الطريق إلى «كامب ديفيد»: إسرائيل رفضت الانسحاب الكامل من سيناء بعد «حرب أكتوبر».. و«السادات» قال: «مش هاستنى 25 سنة علشان أرجع أرضي»
تاريخ النشر: 23rd, April 2024 GMT
الرئيس المصرى الراحل: اتفقنا مع مسئولى «تل أبيب» على استبعاد فكرة الاستيلاء على الأرض من أجل الأمن.. ونبحث عن «الأمان» للجميع فى ظل أوضاع عادلة
أكدت الوثائق أن مصر طرقت كل أبواب السلام لمحاولة استرداد أراضيها التى احتُلت فى عام 1967، وأنها طرحت «4 مبادرات سلمية» لاسترداد أراضيها المحتلة، إلا أن الجانب الإسرائيلى عاند، ورفض المبادرات المصرية، مما اضطرها إلى الحرب، لتحريك القضية واسترداد أكبر مساحة ممكنة من الأرض، مع استرداد باقى الأرض عبر المفاوضات.
أولى المبادرات المصرية السلمية لتحقيق السلام، حسب الوثائق، طرحها الرئيس الراحل محمد أنور السادات فى مجلس الأمة يوم 4 فبراير 1971، التى تضمّنت مبادرة للانسحاب الجزئى للقوات الإسرائيلية عبر جدول زمنى، وتطهير المجرى الملاحى لقناة السويس، لإعادة فتحها للملاحة الدولية خدمة للاقتصاد العالمى.
وأوضح «السادات»، حينها، أن الانسحاب الإسرائيلى، هو تطبيق لقرار مجلس الأمن بالانسحاب من جميع الأراضى العربية التى احتُلت بعد يوم 5 يونيو 1967.
وأكدت اللجنة فى تقريرها، أن مصر طلبت رسمياً يوم 5 مايو 1971، انسحاب إسرائيل على مرحلتين، الأولى إلى خط يمتد من العريش إلى رأس محمد، والثانية الانسحاب خارج الحدود الدولية المصرية ومن قطاع غزة.
أما المبادرة المصرية السلمية الثانية لإحلال السلام؛ فكانت فى 15 فبراير 1971، حين أعلنت مصر استعدادها لعقد معاهدة سلام مع إسرائيل، شريطة الالتزام بما ينص عليه قرار مجلس الأمن رقم 242 لعام 1967، والتى جاءت استجابة لما دعا إليه الأمين العام للأمم المتحدة، حين وجّه مذكرة لمندوبى مصر وإسرائيل فى المنظمة الدولية بتاريخ 8 فبراير 1971، والتى طالب فيها إسرائيل بالانسحاب إلى الحدود الدولية، مع تعهد مصر بإبرام اتفاق سلام مع إسرائيل، ولم تتفاعل «تل أبيب» مع تلك المبادرة.
وأمام استمرار عناد إسرائيل، اتخذت القيادة المصرية قرار الحرب، لتُحطم مصر خط بارليف، ويعلن الرئيس السادات -ومعارك الحرب لا تزال دائرة- أننا حاربنا من أجل السلام القائم على العدل، وأننا لم نحارب لكى نعتدى على أرض غيرنا، وإنما حاربنا ونحارب، وسنُواصل الحرب لهدفين، الأول استعادة أراضينا المحتلة بعد عام ١٩٦٧، والثانى هو إيجاد السُّبل لاستعادة واحترام الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى.
وصدر عن مجلس الأمن الدولى قراران لوقف إطلاق النار، وعقد مفاوضات السلام، تضمنا الدعوة إلى عقد مؤتمر جنيف للسلام، والتى شهدت تقدّماً سريعاً نحو إقرار سلام عادل ودائم فى الشرق الأوسط، على أن يرأس المؤتمر أمريكا والاتحاد السوفيتى.
وأكدت اللجنة فى وثائقها أن سياسة «بناء السلام»، التى اتبعتها مصر هى التى أدت إلى فك الاشتباك الأول فى منطقتى سيناء والجولان، ثم فك الاشتباك الثانى فى سيناء، وما ترتب عليهما من إعادة فتح قناة السويس للملاحة الدولية واسترداد مصر بعض حقول البترول فى سيناء، كما أدّت هذه السياسة أيضاً إلى الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطينى داخل الأمم المتحدة وخارجها، وقبول لم يسبق له مثيل لوجهة النظر العربية».
