لجريدة عمان:
2024-10-05@07:50:47 GMT

عالم مليء بالأكاذيب والمتناقضات

تاريخ النشر: 23rd, April 2024 GMT

هناك مقال سابق لي بهذه الجريدة الرصينة بعنوان «عالم يتجه نحو الجنون»، ويبدو أن هذه النبوءة قد أصبحت الآن حقيقة واقعة بالفعل في عالمنا الراهن. الجنون يبدأ بالفعل عندما ننفصل عن الواقع أو العالم الفعلي، ونروِّج لأكاذيب وتصورات متناقضة نعيش فيها ونؤمن بها. هذا هو حال عالمنا الآن، والشواهد على ذلك لا حصر لها، يمكن أن نأتي على شيء منها فيما يلي:

ينظر الغرب إلى حرب روسيا على أوكرانيا باعتبارها حربًا غير مشروعة وتمثل اعتداءً على سيادة دولة أخرى هي أوكرانيا، في حين تسمى روسيا حربها على أوكرانيا بأنها حرب على النازية.

وكلا الموقفين كاذبان ولا يعبران عن الدوافع الحقيقية للحرب: فأوكرانيا- كما قلنا من قبل- ليست سوى ساحة حرب مستترة بين نفوذ الغرب أو حلف الناتو الذي يريد أن يتمدد شرقًا باتجاه روسيا، وبين الكتلة الشرقية الصاعدة بزعامة روسيا والصين التي تريد التصدي لهذا التمدد. زعيم أوكرانيا لم يكن سوى أداة راهن عليها الغرب، ولذلك راجت أحداث هذه الحرب واستولت على الأخبار اليومية لحظة بلحظة؛ ولما فشل هذا الرهان وبدا أن روسيا قد كسبت الحرب حتى الآن ورسخت أقدامها في أوكرانيا؛ بدأت أخبار هذه الحرب تتوارى تدريجيًّا، وبدأ المسكين زعيم أوكرانيا الذي صنع منه الغرب بطلًا وهميًّا- يشكو من أن الغرب قد تخلى عنه، وأنه راح يهتم بدعم إسرائيل ولا يهتم بدعم أوكرانيا! لم يفهم هذا المسكين أدوات اللعبة: لعبة السياسة في عالمنا الراهن.

تكررت مثل هذه الأكاذيب والمتناقضات في حرب إسرائيل على غزة منذ أكثر من نصف سنة: روجت إسرائيل لأن حربها على غزة هي حرب على الإرهاب والإرهابيين، وروجت لأكاذيب من قبيل: قتل حماس للنساء واغتصابهن وقطع رؤوس الأطفال. راجت هذه الأكاذيب في الإعلام الغربي وعلى لسان ساساته، إلى أن انكشفت هذه الأكاذيب بفعل وسائل التواصل الاجتماعي التي صورت بالصوت والصورة وحشية العدوان الإسرائيلي التي لا نظير لها في التاريخ، والتي تمثلت في القتل المتعمد للنساء والأطفال والخدج والمسعفين والصحفيين الذين ينقلون الأحداث. وعلى الرغم من أن الشعوب ثارت على هذا التزييف للحقائق، فما زالت سياسات الدول في الغرب تدعم إسرائيل بالأسلحة التي تستخدمها في قتل من يسمونهم بالإرهابيين. وهنا يُثار السؤال: من هو الإرهابي حقًّا؟ هل هو الذي يدافع عن أرضه السليبة أم من يقتل الأبرياء من دون رحمة؟! ما أقصده أن بؤرة الصراع بين الشرق والغرب قد تحولت من أوكرانيا إلى فلسطين وغزة. ذلك أن إسرائيل بالنسبة للغرب هي أيضًا أداة لإدارة الصراع والهيمنة، وكما قال الفيلسوف الكبير روجيه جارودي منذ عقود: إن إسرائيل هي حاملة طائرات أمريكية نووية في الشرق الأوسط!

