يمانيون:
2025-01-23@16:47:54 GMT

سيناريو الشرق الجديد

تاريخ النشر: 23rd, April 2024 GMT

سيناريو الشرق الجديد

عبدالرحمن مراد

منذ بداية الألفية بدأت فكرة الشرق الجديد، واشتغلت عليها الإدارة الامريكية، وكان شمعون بريز قد كتب كتابا بعنون “الشرق الأوسط الجديد “، وتضمن الكتاب خارطة جديدة يحلم مؤلفهبنظام إقليمي، يقوم على أسس قومية، وثقافية، وبخطط اقتصادية طموحة، وفيه يرى ضرورة طمس تاريخ الشعوب العربية، وشمعون بريز من قادة الصهيونية الذين كانت لهم أدوار في الإبادة العرقية للشعب الفلسطيني، وقد اشتغلت الدبلوماسية الامريكية على فكرة الكتاب الذي صدر عام 1994م، واشتغلت كل الدوائر الثقافية والاعلامية على الترويج لأفكاره الى مطلع الألفية، حيث تحولت أفكار الكتاب الى خطوات اجرائية، وموجهات بالغة الأهمية في السياسة الخارجية الامريكية، ولعل الذاكرة تختزن علائق من الخطاب الاعلامي حول الشرق الجديد، ومن اللاعبين في هذا المضمار الأكثر بروزا وزيرة الخارجية السمراء السابقة كونداليزا رايس، استمر هذا الاشتغال على فكرة الشرق الجديد الى عام 2006م – وقد سبق لي أن كتبت مرارا وتكرارا حول الموضوع – حين اصطدمت الادارة الامريكية بحرب تموز في لبنان عام 2006م إذ جاءت عكس المتوقع، فسارعوا الى استبدال فكرة الشرق الجديد بفكرة الخلافة الاسلامية، واتخذوا من استراتيجية مؤسسة راند لعام 2007م في الاشتغال على فكرة دعم فكرة اسلام معتدل، فكانت تركيا هي الخيار الأمثل للفكرة بحكم المسار التاريخي العالق في التاريخ الاسلامي القديم والحديث.

حدث تحول عميق في تركيا بعد عام 2007م في كل البنى الثقافية، والاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، وأضحت تركيا رقما كبيرا ساهم الاعلام في الترويج لمواقفها الاسلامية – وقتئذ – من القضية الفلسطينية حتى تجد لها مكانا في الوجدان الاسلامي العام، ثم حدثت اضطرابات ما سموه بالربيع العربي، والهدف منها – أي الاضطرابات – كان الاخلال بالنظام العام والطبيعي وشيوع الفوضى، واضطراب الحياة وتبدلها في المجتمعات العربية، تمهيدا في اعادة البناء والتقسيم على أسس طائفية وثقافية وعرقية، فتعثر من مشروعهم ما تعثر، ونجح ما نجح منه، ونشطت حركة تطويع الانظمة العربية من خلال التلويح بفكرة الربيع الذي اجتاح بعض الدول، فخضع الكثير خوفا من فقدان العروش، فسارعوا الى التطبيع، أو الرضى به ضمنا دون الاعلان عنه كما هو الحال عند السعودية، ولذلك فشل العرب في توحيد موقف من حرب الابادة في غزة، وفشلوا حتى في عقد قمة عربية لمناقشة ما يدور في المنطقة كما كانوا يفعلون سابقا، وكأن الامر لا يعنيهم رغم أهميته ومساسه بمصالح الكثير من الدول مثل مصر، والاردن، وسوريا، ولبنان، وغير أولئك ممن يكون المساس بهم ثانويا أي غير مباشر.

