قال زعيم حزب العمال السابق جيرمي كوربن إن قادة بريطانيا  مصممون على ما يبدو على منح الحرب فرصة، وإن تعطشهم للحرب والنزاع يعرض حياة الجميع للخطر.

وتابع كوربن في مقاله بصحيفة "الغارديان" قائلا إن دعاة السلام في فلسطين واليمن والسودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية يتم تجاهلهم، لكنه ذكرهم بحكم التاريخ على دعاة الحرب ومشعلي النزاعات.



وأشار في البداية لما كتبه كريستوفر كلارك في كتابه "المسرنمون" أو الذين يحدثون أنفسهم وهم نيام "كان أبطال عام 1914 يتحدثون وهم نيام، يراقبون ولكنهم لا يرون، تلاحقهم الأحلام، لكنهم أعموا نظرهم عن واقع الرعب الذي كانوا سيجلبونه على العالم".

واستعاد كلارك قصة اندلاع أول حرب عالمية. وقدم خريطة لعالم أبهرته الإمبريالية والرهاب، لكنه رفض تحميل قوة بنفسها المسؤولية، بل شرح الطريقة التي ضيق فيها الساسة منظور السلام من خلال خطوات متعثرة والسير نياما إلى الكارثة العالمية والتي خلفت حوالي 20 مليون قتيلا.



ويقول كوربن: "اليوم، يتعثر القادة السياسيون، مرة أخرى من أزمة إلى أخرى في محاولة لإقناع أنفسهم أن الحرب هي الحل الوحيد. والفرق الوحيد اليوم هي أنهم لا يمشون نياما نحو الحرب، بل يسيرون إليها بأعين مفتوحة على اتساعها". فعلى مدى أشهر تظاهر الملايين حول العالم من أجل وقف إطلاق النار واحتجاجا على خسارة الأرواح ودوامة العنف ومنع التصعيد الأوسع و "تم تجاهلنا وشيطنتنا".

 وأشار إلى الهجوم الصاروخي الذي شنته إسرائيل على إيران في الأسبوع الماضي، في نزاع يتسع بشكل سريع حول الشرق الأوسط. وحتى بدون تورط لاعبين كبار في المواجهة فإن التداعيات البيئية والاقتصادية والبشرية للنزاع بين إيران وإسرائيل ستكون كارثية على كل العالم.

و "لسنا بحاجة لتخيل أسوأ السيناريوهات من أجل وضع الكوابح. ففي الوقت الذي وسعت فيه إسرائيل  خياراتها للرد على هجمات إيران في 14 نيسان/أبريل، لم تتوقف القنابل من السقوط على الفلسطينيين في غزة. وعلى مدى الأشهر الماضية أجبر البشر على تحمل مستوى من الرعب الذي يجب أن يعيش معنا وللأبد، فقد تم محو عائلات بأكملها، وسيعاني الناجون من مشاكل عقيلة وعلى مدى الأجيال القادمة.

 وتم هدم أحياء بكاملها، واضطر الأطباء بتر الأطراف بدون تخدير ووسط الجثث المتعفنة. وجمع الأطفال أوراق الشجر والعصي واستخدام علف الحيوانات كـ كخبز" للنجاة. وإن لم تكن الإبادة الجماعية للفلسطينيين أسوأ السيناريوهات، فما هو إذا السيناريو الأسوأ".

وأضاف: "في تشرين الأول/أكتوبر حذر الكثيرون منا أننا نشهد بداية إبادة غزة وسكانها، وناشدنا القادة السياسيين ومن الجانبين لشجب جرائم الحرب التي ترتكب أمام أعيننا. وبدأ اليوم بعض القادة السياسيين بالتراجع، خوفا من الناخبين بسبب مواقفهم غير الإنسانية،
ولو كانت لديهم ذرة من النزاهة لبكوا على 33,000 فلسطينيا قتلوا وحرموا من الطعام أو ماتوا تحت الأنقاض بسبب جبنهم الأخلاقي والسياسي".



وقال كوربن إن أطفال المدارس يتعلمون فيها عن أسوأ الجرائم التي  ارتكبت ضد الإنسانية، ويطلب منهم التفكير حول ما إن كانت هناك طريقة لمنع حدوثها. ويتعلم الأطفال أسماء الساسة الذين دعموا وصادقوا على هذه الجرائم.


