لماذا أمر رسول الله بالنوم على وضوء؟.. 20 حقيقة لا يعرفها كثيرون
تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT
إذا كان من المعلوم أن الوضوء قبل النوم يعد إحدى السنن النبوية الشريفة، فلا تزال الحكمة المتمثلة في سؤال لماذا أمر رسول الله بالنوم على وضوء ؟، من الأسرار الخفية التي لا يعرفها كثيرون، حيث إن النبي -صلى الله عليه وسلم- دائمًا ما يرشدنا ويحثنا على كل ما فيه خير وفلاح في الدنيا والآخرة ، لذا ينبغي التمسك بسنته -صلى الله عليه وسلم- واتباع هديه الشريف، ولعل معرفة لماذا أمر رسول الله بالنوم على وضوء ؟، تزيد الحرص على تلك السُنة اليسيرة التي يستهين بها عدد ليس بقليل.
ورد عن مسألة لماذا أمر رسول الله بالنوم على وضوء ؟، أنه يُستحبّ الوضوء قبل النوم حتى لو كان الإنسان على طهارةٍ، وهذه هي سنّة رسول -الله صلّى الله عليه وسلم-، فإن مات مَن فعل ذلك فقد مات على الِفطرة.
وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا أتَيْتَ مَضْجَعَكَ، فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ علَى شِقِّكَ الأيْمَنِ، ثُمَّ قُلْ: اللَّهُمَّ أسْلَمْتُ وجْهِي إلَيْكَ، وفَوَّضْتُ أمْرِي إلَيْكَ، وأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إلَيْكَ، رَغْبَةً ورَهْبَةً إلَيْكَ، لا مَلْجَأَ ولَا مَنْجَا مِنْكَ إلَّا إلَيْكَ، اللَّهُمَّ آمَنْتُ بكِتَابِكَ الذي أنْزَلْتَ، وبِنَبِيِّكَ الذي أرْسَلْتَ، فإنْ مُتَّ مِن لَيْلَتِكَ، فأنْتَ علَى الفِطْرَةِ).
وجاء أن هذا الحديث آخر ما رُوي في كتاب الوضوء في صحيح البخاري، ولعلّ السبب يعود إلى أنّ هذا الوضوء هو آخر ما أُمر به المكلَّف أثناء صحوته، والمقصود بالفطرة هو السنّة.
فضل النوم على وضوءوورد أن النوم على طهارةٍ يُعَدّ من أعظم الأعمال الصّالحة التي يتقرّب بها العبد من الله -تعالى-، كما أنّ الوضوء يُبعد عن المسلم الشيطان ووساوسه؛ ومن ذلك ما يكون فيما يراه في منامه.
وقال ابن بطال: "وَيكون أصدق لرؤياه وَأبْعد من تلعب الشَّيْطَان بِهِ فِي مَنَامه"، وإن مات من توضّأ فيموت على طهارة، وتتحقّق هذه الغايات بالنوم على وضوء، سواءً كان المسلم متوضِّئاً من قبل أو إذا توضّأ قبل أن يرقد في فراشه، وقيل إنَّ له أجراً كأنه في صلاةٍ أو ذِكرٍ طوال فترة نومه حتى يستيقظ.
وروى عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (مَن بات طاهرًا بات في شِعارِه مَلَكٌ فلَمْ يستيقِظْ إلَّا قال المَلَكُ: اللَّهمَّ اغفِرْ لعبدِك فلانٍ فإنَّه بات طاهرًا)، والمقصود بكلمة شِعار هو الثّوب، والمراد من الحديث أنّ النائم على وضوء تدعوا له الملائكة.
حكم الوضوء قبل النومورد أن الوضوء قبل النوم مندوبٌ ومستحبٌّ، لفعل النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ولا يعدُّ واجباً، ويجوز الوضوء الخفيف قبل النوم، ولا يختلف الوضوء الخفيف عن الوضوء الكامل بالهيئات والترتيب إلَّا أنّه يقتصر على المقدار الواجب؛ أي المُجزئ للوضوء.
وهو ما ذُكر في قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ).
