#سواليف

في منطقة المخيم الجديد، شمالي مخيم النصيرات، وسط قطاع غزة، لا صوت يعلو فوق صوت البكاء والنحيب، إذ يتحسر العشرات من الأهالي على منازلهم التي دمرها قصف الاحتلال.
إذ تحولت المئات من الشقق السكنية في أبراج الصالحي إلى ركام بعدما استهدفتها الطائرات الحربية بأطنان من المتفجرات أثناء انسحاب جيش الاحتلال من المنطقة.


وعلى مدار 8 أيام، دمرت القوات الإسرائيلية عشرات الأبراج السكنية في مخيم النصيرات، بعدما أجبرت العديد من المواطنين على مغادرة منازلهم هناك.
ولدى عودتهم فوجئ الأهالي باختفاء معالم بيوتهم جراء القصف العنيف على المنطقة الشمالية من المخيم الجديد المطلة على منطقة الزهراء، فاكتفوا بالجلوس على الأنقاض ينتحبون على أحلامهم وذكرياتهم التي اغتالتها آلة الحرب الإسرائيلية.
نجية عبد الحي، 36 عاماً، جلست تنتحب على أنقاض شقتها السكنية المؤثثة حديثاً، والتي ما زالت تسدد أقساطها، تقول: «والله ما زالت علينا أقساط من ثمن البيت، ولم نفرح أنا وزوجي وبناتي، لا بالمنزل الجديد، ولا حتى الأثاث. حسبي الله ونعم الوكيل، كل تعبنا راح في لحظة واحدة».
لا تدري المواطنة الفلسطينية، التي نزحت عند أهلها في مدينة دير البلح، بالتزامن مع عمليات جيش الاحتلال في مخيم النصيرات، وعادت بعد عيد الفطر المبارك، لتطمئن على محتويات الشقة، فوجدتها بلا معالم أو أثاث، «إلى أين تذهب؟» فهم لا يملكون سوى هذا المنزل، الذي خرجوا منه مديونين».
وعليه لا خيار أمام نجية وزوجها سوى نصب خيمة فوق أنقاض المنزل، والإقامة فيها مثل بقية سكان أبراج الصالحي الذين شردهم الاحتلال.
وتشير لـ«القدس العربي» إلى الحال الصعبة التي يعيشها سكان غزة وسط استمرار الحرب الإسرائيلية على القطاع للشهر السابع على التوالي.

«مملكتي راحت»

وتتساءل في الوقت نفسه عمن سيعوضهم عن ذلك الخراب: «من الذي سيعوضنا؟! الدمار والخراب يحدث في ثانية، والبناء والعَمَار يحتاج إلى سنوات».
وإلى جوار نجية جلست امرأة أخرى تدعى سميرة أبو مصبح تنظر بحسرة وألم إلى حطام بيتها، الذي أصبح هو والأرض سواء.
وتقول لـ «القدس العربي»: «حلمي الصغير، مملكتي، وتعبي وشقائي راح، وراح معه الأمان والاستقرار والكرامة». هي ترى أن الحياة بعد انهيار البيت «معاناة قاسية، تنزح عند أحدهم بعيداً عن بيتك، يعني الراحة راحت غير موجودة، والقيمة راحت، وتعبك راح، وأملك راح، وحلمك راح».

مقالات ذات صلة مقتل ضابط إسرائيلي خلال معارك بغزة 2024/04/23

الاحتلال نسف 11 برجاً سكنياً… وبعضهم نصب خيمة فوق الأنقاض

تؤكد المواطنة الفلسطينية الأربعينية خلو جميع مناطق غزة من الأمان، مشيرة إلى أنها خرجت من بيتها في ثاني أيام عيد الفطر، تزامناً مع العمليات العسكرية للاحتلال في مخيم النصيرات، ثم عادت بعد أن تأكد خبر انسحاب جيش الاحتلال من المنطقة، لتجد البرج السكني الذي كانت تقطن فيه، عبارة عن كومة من الرمال.
تشعر سميرة بالصدمة من هول ما حدث، فقد أصبحت «بلا مأوى» وتنتابها حالة من الشرود الذهني كلما حاولت التفكير في المكان الذي ستذهب إليه بعد فقدان بيتها: «ليس هناك شيء سيغنيني عن بيتي وعن أريكتي التي كنت أرتاح عليها، كل ركن في بيتي له ذكرى معي، هذه أصعب حرب مرت علينا. لا توجد أطلال هنا للبكاء عليها».
وتضيف «كلما فكرت في المكان الذي سأذهب إليه، لا أجد. حتى بيت أهلي قُصف، ومراكز الإيواء مليئة بالنازحين».

