كيفية بر الزوجة بعد موتها.. هكذا كان يفعل النبي
تاريخ النشر: 23rd, April 2024 GMT
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال عن كيفية بر الزوجة بعد موتها، حيث يقول السائل: هل يشرع للزوج التصدق عن زوجته أو بِرُّها بعد وفاتها بأيِّ عملٍ من أعمال الخير؟
ما مظاهر بر الزوجة بعد وفاتها في الإسلام؟ الإفتاء توضح دعاء ليلة الزفاف وما ينبغي أن تفعله الزوجة ليلة البناء.. كلمتان من السُنة كيفية بر الزوجة بعد موتهاوقالت دار الإفتاء إنه يُشرع للزوج بِرُّ زوجته بعد وفاتها بأنواع البر المختلفة، والتي منها أن يبرَّها بالثناء والذكر الحسن، وبالدعاء والاستغفار لها، وبالتصدق عنها، أو بأيِّ عمل آخر من أعمال الخير التي يصل ثوابها للمتوفى.
أما عن التصدق عنها بخصوصه، فمع كونه مشروعًا باعتباره أحد أنواع البر الذي يسن فعله -كما قررنا-، إلا أنه من جملة الأعمال التي لا يقطعها عن الإنسان قاطع حتى الموت، بل تكون متصلة به من حيث انتفاعُه بها بعد موته؛ لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» رواه مسلم، ووجه الدلالة من الحديث ظاهرة بأن الصدقة على الميت جائزة من أيِّ أحد من جهة، ويصل ثوابها إليه وينتفع بها من جهة أخرى، وقد نُقل الإجماع على ذلك.
وتابعت دار الإفتاء: جعل اللهُ الرباطَ الأوثقَ بين الزوجين هو المودة والرحمة، قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [الروم: 21]، وقد حرص الإسلام على استدامة هذه المودة، حتى لو طرأ على الحياة الزوجية أسوأ ما يمكن أن تتعرض له، وهو انتهاؤها؛ وهو ظاهر قول الله تعالى بعد بيان الحقوق عند الطلاق قبل الدخول: ﴿وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ [البقرة: 237].
وأوضحت أن الفضل والمودة بين الزوجين اللذين عاشا معًا -أوثق وأعمق ممَن تفرقَا قبل الدخول، وأنه أشد عمقًا بين من فرقهما موتُ أحدهما؛ إذ لا يوجد في الغالب ما يُضْعِفُ هذه المودة أو يؤثر على سلامتها، كما في الطلاق، فيكون خطاب الشارع الطالب لاستدامة المودة متوجهًا بالقياس الأولوي للزوجين عند انتهاء الزوجية بموت أحدهما.
وليس في الشرع الشريف ما يمنع من إحسان الزوج لزوجته وبرِّها بعد موتها، بل إن نصوص السُّنَّة النبوية المطهرة، ووقائعها أصَّلَت للبر بالزوجة المتوفاة بصور متعددة، تجعل الناظرَ في هذه النصوص مُدركًا بإيقانٍ معالم الإنسانية في أسمى معانيها.
صور بر الزوج لزوجتهوذكرت أن من صور بِرِّ الزوج بزوجته بعد وفاتها: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يُكثر من ذكر زوجته أم المؤمنين السيدة خديجة رضي الله عنها بعد موتها، وكان يُكْرِمُ أقرباءها؛ إكرامًا لها وبرًّا بها، فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، قالت: «مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ مِنْ كَثْرَةِ ذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ إِيَّاهَا»، قَالَتْ: «وَتَزَوَّجَنِي بَعْدَهَا بثَلَاثِ سِنِينَ، وَأَمَرَهُ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ فِي الجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ» رواه الشيخان، واللفظ للبخاري.
