دراسة النظم الانتخابية أثرت بالدفع نحو الإصلاح الانتخابى مع بداية التسعينيات من القرن العشرين، مع اقتراحات لاستبدال التصويت التعددى فى الانتخابات الحكومية بطريقة أخرى.
تبنت نيوزيلندا التمثيل النسبى المختلط عام 1993 أثناء الانتخابات العامة والصوت الفردى القابل للنقل فى بعض الانتخابات المحلية عام 2004 بعدما كان التصويت التعددى هو العامل المسيطر خلال الانتخابات الرئاسية عام 2000 فى الولايات المتحدة، معظم البلديات بدأت باستخدام جولة الإعادة المباشرة على الرغم من ن بعض البلديات عاد إلى طريقتها السابقة.
على كل حال، محاولات ادخال نظم أكثر نسبية لم تكن ناجحة دائمًا، فى كندا كان هناك استفتاءات فى كولومبيا البريطانية عام 2005 و2009 لاعتماد الصوت الفردى القابل للنقل إلا أن كليهما فشل. وفى المملكة المتحدة تم رفض مقترح استخدام نظام جولة الإعادة المباشرة بموجب استفتاء 2011.
فى دول أخرى كانت هناك مطالبات لاستعادة الأنظمة التعددية أو الأغلبية أو تأسيسها فى الدول التى لم تستخدمها من قبل، فمن خلال استفتاء تم عام 1994 فى الأكوادور تم اقتراح نظام جولتين انتخابتين ولكن تم رفض المقترح.. وفى رومانيا عام 2007 عرض مقترح لاستخدام نظام الجولتين فى الانتخابات البرلمانية ولكنه فشل بسبب المشاركة الضعيفة فى الاستفتاء. كما جرت محاولات فى كل من بولندا وبلغاريا لإعادة الدوائر الانتخابية ذات المقعد الواحد إلا أن كلا الاستفتاءين فشل بسبب المشاركة الضعيفة.
يمكن مقارنة الأنظمة الانتخابية من خلال أدوات مختلفة تتأثر المواقف تجاه الأنظمة بدرجة كبيرة على نتائج هذه الأنظمة على المجموعات التى يدعمها أو يعارضها صاحب الموقف، مما يجعل المقارنة الموضوعية للأنظمة الانتخابية صعبًا، هناك العديد من الطرق لتلافى هذه المشكلة. إحدى هذه الطرق هى وضع معايير رياضية بحيث تكون أن كل نظام انتخابى إما ينجح أو يفشل فى تحقيقها، هذه الطريقة تؤدى إلى نتائج شديدة الموضوعية إلا أن إمكانية تطبيقها بشكل وافٍ لا تزال محل جدل.
كما يمكن وضع معيار مثالى لا يستطيع أى نظام انتخابى تحقيقه تمامًا يلى ذلك اختبار الأنظمة الانتخابية على عينة كبيرة من محاكاة الانتخابات لتحديد أن نظام انتخابى يكون الأقرب إلى هذا المعيار بأفضل نسبة من التكرارات يمكن الحصول على نتائج عملية من هذه الطريقة ولكن طريقة إعداد عينات محاكاة الانتخابات قابلة للجدل من ناحية إمكانية إخضاعها للانحياز. من ضمن أدوات التقييم، يمكن صياغة مجموعة معايير دقيقة، وإسناد مهمة تقييم النظام الانتخابى الأمثل وفق المعايير إلى جهة حيادية. إن هذه الطريقة تغطى نقاط الضعف فى الطرق السابقة إلا أن تحدد المعايير وتقييم الأنظمة غير موضوعية على الإطلاق.
فى النهاية، أثبتت نظريات آرو وجيبار دساتير ثويت أنه لا يوجد أى نظام انتخابى سواء كن تراتبيًا أو تقليديًا يمكن أن يحقق جميع الشروط معًا. بدلًا من النقاش حول أهمية المعايير المختلفة، يمكن استخدام طريقة أخرى من خلال إجراء عمليات محاكاة لانتخابات ودراسة النتائج للأنظمة الانتخابية المختلفة وتقييم مدى رضا المجتمع عن هذه النتائج، ومدى عرضها للتصويت الاستراتيجى واحتمالية انتخاب مرشحين أقرب إلى الناخبين.
ويبقى أن النظام الانتخابى هو مجموعة من القواعد التى تحدد كيفية تنفيذ وتحديد نتائج الانتخابات والاستفتاءات. وهو رمانة ميزان العملية الانتخابية والنجاح فى اختيار النظام المناسب هو نجاح للانتخابات ونجاح للتمثيل الديمقراطى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حكاية وطن محمود غلاب النظام الانتخابى النظم الانتخابية بعض الانتخابات الولايات إلا أن
إقرأ أيضاً:
"الجارديان": تهديدات ترامب تقوض إصلاح النظام الضريبى الدولى.. تشكيل جبهة موحدة داخل الأمم المتحدة لصياغة نظام ضريبى عالمى أكثر عدالة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
سلّطت صحيفة "الجارديان" البريطانية الضوء على خطاب الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب فى المكتب البيضاوى يوم الجمعة الماضي، والذى كشف عن نزوعه إلى مضايقة والتنمر على كل من يجرؤ على معارضته، حتى لو كانوا من حلفائه المفترضين، مثل أوكرانيا التى تخوض معركة من أجل بقائها.
