مئتا يوم على “طوفان الأقصى” وحرب غزة.. معادلات ترسم مستقبلاً جديداً للمنطقة
تاريخ النشر: 23rd, April 2024 GMT
كتب محمّد حميّة
مع مرور مئتي يوم على عملية “طوفان الأقصى” والعدوان الإسرائيلي على غزة، يمكن تسجيل الخلاصات التالية:
*على الرغم من حرب التدمير والإبادة الممنهجة الإسرائيلية في قطاع غزة، كشفت الوقائع الميدانية وتعليقات إعلام العدو وكثير من قادة الإحتلال الحاليين وكبار الجنرالات السابقين، عجز الجيش الإسرائيلي بتغيير المعادلة العسكرية في غزة وفشل أهداف “حكومة الحرب” بتحقيق الأهداف العسكرية والسياسية للحرب.
*أظهرت المقاومة الفلسطينية بكافة فصائلها وتحديداً حركة حماس صموداً أسطورياً وثباتاً في الميدان منقطع النظير في التاريخ المعاصر، وتفوّقاً في تكتيات القتال بفائض معنوي كبير، رغم الحصار والدمار الهائل في البنى التحتية والمجمعات السكنية والإبادة والتهجير، كما أظهرت ذكاءً في إدارة الحرب والموازنة بين ضرورات المواجهة وبين التقنين باستخدام الذخيرة والمؤن، ما يمكنها من الصمود والقتال لأشهر وربما أكثر وفق مصادر ميدانية في المقاومة. كما أظهرت المقاومة ذكاء وصموداً تفاوضياً كبيراً ولم تتنازل عن الحقوق والمطالب، لا سيما إعلان وقف نهائي لإطلاق النار وانسحاب قوات الإحتلال من غزة واستعادة كامل الأسرى رغم كل الضغوط والإغراءات التفاوضية.
*فشل المجازر المهولة في غزة وألاعيب الإستخبارات بفت العضد واللحمة بين المقاومة والشعب الفلسطيني، وأعادت غزة التفويض لمقاومتها بالإستمرار في المواجهة حتى النهاية.
*ثبات جبهات الإسناد مع غزة، رغم كل الرهانات والإغراءات والضغوط أكان على جبهة لبنان أو اليمن أو العراق، بل انضمّت جبهة جديدة الى الميدان وهي الجبهة الإيرانية، بسبب غباء ومقامرة حكومة بنيمين نتانياهو التي أرادت الهروب من مأزقها الغزاوي باستدراج إيران والولايات المتحدة الى الحرب لإخفاء الهزيمة الإسرائيلية، فتفاجأت بأنها تورطت بحرب مع جبهة أظهرت استعداداً للمواجهة وتدمير الكيان، وجاء الرد الايراني كمفصل في الصراع الايراني – الاسرائيلي يشكل الإنتقال من الصبر الإستراتيجي الى الرد الاستراتيجي أحد سماته، ووضع الرد الايراني المنطقة على فوهة الحرب الإقليمية لولا تدارك الادارة الاميركية والضغط على “إسرائيل” لكي يأتي ردها هزيلاً وسخيفاً وفق تعبير وزير الأمن القومي الاسرائيلي إيتامار بن غفير.
*على الضفة الأخرى يواجه الكيان التداعيات الكارثية لـ”طوفان الأقصى” والفشل الميداني في معارك غزة والجبهة الجنوبية، وكان أبرز صوره التشقّق بين قيادة الإحتلال السياسية والعسكرية والتي تجلّت باستقالة رئيس شعبة الإستخبارات العسكرية والخضة الذي أحدثها على كافة مستويات الكيان. كما اهتزّت ثقة المستوطنين بالأمن وقوة الردع الإسرائيلية كون مفهوم “الأمن” هو الركيزة الأساسية للحركة الصهيونية العالمية التي أنشأت الكيان الصهيوني.
*على الرغم من الإلتزام الاستراتيجي والتسليحي بين الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي كونه يشكل قاعدة عسكرية متقدمة في الشرق الأوسط ونافذة بحرية على المتوسط للولايات المتحدة، إلا أن الخلاف وقع بين الإدارة الأميركية حول إدارة الحرب واليوم التالي ويتمدد كلما اقترب موعد الانتخابات الأميركية.
*انتصار حركة حماس على الإحتلال في حرب الرواية والدعاية الإعلامية، حيث تهشمت صورة الكيان الذي يتمتع جيشه بتفوق عسكري واستخباراتي وقوة ردع في المنطقة، وتشوهت الصورة الأخلاقية والإنسانية الذي عملت “إسرائيل” ودول إقليمية على تقديمها كحمامة للسلام وواحة للتطبيع والشراكة الاقتصادية، وسقط وسم حركة حماس بالإرهاب وتشبيهها بتنظيم “داعش” لا سيما تعامل مقاتلي الحركة الإنساني مع الأسرى الإسرائيليين خلال مدة الأسر، مقابل التعامل الوحشي للإسرائيليين مع عموم الفلسطينيين.