الأمر نفسه ينطبق على الصراع مع إيران وأذرعها في المنطقة العربية. حقًّا أن إيران قد سعت إلى التمدد في المنطقة العربية من خلال أذرعها في لبنان (حزب الله) وفي اليمن (أنصار الله) وفي العراق وسوريا، ولكن هذا التمدد كان طبيعيًّا بحكم ضعف هذه الدول التي أصبحت مسرحًا لعمليات الصراع في الشرق الأوسط، وهو صراع يقوم بين جبهتين إحداهما تسعى لدعم مصلحة إسرائيل وتمددها وهيمنتها كذراع للغرب، والأخرى تسعى إلى التمدد في المنطقة العربية وتشكيل محور مقاومة ضد هيمنة إسرائيل. أما القول بأن إيران تسعى من وراء ذلك كله إلى تمديد التوغل الشيعي في المنطقة العربية، فإنه لا يكفي وحده لتبرير هذا الصراع. ولذلك فإن إيران تظل هي الدولة التي تقاوم من خلال أذرعها هيمنة إسرائيل وصلفها من بعد حرب 1973.

تلجأ إسرائيل إلى نوع من البلطجة المعتادة التي تمارسها في اطمئنان تام بأنها سوف تفلت من أي عقاب دولي بسبب دعم الولايات المتحدة والغرب لها، فقامت بقصف القنصلية الإيرانية في دمشق وقتل بعض القادة الإيرانيين في الحرس الثوري (وهو ما يعني أنها قامت بقصف أرض إيرانية في سوريا)، ومع ذلك لم يصدر عن الغرب أية إدانة لهذا العدوان الذي تجرمه المواثيق الدولية؛ ولكن عندما قامت إيران بالرد سارع الغرب بإدانة وتجريم هذا العمل في نوع من الازدواجية في المعايير وممارسة الكذب وتصديقه بزعم أن إيران دولة إرهابية بينما إسرائيل دولة بريئة لا تمارس الإرهاب وتريد تصفية أية قوة إقليمية تناصبها العداء.

وهناك أكاذيب يتم الترويج لها بأن إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تمثل الديمقراطية الغربية في الشرق الأوسط، في حين أنها تمارس الإرهاب منذ نشأتها ضد الشعب الذي احتلت أرضه بمباركة من الغرب. كما أن الولايات المتحدة نفسها التي تدعم إسرائيل في عدوانها هي الدولة التي مارست الإرهاب والعدوان طوال تاريخها، وليس الإرهاب الذي مارسته في الشرق الأوسط ببعيد: فهي التي صنعت قواعد الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط مثل: القاعدة والجماعات الإسلامية، وهي التي دمرت دولًا عديدة مثل العراق وسوريا (مثلما دمرت أفغانستان وغيرها من قبل) بزعم مقاومة هذه الجماعات نفسها والقضاء عليها، وجعلت مثل هذه الدول مسرحًا لعمليات الصراع بين الغرب والشرق.

ومع ذلك كله، فإننا نسمع هذه الأكاذيب والمتناقضات تتردد وتُروَّج يوميًّا، وهو ما يدفع العالم الآن إلى حالة من التوتر والصراع المعلن الذي ينذر بالتحول إلى حرب عالمية عندما يتجاوز الصراع حالة سعي القوى الإقليمية والدولية إلى التمدد والهيمنة إلى حالة المواجهة المسلحة المباشرة بين هذه القوى.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی المنطقة العربیة فی الشرق الأوسط هذه الأکاذیب

إقرأ أيضاً:

الخطأ الذي كلف نصر الله حياته.. تقرير يكشف كيف اخترقت إسرائيل حزب الله وعلاقة سوريا

 

كشفت وسائل إعلام غربية عن الأسلوب الذي تمكنت من خلاله إسرائيل من اختراق “حزب الله” استخباراتيًا، وربطت ذلك بدور الحزب في الحرب السورية حيث دعم الحزب النظام السوري في النزاع.

في تقرير نشرته صحيفة “فايننشال تايمز“، ذكرت أن زعيم “حزب الله”، حسن نصر الله، نجا من ثلاث محاولات اغتيال خلال حرب لبنان عام 2006، ولكنه لم يستطع الإفلات من الضربة التي استهدفت مقر الحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت الأسبوع الماضي، والتي أسفرت عن مقتل عدد من القادة، أبرزهم قائد منطقة الجنوب علي كركي. وطرحت الصحيفة تساؤلات حول الفارق بين هذه الحرب وسابقتها.

 

أشارت الصحيفة إلى آراء مسؤولين سابقين وحاليين أكدوا أن الفارق الرئيسي يكمن في التطور الكبير الذي شهدته الاستخبارات الإسرائيلية، التي ظهرت بشكل واضح في عملية اغتيال قائد أركان “حزب الله”، فؤاد شكر، في يوليو الماضي.