وتعرّضت مفاوضات السلام فى جنيف لمناورات وتسويف وتعويق، نتيجة لإثارة بعض الإجراءات الشكلية، ليبدو فى بعض الأوقات أن عقد المؤتمر «فى حكم المستحيل»، ثم دخلت محادثات إتمامه «متاهات لا نهاية لها»، رغم تحديد الأمم المتحدة شهر مارس 1977، كموعد أقصى لبدء «محادثات جنيف»، وفى 30 أكتوبر 1977، خرج الرئيس السادات، ليُحذر: «إننا لسنا على استعداد، لأن تكرر تجربة مؤتمر نزع السلاح، حينما استمر خمسة وعشرين عاماً، ومصر تريد أن تذهب إلى مؤتمر جنيف للاتفاق الكامل على مضمون الحل بعد إزالة كل العقبات المتعلقة بالإجراءات».
أما المبادرة الرابعة؛ فتحدث عنها الرئيس السادات أمام مجلس الشعب فى يوم 26 نوفمبر 1977، وقال إنه تم الاتفاق مع المسئولين الإسرائيليين على استبعاد فكرة الاستيلاء على الأرض من أجل الأمن والبحث فى توفير الأمن للجميع فى ظل أوضاع عادلة.
ووجّه الرئيس السادات الدعوة إلى عقد مؤتمر القاهرة التحضيرى فى 3 ديسمبر 1977 لكل من سوريا والأردن ولبنان ومنظمة التحرير الفلسطينية، وكذلك إلى الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتى وإسرائيل والسكرتير العام للأمم المتحدة. وأوضحت أن الهدف من هذا الاجتماع غير الرسمى فى القاهرة هو الإعداد لمؤتمر جنيف وضمان نجاحه بغية التوصّل إلى تسوية شاملة لنزاع الشرق الأوسط بإحلال السلام العادل والدائم فى المنطقة، لكن رفضت سوريا والأردن ولبنان ومنظمة التحرير الفلسطينية، والاتحاد السوفيتى حضور المؤتمر.
وواصل «التقرير»: «بدأت اجتماعات القاهرة، ثم تبعتها مباحثات الإسماعيلية بين الرئيس السادات ومناحم بيجين رئيس وزراء إسرائيل، فى ٢٦ ديسمبر سنة ١٩٧٧، وتم الاتفاق على تشكيل لجنتين، لجنة سياسية ولجنة عسكرية، يرأسهما وزراء الخارجية والدفاع، وتعقد اللجنة العسكرية فى القاهرة واللجنة السياسية فى القدس».
واجتمعت اللجنة فى القدس فى 17 يناير 1987، لكن أصدر «السادات» توجيهاته لها بالانسحاب بعد ساعات من بدء الاجتماعات، بعدما أظهرت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلى ووزير خارجيته أن الهدف هو «تمييع الموقف وطرح حلول جزئية لا يمكن أن تؤدى إلى إقرار سلام دائم وعادل وشامل فى منطقة الشرق الأوسط».
وتابعت اللجنة: «يبدو أن إسرائيل لم تكن قد استوعبت بعد مدى ما ترمى إليه مبادرة السلام المصرية؛ فقد ثبت أن المفاوض الإسرائيلى فى مؤتمر القاهرة تم فى مباحثات السلام بالإسماعيلية، ثم فى مباحثات اللجنة السياسية بالقدس، ثم فى مباحثات اللجنة العسكرية بالقاهرة، أنه يحاول استغلال عنصر الوقت، ويتشبث بمبدأ التوسّع مع الإصرار الكامل على الاحتفاظ بالأرض المحتلة».
وواصل التقرير: «توقّفت المباحثات لفترة، إلا أن الجهود الدبلوماسية المكثّفة استمرت فى مختلف الميادين واستطاعت الدبلوماسية المصرية أن تحصل على تأييد واسع لموقف مصر، فى الوقت الذى تعرّضت فيه إسرائيل لكثير من الضغوط حتى من أشد أنصارها داخل جماعات الضغوط المؤثرة فى الولايات المتحدة، التى كانت دائماً الحليف الطبيعى لإسرائيل، ورفضت مصر استئناف المباحثات، وطالبت الولايات المتحدة بالقيام بدور الشريك الكامل فى حل هذا النزاع حتى يمكن بدء الحوار مع إسرائيل».