وفي المستقبل القريب، ستضفي كتب التاريخ العار على من كانت لديهم فرصة لوقف هذه المجزرة واختاروا التصفيق بدلا من ذلك. وسيتم تذكرهم للأبد بسبب عجزهم عن التعامل مع حياة الإسرائيليين والفلسطينيين على قدم المساواة. وسيتم تذكرهم لفشلهم بمنع الإبادة الجماعية". وبعد الرعب، نحن بحاجة لساسة لديهم القدرة والاستعداد لخفض التصعيد وتسهيل الدبلوماسية، إلا أن تعطشهم للحرب يعرض حياتنا للخطر.

و "كان بإمكان حكومتنا الدعوة لوقف إطلاق النار منذ البداية، لكنها قامت بدلا من ذلك بتعبيد الطريق نحو التصعيد وشنت غارات جوية ضد اليمن، الذي يعد من أفقر البلاد في العالم، كما وضاعفت من سياسة تصدير الأسلحة لإسرائيل وغ1ت صناعة السلاح العالمية التي تتربح من الموت. كل هذا دعم من مسؤولي صاحب الجلالة، الحزب المعارض، حيث عبر عن استمرار في السياسة غير المتناسقة واللاأخلاقية والتي تعامل بعض الناس كمدنيين أبرياء وآخرين كضحايا جانبيين".

وقال كوربن إن الكثيرين واصلوا الاحتجاج ضد قتل الأبرياء في فلسطين وسيذهبون يوم السبت في مظاهرة وطنية جديدة و "سنواصل التظاهر من أجل وقف إطلاق النار وللطريق الوحيد للسلام العادل والدائم وهو وقف احتلال فلسطين.  ويدفعنا الأمل وليست الكراهية. والمتظاهرون معنا هم من كل الأعمار والأديان والمستويات الاجتماعية، توحدهم رغبة وقف المعاناة الإنسانية. ونحن جزء من حركة واسعة تريد نهاية كل الحروب في أوكرانيا واليمن والسودان وباباو الغربية وجمهورية الكونغو الديمقراطية وأماكن أخرى". وقال: "قضى الكثيرون منها حياتهم كلها في الدفاع عن حقوق الإنسان للجميع وفي كل مكان، وفي مواجهة معارضة كبيرة. ويعرف نقادنا هذا. وما يعارضونه هو رغبتنا ببناء عالم متساو ومستدام للجميع".

 ويختم مقالته بالقول: "الأمن الحقيقي لا يكون من خلال تدمير جارنا، بل من خلال التعامل معه، وأن يكون لديك ما يكفي من الطعام على الطاولة وسقف فوق رأسك، وكرة أرضية مستدامة. وربما تفاخر القادة السياسيون بالشوفينية السياسية، لأن أطفال شخص آخر سيدفعون الثمن، والحقيقة هي أن تعطشهم للحرب يعرض حياتنا جميعا للخطر. لو كان الساسة يهتمون بإرثهم الذي سيخلفونه وراءهم، فإنهم بحاجة لمساءلة أنفسهم: لو فشلوا في تعبيد الطريق للسلام، فمن سيتذكرهم".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية إسرائيل غزة احتلال إسرائيل احتلال حماس غزة طوفان الاقصي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه

???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه
( عميد التَنوير ، نِحرِير النبوءاتِ العَتيقة )

في أعمق لحظاتي مع نفسي صدقاً ، لا أراني أعظَمُ مَيلاً للحديث عن الشخصيات، إن تكرَّمَت وأسعفَتني الذاكرة ، فقد كتبتُ قبل عن فيلسوفِ الغناء مصطفى سيد أحمد ، والموسيقار الكابلي ، والمشير البشير ، وشاعر افريقيا الثائر ؛ الفيتوري .

