بدأت القصة عندما كان المطبخ المركزي العالمي، وهي منظمة خيرية عالمية تقوم بتوزيع الوجبات الغذائية الطازجة للمتضرّرين أيا كان مكانهم، تحاول إيصال الدفعة الثانية من الغذاء لأهل غزة عن طريق ثلاث سيارات غادرت المستودع المخصص لهذه المنظمة وانطلقت عبر الطريق الساحلي لغزة تتهادى ببطء وهي تحمل بشكل واضح الشعارات الخاصة بالمنظمة فوقها وعلى جوانبها.
يجدر بالذكر أن الجيش الإسرائيلي يعرف هذه المنظمة جيداً حيث تم التنسيق معها سابقاً عندما قامت بتقديم خدماتها بعد السابع من أكتوبر لما يمكن تسميته افتراضياً بالمتضررين الإسرائيليين.
قام الصهاينة بقصف السيارة الأولى من خلال طائرة مسيَّرة كما يفعلون عادة بهلع شديد مع أي شيء يتحرّك في غزة. هرب الناجون من الضربة الأولى بحثاً عن الحياة وركبوا السيارة الثانية التي كانت خلفهم. تمكن بعضهم من إجراء مكالمة لنقل هذا الخبر في الوقت الذي اخترق فيه صاروخ جديد سقف السيارة الثانية. مرة أخرى، تمكّن الناجون من هذه الضربة من حمل المصاب منهم واتجهوا نحو السيارة الثالثة التي تعرّضت هي الأخرى لضربة ثالثة قتلت كل من تبقّى فيها لتصبح الحصيلة سبعة أشخاص (ثلاثة منهم يحملون الجنسية البريطانية) يعملون في هذه المنظمة الإغاثية قضوا في هذه الجريمة المروّعة التي انتبه لها العالم أخيراً.
نفس هذا السيناريو ، تكرر كثيراً خلال الستة أشهر الماضية مع الفلسطينيين فالجميع يتذكّر ذلك المشهد المروّع الذي تم فيه قتل مجموعة غزاويين عزّل من دون أي سلاح يمشون راجلين في شارع عار مفتوح عن طريق نفس السلاح: طائرة مسيّرة فوق رؤوسهم تتابعهم وتطلق عليهم الرصاص واحداً تلو الآخر وتقتلهم جميعاً. لكن هذه المرة الأمر مختلف؛ فالقتلى ليسوا عرباً، بل هم نتاج ثقافة غربية خالصة. حاول الجيش الصهيوني الاعتذار كما يفعل عادة عندما يقترف جريمة مع سبق الإصرار والترصّد لكن الحلفاء الذين وقفوا مع إسرائيل بقوة في بداية الحرب لم يستطيعوا قبول جريمة الاعتداء على متطوّعي المطبخ العالمي وتغير الموقف الغربي إزاء ما يقوم به النتن ياهو وجيشه الذي يبدو أنه فقد بوصلته وأصبح يطلق النار على أي شيء يتحرّك في غزة.
لكن هذا التغير المفاجئ الذي طرأ على الموقف الغربي بعد حادثة المطبخ العالمي، إلى الدرجة التي تمتنع فيه الولايات المتحدة لأول مرة عن التصويت في مجلس الأمن منذ بداية الحرب بخصوص وقف الحرب في غزة، عاد أدراجه مرة أخرى وكأن شيئا لم يكن عندما قامت إيران بهجومها الكاريكاتوري على إسرائيل، واستمرت الملهاة عندما ردت إسرائيل عليها بهجوم كاريكاتوري مماثل. عاد الغرب مرة أخرى بشكل أكثر قوة لمساندة العدو الصهيوني مادياً ومعنوياً واستخدمت أمريكا الفيتو لمنع عضوية فلسطين في الأمم المتحدة.
بعد كل هذا، مازال العدوان مستمراً على غزة، ولن يتغير الموقف في مطبخ السياسات الغربية إلا بضحايا جُدد من مطبخ عالمي آخر يكشف الهلع الذي يعيشه الصهاينة مع كل شيء يتحرّك في غزة.
khaledalawadh @
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: فی غزة
إقرأ أيضاً:
واتساب ونحن وعمانتل..
