محللون: خطاب أبو عبيدة ينسجم مع واقع الميدان ومضمونه مؤلم لإسرائيل
تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT
أكد محللون أن خطاب أبو عبيدة الناطق باسم كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في اليوم الـ200 من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة يعكس واقع الميدان وحمل رسائل ودلالات من شأنها إضعاف الجبهة الداخلية الإسرائيلية بشكل أكبر.
وبحسب الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري، فإن تقييم أبو عبيدة في أحدث خطاباته منطقي وينسجم مع المجريات الميدانية، لافتا إلى أن كتائب القسام الـ21 في مختلف مناطق القطاع "لا تزال فاعلة، وتتراوح كفاءتها القتالية بين 65 و85%".
واستدل الدويري بكمين الزنة في خان يونس جنوبي القطاع، والذي قال إنه أجبر جيش الاحتلال على سحب ما تبقى من ألوية فيها ومن ثم الانسحاب كليا، مضيفا أن فصائل المقاومة لا تزال متعافية وتدير معركتها بنجاح ونجاعة واقتدار.
ونبه إلى أن خطاب أبو عبيدة ترجم الواقع الميداني، ولم يكن خطابا شعبويا، مشيرا إلى تأقلم المقاومة مع التطورات الميدانية والسياسية وانغلاق أفق المفاوضات من خلال الاقتصاد بالجهد، وتفعيل غرفة عمليات المقاومة المشتركة.
ويعتقد الدويري أن أبو عبيدة استند في خطابه إلى معلومات دقيقة بتأكيده على استمرار ضربات المقاومة في حال حاول الاحتلال البحث عن نصر بأي مكان، مضيفا أن المقاومة قادرة على خوض قتال مفتوح "وإلا لن يكون الخطاب فيه صيغة تشدد".
"واقعي ومنطقي"
بدوره، اتفق الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني أحمد الحيلة مع الدويري، وقال إن التشبث بمطالب المقاومة في المفاوضات يعكس واقع الميدان، في ظل فشل الاحتلال في تحقيق أهداف الحرب، وهي: القضاء على حماس، وتحرير الأسرى المحتجزين، وتأمين غلاف غزة، بل تحول القطاع إلى ميدان استنزاف.
ويضيف الحيلة أن قوة خطاب أبو عبيدة منطقية وتنسجم مع الاحتياجات الضرورية للشعب الفلسطيني، لافتا إلى أن المتحدث باسم القسام وجه رسالة إلى الجبهة الداخلية الإسرائيلية بأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يقامر بملف الأسرى بإصراره على دخول رفح.
ونبه إلى أن مستوى الشك لدى الجمهور الإسرائيلي في نتنياهو عال جدا في نتنياهو وفق 80% حسب استطلاعات الرأي، مضيفا أن هناك فشلا استخباريا كبيرا بشأن مصير الأسرى المحتجزين في غزة بعد مقتل العشرات وغموض مصير آخرين.
وتابع أن هناك شعورا بالفشل في هذه الحرب وصل إلى القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية، مستدلا بالاستقالات التي حدثت، مشيدا بحديث أبو عبيدة بشأن توقعه بأن سيناريو رون آراد "قد يكون السيناريو الأوفر حظا للتكرار مع أسرى الاحتلال في غزة"، معتبرا إياها إشارة مهمة وتعكس مزاجا عاما داخل الشارع الإسرائيلي.
وخلص الحيلة في ختام حديثه إلى أن نتنياهو سيذهب إلى رفح متوقعا فشله فيها كما حدث في غزة وخان يونس "وبذلك ستسقط آخر ورقة لديه، وعليه الاعتراف بالواقع المر وإلا الاستمرار في القتال والتصعيد في الإقليم".
"مربك ومؤلم"
من جانبه، وصف الكاتب المختص في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين ظهور أبو عبيدة بأنه الأكثر إرباكا في الشارع الإسرائيلي لكونه أحد رموز حماس المعروفة، مبينا أن إسرائيل فقدت السيطرة على التسريبات الإعلامية.
ورأى جبارين أن خطاب أبو عبيدة يأتي في خضم مرحلة حساسة في إسرائيل، واصفا حديثه عن جزئية رون آراد بأنها الأكثر إيلاما للداخل الإسرائيلي.
وتوقع أن يوظف نتنياهو فكرة أن المعارضة الإسرائيلية تخدم أبو عبيدة بعد حديث الأخير أن جيش الاحتلال عالق في وحل غزة.
وأضاف أن لسان حال رئيس الوزراء يقول إن الاحتجاجات والمظاهرات الداخلية تدفع حماس للتصلب في شروطها، مما يزيد ثمن الأسرى.