لا أجدُني مضطراً لمدح الرّجال ، ولكنها إحدى لحظات الإنصاف ، ومن حسن أخلاق الرجال أن ينصفوا أعداءهم، دعك من أبناء جلدتهم ونبلائها ، والرجلُ ليس من قومنا فحسب، بل هو شريف قوم وخادمهم ، خطابه الجَسور يهبط حاملاً “خطاب” ابن يعمر الإيادي لقومه ، وخطبة درويش “الهندي الأحمر” ، و”بائية” أبي تمّام ، وتراجيديا الفيتوري في “التراب المقدّس” ..
عبد الرحمن ، لم يكن حالة مثقفٍ عادي ، “عمسيب” مثالٌ للمثقف العضوي قويّ الشَّكِيمَة ، العاملِ علَى المقاومة والتغيير والتحذير ، المحاربِ في ميادين التفاهة والتغييب والتخدير ، المتمرّد على طبقته ، رائد التنوير في قومه ، ظلّ يؤسس معرفياً وبأفقٍ عَالمٍ لنظرية اجتماعية ، نظرية ربما لم تُطرح في السوح الثقافية والاجتماعية من قبل ، أو لربما نوقشت على استحياء في همهمات أحاديث المدينة أو طُرحَت في ظلام الخرطوم عَهداً ثم غابت . هذا الرجل امتلك من الجسارة والثقافة العميقة بتفاصيل الأشياء وخباياها ، ما جعله يُقدم على تحطيم الأصنام السياسية والثوابت الاجتماعية وينفض الغبارَ عن المسكوت عنه في الثقافة والاجتماع والسياسة.

عمسيب قدم نظريةً للتحليل الاجتماعي والسياسي ، يمكن تسميتها بنظرية ( عوامل الاجتماع السياسي) أو نظرية ( النهر والبحر) في الحالة السودانية ، فحواها أن الاجتماع البشري يقوم على أسس راسخة وليس على أحداث عابرة . فالاجتماع البشري ظلّ منذ القدم حول ( القبيلة Tribe ) ثم ( القوم Nation ) ثم ( الوطن Home) ثم ( الدولة country) . هذا التسلسل ليس اجتماعيٌ فحسب، بل تاريخيٌ أيضاً ، أي أن مراحل التحَولات العظيمة في بِنية المجتمعات لا يصح أن تقفز فوق الحقب الاجتماعية ( حرق المراحل).. فالمجتمعات القَبَلية لا يمكنها انتاج (دولة) ما لم تتحول إلى (قومية) ، ثم تُنتج (وطن) الذي يسع عدد من القوميات ، ثم (دولة) التي تخضع لها هذه القوميات على الوطن ، مع تعاقد هذه القوميات اجتماعيا على مبادئَ مشتركة، وقيمٍ مضافة ، كالأمن والتبادل الاقتصادي وادارة الموارد ، والحريات الثقافية ونظام الحكم .

هذه النظرية تشير إلى أن الاجتماع السياسي في السودان ظل في مساره الطبيعي لمراحل التسلسل التاريخي للمجتمعات والكيانات ، إلى أن جاءت لحظة ( الاستعمار) Colonization . ما فعله الاستعمار حقيقة ، أنه وبدون وعي كامل منه ، حرق هذه المراحل – قسراً – وحوّل مجتمعات ما قبل الدولة ( مجتمعات ما قبل رأسمالية) إلى مجتمعات تخضع للدولة.

فالمجتمعات التي كانت في مرحلة ( القبيلة) او تلكَ في مرحلة( القومية) قام بتحطيم بنيتها وتمحوراتها الطبيعيه وتحويلها إلى النموذج الرأسمالي الغربي ، خضوع قسري لمؤسسات الدولة الحديثة، مجتمع ما بعد استعماري ، تفتيت لمفاهيم الولاءات القديمة الراسخة ، بل وتغييرها إلى نظم شبه ديموقراطية، وهذا بالطبع لم يفلح، فبعد أن حطّم المستعمر ممالك الشايقية ودولة سنار ومشيخات العرب بكردفان ومملكة الفور ، وضم كل ذلك النسق الاجتماعي ( القبلي / القومي) إلى نسق الوطن/ الدولة.. أنتج ذلك نخب وجماعات سياسية ( ما بعد كولونيالية ) تعيش داخل الدولة ، لكنها تدير الدولة باللاوعي الجمعي المتشبّع بالأنساق التقليدية ( القبيلة / الطائفة / القومية) ، أي مراحل ماقبل الوطن والدولة.