خيمة الأجداد

أما ضابط الإسعاف المتقاعد، محمد المهدي، فيبدي تعجبه من قصف هذه الأبراج بالتحديد، رغم أنها مشيدة حديثاً وغالبية سكانها من النساء والأطفال والشيوخ: «السكان كلهم مدنيون، 11 برجاً سكنياً مدنياً دُمرت جميعا».
المسن الستيني كان يحمل حقيبة من أدوات المطبخ، هي آخر ما تبقى من حطام شقته، يقول، وعلى وجهه علامات التحسر: «شقاء عمري راح، شقة سكنية وسيارة، وأنا رجل متقاعد ليس لي دخل بأي شيء، أغلق عليّ داري ولا أحدث أي ضوضاء. لماذا قصفوا بيتي؟ لا أدري».
يخطط ضابط الإسعاف لنصب خيمة فوق أنقاض شقته السكنية المُدمرة: «الآن أفكر في أن أرجع إلى خيمة مثل أجدادي، أشعل الحطب، هذه ليست مشكلة بالنسبة لي، لأنني حضرت الأجيال القديمة والجديدة، المهم لدي أن أحافظ على كرامتي».
ويضيف لـ«القدس العربي»: «في السابق كانت لدي نية للخروج من غزة، أما اليوم فلا أمتلك المال أو أي شيء، لا أمتلك سوى الكرامة، وهي موجودة فقط في بلادي».
ويؤكد الرجل المسن أنه «ليس حزينًا على ماله الذي ضاع، فهناك الكثيرون من سكان غزة ضاع مالهم وتعبهم» لكنه «يتألم حزنًا على من قتلوا ودُفنوا تحت الأنقاض دون أن يعرف أهلهم أين هم؟».
ويتابع: «أنا أيضاً راح مالي، وليس هناك من العمر بقية لبناء حياتي من جديد، ما يحزنني هم الشباب الصاعد الذي لا يجد عملًا، لبناء حياته».

ماذا أقول لأطفالي؟

وعلى مقربة من ضابط الإسعاف المسن، كان هناك رجل يبكي بحرقة في إحدى زوايا البرج السكني المدمر في المخيم الجديد، يتذكر يوم أن أجبرهم جيش الاحتلال على النزوح عن طريق إطلاق الرصاص عليهم.
وقال: «شردنا الاحتلال وقواته بملابسنا التي نرتديها، وبالنا مشغول بسؤال واحد: لماذا يستهدف الاحتلال هذا البرج الآمن؟ ليس لدينا أي أحد مطلوبا، ومعظم السكان من الأطفال والنساء».
لا يبكي المواطن الفلسطيني على الحجر المنهار، حسب تعبيره، ولكنه يحزن على الذكريات التي سيفارقها وعلى حياته التي عاشها في تلك الشقة، بينما تهرب منه الكلمات: «لا يوجد كلام يُحكى، ضربوا الأبراج مع انسحابهم من المخيم ولم يفكر أحد في تعويضنا».

دمار في كل شبر

ويتساءل الرجل خلال حديثه لـ «القدس العربي» عما سيقوله لأولاده عندما يسألونه «لماذا دمر الاحتلال بيتنا؟» «كله راح في ثوان. ماذا أقول لأطفالي؟».
وأظهر تحليل بيانات لصور التقطتها الأقمار الصناعية، حجم الدمار الذي لحق بالمباني في قطاع غزة، إذ تضرر أو دمر ما بين 144 ألف مبنى و175 ألفًا في القطاع بفعل الغارات التي تشنها الطائرات الحربية الإسرائيلية، وهذا ما يعادل بين 50٪ و61٪ من مباني غزة، وهي إحصائية قابلة للزيادة، مع استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة للشهر السابع على التوالي.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف مخیم النصیرات جیش الاحتلال القدس العربی

إقرأ أيضاً:

فتوح يدين قرار إجبار مئات المقدسيين على إخلاء من منازلهم في سلوان

أدان رئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح، قرار محكمة الاحتلال الإسرائيلي في القدس المحتلة، الذي يقضي بإجبار مئات المقدسيين على إخلاء منازلهم في حي بطن الهوى ببلدة سلوان، جنوب المسجد الأقصى، في إطار حملة تهجير قسري تستهدف الحي وسكانه الأصليين.