*أثبتت التطورات والمقاومة في غزة والضفة الغربية خلال الأشهر الستة الماضية أن القضاء على المقاومة الفلسطينية وحماس كحركة تحرير في وجه الاحتلال ليس أكثر من وهم. وأن “إسرائيل” ليست دولة شرعية، إنها مجرد قوة احتلال، ومرور الوقت لن يعطي الشرعية لقوة الاحتلال، لأنه استناداً إلى مبادئ القانون الدولي المعروفة، فإن احتلال الأرض هو وضع مؤقت حتى لو استمر لعقود من الزمن.
*أعاد “الطوفان” القضية الفلسطينية الى صدارة الإهتمام العربي والإسلامي والعالمي وعلى جدول الأعمال والمنابر والمحافل الدولية، بعدما غُيّبت لفترة طويلة تمهيداً لتصفيتها على أنقاض “صفقة القرن” ومشاريع التطبيع والسلام المزعوم. وأولى تجليات هذا التحول، هو عودة الرأي العام العربي والاسلامي الى حيويته، إلى جانب التحول في الرأي العام العالمي الى حد الإنقلاب من الدعم والـتأييد المطلق لـ”إسرئيل” إلى التعاطف مع الفلسطينيين وفق ما كشفت الأرقام والإحصاءات الغربية.
*ظهرت الطبيعة الحقيقية للكيان الإسرائيلي الذي يقوم على العدوان والاحتلال والإرهاب والإبادة الجماعية. ولذلك فإن جميع أعماله السابقة، مثل ما يسمى بمفاوضات السلام، والتوقيع على اتفاقيات إبراهيم، وتطبيع العلاقات، ليست غير مطالبة وساعية للسلام فحسب، بل كانت بطبيعتها مخادعة تماماً، ولم ينتج عنها أي نتائج عملية لجهة تحقيق الحقوق الأصيلة للأمة الفلسطينية.
*إن معارضة الولايات المتحدة لحصول الدولة الفلسطينية على العضوية في الكاملة الأمم المتحدة، تظهر أن الولايات المتحدة هي أهم داعم للكيان الإسرائيلي المجرم، وأن ادعاء واشنطن بشأن دعم الشعب الفلسطيني وحل قضيته عار عن الصحة تماماً.
*فضحت أشهر الحرب هشاشة الكيان الإسرائيلي على كافة الصعد، وتبعيته المطلقة للأميركيين والغرب، وما الحرب في غزة والرد الايراني على “إسرائيل”، إلا أدلة ساطعة على ذلك.
*كشف الرد الإيراني على استهداف القنصلية في دمشق، حقيقة معادلة الردع في المنطقة بين إيران ومحور المقاومة وبين الولايات المتحدة وكيان الإحتلال، لصالح إيران ومحور المقاومة الذي سجل انتصاراً في حرب الإرادات.
هذه التحولات ستترك تداعيات استراتيجية وترسم بطبيعة الحال مشهداً جديداً في غزة لمصلحة المقاومة والشعب الفلسطيني وقضيتهم، ولمصلحة حركات المقاومة والشعوب في الإقليم وإن طال الوقت، مقابل المزيد من استنزاف كيان الإحتلال ومعادلات الردع الإسرائيلية – الأميركية في المنطقة
المصدر: موقع حيروت الإخباري
إقرأ أيضاً:
مفاوضات متعثرة وقصف مدمّر.. غزة تواجه تصعيداً دموياً جديداً
قُتل ما لا يقل عن 17 فلسطينيًا، صباح اليوم السبت، جراء غارات إسرائيلية استهدفت مناطق متفرقة في قطاع غزة، بحسب ما أعلن الدفاع المدني في القطاع، فيما تتواصل مفاوضات غير مباشرة بين حركة “حماس” وإسرائيل في الدوحة والقاهرة، وسط تعثر وتبادل للاتهامات“.
وأوضح الدفاع المدني “أن العدد الأكبر من الضحايا سقط نتيجة قصف طال منزل عائلة الخور في حي الصبرة جنوبي مدينة غزة، ما أسفر عن مقتل عشرة أشخاص وفقدان نحو 20 آخرين تحت الأنقاض”.
وقالت أم وليد الخور، وهي إحدى الناجيات: “كنا نائمين مع أطفالنا، وفجأة انهار البيت علينا. أخرجنا نحو 15 شخصاً، جميعهم اختنقوا، وكلهم أبرياء، خصوصًا الأطفال”.