ما نتج عن كل هذه العواصف السياسية والاجتماعية ، والاضطرابات الثقافية، أن هذه المجتمعات والقوميات التي وجدت نفسها فجأة مع بعضها في نسق جديد غير معتاد يسمى ( الدولة) ، وأقصدة بعبارة ( وجدت نفسها فجأة) أي أن هذا الاجتماعي البشري في الاطار السياسي لم يتأتَ عبر التمرحلات الطبيعيه الانسانية المتدرجة للمجتمعات، لذا برزت العوامل النفسية والتباينات الثقافية الحادة ، الشيئ الذي جعل الحرب تبدأ في السودان بتمرد 1955 حتى قبل اعلان استقلاله . ذات الحرب وعواملها الموضوعيه ومآلاتها هي ذات الحرب التي انطلقت في 2002 ثم الحرب الأعظم في تاريخنا 2023 .

أمر آخر شديد الأهمية، أن دكتور عبد الرحمن ألقى حجرا في بركة ساكنة، وطرق أمراً من المسكوت عنه ، وهو ظاهرة الهجرات الواسعة لقوميات وسط وغرب افريقيا عبر السبعين عاما الماضية ( على الأقل) , فظاهرة اللجوء والهجرات الكبيرة لقبائل كاملة من مواطنها لأسباب التصحر وموجات الجفاف التي ضربت السهل الافريقي، ألقت بملايين البشر داخل جغرافيا السودان، مما يعني بالضرورة المزيد من المنافسة العنيفة على الأرض والموارد وبالتالي اشتداد الحروب والصراعات بالغة العنف، وانتقال هذا التهديد الاستراتيجي إلى مناطق ومجتمعات وسط وشمال السودان ( السودان النّهري)

اذن ، سادتي ، فنظرية (الاجتماع السياسي ، جدلية الهوية والتاريخ ) هذه تؤسس لطرائق موضوعيه ( غير منحازة) لتفسير الظواهر الاجتماعية والثقافية وجدليات الحرب والسلام ، وتوضّح أسباب ظاهرة تعدد الجيوش والميليشيات القبلية والمناطقية والخطابات المؤسسة ديموغرافياً ، وما ينسجم معها من تراكمات تاريخيه وتصدّعات اجتماعية عميقة في وجدان تلك الجماعات العازية .. التوصيات البديهية لهذا الخطاب ، أن الحلّ الجذري لإشكاليات الصراع في السودان هو بحلّ جذور أزمة الهوية، والهوية نفسها لم تكن ( أزمة) قبل لحظة الاستعمار الأولى ، بالتالي تأسيس كيانات جديدة حقيقية تعبّر عن هويات أصحابها والعقد الاجتماعي المنعقد بين مجتمعاتها وقومياتها .

النظرية التي أطلق تأسيسها دكتور عبد الرحمن، لم تطرح فقط الأسئلة الحرجة ، بل قدمت الإجابات الجسورة وطرقت بجراءة الأبواب المرعبة في سوح الثقافة والاجتماع والسياسة في السودان.

Mujtabā Lāzim

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • بعدما كان الوحيد في العالم…أخيراً إلغاء كونترول المزدوج لختم الجوازات بمطارات المملكة
  • حديث أركو مناوي ..الذي نفذ في خضّم المعركة ورغم مرارات الحرب
  • فيديو. مضران : نهضة بركان الفريق الوحيد في العالم الذي إحتفلت الطبيعة بفوزه بلقب البطولة
  • بالفيديو .. إسرائيل لم تخسر ومصر خسرت مليارات إعلامي مصري ينتقد الحوثيين بعد الغارات لامريكية
  • ارتفاع أسعار المنتجات الأميركية بسبب الحرب التجارية التي أطلقها ترمب
  • ???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه
  • كيكل: الوحدة التي حدثت بسبب هذه الحرب لن تندثر – فيديو
  • ستارمر: الحل الوحيد لإنهاء الحرب في أوكرانيا هو سلام عادل يصون سيادة البلاد
  • رئيس وزراء بريطانيا: بوتين غير جاد بشأن السلام في أوكرانيا
  • تايمز: ما قصة الثورة التي يريد ستارمر إطلاق شرارتها في بريطانيا؟