهرب رفقة سيارتين في الخلاء. افترشنا بطانية على الارض تخوفا من العقارب، وبالفعل تعرض أحد مرافقي السائق للدغتين مما دفعنا لتحويل وجهتنا إلى احدى الاستراحات القريبة، وهي خيام سوق عشوائي حيث قضينا الليلة ولم تحضر العربة التي غادرت بسبب دخول حظر التجول. استيقظنا صباحا وبدأ الجميع في تناول الشاي والقهوة وشراء بقية المستلزمات من ماء وطعام ونظارات وملافح ومعاطف شتوية وغيرها.
قبل العاشرة صباحا حضرت العربة الثالثة وتحركنا نحو الحدود. الرجال قابعون في مؤخرة “البوكس” والنساء والأطفال في الأمام. قاومنا الشمس وحرارة الاجواء والغبار باصطناع الحديث. توقفنا مرتين فقط عند مطاعم عشوائية مع وجود حمامات وانترنت فضائي “ستار لينك”.
الحدود المصرية
بعد 14 ساعة من المسير دخلنا الحدود منتصف الليل عند منطقة التخزينة. قضينا ليلتنا في السيارة بعد تناول الطعام والشاي والقهوة في أجواء باردة مع إحساس بإرهاق كبير.
عند الصباح التقينا تجارا ينشطون في تجارة العملة، حيث يبدلون الجنيه المصري مقابل 34 جنيها سودانيا (السعر في مصر بين 28 و29 جنيها)، ويعرضون شرائح الاتصالات المصريه بمبالغ تصل إلى 10 دولارات.
استبدل البعض العملة معهم عن طريق تطبيق بنكك أو عن طريق النقد مضطرين رغم غلاء السعر. اختفى المهربون صباحا في رحلة بحث عن سيارات مصرية لتكمل المهمة، ثم عادوا حوالي العاشرة صباحا واحضروا معهم آخرين من أبناء قبيلتهم بدلا من المصريين ليستكملوا معنا الرحلة.
تفرغنا لتناول الإفطار والتجهيز للرحلة في اجواء ساخنة في الصحراء مع غلاء الماء والطعام الذي يقدم باسعار مضاعفة.
غابت السيارات واصحابها الذين اخبرونا بأنهم سيخضعونها للصيانة والتجهيز. زاد القلق والتوتر مع حراره الطقس وسط احاديث بأن الطريق مغلق وأن حرس الحدود المصري يمشط الموقع وهو ما أكده لنا رجوع ثماني سيارات لم تتمكن من عبور الحدود.
عند الساعة الثالثة عصرا تحركنا بعد ان تأكد المهربون من ان الطريق آمن. تحول جميع المسافرين إلى صندوق العربة مع تقييد الشباب بالحبال مع اطراف السيارة وحصر النساء والاطفال في الوسط.
تحركت السيارتان في وقت بلغ فيه التعب مبلغه من المسافرين وسط شكوى من السيدات والاطفال من المطبات والغبار والبرد بعد دخول الليل.
الكسارات وكركر
دخلنا منطقة الكسارات في اسوان عند حوالي الحادية عشرة ليلا حيث تراصت بعض التكاتك (الركشات) المصرية التي حُذرنا منها مسبقا، إذ قيل لنا انهم يبتزون المسافرين وبعضهم ينهب الاموال والهواتف.
قمنا باستئجار ميكروباص 14 راكبا إلى داخل اسوان بموقف كركر بواسطه سوداني بمبلغ 5000 جنيه مصري تقسم على عدد المسافرين. وصلنا الى استراحه كركر التي تحتوي على بصات سفرية للقاهرة ومقاهي وحمامات ومطاعم وبقالات. تبين لنا أن الشخص السوداني حاول احتيالنا فهو اخبرنا انه سيأخذ من كل واحد منا 700 جنيه قيمه السفر الى القاهره مضافا اليها 550 جنيها اجره الميكروبات السابقه من الكسارات. وبعد سؤال اصحاب البصات والمقاهي تبين ان قيمه التذكره 450 جنيها فقط الي القاهره وليس 700 فرفضنا السفر معه وبحثنا عن حجز في البص الذي سيتحرك مساء.
تحولنا الى فندق داخل اسوان اخذ منا صاحب التاكسي 250 جنيها للفرد وهو مبلغ اتضح لنا لاحقا بانه مبالغ فيه واننا تعرضنا للاحتيال نسبة لقرب المسافة من كركر للفندق. فقد وصلنا لاحقا إلى موقع البص مشيا على الاقدام من الفندق، وحين وصولنا كانت الساعة التاسعة مساء لكننا انتظرنا حتى الواحدة صباحا إلى أن تحرك الباص.
بعد 13 ساعة من السفر وصلنا أخيرا إلى القاهرة بعد توقفنا في الطريق للاستراحة مرتين. انزلنا البص في شارع صلاح سالم وسط احتجاجات من الركاب تطالب بان يوصلنا إلى منطقة رمسيس وفي النهاية رضخنا للامر وترجلنا من البص.
استقبلنا المصريون وبعض السودانيين اصحاب التكاسي وتسابقوا على الزبائن لدرجة الشجار فيما بينهم. أخذنا عربة اجرة بمبلغ 200 جنيه مصري حتى منطقة فيصل لنبدأ رحلة جديدة من المعاناة مع ايجار شقة للسكن.. وهذه قصة أخرى!
