نظم النادي الثقافي بالتعاون مع اللجنة العمانية لحقوق الإنسان جلسة حوارية بعنوان «الحقوق الثقافية في العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية»، بحضور عدد من المهتمين.

وناقش الدكتور راشد البلوشي رئيس اللجنة العمانية لحقوق الإنسان المعنى اللغوي لكلمة حرية، مشيرا إلى أن المتبحرين في اللغة يجدون أن الحرية معطوفة على الحق، لذلك نجد حرية الرأي، وحرية التظاهر وحرية التعبير.

وهم يختلفون في المعنى والمضمون ويختلفون في أن الحق مركز قانوني يحميه القانون، إلا أن الحرية مركز إنساني لا يقدر بمال. والحق يرد على شيء محدد بينما الحرية تأتي على شيء عام لا يمكن تحديده، والحق يقابله الواجب، والحرية يقابلها الإكراه والجبر، وهم مختلفون في المعنى والمفهوم القانوني لكل منهما.

ويضيف البلوشي بأن لحقوق الإنسان خصائص تعكس المفهوم والمعنى الخاص بحقوق الإنسان، فالإنسان يولد وهو حر، مستشهدا بمقولة عمر بن الخطاب: «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا»، وأرسى في عهده الكثير من القواعد المتعلقة بحقوق الإنسان، بل إن قواعد القانون الدولي الإنساني وضعت في عهد عمر بن الخطاب، ونجدها جلية في رسالة عمر لأبي موسى الأشعري وهو ذاهب لفتح بلاد الشام، تلك الوصية تدرس إلى اليوم في معاهد العالم الخاصة بالقانون الدولي للإنسان، وهي «عدم الاعتداء على الكبير وعدم قطع الأشجار، وعدم الاعتداء على من يجدونه معتكفا في صومعة»، كل هذه الأفكار التي يتغنى بها العالم الحديث، وينسبها لنفسه، هي في الواقع وجدت قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام وتحدثت عنها الشريعة الإسلامية.

مبينا أن حقوق الإنسان عالمية، فهي لا تخص فئة من البشر لذلك نجدها نفسها في الصين وفي أمريكا، وأستراليا والهند وفي المنطقة العربية، وهي مكفولة للجميع، وأينما كان الإنسان وجدت، فالإنسان العالمي أينما وجد يتمتع بها سواء كان في بلده أو في أي بلد آخر، وهي غير قابلة للتصرف.

معلّلا بقوله: لا يوجد من يبيع روحه، فهي متأصلة وغير قابلة للتصرف وللتجزئة، ويجب أن يحصل الفرد على كل الحقوق الاجتماعية والمدنية والاقتصادية والسياسية، وهي مترابطة، وعلى سبيل المثال فإن الحق في التعبير هو أحد الحقوق الثقافية، وهو مرتبط بالحق في الخصوصية، ولا يمكن باسم حق التعبير أن أعتدي على حرمات الناس بحجة أنني أمارس حرية التعبير.

وانتقل بعدها للحديث عن أنواع حقوق الإنسان، التي تقسم بنوعية الحق ذاته، أو بنوعية الناس الذين يخدمهم هذا الحق، أو بحسب التطور التاريخي، وأول حقوق ظهرت هي الحقوق المدنية والسياسية، بعد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وأطرها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في عام 1969. والحقوق المدنية والسياسية جاءت قبل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بالرغم من صدورهم في نفس السنة، لأن الجيل الأول وهو الحقوق السياسية والمدنية، ويطلق عليها بالحقوق السلبية، كالحق في الحياة، بخلاف الحقوق الإيجابية التي تحتاج إلى أن تبادر الدولة لتوفيرها كبناء مستشفى وحدائق وجامعات وغيرها.

موضحا: نحن هنا نتحدث عن الجيل الثاني من الحقوق وأبرزها الحق في التعليم والحق في المشاركة والتعبير وغيره، والنوع الثالث هو الحقوق البيئية والحق في التنمية وهو الجيل الثالث والرابع. وهناك حقوق تبنى على الفئات، الحقوق الجماعية، كالحق في التعليم، وهناك مجتمعات فيها أقليات، تعنى ببعض الحقوق، وهناك حقوق في تقرير المصير وهو أحد الحقوق السياسية الخاص بالجماعات التي تكون في منطقة معينة. أما الحقوق الثقافية فلها سمات معينة ذات طابع روحاني وفكري وعاطفي، وسميت بالحقوق الثقافية لأنها تتعامل مع العقل والفكر والروح. وهي تمثل عاملا أو جزءا من التناغم بين الحقوق بعضها ببعض، وتجدها مرتبطة بالحق في التعليم، والحق في حرية الرأي، والوجدان، والدين. ودائما ما نجد أن الحقوق الثقافية مرتبطة ارتباطا وثيقا جدا، ولها خمس سمات وهي: تكون متاحة لجميع مكونات وأفراد المجتمع بالتوافر، وعدم التمييز لتمتع الجميع بالحقوق، وإمكانية الوصول بالانتشار، وأن تكون مقبولة في الناس المخاطبين فيها، وتخاطب جميع التنوع والمتغيرات الموجودة في المجتمع والثقافات، وأن تكون قابلة للتكيف بأن تتناغم مع الأفراد فيما بينهم، وأن تكون ملائمة بأن تمثل القيم الثقافية المرتبطة بالمجتمع والتعليم.