تمضي “إسرائيل” اليوم ومن ورائها أمريكا وبريطانيا والدول دائمة العضوية بمجلس الامن الى تنفيذ فكرة الشرق الجديد، وتنفيذ الخطط الاقتصادية، ومنها الخطط المتعلقة بحركة التجارة العالمية، والسيطرة على مساراتها، وهم ماضون في تحقيق الحلم القديم الذي نشأ بعد تأميم قناة السويس في عام 1956م والمتمثل في انشاء قناة ابن غوريون التي تعمل على تسهيل الحركة بين البحرين الاحمر والابيض المتوسط في مسارين دون توقف أو اعاقة حركة منسابة وسهلة لا يمكن لقناة السويس توفيرها بسبب الجغرافيا، والمشروع كبير ويدر دخلا قوميا كبيرا جدا وفق خططه ودراساته المتوفرة.

اليوم “إسرائيل” – ومن خلفها امريكا وبريطانيا – تقوم بالتمهيد للفكرة من خلال حرب الابادة والتهجير والتصفية العرقية لسكان قطاع غزة، والعالم يضغط على مصر والأردن في استقبال المهجرين في صحراء سيناء المصرية، والضفة الغربية الاردنية، والضغط العسكري على أشده في رفح حتى يضيق الناس أو يموتوا جوعا على أسوار الحدود في رفح.

قبول مصر لفكرة مشروع “رأس الحكمة” سيكون هو العامل الضاغط مستقبلا وربما حاضرا فالاقتصاد المصري تتداعى أركانه اليوم، وقد ساهم المبلغ المودع في البنوك المصرية الخاص بمشروع رأس الحكمة في تراجع سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار، ومثل ذلك تخدير موضعي آني يعود ألمه متى حادت مصر عن المسار، ويخف متى خضعت للمصالح الصهيونية والامريكية، وفي ظني أن مصر سوف تقبل بتسكين سكان غزة في صحراء سينا خضوعا للضغط الاقتصادي القاهر الذي يساهم فيه المال العربي بقدر وافر، وبذلك تكون “إسرائيل” قد وصلت الى مشارف الحلم في الشرق الجديد، وربما في تحقيق كيان “إسرائيل” الكبرى التي تمتد من النيل – ملتقى النهرين – الى الفرات.

كل الذي مضى من تاريخ العرب الحديث منذ تفردت أمريكا بحكم العالم عام 1990م كان عبارة عن مقدمات بدأت نتائجها اليوم تبرز على سطح الواقع، ومواجهة هذا المشروع يحتاج بعدا معرفيا متفاعلا مع العلوم الحديثة حتى نكون عنصرا فاعلا في خارطة وجود العالم المعاصر، ومالم نتسلح بالمعرفة وبفكرة المقاومة لفرض الوجود وبمشروع حضاري بديل وقادر على التفاعل وصناعة الحيوات فأننا نذهب الى الفناء المؤجل، ومن نافلة القول أننا نحتاج الى حركة فكرية وثقافية تعيد ترتيب النسق الحضاري الاسلامي، ليكون المشروع الاسلامي هو الخيار الأمثل في اعادة ترتيب الحيوات المعاصرة وفق أسس وقيم انسانية واسلامية قال التاريخ القديم بقدرتها وحيويتها وفاعليتها في التأثير والصناعة.

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

فكرة سيئة.. ما التأثيرات الاقتصادية لترحيل المهاجرين في الولايات المتحدة؟

يشكل المهاجرون في الولايات المتحدة، سواء كانوا موثّقين أو غير موثّقين، يشكلون جزءا كبيرا من القوى العاملة في مجالات حيوية كالبناء والرعاية، الأمر الذي يجعل من ترحيلهم خطوة تخلف تداعيات اقتصادية على سوق العمل والقطاعات الحيوية، حسب تقرير نشره موقع "كاونتر بانش".

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي 21"، إن العديد من الأكاذيب عن المهاجرين انتشرت خلال حملة الانتخابات الرئاسية لسنة 2024. ويجب استبدال هذه المعلومات المضللة بالحقائق لفهم التأثير الاقتصادي للهجرة والترحيل، خاصة في ظل تعهد دونالد ترامب بتنفيذ تهديداته بالترحيل الجماعي.