وعنها رضي الله عنها أيضًا أنها قالت: "اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أُخْتُ خَدِيجَةَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، فَعَرَفَ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ، فَارْتَاحَ لِذَلِكَ، فَقَالَ: «اللهُمَّ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ» فَغِرْتُ" متفقٌ عليه، واللفظ لمسلم، فدلَّ على امتداد المودة والوفاء بحقِّ الزوجة بعد موتها.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: بعد وفاتها رضی الله الله ع ى الله
إقرأ أيضاً:
وصايا النبي.. قوة ( قول هو الله أحد) وأثرها في وقت الشدائد
في حديث شريف، يروي الصحابي الجليل عبد الله بن خبيب رضي الله عنه أنه في ليلة من ليالي الشتاء الممطرة والمظلمة، خرج مع رفاقه بحثًا عن رسول الله ﷺ ليصلي بهم. وعندما أدركوه، سألهم النبي ﷺ: "أَصَلَّيْتُمْ؟" لكن عبد الله بن خبيب رضي الله عنه لم يجب، فتكرر السؤال ثلاث مرات، حتى قال له النبي ﷺ: "قُلْ"، وعندما سأل عبد الله بن خبيب عن ما يقوله، أجابه النبي ﷺ قائلاً: "قُلْ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، حِينَ تُمْسِي وَحِينَ تُصْبِحُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ".
هذاقوة ( قول هو الله أحد) وأثرها في حياة المؤمن
الحديث يحمل معاني عظيمة تبرز في توجيه رسول الله ﷺ للمسلمين في الأوقات الصعبة، فقد كان الجو مليئًا بالمطر والظلام، وهو مشهد يعبّر عن التحديات التي قد يواجهها المؤمن في حياته. ورغم هذه الظروف، لم يُطلب منهم سوى قول "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ" ثلاث مرات، وهي السورة التي تبرهن على توحيد الله عز وجل.
دلالات الحديث وأثره:القوة الروحية للتوحيد: في هذا الحديث، يوجه النبي ﷺ الصحابي إلى قوة التوحيد التي تكمن في سورة "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ"، التي تذكر المؤمن بعظمة الله ووحدانيته. هذه السورة هي من أهم سور القرآن الكريم، وقد أكدت العديد من الأحاديث النبوية فضلها وضرورة ترديدها في مختلف الأوقات.
التأكيد على الاستمرارية في الذكر: أمر النبي ﷺ بقراءة السورة ثلاث مرات، وذلك في وقتَي المساء والصباح. وهذا يحمل دلالة على أهمية الحفاظ على الذكر المستمر لله عز وجل في الحياة اليومية، فهو درع من الشرور ويكفي المؤمن من كل شيء.
التوجيه النبوي في الأوقات الصعبة: عندما تكون الظروف مليئة بالتحديات، كما كانت تلك الليلة الممطرة المظلمة، يُعلمنا النبي ﷺ أن تذكر الله هو السبيل إلى الطمأنينة والنجاة. فذكر الله في هذه الأوقات يُشعر المؤمن بالأمان ويمنحه القوة على مواجهة الصعاب.
الفوائد العملية لهذا الحديث:تحصين النفس من الشرور: بترديد "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ" ثلاث مرات في المساء والصباح، يصبح المؤمن محصنًا من كل مكروه، سواء كان من الشيطان أو من الأمور المجهولة التي قد تواجهه.
الاستمرارية في الذكر:الحديث يعزز من أهمية الذكر المستمر لله عز وجل، والذي يكون له تأثيرات روحانية وجسدية إيجابية على حياة المسلم.
الثقة بالله:من خلال توجيه النبي ﷺ لعبد الله بن خبيب، يبرز درس عظيم في الثقة بالله في جميع الأوقات. فالمؤمن، بتوكله على الله، يحصل على حماية من جميع الأمور التي قد تعترض طريقه.
ختامًا، يُعد هذا الحديث دعوة للمؤمنين للحفاظ على تلاوة سورة "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ" في أوقات مختلفة من اليوم، بما يعكس الصلة القوية التي يجب أن تربط المسلم بربه، ودرعًا يحميه من كل سوء.