بعد أن تضاربت المعلومات عن موقفه من الحرب، أعلن موسى هلال، مؤسس ميليشيا الجنجويد التي انبثقت منها قوات الدعم السريع، مساندته للجيش، في الحرب الدائرة حاليا بالسودان.

وارتبط هلال، الذي يرأس قبيلة المحاميد العربية، بالحرب التي شهدها إقليم دارفور بغرب السودان في العام 2003، إذ تتهمه الأمم المتحدة بالتورط في تسليح قبائل عربية للقتال إلى جانب نظام الرئيس السوداني السابق، عمر البشير.

وأدت حرب دارفور إلى مقتل 300 ألف شخص، وتشريد 2.5 مليون آخرين، وفق الأمم المتحدة، بينما يقول نظام الرئيس السوداني السابق إن عدد القتلى لا يتجاوز 10 آلاف قتيل.

وتسببت الحرب التي شهدها الإقليم في إصدار مذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية بحق البشير وعدد من رموز نظامه، ووضعت هلال ضمن قائمة عقوبات أممية ودولية.

خلافات قديمة

وظهر هلال في مقطع فيديو، وهو يخاطب حشدا من مناصريه، قائلا "ليس المطلوب من المواطن الصالح أن يخرب بلاده، وليس المطلوب منه أن يقبل الغزو على وطنه"، معلنا أنه "مع الجيش والوطن ومؤسساته السيادية".

وكشف هلال عن تعرضه لمحاولة اغتيال، وقال إن "شخصا تعود جذوره إلى خارج السودان" أطلق عليه النار من بندقية محاولا قتله، قبل أن يتمكن أفراد الحماية التابعون له من القبض على الجاني".
 

رئيس مجلس الصحوة الثوري وزعيم «المحاميد» موسى هلال يعلن أمام المئات من أنصاره انضمامه لـ«حرب الكرامة» pic.twitter.com/jYeoqRjpxF

— سودان تربيون (@SudanTribune_AR) April 23, 2024

ويرى المختص في شؤون دارفور، عمر إسحق، أن "مساندة موسى هلال للجيش السوداني، من شأنها أن تقود لمتغيرات قتالية لصالح الجيش، إن لم تكن على مستوى المعارك بالبلاد، فعلى مستوى إقليم دارفور".

وقال إسحق لموقع الحرة إن "هلال له تأثير كبير على القبائل العربية في دارفور، أكثر من تأثير قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان حميدتي عليها، ما قد يقلل عمليات انضمام منسوبي القبائل العربية إلى الدعم السريع".

ولفت إلى أن "هلال يمكن أن يلعب لصالح الجيش ذات الدور الذي لعبه مع نظام البشير، بتجنيد المقاتلين، الأمر الذي ساعد البشير وقتها، في التصدي لعشرات الحركات المكونة من القبائل غير العربية في دارفور".

وينتمي موسى هلال وحميدتي إلى قبيلة الرزيقات العربية، التي تصنف كأكبر القبائل الدرافورية التي ترفد قوات الدعم السريع بالمسحلين. 

وانشق حميدتي من ميليشيا الجنجود التي ألحقها نظام البشير بالجيش، وأطلق عليها قوات حرس الحدود. وفي عام 2013، أسس حميدتي مليشيا الدعم السريع، بعد الاستعانة بعدد من أشقائه وأقربائه.

وفي عام 2017 أجاز البرلمان السوداني قانونا ألحق بموجبه ميليشيا الدعم السريع إلى الجيش، ليتصاعد الخلاف بين حميدتي وهلال، بعد أن كلف نظام البشير قوات الدعم السريع بجمع السلاح غير القانوني في دارفور.

واعتقلت قوة من الدعم السريع، في نوفمبر 2017، موسى هلال من مقر إقامته في ضاحية مستريحة بشمال درافور. وبعدها حكمت عليه محكمة عسكرية بالسجن، بتهم تقويض النظام الدستوري وإثارة الحرب ضد الدولة.

وعقب سقوط نظام البشير، وتحديدا في مارس 2021 أصدر مجلس السيادة السوداني قرارا بالعفو عن هلال، وفق ما ذكره بيان لمجلس الصحوة الثوري الذي أسسه هلال عقب خلافاته مع نظام البشير.