وأوضح الموقع أنه منذ بداية القرن الواحد والعشرين، كان هناك ملايين من المهاجرين غير المصرح لهم في الولايات المتحدة؛ حيث بلغ العدد ذروته في سنة 2007 بوجود 12.2 مليون، ثم انخفض إلى 11 مليونًا في سنة 2022، مع تقدير مؤقت لسنة 2023 بوجود 11.7 مليون، وهو لا يزال أقل من الذروة المسجلة في سنة 2007.


في بعض الحالات، يمكن أن تؤدي الزيادة المفاجئة والسريعة في عدد المهاجرين - المصرح لهم وغير المصرح لهم - إلى فرض ضغوط اجتماعية واقتصادية على المجتمعات المحلية التي تستقبل التدفق. وقد تكون هناك صعوبات في العثور على مساكن وإيجاد أماكن في المدارس، وقد يؤدي ذلك إلى عدم قدرة منظمات الخدمات الاجتماعية في استيعابهم. لكن تقارير عديدة توضح الفوائد الاقتصادية لهذه الزيادات في بعض المجتمعات.

وزادت مواجهات المهاجرين على الحدود الأمريكية المكسيكية بشكل مطرد بين سنتي 2020 و2023، لكنها تراجعت بحدة في سنة 2024. وارتفع عدد السكان المولودين في الولايات المتحدة من الأجانب بـ1.6 مليون بين 2022 و2023، وهي أكبر زيادة خلال 20 سنة، لكنها لم تؤثر بشكل كبير على حياة معظم السكان البالغين أكثر من 300 مليون.

وأفاد الموقع أن الأبحاث تشير إلى أن معدلات الجرائم بين المهاجرين غير المصرح لهم أقل من المواطنين الأمريكيين، حيث يُعتقلون بنسبة أقل لجرائم العنف والمخدرات والممتلكات، كما تساهم تجمعاتهم في خفض معدلات الجريمة بالمجتمعات.

وباختصار، فإن الوضع في الولايات المتحدة فيما يتعلق بالمهاجرين اليوم لا يختلف كثيرًا عما كان عليه قبل عقد من الزمن. أي أنه لا يوجد أزمة جديدة.

المهاجرون غير المصرح لهم والاقتصاد الأمريكي
وشدد الموقع على أن ترحيل ترامب الجماعي للمهاجرين سيؤثر سلبًا على الاقتصاد الأمريكي. فقد أظهرت دراسة حديثة أن ترحيل نصف مليون مهاجر سيؤدي لفقدان 44,000 وظيفة للمواطنين. ويعد العمل الذي يقوم به المهاجرون ضروريًا لوظائف العمال المولودين في الولايات المتحدة. وبالتالي فإن ترحيل ملايين العمال سيؤدي لخسائر كبيرة في الوظائف.

وعلى الرغم من أن عدد المهاجرين غير المصرح لهم صغير مقارنة بالسكان الأمريكيين بشكل عام، فإن تركيزهم في قطاعات معينة من الاقتصاد سيجعل إبعادهم السريع مدمرًا. فهؤلاء المهاجرون يمثلون نسبة كبيرة من العمال في القطاعات مثل التنظيف، والطهي، وصيانة الأراضي، والزراعة، والبناء.

وبحسب الموقع، فستؤدي خطة الترحيل الجماعي إلى زيادة تكاليف المنتجات والخدمات المرتبطة بتلك الصناعات. وفي تكساس، تعبر صناعة البناء عن قلقها من أن خطط ترامب ستدمر قدرتهم على بناء المنازل والبنية التحتية.

وبما أن المهاجرين غير المصرح لهم يشكلون أيضًا جزءًا كبيرًا من قطاع الرعاية، فقد تسببت عمليات الترحيل بين سنتي 2008 و2014 في تعطيل هذا القطاع. وقد وجد الاقتصاديون أن فقدان عمال رعاية الأطفال أدى إلى تقليص عدد الأمهات الحاصلات على تعليم جامعي ولديهن أطفال صغار في سوق العمل المدفوع.

