يلجأ بعض التجار إلى ممارسات غير أخلاقية، مثل الاحتكار وتضليل البائعين في أسعار السلع واستغلال الأحوال الاقتصادية الصعبة لتحقيق أرباح فاحشة على حساب معاناة الناس.

حكم احتكار السلع

وأجابت دار الإفتاء المصرية على سؤال حول حكم الاحتكار وتضليل البائعين في أسعار السلع واستغلال الأحوال الاقتصادية، مؤكدة أن ذلك محرم شرعًا، وأن من يقدم على ذلك يتعرض للإثم والعقاب.

وحذرت دار الإفتاء من ممارسات احتكار السلع وتضليل البائعين في الأسعار واستغلال الأزمات الاقتصادية، مؤكدة أن ذلك محرم شرعًا لما فيه من ظلم للناس وإضرار بهم، موضحة أن الأصل في البيع حله وإباحته، لكن الشارع نهى عن بعض الممارسات التي قد تضر بمصالح المتبايعين، ومن تلك الممارسات الاحتكار.

شروط تحريم الاحتكار

ووصفت الاحتكار بأنه حبس كل ما يضر العامة حبسًا عن طريق شراء السلع وحبسها، فتقل بين الناس، فيرفع البائع من سعرها استغلالًا لندرتها، ويصيب الناس بسبب ذلك الضرر، مؤكدة أن جمهور الفقهاء حملوا أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم عن الاحتكار وغيرها على الحرمة، وأن هذا التحريم لا يثبت إلا بشروط، منها الشراء وقت الغلاء، والمراد بالشراء شراء السلعة الموجودة في البلد، والحبس مع تربص الغلاء، وإحداث ضرر بالناس جراء الحبس.

حكم احتكار السلع غير الغذائية

وأوضحت دار الإفتاء أن حكم الاحتكار في غير طعام الناس يشمل سائر ما يحتاج إليه الناس في معايشهم من غير قصر له على القوت، لأن علة التحريم هنا هي الإضرار بالناس وهي متحققة في كل ما يحتاجون إليه ولا تقوم معيشتهم إلا به، مشيرة إلى أن بعض التجار قد يلجأون إلى حيلة التبرع بجزء من أرباحهم الزائدة من احتكار السلع، معتقدين أن ذلك يبرر ممارساتهم المحرمة، إلا أن هذا التبرع لا يصحح الخطأ، ولا يرفع الحرمة عن ممارسة الاحتكار، لأن البيع في هذه الحالة اقترن بما فيه حرمة من الظلم والكذب والكتمان.

وبينت أن الإسلام أباح لنا الكسب المشروع الذي يكون مبنيًا على الرضا وطيب النفس لا على الغش والخيانة، وحرم علينا اتخاذ الأسباب المحرَّمة في المكاسب، وأمر بالسعي في طلب الرزق الحلال والبعد عن الكسب الحرام.

حكم التعامل مع التجار المحتكرين

وحذرت دار الإفتاء من التعامل مع التجار المحتكرين للسلع، مؤكدة أن من يقدم على شراء مثل هذه السلع ممن هو مستغل لحاجة الناس، مع عدم وجود ضرورة لذلك، أو مع وجود طريقة أخرى للشراء أو لا توجد سلعة أخرى تقوم مقامها، فهو بهذا الفعل أيضًا يكون مخالفًا لأوامر الله تعالى مرتكبًا محظورًا وإثمًا.

وأكدت على أن الإسلام دين يسر وسماحة، لا يجيز الظلم ولا الإضرار بالناس، وأن على المسلمين الالتزام بأوامره ونواهيه، والسعي في طلب الرزق الحلال، والابتعاد عن كل ما حرمه الله تعالى.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: دار الإفتاء الاحتكار أسعار السلع الأحوال الإقتصادية احتکار السلع دار الإفتاء

إقرأ أيضاً:

حكم عمل ختمة قرآن ووهب ثوابها للميت.. الإفتاء توضح

أجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال يقول صاحبه "بعض الناس عندما يتوفى لهم أحد من الأسرة، يقومون بدعوة الناس لقراءة القرآن الكريم في منزله، ويختمون قراءته كله، ثم يدعون ويهبون ثواب هذه القراءة للمتوفى، ويشفعون له بالمغفرة من الله تعالى، ولكن بعض الناس يعترضون على هذا العمل ويقولون إنه بدعة وحرام؛ علمًا بأن هذا العمل يزداد وينتشر يومًا بعد يوم، فما رأي الدين في هذا؟".

وقالت دار الإفتاء، إن اجتماع المسلمين لعمل ختمة من القرآن الكريم أو قراءة ما تيسر من السور والآيات وهبة أجرها لمن توفي منهم، هو من الأمور المشروعة والعادات المستحسنة وأعمال البر التي توافق الأدلة الصحيحة والنصوص الصريحة. 

صيام الست من شوال وإهداء ثوابه إلى الميت.. دار الإفتاء توضح الحكمحكم من فاتته صلاة الجمعة بسبب النوم.. الإفتاء توضحهل الزواج في شهر شوال مكروه؟.. دار الإفتاء تحسم الجدلحكم تداول رسائل توديع شهر رمضان المبارك .. دار الإفتاء ترد

وأكدت دار الإفتاء، في فتواها المنشورة على موقعها الإلكتروني، إلى أن بعض السلف الصالح أطبق على فعلها، وجرى عليها عمل المسلمين عبر القرون مِن غير نكير، مشيرة إلى أن مَن ادَّعى أن ذلك بدعةٌ فهو إلى البدعة أقرب.