فضل الوضوءورد أن للوضوء فضائل عديدة، منها ما يأتي:
الدخول ضمن قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-: (أنتمْ الغُرُّ المُحَجَّلُونَ يومَ القيامةِ)، والمقصود بالغرِّ: البياض في جبهة الفَرَس، والتحجيل: البياض في أيدي الفَرَس وأرجلها، وأُطلق على المتوضّئين ذلك كنايةً عمّا يغشاهم من النّور على مواضع الوضوء يوم القيامة.بلوغ الحِلية يوم القيامة؛ والمقصود بها النّور والبياض، فقد صحّ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّه قال: (كُنْتُ خَلْفَ أبِي هُرَيْرَةَ وهو يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاةِ، فَكانَ يَمُدُّ يَدَهُ حتَّى تَبْلُغَ إبْطَهُ فَقُلتُ له: يا أبا هُرَيْرَةَ ما هذا الوُضُوءُ؟ فقالَ: يا بَنِي فَرُّوخَ أنتُمْ هاهُنا؟ لو عَلِمْتُ أنَّكُمْ هاهُنا ما تَوَضَّأْتُ هذا الوُضُوءَ، سَمِعْتُ خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: تَبْلُغُ الحِلْيَةُ مِنَ المُؤْمِنِ، حَيْثُ يَبْلُغُ الوَضُوءُ).الاستنجاء بالماء كان سبباً لأن يمدح الله -تعالى- أهل قُباء، حيث قَدِم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إليهم بعد ذلك وسألهم عن سبب ثناء الله -عز وجل- لهم في قوله: (فيهِ رِجالٌ يُحِبّونَ أَن يَتَطَهَّروا وَاللَّـهُ يُحِبُّ المُطَّهِّرينَ). ، فأخبروه أنّهم يستنجون بالماء.المحافظة على الوضوء من صفات المؤمنين، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (سَدِّدوا وقارِبوا واعمَلوا، وخيرُ أعمالِكم الصَّلاةُ، ولا يُحافِظُ على الوُضوءِ إلَّا مُؤمنٌ).مغفرة الذنوب وعلوّ الدرجات، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ألا أدُلُّكم على ما يمحو اللهُ به الخطايا ويُكفِّرُ به الذُّنوبَ؟ قالوا: بلى يا رسولَ اللهِ قال: إسباغُ الوضوءِ على المكروهاتِ وكثرةُ الخُطا إلى المساجدِ وانتظارُ الصَّلاةِ بعدَ الصَّلاةِ فذلك الرِّباطُ).تكفير الذنوب والخطايا بسقوطها مع ماء الوضوء، وقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه في ذلك حديثاً طويلاً عن عمرو بن عبسة السلميّ.انفكاك عَُقد الشيطان وحلّها، كما قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (يعقدُ الشَّيطانُ علَى قافيةِ رأسِ أحدِكُم إذا هوَ نامَ ثلاثَ عقَدٍ يضربُ مكان كلَّ عقدةٍ عليكَ ليلٌ طويلٌ فارقُد فإنِ استيقظَ فذكرَ اللَّهَ انحلَّت عقدةٌ فإن تَوضَّأ انحلَّت عقدةٌ فإن صلَّى انحلَّت عقدةٌ فأصبحَ نشيطًا طيِّبَ النَّفسِ وإلَّا أصبحَ خبيثَ النَّفسِ كسلانَ).تعظيم الله -تعالى-: فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لبلال بن رباح -رضي الله عنه- عند الفجر: (يا بلَالُ حَدِّثْنِي بأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ في الإسْلَامِ، فإنِّي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بيْنَ يَدَيَّ في الجَنَّةِ قالَ: ما عَمِلْتُ عَمَلًا أَرْجَى عِندِي: أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ طَهُورًا، في سَاعَةِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، إلَّا صَلَّيْتُ بذلكَ الطُّهُورِ ما كُتِبَ لي أَنْ أُصَلِّيَ).
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: النوم على وضوء الوضوء قبل النوم فضل الوضوء الوضوء صلى الله علیه وسلم ى الله علیه وسلم صل ى الله علیه قال رسول الله ل ى الل على ال
إقرأ أيضاً:
في عيد العمال.. كيف حث سيدنا النبي على إعطاء حقوقهم؟
عيد العمال، الإجارة والعِمالة شُرِعَت لأن الناس في حاجة إليها، لاختلاف المواهب والتخصصات، وتحقيقا للتكامل والتعاون، والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ جاء ليُتَمِّمُ أحوال الناسِ ويُحقق المصالح بينهم، وقد شاء الله ـ تعالى ـ بحكمته أن يجعل بعض الناس أغنياء وبعضهم فقراء.
ومعلوم أنَّ الغنيَّ بحاجة إلى الفقير، وأنَّ الفقيرَ بحاجةٍ إلى الغنيَّ، والله ـ سبحانه ـ جعل الناس بهذه الصِّفةِ كلٌّ يحتاج الآخر حتى تتكامل حركة الحياة وتعمر الأرض، قال الله تعالى: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا}.. (الزخرف : 32)، فإذا قام كلٌّ بحقِّه وواجِبِهِ كما ينبغي تحققتْ السعادة والائتلاف، وأصبح المجتمع المسلم كالجسد الواحد كما قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).. رواه البخاري.
ودعا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أصحاب الأعمال إلى معاملة العمال معاملة كريمة، وإلى الشفقة عليهم، والبرِّ بهم وعدم تكليفهم ما لا يطيقون من الأعمال، بل ارتفع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بدرجة العامل والخادم إلى درجة الأخ، وهذا ما لم يُسْبَق في حضارة من الحضارات، أو في أمة من الأمم، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يديه فليطعمه ممّا يأكل، وليلبسه ممّا يلبس، ولا تكلّفوهم ما يغلبهم، فإن كلّفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم).. [رواه البخاري] .