وأوضح البلوشي عن وقائع الحقوق الثقافية في سلطنة عمان بأنها غالبا ما يكون مرجعنا من ينظم هذه الحقوق وعلى سنامها النظام الأساسي للدولة الذي اهتم بموضوع الحقوق الثقافية، وأفرد لها فصلا سماه «المبادئ الثقافية» وتحدث عنها بشكل مفصل، ونجد المادة 16 من النظام الأساسي تحدثت عن المبادئ الثقافية بشكل موسع، ونصت بكل وضوح أن التعليم حق للجميع وإلزامي، وأن مكافحة الأمية واجب، واستقلال الجامعات، وحرية البحث العلمي وحرية الإبداع الفكري وحماية المبدعين وحماية التراث الوطني المادي وغير المادي، كما تحدث النظام الأساسي في المواد 34، و35، و37، و38، و39، 40، عن الحقوق الثقافية، وتأتي على رأسها الحرية الدينية، وحرية الرأي والتعبير، وحرية الصحافة، والملكية الفكرية، وحق تكوين التجمعات.

مؤكدا أن «رؤية عمان 2040 « أوردت محورا مهما جدا وهو محور «الإنسان والمجتمع» الذي ركز على الحقوق الثقافية كالتعليم والمواطنة، لذلك اهتمت «رؤية عمان» بهذه الحقوق ووضعت لها أهدافا، ومن أهم أهدافها: مجتمع معتز بهُويته ومواطنته وثقافته، ومجتمع متمكن من تقييم المعرفة، واستثمار مستدام للتراث والثقافة، وإعلام مهني معزز للوعي المجتمعي. كما أن لجنة حقوق الإنسان، وضعت على عاتقها الاهتمام بموضوع المواطنة والهُوية الوطنية إلى جانب باقي الجهات.

من جانبه تناول عبد العزيز السعدي مدير دائرة الشؤون القانونية باللجنة العمانية لحقوق الإنسان تعريف القانون الدولي لحقوق الإنسان، ومضموناته، ومما يتكون، والقوة القانونية للاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان في سلطنة عمان، هل لها قوة قانونية، ومتى تكون لها قوة قانونية؟ والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، كما تحدث عن اللجنة العمانية لحقوق الإنسان وتشكيلها واختصاصاتها وما تقوم به من أعمال مرتبطة بالحقوق الثقافية، وآليات التواصل مع اللجنة لتقديم الشكاوى أو الموضوعات المتعلقة بحقوق الإنسان.

وبين السعدي أن الإسلام بشريعته جاء مناسبا لكل إنسان، وأرسى مبادئ أساسية لحقوق الإنسان أتت لكل زمان ومكان. مضيفا أن فقهاء القانون بينوا أن حقوق الإنسان عبارة عن ضمانات قانونية تعنى بتمكين هذا الإنسان بأن يمارس حياته بشكل أساسي من خلال التمتع بالحقوق والحريات.

وهناك عدة مواثيق معنية بحقوق الإنسان تسمى بالشرعة الدولية لحقوق الإنسان، كالاتفاقيات التي انضمت إليها سلطنة عمان، ونجد أن المساواة هي الأساس في كل التشريعات الدولية. والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والثقافية، وحقوق المرأة، وأيدت سلطنة عمان وانضمت إلى معظم المعاهدات التي تنظم كل فئة من الفئات. كما أن هناك تشريعات وطنية صدرت من سلطنة عمان ترجمة لتلك الاتفاقيات، وهناك تشريعات كانت موجودة قبل الانضمام إلى تلك الاتفاقيات الدولية، مثل قانون العمل وقانون الطفل، وقانون الأحوال الشخصية، وقانون المعاملات المدنية، وهي مرتبطة بحقوق الإنسان خاصة وأن خصائص حقوق الإنسان مرتبطة وغير قابلة للتجزئة. موضحا أن جميع الجهات تتعاون مع اللجنة العمانية لحقوق الإنسان في سبيل تنفيذ اختصاصاتها وأعمالها. وهناك خبير مستقل معني بالشؤون الثقافية مقيد في الأمم المتحدة، يتلخص دوره في تقديم التقارير المعنية في جانب اختصاصه وولايته إلى مجلس حقوق الإنسان أو إلى اللجان المنبثقة من الاتفاقيات الدولية.