شمال دارفور.. هل تعيد المعارك مع "الدعم السريع" شبح الحرب الأهلية؟ في تحول جديد بالمعارك الدائرة في السودان منذ أكثر من عام، شهدت ولاية شمال دارفور الواقعة في غرب البلاد، أول اشتباكات مباشرة، بين قوات الدعم السريع وبعض الحركات المسلحة، بعد أن تخلت تلك الحركات عن الحياد، وقررت المشاركة في القتال إلى جانب الجيش

وقلل أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، عز الدين المنصور، من مساندة هلال للجيش السوداني"، مشيرا إلى أن "الزعيم الأهلي لم يعد يملك ذات النفوذ القبلي القديم".

وقال المنصور لموقع الحرة، إن "قوات الدعم السريع سبق أن اعتقلت هلال وحُكم عليه بالسجن، ومع ذلك لم يبدر من قبيلته أو مناصريه أي تحركات مُناهضمة أو انتقامية، وكل ما حدث وقفات احتجاجية محدودة، من أسرته وأحفاده، مما يؤشر على تراجع نفوذه القبلي".

وأشار أستاذ العلوم السياسية، إلى أن "القرار الذي أصدره البرهان بفتح المعسكرات لتدريب المتطوعين، وفّر آلاف المقاتلين تحت لافتة المقاومة الشعبية".

وتابع: "ما ينقص الجيش حاليا، السلاح والعتاد الحربي وليس العناصر القتالية".

جغرافيا متغيرة

ويلفت المنصور إلى أن قوات الدعم السريع بسطت نفوذها في دارفور، بصورة أكبر مما كانت عليه في السابق، "ما يقلل فاعلية هلال في الإقليم المضطرب".

وأشار إلى أن "هلال لم يتمكن من إخضاع حتى بعض قادة مجلس الصحوة الذي أسسه بعد خلافه مع نظام البشير، إذ انضم كثيرون منهم إلى القتال فعليا مع قوات الدعم السريع".

وبعد اندلاع الحرب بينها والجيش، تمكنت قوات الدعم السريع من السيطرة على ولاية جنوب دارفور، وتبع ذلك سيطرتها على ولاية غرب دارفور، ثم ولاية وسط دارفور، وولاية شرق دارفور، لتبسط سيطرتها على أربع من أصل خمس ولايات في دارفور، بينما ظلت ولاية شمال دارفور خارج سيطرة الدعم السريع.

وفي المقابل، يشير إسحق إلى أن "أهمية هلال تنبع من كونه يملك تأثيرا قبليا في ولاية شمال دارفور، التي تسعى قوات الدعم السريع للاستيلاء عليها، لتعلن كامل سيطرتها على كامل دارفور".

وأضاف: "الآن تبدو مهمة الدعم السريع للاستيلاء على شمال درافور عسيرة وشاقة، خاصة أن الولاية تعد مركز ثقل الحركات غير العربية التي أعلن أغلبها مؤخرا مساندة الجيش".

وتعيش ولاية شمال دارفور وضعا استثنائيا، وخاصة عاصمتها الفاشر، إذ توجد قوات الدعم السريع، في أحياء شرق المدينة، بينما توجد الحركات المسلحة والجيش في الأجزاء الأخرى.

وفي سبتمر الماضي، حشدت قوات الدعم السريع مسلحيها للهجوم على مدنية الفاشر، العاصمة التاريخية للإقليم الذي كان مستقلا عن السودان حتى عام 1916، لكنها تراجعت بعد تفاهمات مع قادة الحركات المسلحة التي كانت تقف على الحياد، حسبما ذكر نائب قائد قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، في وقت سابق.

ولفت المختص في شؤون دارفور إلى أن "هلال يمكن أن ينسج خطابا عاطفيا لاستمالة قادة القبائل العربية الذين أظهروا سخطا على قوات الدعم السريع، بعد اتهامها بارتكاب فظائع ضد المدنين، وخاصة النساء".

وأضاف: "كثيرون من قادة القبائل العربية في دارفور يرفضون التعدي على حرمات النساء وأموال المواطنين وسرقة ونهب سياراتهم ومتلكاتهم، على نحو ما تتهم به تقارير سودانية ودولية قوات الدعم السريع".