حكم الاستماع إلى القرآن

وأما عن قراءة القرآن الكريم أو الاستماع لتلاوته، فقالت دار الإفتاء، إن كليهما عبادة من أفضل العبادات، والسنة النبوية عامرة بالنصوص المؤكِّدة لفضلهما وثوابهما: ففي خصوص قراءته جاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ» رواه الترمذي.

وأوضحت أنه بخصوص الاستماع إليه جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنِ اسْتَمَعَ إِلَى آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ كُتِبَ لَهُ حَسَنَةٌ مُضَاعَفَةٌ، وَمَنْ تَلَاهَا كانت لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه الإمام أحمد.

وتابعت "حث الله تعالى عباده المؤمنين على الاستماع إلى القرآن الكريم والإنصات له، فقال سبحانه: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأعراف: 204]، فالله عز وجل أرشد المؤمنين به المصدقين بكتابه إلى أن يصغوا وينصتوا إلى القرآن إذا قرئ عليهم؛ ليتفهموه ويعقلوه ويعتبروا بمواعظه؛ إذ يكون ذلك سبيلًا لرحمة الله تعالى بهم.

وقال الإمام الطبري في تفسيره "جامع البيان" (10/ 658، ط. دار هجر): [يقول تعالى ذكره للمؤمنين به المصدقين بكتابه الذين القرآن لهم هدى ورحمة: ﴿وَإِذَا قُرِئَ﴾ عليكم أيها المؤمنون، ﴿الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا﴾، يقول: أصغوا له سمعكم لتتفهموا آياته، وتعتبروا بمواعظه، وأنصتوا إليه لتعقلوه وتتدبروه، ولا تلغوا فيه فلا تعقلوه، ﴿لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ يقول: ليرحمكم ربكم باتعاظكم بمواعظه، واعتباركم بعبره، واستعمالكم ما بينه لكم ربكم من فرائضه في آيه] اهـ.

وقال الإمام الليث: [يُقال: ما الرحمة إلى أحدٍ بأسرع منها إلى مستمع القرآن؛ لقول الله جل ذكره: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾، و"لعل" من الله واجبةٌ] اهـ. يُنظر: "الجامع لأحكام القرآن" للإمام القرطبي (9/1، ط. دار الكتب المصرية).

استماع النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ لتلاوة القرآن من غيره

كان النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ يحب أن يستمع لتلاوة القرآن من غيره، وهذا مما يؤكِّد سنية الاستماع والإصغاء لتلاوة القرآن الكريم واستحبابه؛ فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قالَ: قال لي النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ: «اقْرَأْ عَلَيَّ، قُلتُ: آقْرَأُ عَلَيْكَ وعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قالَ: فإنِّي أُحِبُّ أنْ أسْمَعَهُ مِن غَيرِي، فَقَرَأْتُ عليه سُورَةَ النِّسَاءِ، حتَّى بَلَغْتُ: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾، قالَ: أمْسِكْ، فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ» أخرجه الشيخان، واللفظ للبخاري.

قال الإمام ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (10/ 277، ط. مكتبة الرشد): [«إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي» معنى استماعه القرآن من غيره -والله أعلم- ليكون عرض القرآن سنة، ويحتمل أن يكون كي يتدبره ويفهمه، وذلك أن المستمع أقوى على التدبر، ونفسُه أخلى وأنشط من نفس القارئ؛ لأنه في شغل بالقراءة وأحكامها] اهـ.

وقال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (6/ 88، ط. دار إحياء التراث العربي): [وفي حديث ابن مسعود هذا فوائد، منها: استحباب استماع القراءة والإصغاء لها، والبكاء عندها، وتدبرها، واستحباب طلب القراءة من غيره ليستمع له، وهو أبلغ في التفهم والتدبر من قراءته بنفسه، وفيه تواضع أهل العلم والفضل ولو مع أتباعهم] اهـ.

مقالات مشابهة

  • هل التوسل بالنبي في الدعاء حرام شرعا؟.. الإفتاء توضح
  • هل تصح صلاة المرأة بجوار زوجها بسبب ضيق المكان؟.. الإفتاء توضح
  • حكم جمع نية صيام الإثنين والخميس مع الست من شوال.. الإفتاء توضح
  • حكم إطلاق أسماء الأشخاص على المساجد.. الإفتاء توضح
  • هل يجب قضاء الصلوات الفائتة بالترتيب؟.. الإفتاء توضح آراء المذاهب الأربعة
  • هل يجوز قتل الكلاب والقطط الضالة المؤذية؟.. الإفتاء توضح الحكم الشرعي
  • حكم دفع رشوة للحصول على وظيفة.. الإفتاء توضح
  • حكم عمل ختمة قرآن ووهب ثوابها للميت.. الإفتاء توضح
  • حكم من فاتته صلاة الجمعة بسبب النوم.. الإفتاء توضح
  • حكم صيام يوم الجمعة منفردا.. دار الإفتاء توضح