ولم يصدر تعليق رسمي من الجيش الإسرائيلي على هذه الضربات، الذي كان قد استأنف عملياته في غزة قبل أكثر من شهر في إطار المواجهات مع “حماس”، وتشير أرقام وزارة الصحة “إلى مقتل أكثر من 51 ألف شخص منذ اندلاع الحرب، بينهم 2062 قتيلاً منذ تجدد القتال”.
من جانبه، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن “الجيش يدفع ثمناً باهظًا مقابل إنجازاته العسكرية”، مشيراً إلى “استمرار العمليات من أجل إطلاق سراح الرهائن وتدمير ما وصفه بـ”الإرهاب الحمساوي”، وقد أُعلن عن “مقتل جندي إسرائيلي وإصابة آخر بجروح خطيرة خلال اليومين الماضيين”.
وفي السياق السياسي، شدد القيادي في حركة “حماس” محمود مرداوي على “أن المفاوضات لا تزال جارية في كل من القاهرة والدوحة”، مؤكدًا “رفض الحركة لأي صفقات جزئية، ومطالبتها بضمانات واضحة لإنهاء الحرب، والانسحاب الكامل من القطاع، وبدء جهود الإغاثة وإعادة الإعمار”.
وتأتي هذه التصريحات “عقب تهديدات من رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير بشن عملية عسكرية جديدة في حال عدم تحقيق تقدم في ملف الأسرى، في حين عبّرت قطر عن استيائها من تباطؤ المحادثات، ووصفت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنها “مجرد ضجيج إعلامي”.
تقرير أميركي: “أخطاء قاتلة” في استخدام الذكاء الاصطناعي خلال حرب غزة
كشف تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية “عن وقوع أخطاء جسيمة نتيجة اعتماد الجيش الإسرائيلي على تقنيات الذكاء الاصطناعي في عملياته العسكرية خلال حرب غزة، ما أدى إلى مقتل مدنيين وتحديد هويات بشكل خاطئ، بحسب ما أفاد به مسؤولون إسرائيليون وأميركيون”.
وأشار التقرير إلى “أن الجيش الإسرائيلي استخدم في 31 أكتوبر 2023 تقنية ذكاء اصطناعي لاستهداف القيادي في حركة “حماس” إبراهيم البياري، لكن الضربة الجوية التي نُفذت أدت كذلك إلى مقتل 125 مدنيًا”، وفقًا لمنظمة “إيروورز” البريطانية المعنية بتوثيق الخسائر المدنية في النزاعات.
وأوضح التقرير “أن الجيش الإسرائيلي دمج، على مدى 18 شهرًا من الحرب، تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجالات عدة، من بينها برامج التعرف على الوجوه، وتحليل البيانات عبر منصات التواصل الاجتماعي، وحتى تطوير روبوت محادثة باللغة العربية لرصد الرسائل النصية والمنشورات الرقمية”.
غير أن مسؤولين مطلعين أكدوا أن “هذه الأنظمة لم تكن دائمًا دقيقة، وتسببت في قرارات خاطئة من بينها استهداف مدنيين أو اعتقال أشخاص بهويات مغلوطة، وسط تساؤلات متزايدة حول البُعد الأخلاقي لتوظيف هذه التكنولوجيا في النزاعات”.
من جانبها، قالت هاداس لوربر، رئيسة معهد أبحاث الذكاء الاصطناعي في إسرائيل والمديرة السابقة لمجلس الأمن القومي، إن “الحرب عجّلت بوتيرة الابتكار، وأنتجت أدوات غيرت قواعد اللعبة في الميدان”، لكنها حذرت من أن “الذكاء الاصطناعي يحتاج إلى ضوابط وتوازنات صارمة”.
في المقابل، امتنعت متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي “عن تقديم تفاصيل تقنية بشأن الأسلحة المستخدمة”، مؤكدة التزام الجيش بـ”الاستخدام القانوني والمسؤول لتكنولوجيا البيانات”، مشيرة إلى “أن التحقيق لا يزال جاريًا في الغارة التي أودت بحياة البياري وعدد من المدنيين”.
وسبق لإسرائيل أن “استخدمت الحروب في غزة ولبنان لاختبار وتطوير تقنيات عسكرية متقدمة، مثل الطائرات المسيّرة، واختراق الهواتف، ونظام الدفاع الجوي “القبة الحديدية”.
هذا وارتفعت “حصيلة الحرب على غزة إلى 51 ألفا و495 قتيلا، و117 ألفا و524 مصابا منذ 7 أكتوبر 2023، بينما بلغت حصيلة الشهداء والمصابين منذ 18 مارس الماضي 2111 قتيلا و5 آلاف و483 مصابا”.