الوسومأسوان التهريب إلى مصر الحرب السودانية اللاجئون السودانيون عطبرة
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: أسوان التهريب إلى مصر الحرب السودانية اللاجئون السودانيون عطبرة
إقرأ أيضاً:
بيان مشترك بين مصر وقطر.. دعم جهود إعادة الإعمار وتخفيف المعاناة عن الشعب الفلسطيني
أجرى الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، زيارة رسمية إلى الدوحة يومي 13 و14 أبريل 2025، في إطار العلاقات الأخوية الراسخة، والروابط التاريخية المتينة، وحرص البلدين الشقيقين على تعزيز التشاور والتنسيق على مختلف الأصعدة.
وعكست المباحثات التي جرت في جو تسوده الأخوة والتفاهم بين الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية والشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، عمق العلاقات الثنائية، وما تتميز به من رسوخ وثقة متبادلة، حيث تناولت سبل تطوير التعاون في العديد من المجالات بما يعزز المصالح المشتركة ويفتح آفاقًا جديدة للتكامل والشراكة.
وشدّد الطرفان على أهمية تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، وتم التوافق على استمرار العمل المشترك نحو تعزيز مجالات الاستثمار والتبادل الاقتصادي بما يعكس الإرادة السياسية بين البلدين ويُسهم في دعم التنمية الاقتصادية المستدامة التي تخدم تطلعات الشعبين الشقيقين.
وفي هذا السياق، أكد الجانبان التزامهما بدعم الشراكة الاقتصادية بين البلدين، حيث جرى التوافق على العمل نحو حزمة من الاستثمارات القطرية المباشرة بقيمة إجمالية تصل إلى 7.5 مليار دولار أمريكي، تُنفذ خلال المرحلة المقبلة، بما يعكس متانة العلاقة بين البلدين ويُسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة التي تخدم مصالح الشعبين الشقيقين.
فلسطين قضية العرب الأولى
وشدّد الجانبان على مركزية القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب الأولى، وأكدا موقفهما الثابت والداعم للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حقه في إقامة دولته المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفقًا لمبادرات السلام والقرارات الدولية ذات الصلة.
وأكد الجانبان دعمهما لجهود تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية، وضرورة توحيد الصف الفلسطيني، بما يضمن تفعيل مؤسسات الدولة الفلسطينية وتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني الشقيق.
وجدّد الطرفان دعمهما الكامل لخطة إعادة إعمار قطاع غزة، وأعربا عن تطلعهما إلى انعقاد مؤتمر دولي بهذا الشأن تستضيفه جمهورية مصر العربية في القاهرة، بالتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لتنسيق الجهود الإنسانية والتنموية بما يضمن تحسين الظروف المعيشية للشعب الفلسطيني في القطاع.
وأعرب الطرفان عن قلقهما البالغ إزاء استمرار التصعيد في قطاع غزة، وأكدا أهمية مواصلة الجهود المشتركة من أجل التوصل إلى وقف فوري ومستدام لإطلاق النار، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية العاجلة إلى المدنيين، والعمل على دعم جهود إعادة الإعمار وتخفيف المعاناة عن الشعب الفلسطيني الشقيق.
مخاوف من استمرار النزاع المسلح في السودان
كما عبّر الجانبان عن بالغ القلق إزاء استمرار النزاع المسلح في السودان، وأكدا على أهمية الوقف الفوري للعمليات العسكرية، والعودة إلى مسار الحوار الوطني الشامل، بما يحفظ وحدة السودان وسيادته، ويضع حدًا لمعاناة شعبه الشقيق. وأكد الطرفان دعمهما الكامل لكل المبادرات الإقليمية والدولية الهادفة إلى إنهاء النزاع.
ورحب الجانبان باستمرار المفاوضات غير المباشرة بين الولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وأكدا دعمهما لأي مساعٍ سلمية تهدف إلى خفض التوتر في المنطقة، وتعزيز الأمن والاستقرار فيها. كما ثمّنا الجهود الدبلوماسية التي تبذلها سلطنة عُمان الشقيقة في هذا الإطار.
كما أكّد الجانبان على أهمية تمكين الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى التهدئة والحلول السلمية وعلى رأسها جهود الوساطة التي يقودها البلدان بالشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية، للوصول لوقف إطلاق النار ونهاية للحرب في قطاع غزة، مستنكرين كل محاولات تقويض المسارات التفاوضية أو استهداف الوسطاء والتي لا تهدف إلا إلى تخريب جهود الوساطة.
قطر تعلن دعمها لمرشح مصر لرئاسة اليونسكو
كما أعربت دولة قطر عن دعمها لترشيح الدكتور خالد العناني، مرشح جمهورية مصر العربية، لمنصب المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو»، تقديرًا لمسيرته الأكاديمية والثقافية، وثقةً في قدرته على الإسهام الإيجابي في عمل المنظمة.
كما عبّر الجانبان عن ارتياحهما لما تحقق من تقدم في العلاقات الثنائية خلال الفترة الماضية، وأكدا على أهمية البناء على ما تم إنجازه، والدفع بالعلاقات إلى مستويات أرحب، في إطار من الاحترام المتبادل والرؤية المشتركة لمستقبل يسوده الأمن والاستقرار والازدهار.
اقرأ أيضاًالرئيس السيسي وأمير قطر يؤكدان أهمية الحفاظ على وحدة سوريا ولبنان والسودان وسلامة أراضيها
أمير قطر: زيارة الرئيس السيسي تمثل تتويجا للزخم المتنامي في العلاقات الثنائية