بعد إعلان حاكم دارفور.. تحالف بمواجهة الدعم السريع وحديث عن "هجوم واسع" من على ظهر عربة قتالية، في طريق بري بالقرب من الخرطوم، أطلق حاكم إقليم دارفور، رئيس حركة تحرير السودان، مني أركو مناوي، تعهدا بالعمل إلى جانب الجيش السوداني "لاستعادة البلاد وبيوت المواطنين من قوات الدعم السريع".

ومع تصاعد القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع، اتهمت جماعات حقوقية، طرفي القتال بالتورط في انتهاكات ضد المدنيين، بينما تشير أغلب التقارير إلى فظائع يرتكبها عناصر من الدعم السريع، بما في ذلك حالات اغتصاب ضد فتيات.

وعقب الحرب بين الجيش والدعم السريع، توزع قادة القبائل العربية المصنفة كحاضنة اجتماعية لقوات الدعم السريع، بين داعمين للجيش، أو مناصرين لقوات الدعم السريع، أو واقفين على الحياد.

وانضم عدد من قادة نظام البشير الذين تعود جذورهم إلى القبائل العربية في دارفور إلى قوات الدعم السريع.

والأسبوع الماضي، أصدرت الحركة الإسلامية، التي تعد المرجعية الدينية لنظام البشير، قرارا بفصل، نائب رئيس الجمهورية السابق، حسبو محمد عبد الرحمن، من منصب نائب أمينها العام، وأسقطت عضويته من التنظيم.

وقالت في بيان، إن "عبد الرحمن حاد عن مبادئ وأهداف الحركة وانضم إلى مليشيا الدعم السريع".

ووفق أرقام الأمم المتحدة، أدى الصراع بين الجيش والدعم السريع إلى مقتل أكثر من 13 ألف شخص، وأجبر أكثر من 7 ملايين على الفرار من منازلهم، بينهم 1.5 مليون لجأوا إلى تشاد ومصر وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان وإثيوبيا.

وقالت وكالات الأمم المتحدة إن نصف سكان السودان، أي حوالي 25 مليون شخص، يحتاجون إلى الدعم والحماية، من جراء تداعيات الحرب التي تدور في عدد من أنحاء البلاد.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: العربیة فی دارفور قوات الدعم السریع ولایة شمال دارفور القبائل العربیة الأمم المتحدة نظام البشیر موسى هلال أکثر من إلى أن

إقرأ أيضاً:

بعد تحرير الخرطوم.. الجيش السوداني يقصف أم درمان لطرد "الدعم السريع"

 

الخرطوم- رويترز

قال سكان إن الجيش السوداني قصف مناطق بمدينة أم درمان اليوم الخميس بعد إعلانه النصر على قوات الدعم السريع في معركة استمرت عامين للسيطرة على العاصمة الخرطوم.

وطرد الجيش قوات الدعم السريع من آخر معاقلها في الخرطوم أمس الأربعاء لكنها لا زالت تسيطر على بعض المناطق في أم درمان الواقعة قبالة الخرطوم مباشرة على الضفة الأخرى من نهر النيل. كما عززت قوات الدعم السريع تمركزها في غرب السودان مما قد يؤدي إلى تقسيم البلاد إلى مناطق متنازعة.

وأبدى سكان الخرطوم سعادتهم بانتهاء القتال لأول مرة منذ اندلاعه في أبريل نيسان 2023.

وفي مقابلة عبر الهاتف قال أحمد حسن، وهو معلم يبلغ 49 عاما "خلال العامين الماضيين، حولت قوات الدعم السريع حياتنا إلى جحيم بالقتل والسرقة. لم يحترموا أحدا، حتى النساء والشيوخ".

وأسفرت الحرب عن تدمير مساحات شاسعة من الخرطوم كما تسببت في نزوح أكثر من 12 مليون سوداني وانتشار الجوع الحاد بين ما يقرب من نصف سكان البلاد البالغ عددهم 50 مليون نسمة في أزمة وصفتها الأمم المتحدة بأسوأ كارثة إنسانية في العالم.

ويصعب تقدير عدد القتلى لكن دراسة نُشرت العام الماضي أشارت إلى أنه ربما وصل إلى 61 ألفا في ولاية الخرطوم وحدها خلال الأشهر الأربعة عشرة الأولى من الصراع.

وزاد الصراع حالة عدم الاستقرار في شمال شرق أفريقيا حيث تواجه دول مجاورة للسودان، وهي ليبيا وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى وجنوب السودان، صراعات داخلية خلال السنوات الماضية.