وأشارت الصحيفة إلى أن الدول الساعية إلى إصلاح النظام الضريبى العالمى تحت مظلة الأمم المتحدة ستتابع كيف تفرض الولايات المتحدة إرادتها على الآخرين علانية. فتهديد ترامب فى أول أيامه بمعاقبة الدول التى تفرض ضرائب على الشركات الأمريكية يشكل هجوماً مباشراً على أسس التعاون المالى الدولي. وإذا كان نظام التعددية الضريبية العالمى يواجه تحديات بالفعل، فإن عودة ترامب قد تعنى القضاء عليه نهائيًا.
وفى هذا السياق، تجرى مناقشات حول اتفاقية ضريبية جديدة للأمم المتحدة تهدف إلى السماح للدول بفرض ضرائب على النشاط الاقتصادى فى مكان حدوثه الفعلي، بدلًا من السماح للشركات متعددة الجنسيات بتحويل أرباحها إلى ملاذات ضريبية. ووفقًا لتقرير صادر عن "شبكة العدالة الضريبية" العام الماضي، تخسر الدول سنويًا نحو ٤٩٢ مليار دولار بسبب التهرب الضريبى من قبل الشركات، حيث يتحمل الجنوب العالمى أكبر الخسائر، ما يؤثر على الخدمات العامة الأساسية كالصحة والتعليم.
وأكدت الصحيفة أن إقرار الاتفاقية الجديدة سيؤدى إلى وضع إطار قانونى ملزم يجبر الشركات متعددة الجنسيات على دفع الضرائب فى الدول التى توظف فيها عمالتها وتزاول أعمالًا حقيقية، بدلًا من تحويل أرباحها إلى دول ذات معدلات ضرائب منخفضة. وسيُستبدل بذلك مبدأ "طول الذراع" التقليدى بنظام ضرائب موحد يضمن التوزيع العادل للأرباح، ما سيضع حدًا لاستغلال شركات مثل أمازون وجوجل وآبل للثغرات الضريبية عبر تحويل المليارات إلى دول توفر معدلات ضرائب متدنية، بينما تحقق أرباحها الفعلية من أسواق ذات ضرائب مرتفعة.
قبل انتخاب ترامب، كانت الدول الثمانى المعارضة لاتفاقية الأمم المتحدة الضريبية - وهى أستراليا وكندا وإسرائيل واليابان ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية والمملكة المتحدة والولايات المتحدة - مسئولة عن نصف الخسائر الضريبية العالمية. إلا أن أنماط المعارضة تختلف، فهناك معارضة بناءة وأخرى هدامة. فعندما بدأت مفاوضات اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للتعاون الضريبى الدولى الشهر الماضي، التزم جميع المشاركين بالمبادئ التوجيهية باستثناء ممثل ترامب، الذى انسحب متحديًا داعيًا الآخرين إلى السير على خطاه، لكن لم يستجب أحد، تاركًا واشنطن فى عزلة. وهكذا تحوّل شعار ترامب من "أمريكا أولًا" إلى "أمريكا وحدها".
ورغم العزلة، تظل الولايات المتحدة تتمتع بنفوذ هائل. وكما يشير تقرير شبكة العدالة الضريبية حول تداعيات سياسات ترامب الضريبية، فإن المحادثات بين أكثر من ١٢٠ دولة بشأن فرض ضرائب على الخدمات الرقمية عبر الحدود -بقيادة منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية (OECD) التى تخضع لنفوذ واشنطن - تتجه نحو مواجهة حتمية. وقد استخدم ترامب تهديداته بفرض رسوم جمركية ضد كندا والاتحاد الأوروبى كطلقات تحذيرية، مستهدفًا الدول التى تجرؤ على زيادة الضرائب على الشركات متعددة الجنسيات، وخصوصًا الأمريكية. وأوضحت "الجارديان" أن هذه المعركة لا تتعلق فقط بالضرائب، بل تمتد إلى السيادة الوطنية، حيث تحاول إدارة ترامب فرض نظام يحمى أرباح الشركات من الضرائب العادلة، إلا أن العالم بدأ فى المقاومة.
لطالما مارست الولايات المتحدة حق النقض غير الرسمى على القوانين الضريبية العالمية، مستخدمة نفوذها لتوجيه -ثم عرقلة- أى مقترحات تقودها منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية. غير أن هذا النهج أصبح غير مستدام. إذ تُظهر التحالفات المتزايدة الداعمة لاتفاقية الأمم المتحدة الضريبية أن العديد من الحكومات باتت تفضل رسم مسارها الخاص بعيدًا عن إملاءات واشنطن. وتضع عودة ترامب العالم أمام خيار واضح: إما الإبقاء على نظام مختل يُسهّل التهرب الضريبي، أو المضى قدمًا نحو إصلاح ضريبى عالمى من دون الولايات المتحدة.
واختتمت "الجارديان" تقريرها بالتأكيد على أن تشكيل جبهة موحدة داخل الأمم المتحدة يعد أمرًا ضروريًا لصياغة نظام ضريبى عالمى أكثر عدالة، بعيدًا عن نفوذ واشنطن. فكما نجحت اتفاقية حظر الذخائر العنقودية دون مشاركة الولايات المتحدة، يمكن للنظام الضريبى العالمى أن يتغير أيضًا دون الحاجة إلى موافقة واشنطن، بل يحتاج فقط إلى إرادة دولية للمضى قدمًا بشكل جماعي.