مدرين المكتومية

 

مع إعلان سوق السفر الألماني تنظيم مهرجان استثنائي في 18 يناير 2025، احتفالًا بعاصمة الثقافة الأوروبية "كيمنتس 2025"، تلقيتُ دعوةً كريمة لحضور مراحل الاستعداد لإطلاق هذا المهرجان الذي سيتضمن تنظيم 100 مشروع و1000 حدث بمشاركة المؤسسات الثقافية الكبرى في هذه المدينة الألمانية العريقة.

ولقد تشرفتُ بقضاء أمتع الأوقات بصحبة نخبة من الصحفيين المتخصصين في السفر والسياحة على مستوى العالم، لنرصد المدينة التي تضج بالإبداع والجمال، ونشاهد العديد من المناظر الطبيعية الخلابة، ونزور عددا من المواقع السياحية المخصصة للاحتفال بهذه المناسبة الكبرى. قضينا أوقاتًا مليئة بالمعرفة والثقافة؛ حيث أتاحت هذه الزيارة الفرص لي كي أتعرف على ثقافات جديدة وشعوب مثلنا لكنهم يعيشون حياة مختلفة.

ففي الصباح كنتُ استيقظُ لأجد التلال الجبلية الخضراء تُحيط بي، فيما تلوح في الأفق القريب والبعيد بحيرات زرقاء تتلألأ مياهُها ليلًا ونهارًا، في مشهد بديع وخلّاب.. في كل يوم وليلة أقفُ في شرفة الفندق، في غرفتي التي تحمل الرقم 303؛ كي أشاهد هذه المدينة من أعلى. كنتُ أستيقظ كل صباح لأجد نفسي في مكان غير الذي اعتدت عليه، إنني أمام لوحة فنية بديعة وساحرة، تتلون بألوان الطبيعة الخلّابة.

أتحدث عن مدينة "كمينتس" تلك المدينة التي تعد أحد أهم المدن الواقعة فيما كان يعرف بجمهورية ألمانيا الديمقراطية، وكانت تعد من أبرز المدن الصناعية التي تتميز بصناعة "النسيج" في أوروبا، لكنها تدريجيًا تحوّلت إلى مركز رائد لتكنولوجيا المعلومات.

وعلى الرغم من أن الحياة في كمينتس مليئة بالتفاصيل، لكن لا يتوانى أبناؤها عن عيش حياتهم بكل تفاصيلها؛ بدءًا من الاستيقاظ صباحًا واستشعار قيمة الحياة، ثم الانتقال ليوم شاق من العمل، ثم العودة في نهاية اليوم للاسترخاء في المنزل. وبالرغم من كل الأمور التي يمكن للمرء القيام بها، إلّا أن هذه المدينة الهادئة لم تُغيِّر طبع أبنائها؛ لذلك لم يهجر الكثير منهم أعمال أجدادهم في النحت والنسيج والصناعة التي ما زالت تمثل قيمة حقيقية لهم، وما زالوا يعلمونها لأبنائهم لضمان استمرارها لفترة طويلة من الزمن دون أن تشوهها ملامح الحياة الحديثة وسرعتها.

لقد سنحت لي هذه الفرصة أن أرى مدينة أخرى جديدة ربما لم يرتدها الكثير من أبناء بلدي، أو شعوب المنطقة العربية، لكنهم حتمًا إن سنحت لهم فرصة زيارتها، أُجزِم أنهم سيجدون فيها الكثير والكثير مما فاتهم في باقي مدن ألمانيا، لكن الحقيقة يجب أن تُقال إنني كل يوم أمام اكتشاف جديد في هذا البلد الكبير جدًا.

يتوجب عليّ أن أشير إلى أن ألمانيا تعمل جاهدة على تنمية القطاع السياحي، لجعل ألمانيا من الدول المتقدمة سياحيًا والأكثر جاذبية للسياح؛ إذ يقدمون كافة التسهيلات والإجراءات السهلة، إضافة إلى الأسعار والامتيازات التي يُمكن للسائح الحصول عليها أثناء زيارته.

ليس هذا فقط؛ فألمانيا بحجمها هذا تعمل على تقييم وضعها السياحي في كل عام وتستعرضه في مؤتمر صحفي يحضره ما يقارب 400 شخص من مختلف دول العالم؛ لتريهم نقاط التقدم والتراجع، وفي كل عام يكشف المنظمون قدرة ألمانيا على التقدم وجذب أكبر عدد من السياح إليها ولمدنها التي لا يرتادها الكثير.

لم تكن هذه الزيارة الأولى لي إلى جمهورية ألمانيا، بل زرت هذا البلد المميز عدة مرات، لكنها المرة الثانية التي أتشرف بدعوة حضور فعاليات ومناشط سوق السفر الألماني والذي دائمًا يجعلنا نقف انبهارًا في كل مدينة نزورها، إذ إنني زرت سابقًا مدينتي بريمن وآسن، وكلها مدن أعتقد أن السائحين إلى ألمانيا لا يضعونها على قائمة مزاراتهم، لكن في الحقيقة هي فرصة لاكتشاف حياة مختلفة وتفاصيل لم نعتد عليها.

إلى اللقاء كيمنتس، لقد استمتعت بكل لحظة قضيتها، وحفرت في داخلي ذكرى لن تمحوها الأيام، لأنها ذكريات مليئة بالحياة والسعادة، عامرة بالمعرفة والثقافة، زاخرة بالزيارات المُمتعة والأطعمة والمشروبات الفريدة التي تعكس ثقافة وحضارة بلد كبير مثل ألمانيا.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ثقة المستهلكين في ألمانيا تواصل تعافيها ببطء رغم الضغوط الاقتصادية

ثقة المستهلكين في ألمانيا تواصل تعافيها ببطء رغم الضغوط الاقتصادية

مقالات مشابهة

  • "جامعة التقنية" بالمصنعة تستضيف مؤتمرا دوليًا للتنمية المستدامة في الهندسة والتكنولوجيا
  • انطلاق المؤتمر الدولي الثاني للإبداع والتكنولوجيا والاستدامة 2025 في جدة
  • مؤتمر دولي للتنمية المستدامة في الهندسة والتكنولوجيا بجامعة المصنعة
  • عقد جلسة نقاشية بعنوان مستقبل أماكن المعارض.. دمج الاستدامة والأشخاص والتكنولوجيا
  • ثقة المستهلكين في ألمانيا تواصل تعافيها ببطء رغم الضغوط الاقتصادية
  • بالأسماء.. إعلان المتأهلين لتمثيل السلطنة في المعرض الدولي للاختراع والابتكار والتكنولوجيا بماليزيا
  • مدبولي: مشروع الرقم القومي الموحد للعقارات سيحل الكثير من المشكلات
  • وزير الأوقاف لصدى البلد: واجهنا الإلحاد بالمنطق والحجة والبرهان فأقنعنا الكثير من الشباب
  • كولر يودّع الأهلي برسالة مؤثرة للخطيب: "قضينا وقتًا رائعًا.. وتعلمت الكثير"
  • وفاة مخرج عراقي درّس الكثير من النجوم.. ونقابة الفنانين تنعاه