وفي مقطع فيديو نُشر اليوم الخميس من القصر الرئاسي الذي استعاده الجيش، أعلن رئيس الأركان الفريق أول عبد الفتاح البرهان أن "الخرطوم حرة".

وفي بيان اليوم الخميس قالت قوات الدعم السريع إن قواتها "لم تخسر أي معركة لكنها أعادت تموضعها وانفتاحها على جبهات القتال بما يضمن تحقيق أهدافها العسكرية التي تقود في نهاية المطاف إلى حسم هذه المعركة".

وتمثل إعادة الجيش سيطرته على الخرطوم نقطة تحول بارزة لكن الحرب لا تزال بعيدة عن الحسم.

وأفاد سكان في ولاية غرب دارفور بأن قوات الدعم السريع قصفت مواقع للجيش في الفاشر اليوم الخميس.

وقال شهود إن مقاتلي قوات الدعم السريع الذين بدأوا الانسحاب من الخرطوم أمس الأربعاء عبر سد على نهر النيل يقع على بعد 40 كيلومترا جنوبا أعادوا انتشارهم، حيث توجه بعضهم إلى أم درمان للمساعدة في صد هجمات الجيش وتوجه آخرون غربا نحو دارفور.

ويسيطر الجيش على معظم أم درمان، حيث توجد قاعدتان عسكريتان كبيرتان، ويركز على ما يبدو على طرد آخر قوات الدعم السريع لضمان السيطرة على كامل المنطقة الحضرية في الخرطوم. وكان قصف اليوم الخميس موجها نحو جنوب أم درمان.

وقال اثنان من السكان إن قوات الدعم السريع لا تزال تسيطر على آخر رقعة من الأراضي حول السد في جبل أولياء بجنوب الخرطوم، لتأمين خط انسحاب لمن تخلفوا في الانسحاب.

وقال سكان قرية في ولاية شمال كردفان إنهم شاهدوا قافلة عسكرية تابعة لقوات الدعم السريع تضم عشرات المركبات تمر متجهة غربا.

وتعاون الجيش وقوات الدعم السريع في تنفيذ انقلاب في عام 2021 عرقل عملية انتقال السلطة بعد حكم عمر البشير الذي أُطيح به في عام 2019.

وشكل البشير قوات الدعم السريع، التي تعود جذورها إلى ميليشيا الجنجويد في دارفور، بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي لتصبح قوة موازية للجيش بقيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان.

وبموجب خطة انتقالية مدعومة دوليا، كان من المفترض أن تندمج قوات الدعم السريع في الجيش، لكن نشبت خلافات حول كيفية وتوقيت حدوث ذلك واندلع القتال.

وفي الخرطوم، انتشرت قوات الدعم السريع بسرعة عبر الأحياء السكنية، وسيطرت على معظم المدينة وحاصرت الجيش الأفضل تجهيزا في قواعد عسكرية كبيرة مما جعل من الضروري أن يتم إعادة إمداده جوا.

وقد تفتح سيطرة الجيش على الخرطوم الطريق أمامه للإعلان عن تشكيل حكومة. وأعلنت قوات الدعم السريع أنها ستدعم تشكيل إدارة مدنية منافسة.

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني: تمكنا من تطهير آخر جيوب الدعم السريع في الخرطوم
  • بعد تحرير الخرطوم.. الجيش السوداني يقصف أم درمان لطرد "الدعم السريع"
  • قوات الدعم السريع في أصعب لحظاتها العسكرية.. أسئلة المصير تتزايد
  • قائد الجيش السوداني من القصر الجمهوري يعلن النصر وسحق مليشيا الدعم السريع
  • الصندوق الأسود لقوات الدعم السريع في يد الجيش السوداني
  • الجيش السوداني ينفذ ضربات جوية دقيقة لتجمعات الدعم السريع بشمال دارفور
  • الدعم السريع: طيران الجيش السوداني ارتكب مجزرة بسوق (طرة) شمال دارفور أوقع 400 قتيل ومئات الجرحى
  • الجيش السوداني يطارد فلول الدعم السريع في الخرطوم
  • شاهد.. هكذا تبدو المناطق التي استعادها الجيش من الدعم السريع
  • مجموعة توثّق انتهاكات الحرب تتهم الجيش السوداني بتنفيذ قصف دام على إقليم دارفور