وقال فتوح في بيان صادر عن المجلس الوطني، اليوم الجمعة، إن الاحتلال يعمل على تصفية الوجود العربي المقدسي، من خلال تصعيده لعمليات هدم المنازل والاستيلاء وتزوير الأوراق الرسمية لتغيير التركيبة السكانية في القدس المحتلة حول المسجد الأقصى على وجه الخصوص لإحلال المستعمرين ودفع المقدسيين على الرحيل والابتعاد لأنهم خط الدفاع الأول عن المسجد الاقصى.

وأشار إلى أن هدم عشرات المنازل جنوب المسجد الأقصى المبارك ضمن مخطط استعماري يهدف إلى إقامة ما يسمى "حديقة توراتية" والتي لا تعدو كونها أداة تهويدية تستهدف الوجود العربي الفلسطيني في مدينتهم وعزل الأحياء العربية عن بعضها البعض.

وشدد فتوح، على أن هذه الجريمة المعلنة التي تهدد عشرات المنازل في الحي تأتي في سياق سياسة استعمارية ممنهجة تسعى لتغيير الهوية التاريخية والوطنية لمدينة القدس، وفرض واقع جديد يتجاهل حقوق الفلسطينيين الثابتة وغير القابلة للتصرف وينتهك بشكل صارخ القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.

وأكد، أن المجلس الوطني الفلسطيني يعتبر هذه الإجراءات تصعيدا خطيراً ضمن مخططات الاحتلال الرامية إلى تهويد القدس، وتفريغها من سكانها الأصليين، وتهديداً مباشراً للمسجد الأقصى المبارك، الذي يمثل رمزاً دينياً وحضارياً للشعب الفلسطيني والأمة الإسلامية بأسرها.

وطالب فتوح، المجتمع الدولي التدخل الفوري والعاجل لوقف هذه الجريمة ومنع تنفيذ مخطط الإخلاء والهدم بما يتوافق مع قرارات الشرعية الدولية التي تعتبر القدس جزءاً لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة واتخاذ إجراءات عملية وملزمة لحكومة الاحتلال لوقف مخططاتها التوسعية والاستعمارية في القدس، وتنفيذ القرارات الأممية ذات الصلة، لا سيما القرارات المتعلقة بحماية مدينه القدس وسكانها.

وأكد، أن القدس هي العاصمة الأبدية لدولة فلسطين، وستظل هويتها الفلسطينية عصية عن التهويد والطمس، مطالبا الأمة العربية والإسلامية بدعم المواطنين في القدس بتعزيز صمودهم ونضالهم في مواجهة سياسات الاحتلال العنصرية.

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين الاحتلال يجرف مدخل بلدتي السيلة الحارثية واليامون غرب جنين الأونروا: نحو 660 ألف طفل في غزة لا يزالون خارج المدارس البرلمان العربي يدين جرائم الاحتلال في الضفة الأكثر قراءة "الشعبية" تنعى نائب أمينها العام السابق داوود مراغة حماس: تم حل عقبات الصفقة وهذا بشأن قوائم أسرانا المفرج عنهم التحدي الأكبر خلال الهدنة لأوّل مرة.. إسرائيل تتخذ هذا القرار لحماية مستوطنات غلاف غزة عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • استشهاد فلسطينيين اثنين من جنين ورفح وإصابة أربعة آخرين بمخيم النصيرات بغزة
  • أول رد رسمي من حماس على منع عودة النازحين إلى منازلهم شمال قطاع غزة
  • لبنان.. قتيل بينما يتجاهل سكان جنوب لبنان الأوامر الإسرائيلية بعدم العودة إلى منازلهم
  • من هي أربيل يهود الأسيرة الإسرائيلية التي قد تفجر اتفاق وقف النار
  • 4 إصابات برصاص الاحتلال غرب مخيم النصيرات وسط قطاع غزة
  • الجيش الإسرائيلي يحذر سكان جنوب لبنان من العودة إلى منازلهم
  • إعلام فلسطيني: الاحتلال الإسرائيلي يطلق الرصاص على النازحين وسط قطاع غزة
  • سانا توثق عودة بعض العائلات إلى منازلهم وقراهم التي هُجروا منها بفعل إجرام النظام البائد
  • فتوح يدين قرار إجبار مئات المقدسيين على إخلاء من منازلهم في سلوان
  • خبير عسكري: سيناريوهات وراء إجبار سكان جنين على النزوح وإخلاء منازلهم