وأشار السعدي إلى أن عضويات اللجنة العمانية لحقوق الإنسان تخدم من حيث بناء القدرات الداخلية وتعزيز الكفاءات والتعاون والترابط مع تلك المنظمات، منوها أن سلطنة عمان تهتم بشكل مستمر في هذا الجانب، وقد انضمت إلى الميثاق العربي لحقوق الإنسان في عام 2023، الذي يعد اتفاقية إقليمية تدعم حقوق الإنسان.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: اللجنة العمانیة لحقوق الإنسان الحقوق الثقافیة بحقوق الإنسان سلطنة عمان الحق فی

إقرأ أيضاً:

تقديم شكوى ضد جنديين فرنسيين إسرائيليين في باريس

أعلنت منظمات غير حكومية، منها الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان ورابطة حقوق الإنسان، أنها قدمت شكوى في باريس، اليوم الثلاثاء، ضد جنديين فرنسيين إسرائيليين بتهمة ارتكاب "إعدامات ميدانية" بحق مدنيين في قطاع غزة.

وقال المحامي ونائب رئيس الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان أليكسيس ديسواف لوكالة الصحافة الفرنسية إن الشكوى "تستند إلى تقرير استقصائي أعده الصحفي الفلسطيني المستقل يونس الطيراوي، الذي أجرى تحقيقات عن وحدة النخبة في الجيش الإسرائيلي المعروفة بـ(وحدة الشبح)".

وأضاف أن الطيراوي "تمكّن من إجراء مقابلة مع الرقيب الأميركي الإسرائيلي في وحدة القناصة هذه، والذي شرح أمام الكاميرا كيف يطلقون النار على مدنيين عُزّل في قطاع غزة بالقرب من مشفيين. إنه التعريف التام لجريمة الحرب".

بالإضافة إلى المقابلة مع الرقيب دانيال راب الذي علّق على مقطع فيديو صوّره ونشره جندي آخر على يوتيوب، يتضمن تقرير الطيراوي الذي نُشر على منصة إكس في الرابع من أكتوبر/تشرين الأول 2024، مقاطع فيديو من أرض المعركة ومشاهد صورها فلسطينيون.

وأشارت المنظمات، في بيانها، أن "أدلة جوهرية جمعتها المنظمات المقدمة للشكوى أكدت صحة الوقائع الواردة".

تحقيق العدالة

وقدمت الشكوى الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان والمنظمات المنضوية في إطارها: الحق ومركز الميزان والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، والرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان، وجمعية التضامن الفرنسية الفلسطينية، بهدف فتح تحقيق في باريس.

ووقعت الحوادث المذكورة بين نوفمبر/تشرين الثاني 2023 ومارس/آذار 2024، بالقرب من مستشفيي ناصر والقدس في خان يونس بجنوب قطاع غزة.

وتشير الشكوى التي اطلعت عليها وكالة الصحافة الفرنسية إلى أنه "في المناطق التي تعمل فيها الوحدة، يبدو أن الإستراتيجية المتبعة هي إطلاق النار على أي شخص في سن التجنيد، حتى في غياب تهديد واضح.. كل رصاصة يطلقها القناصة لا تهدف إلى الإصابة، بل إلى القتل".

إعلان

وحسب الشكوى، فإن "هذه الجرائم لا تشكّل جرائم حرب فحسب، بل إبادة جماعية وجرائم أخرى ضد الإنسانية أيضا".

وقال إيمانويل داود، محامي رابطة حقوق الإنسان وجمعية التضامن الفرنسية الفلسطينية "لا يُمكن إرساء السلام في هذه المنطقة إلا بتحقيق العدالة، وهو ما يتطلب مكافحة الإفلات من العقاب"، مضيفا "هذا لا يتعلق بالجنود فحسب، بل يشمل أيضا هرم القيادة".

مقالات مشابهة

  • القومي لحقوق الإنسان يوصي بتقليص الحبس الاحتياطي وتمكين الصحافة والإعلام
  • باحث سياسي: العلاقات المصرية العمانية راسخة تاريخيا ولم تتأثر بالتجاذبات الإقليمية
  • تقديم شكوى ضد جنديين فرنسيين إسرائيليين في باريس
  • عضو بالشيوخ: العلاقات المصرية العمانية نموذج في التوازن وعدم الانحياز للتجاذبات الإقليمية
  • الأمين العام للجنة الوطنية لحقوق الإنسان يدعو لتبني مخرجات إعلان الدوحة حول التغيرات المناخية وحقوق الإنسان
  • القِيَم المجتمعية العمانية .. ركيزة في التنمية المستدامة بالمحافظات
  • طرابلس.. حوار موسّع لتعزيز احترام الحقوق والحريات داخل المؤسسات الأمنية
  • «الوطنية لحقوق الإنسان» تعزز وعي موظفي مراكز «تدبير»
  • الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: إسرائيل تقتل عائلات فلسطينية بأكملها
  • متعاقدو التعليم يعتصمون: لا مساواة في الحقوق ولا تعديل يرعانا