المهاجرون الشرعيون والاقتصاد الأمريكي
ورغم أن حملة ترامب تحدثت عن تقليص الهجرة غير المصرح بها علنًا، إلا أن هناك احتمال أن تقلل الإدارة الجديدة من الهجرة الشرعية بمقدار أكبر أو مشابه. كما أشار معهد كاتو إلى أن إدارة ترامب الأولى قد قلصت الهجرة القانونية بشكل كبير، لكنها فشلت في تقليص الهجرة غير المصرح بها.

وأضاف الموقع أنه قد يكون لدى الناس صورة نمطية عن العمال المهاجرين كعمال ذوي أجور منخفضة، لكنهم يعملون في جميع قطاعات الاقتصاد. فعلى سبيل المثال، يعمل العديد من المهاجرين كممرضين، ومبرمجي حاسوب، ومعلمين، ومهندسين معماريين.


كما أن هناك معدل أعلى من ريادة الأعمال بين المهاجرين مقارنة بالمواطنين الأمريكيين. فقد أسس المهاجرون أو أبناؤهم نحو نصف من أكبر 500 شركة في الولايات المتحدة. إن فقدان هؤلاء العمال ورواد الأعمال سيؤثر سلبًا على الاقتصاد الأمريكي.

نظام الهجرة معطل والسياسة تعيق الحلول المحتملة
وبين الموقع أن الملايين من الأشخاص ينتظرون لعدة سنوات للدخول إلى الولايات المتحدة بشكل قانوني. ويعد هذا النظام المترهل أحد العوامل التي تدفع الناس إلى الهجرة غير القانونية. وهناك اعتراف من الحزبين بأن نظام الهجرة في الولايات المتحدة معطل ويحتاج إلى إصلاح، لكن المناورات السياسية تواصل إعاقة الإصلاح. فقد تم حظر جهد من الحزبين في سنة 2007 في مجلس الشيوخ.

كما تم حظر جهد آخر في 2013 من قبل رئيس مجلس النواب الجمهوري جون بوينر. وفي 2024، تم قتل جهد آخر من الحزبين بواسطة دونالد ترامب، الذي سعى للترويج لهذه القضية في حملته الانتخابية.

واختتم الموقع التقرير بان دونالد ترامب أكد لمؤيديه أنه يعتزم تنفيذ السياسات المعادية للمهاجرين الأجانب والعرقية التي كان يدافع عنها أثناء حملته الانتخابية. ولم يذكر أنه سيسعى إلى تنفيذ إصلاح شامل للهجرة من أجل إصلاح النظام المكسور وتعزيز الاقتصاد الأمريكي.

مقالات مشابهة

  • خبير في السياسات الدولية: سياسة إسرائيل تمثل تهديدا للسلام في الشرق الأوسط
  • وزير الخارجية الأميركي الجديد يتعهّد خلال مكالمة مع نتنياهو بـ دعمٍ ثابت لـ إسرائيل كأولوية قُصوى للرئيس ترامب
  • الجيش الإسرائيلي: مستعدون لأي سيناريو في غزة وسنزيل أي تهديد
  • فكرة سيئة.. ما التأثيرات الاقتصادية لترحيل المهاجرين في الولايات المتحدة؟
  • محلل سياسي: إسرائيل أحد محددات الأمن القومى الأمريكى
  • مسؤولة أممية تحذّر من سيناريو غزة في الضفة الغربية
  • داعم قوي لأمن إسرائيل.. من هو ماركو روبيو وزير الخارجية الأمريكي الجديد؟
  • نوستالجيا... "فكهاني المنصورة الذي غنت له كوكب الشرق والعندليب"
  • الشرع مهنئا ترامب: الزعيم الذي سيجلب السلام إلى الشرق الأوسط
  • بعد انتظار طويل.. إسرائيل تودع الجندي أورون شاؤول الذي قتل في غزة عام 2014 بعد استعادة جثمانه