 

ووفقاً لتلك المصادر، يُعتبر هذا التطور جزءاً من جهود أوسع للاستخبارات الإسرائيلية في أعقاب حرب لبنان الثانية عام 2006. فقد تمكنت “الوحدة 8200” وجهاز الاستخبارات العسكرية من جمع كميات هائلة من المعلومات حول “حزب الله”، وهو ما كان غائباً عن إسرائيل بعد انسحابها من جنوب لبنان في عام 2000، الذي اعتبر حينها نصراً للحزب.

 

وتقول الضابطة الإسرائيلية أيسن إن “الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية اضطرت لتعويض هذا النقص بتوسيع نطاق تصورها لـ”حزب الله” ليشمل طموحاته السياسية وعلاقاته المتنامية مع إيران ونظام الأسد في سوريا، بالإضافة إلى دوره العسكري” . وأشارت إلى أن “إسرائيل بدأت تتعامل مع حزب الله كجيش إرهابي متكامل، بدلاً من التعامل معه كمنظمة عدائية صغيرة”.

 

ووفقًا لـ”فايننشال تايمز”، فإن التدخل العسكري لـ”حزب الله” في سوريا لدعم النظام السوري منذ 2012 منح إسرائيل فرصة لتوسيع عملياتها الاستخباراتية، إذ تمكنت من تتبع نشاطات الحزب ومعرفة المسؤولين عن عملياته، ومن يتم ترقيته ومن يتورط في الفساد.

 

ورغم اكتساب مقاتلي الحزب خبرة قتالية خلال الصراع في سوريا، فإن هذا التوسع الكبير في صفوفه أدى إلى فتح ثغرات أمام الاختراقات الإسرائيلية. فبحسب المحللة راندا سليم من معهد الشرق الأوسط في واشنطن، “كانت الأزمة السورية بداية توسع حزب الله، لكنها أضعفت آليات الرقابة الداخلية، مما أتاح فرصًا للتسلل”.

 

من جانب آخر، أضافت الصحيفة أن الحرب السورية التي بدأت عام 2011 أوجدت كماً هائلاً من المعلومات المتاحة للعامة، والتي استفادت منها الاستخبارات الإسرائيلية. وكان من بين تلك المعلومات “ملصقات الشهداء” لمقاتلي “حزب الله” الذين قتلوا في سوريا، والتي تضمنت تفاصيل دقيقة عنهم، مثل مكان مقتلهم ودوائرهم الاجتماعية، ما سهّل عملية التعرف على هيكلية الحزب.

 

وختمت الصحيفة بتصريح لمسؤول لبناني سابق في بيروت، الذي قال إن انخراط “حزب الله” في سوريا واحتكاكه بأجهزة استخبارات دولية كان له ثمن، حيث اضطر الحزب للتواصل مع تلك الأجهزة بطريقة لم تكن لتحدث لولا مشاركته في الحرب السورية.

 

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تجازف بوجودها.. في مهبّ عُدوانيتها
  • الخطأ الذي كلف نصر الله حياته.. تقرير يكشف كيف اخترقت إسرائيل حزب الله وعلاقة سوريا
  • خامنئي: هدف امريكا تصدير الطاقة منطقة عبر إسرائيل الى الغرب
  • ما الذي قاله قائد أنصار الله عبد الملك الحوثي عن الضربة الصاروخية الإيرانية التي أرعبت “إسرائيل”؟
  • من هو النصف الآخر للسنوار الذي أعلنت إسرائيل مقتله؟
  • قائد الثورة يكشف تفاصيل حساسة بشأن الهجوم الإيراني على كيان العدو والمواقع التي تم استهدافها وما الذي حدث بعد الضربة مباشرة
  • «مليء بالمفاجآت» .. جيهان الشماشرجي تواصل تصوير جودر 2
  • من هو جعفر قصير الذي اغتالته إسرائيل؟.. صهر حسن نصر الله
  • إسرائيل غُده سرطانية لخدمة مصالح الاستعمار
  • أستاذة قانون دولي: أمريكا والغرب يهاجمان روسيا بسبب أوكرانيا.. ويغضان الطرف عن جرائم إسرائيل