كذلك ألزم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ صاحب العمل أن يسارع في وفائه وسداده للعامل والخادم أجره المكافئ لجُهده، فعن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه).. [رواه ابن ماجه]، وفي رواية: (حقه) بدل (أجره).
وهذه الوصية النبوية تتعلق بعدم تأخير حق الأجير، وأما عدم إعطاء الأجير أجره ومنعه بالكلية فذلك من كبائر الذنوب، وقد حذر الله تعالى من ذلك وجعل آكل حق الأجير خصما له يوم القيامة، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره).. [رواه البخاري] .
وكذلك حذَّر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من ظلم العمال باقتطاع شيئا من أجورهم ولو كان صغيرا، فعن أبي أمامة إياس بن ثعلبة الحارثي - رضي الله عنه - أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (من اقتطع حقّ مسلم بيمينه، حرم الله عليه الجنة، وأوجب له النّار، قالوا: وإن كان شيئا يسيرا؟، قال: وإن كان قضيبا عودا) من أراك (سواك).. [رواه مسلم] .
وإذا كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمر بالرحمة العامة مع الناس جميعا ـ بل مع الحيوان ـ فقال: (الراحمون يرحمُهم الرحمن، ارحموا من في الأرضِ يرحمكم من في السماء).. [رواه الترمذي]، فمما لا شك فيه أن العامل والخادم داخل في ذلك، فينبغي التعامل معهما برحمة وشفقة، ومن ثم أمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ صاحب العمل عدم تكليف العامل أو الخادم ما لا يطيق.
ومع الأمر بالمسارعة في إعطاء العامل أجره، وعدم الإنقاص منه، والتخفيف عنه، حث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ صاحب العمل والمخدوم على شكر العامل والخادم، فالإنسان بطبعه يحب من يحسن إليه ويشكره ويقدر عمله، وشُكْرُ من أسْدَى إلينا معروفا أو صنيعا مِنْ شكرِنا لله ـ عز وجل ـ، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (لا يَشْكرُ اللهَ مَنْ لا يشكرُ الناس).. [رواه أبو داود]
وقد حرم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ استغلال العامل، وعدم إعطائه ما يستحق من أجر بسبب حاجته إلى المال: فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (لا ضرر ولا ضرار).. [رواه ابن ماجه]، وهذه القاعدة العامة التي وضعها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم تصل إليها النظريات الاقتصادية والقوانين الوضعية، وهي أصل عظيم من أصول الدين، فإن الفرد إذا التزم بصيانة حقوق غيره وعدم الإضرار بها، فإن من شأن ذلك أن تقل المنازعات بين الناس، فينشأ المجتمع على أساس صيانة الحقوق والاحترام المتبادل بين أفراده، وهذا الحديث على قصره يدخل في كثير من الأحكام الشرعية، ويبيّن السياج المحكم الذي بنته الشريعة لضمان مصالح الناس، في العاجل والآجل .
واعتبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إعطاء الأجير حقه من أفضل الأعمال التي يتقرب بها صاحب العمل إلى الله، والشاهد على ذلك حديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن الثلاثة الذين انطبقت عليهم صخرة وهم في جوف الغار، ودعا كل منهم ربه بأفضل ما لديه من أعمال صالحة، راجيا من الله أن يكشف عنهم المحنة التي أصابتهم، وذكر أن أحد الثلاثة كان أمينا وحريصا على حفظ حق الأجير رغم بُعْد الزمان والمكان، فقال: (اللهم استأجرت أجراء وأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد ترك الذي له وذهب، فثمرت أجره حتى كثرت منه الأموال، فجاءني بعد حين، فقال: يا عبد الله، أد إليّ أجري، فقلت: كل ما ترى من أجرك من الإبل والبقر والغنم والرقيق، فقال: يا عبد الله، لا تستهزئ بي! فقلت: لا أستهزئ بك، فأخذه كله فاستاقه فلم يترك منه شيئا، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنَّا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون).. [رواه البخاري] .
لقد سبق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كل الأنظمة والقوانين والمواثيق في حفظ حقوق العمال والخدم بغض النظر عن ديانتهم وجنسياتهم، وجعل العلاقة بين صاحب العمل والعامل ـ أو الموظف أو الخادم أو الأجير ـ تحكمها قاعدة واضحة وهي: أنه على الأجير أن يحسن عمله على الوجه الأكمل ويراقب اللهَ فيه، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه).. [رواه الطبراني وصححه الألباني].
وعلى صاحب العمل أن يحفظ للعامل حقه المادي وحقه المعنوي بلا قهر أو إذلال، أو احتقار أو إساءة معاملة، مع معاملته برحمة وشفقة، والمسارعة في إعطائه حقه لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه).. [رواه ابن ماجه].