أتذكر عندما بدأ برنامج المحادثة واتساب بالظهور أن إحدى صديقاتي الخليجيات أرسلته لي، وذكرت لي أنه برنامج جميل وبه مزايا كثيرة، وطلبت مني تثبيته حتى نتداول الحديث بسهولة عليه، بعد مدة قصيرة جدا، قمت بعمل أول مجموعة عليه لأفراد العائلة، ومن يومها أصبح البرنامج ملمحا يوميا، وأظن هكذا نحت جميع الأسر والعوائل نحو استخدام واتساب.
بعد عامين تقريبا عندما تبين أن البرنامج به ثغرات أمنية، فتحت مجموعة جديدة للعائلة على برنامج آخر أكثر أمانا، لكن لم تنجح المحاولة، ولم يفقد البرنامج شعبيته بين الناس. حاليا أعلنت واتساب أنها وفرت خدمة الاتصال بدون الحاجة الى استخدام VPN، وبهذا فهي تحقق ضربة معلم كي يبقى برنامجها الأول على مستوى الملايين الذين يستخدمونه حول العالم.
لقد اشترت شركة ميتا (فيس بوك سابقا) البرنامج منذ عدة سنوات، والكلام يدور عن أن معلومات الناس على واتساب متاحة ومخترقة بشكل من الأشكال ! فيقول المختصون أن استهداف وقتل عائلات بأكملها في غزة ولبنان جراء الحرب الإسرائيلية عليهما ينبئ عن اختراق حسابات على واتساب وبعض البرامج الأخرى.
كتب الإعلامي محمد الطاهر أمس الأول الأحد 22 ديسمبر 2024: «أنه قد أصدرت محكمة فيدرالية في شمال كاليفورنيا أمس، حكمًا يدين شركة NSO Group الإسرائيلية، المطورة لبرنامج التجسس «بيجاسوس»، باعتبارها مسؤولة قانونيًا عن عمليات اختراق استهدفت 1400 جهاز لمستخدمي تطبيق واتساب، من بينهم صحفيون ونشطاء حقوق إنسان، ودبلوماسيون ومسؤولون حكوميون.
القضية بدأت في عام 2019 عندما رفعت شركة WhatsApp، التابعة لـMeta، دعوى قضائية ضد NSO Group، أكدت فيها أن الشركة الإسرائيلية استغلت ثغرة أمنية في التطبيق لتثبيت برنامج «بيجاسوس» دون علم المستخدمين. وحسب الدعوى، استخدمت NSO Group ما يعرف بـ«خادم تثبيت واتساب» للسماح لعملائها بإرسال ملفات مشفرة تحتوي على تعليمات لاختراق الأجهزة المستهدفة وسرقة بيانات حساسة، واستمرت الشركة في تعديل برمجياتها لتجاوز التحديثات الأمنية التي كانت تُجريها واتساب. وأبرزت التحقيقات أن NSO كانت تحتفظ بالسيطرة الكاملة على عمليات التجسس واستخراج البيانات من الأجهزة المخترقة، مما يُقوض مزاعمها بأنها تعمل فقط كمزود تقني للحكومات.
الإفادات المقدمة في القضية أظهرت أن كبار مسؤولي NSO Group أدلوا بشهادات تؤكد أن الشركة كانت تمتلك تحكمًا كاملاً في كيفية استخدام برنامج التجسس، بينما كان دور العملاء الحكوميين محدودًا، وانتقدت المحكمة رفض الشركة الإسرائيلية تقديم الكود المصدري الكامل لبرنامج «بيجاسوس»، فالشركة تقف خلف هذا البرنامج التجسسي المثير للجدل، ووصفت المحكمة ذلك بأنه عائق أمام العدالة. «ترى ألا تستطيع عمانتل الخروج بمعادلة رابح رابح بينها وبين الناس على نظام اتصالاتها يغنينا عن استخدام هذه البرامج، أم سيكون الأمر شبيها بما حصل عندما فقدت زبائنها على نظام إيميلها لصالح إيميلات جوجل وياهو وأوت لوك.