وبشأن المشهد المتوقع، قال جبارين إن هناك إجماعا في أوساط إسرائيل على أهمية إكمال أهداف الحرب "ولن يتحقق ذلك بدون الدخول إلى رفح، ولكن الفرق أن نتنياهو يريد الدخول بأي شكل وثمن لإطالة الحرب، في حين يريد وزير الدفاع يوآف غالانت وعضو مجلس الحرب بيني غانتس ورئيس الأركان هرتسي هاليفي وآخرون ذلك في سياق إعادة هيبة الردع".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات خطاب أبو عبیدة إلى أن
إقرأ أيضاً:
قصص من واقع حرب السودان.. فواجع وصمود وسط الدمار
الخرطوم– كانت الساعة تقترب من الواحدة ظهر الجمعة 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بعد نحو 5 أشهر ونصف الشهر من اندلاع الحرب في السودان، عندما تلقى طه حمدنا الله عباس، من سكان حي الثورة بمدينة أم درمان، اتصالًا هاتفيًا حمل إليه خبرًا صاعقًا.
وبينما كان يستقل وسيلة مواصلات عامة داخل المدينة، جاءه صوت يخبره بأن قذائف سقطت على الحي الذي يسكنه، وطُلب منه العودة فورًا.
وعند وصوله إلى منزله، فوجئ بمشهد مأساوي، فقد سقطت دانة (قذيفة) على منزله مباشرة، وأودت بحياة ابنه أحمد (24 عامًا) وابنته هنادي (26 عامًا) وطفليها مصطفى (6 أعوام) وهيام (نحو عام واحد) وتحولت الأخيرة إلى أشلاء تحت قوة الانفجار.
وكانت قوة الانفجار هائلة لدرجة أنها أحدثت حفرة واسعة في الأرض وأزالت جدارًا كاملًا من المنزل، ولم يقتصر أثر الدمار على البناء، بل امتد إلى نفوس الأهالي الذين تدافعوا إلى المنزل، والوجوم يعلو وجوههم مع انتشار الحزن والخوف.
ورغم فداحة المصاب، أذهل طه حمدنا الله الحاضرين بثباته ورباطة جأشه منذ اللحظات الأولى، مؤكدًا مرارًا أنه لن يغادر منزله مهما كانت الخسائر، حتى لو فقد جميع أفراد أسرته، بحسب روايات شهود العيان الذين التقتهم الجزيرة نت.
إعلان اختبار الصبرلم تختلف قصة آسيا الفاضل يحيى كثيرًا عن مآسي الحرب الأخرى، فالمعلمة المتقاعدة التي تسكن حي أبو كدوك بأم درمان، قررت منذ بداية الحرب البقاء في منزلها، رافضة مغادرته رغم توسلات أشقائها وأقاربها.
ورغم استمرار القصف العنيف من مواقع قريبة لقوات الدعم السريع، فقد اعتادت آسيا على أصوات المدافع والرصاص حتى باتت قادرة على تمييز أنواع الأسلحة من دويها، كما قالت للجزيرة نت.
وكانت آسيا تعيش مع بناتها الثلاث وأسرتين أخريين بالمنزل نفسه، في ظل انقطاع الكهرباء والمياه المتواصل، لجؤوا إلى الجلوس تحت الأشجار المحيطة بالمنزل للتهوية، مستفيدين من وجود قوات من الجيش السوداني والمستنفرين الذين كانوا يتمركزون قرب الحي.
لكن ذلك أثار استياء عناصر الدعم السريع الذين أطلقوا الرصاص عدة مرات صوب الأشجار لتحذير الأسر من التجمع هناك.
وفي أحد الأيام، وبينما كانت آسيا تتحدث مع شقيقتها عبر الهاتف بعد صلاة المغرب، أصابتها رصاصة طائشة اخترقت يدها، ونزفت بغزارة قبل أن تُسعف إلى مستشفى قريب.
ورغم هذا الحادث، وتمسك أسرتها بمغادرتها أم درمان، بقيت آسيا مصرة على قرارها بالبقاء في منزلها، ولا تزال مرابطة فيه حتى اليوم.
نزوح تحت تهديد السلاحفي مشهد آخر من مشاهد الحرب، عايش عبد الودود يوسف عبد القادر، من قرية تمبول شرقي ولاية الجزيرة، يومًا عصيبًا في 21 أكتوبر/تشرين الأول 2023، عندما تعرضت قريته لهجوم عنيف شنته قوات الدعم السريع، ردًا على انشقاق قائد قطاع الجزيرة التابع لها، بقيادة أبو عاقلة كيكل، وانضمامه إلى صفوف الجيش السوداني.
عبد الودود، الذي كان ضمن مئات النازحين من القرية، وصف للجزيرة نت مشاهد مأساوية حيث "دخل عناصر الدعم السريع إلى المنازل وهم يصوبون أسلحتهم نحو الرجال والنساء والأطفال، مارسوا النهب والحرق والاغتصاب، وطالبوا السكان بتسليم الأموال والذهب، ومن اعترض على ذلك قُتل على الفور".
إعلانواضطر عبد الودود مع 17 أسرة أخرى إلى الفرار باستخدام شاحنة متهالكة، وسط موجات بشرية هائلة من الفارين على الطرقات.
وكانت أولى محطاتهم بمنطقة أبو دليق حيث استقبلتهم قبيلة البطاحين، وواصلوا طريقهم صوب مدينة شندي شمالي السودان التي قدم أهاليها لهم التكايا والمبادرات الخيرية المساعدة، ثم أكملوا رحلتهم إلى أم درمان بحثًا عن الأمان.