واجتمع وزراء خارجية مصر وإسرائيل والولايات المتحدة فى ليدز ببريطانيا فى يوليو سنة 1978، وتدخل الرئيس الأمريكى جيمى كارتر شخصياً بدعوة مصر وإسرائيل، بحضور الولايات المتحدة كشريك كامل، للاجتماع فى كامب ديفيد فى 5 سبتمبر سنة ١٩٧٨، ليتم إصدار اتفاق «كامب ديفيد»، وما استتبعه من خطوات للسلام، وصولاً لإصدار معاهدة السلام «المصرية - الإسرائيلية».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: معاهدة السلام إسرائيل سيناء الاحتلال غزة فلسطين مصر السادات الولایات المتحدة الرئیس السادات
إقرأ أيضاً:
ماذا يعني انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ قانونيا وبيئيا؟
في كانون الأول/ ديسمبر 2015، تم اعتماد اتفاقية باريس للمناخ في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي (COP21) كأول اتفاق عالمي ملزم لمكافحة التغير المناخي. تهدف الاتفاقية إلى الحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية بحيث تبقى أقل من 2 درجة مئوية، مع السعي للحد من الارتفاع إلى 1.5 درجة مئوية. ومع ذلك، في 1 حزيران/ يونيو 2017، أعلن الرئيس الأمريكي آنذاك، دونالد ترامب، انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية، مما أثار جدلا واسعا حول التأثيرات القانونية والسياسية والبيئية لهذا القرار. في هذا المقال، سيتم فحص الأبعاد القانونية والبيئية والاقتصادية والاجتماعية لهذا الانسحاب، بالإضافة إلى تأثيره على السياق العالمي.
ما هي أسباب انسحاب ترامب من اتفاقية باريس للمناخ؟
انسحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من اتفاقية باريس للمناخ في تموز/ يونيو 2017 مستندا إلى مجموعة من الأسباب الاقتصادية والسياسية. فقد اعتبر ترامب أن الالتزامات التي تفرضها الاتفاقية ستؤثر سلبا على الاقتصاد الأمريكي، حيث ركز على أن تقليل انبعاثات الكربون يتطلب استثمارات ضخمة في الطاقة المتجددة، مما قد يؤدي إلى فقدان الوظائف في قطاعات الطاقة التقليدية مثل الفحم والنفط. كما عبر عن مخاوفه بشأن زيادة تكاليف الطاقة للمستهلكين والشركات، مما قد يقلل من قدرة الولايات المتحدة التنافسية في السوق العالمية.
كان هناك شعور بأن الاتفاقية لا تدعم الابتكار في تكنولوجيا الطاقة بالمستقبل. هذا المزيج من المخاوف الاقتصادية والمصالح السياسية والرغبة في استعادة السيادة الوطنية كان له أثر كبير في اتخاذ قرار الانسحاب من الاتفاقية
على الصعيد السياسي، كان انسحاب الولايات المتحدة جزءا من حملة ترامب الانتخابية، حيث صرح بأنه يفضل "أمريكا أولا"، مما يعكس اهتمامه بحماية المصالح الأمريكية وتعزيز صناعة الوقود الأحفوري. كما انتقد ترامب الاتفاقية بسبب ما اعتبره غياب العدالة في الالتزامات، حيث كانت الدول النامية مثل الصين والهند غير ملزمة بنفس المعايير الصارمة، مما جعله يشعر بأن هذا الأمر يضع الولايات المتحدة في وضع غير ملائم مقارنة بمنافسيها. علاوة على ذلك، كان هناك شعور بأن الاتفاقية لا تدعم الابتكار في تكنولوجيا الطاقة بالمستقبل. هذا المزيج من المخاوف الاقتصادية والمصالح السياسية والرغبة في استعادة السيادة الوطنية كان له أثر كبير في اتخاذ قرار الانسحاب من الاتفاقية.
الالتزامات القانونية
تعتبر الولايات المتحدة واحدة من الأطراف المؤسِّسة لاتفاقية باريس، حيث ساهمت في وضع الأسس القانونية والسياسات اللازمة لمكافحة التغير المناخي. دخول الاتفاقية حيز التنفيذ كان في 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، مما يعني أن الانسحاب الرسمي لم يكن ممكنا حتى 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 2019. المحور الأساسي في هذا السياق هو المادة 28 من الاتفاقية، التي تسمح للدول الأطراف بالانسحاب بعد ثلاث سنوات من دخول الاتفاقية حيز التشغيل.
تلتزم الدول الأطراف، بما في ذلك الولايات المتحدة، بتقديم تعهدات وطنية (NDCs) لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة. تشير التقارير إلى أن الولايات المتحدة كانت تأمل في خفض انبعاثاتها بنحو 26-28 في المئة بحلول عام 2025 مقارنة بمستويات عام 2005. بعد الانسحاب، ألغت الولايات المتحدة التزامات تخفيض الانبعاثات التي كانت تعتزم تنفيذها، مما أثر على جهود دول أخرى في تحقيق أهدافها المناخية.
الأسباب الموجبة للحفاظ على بيئة نظيفة:
يلعب الحق في بيئة نظيفة وسليمة دورا أساسيا في النقاشات القانونية المتعلقة بالبيئة. وفي عام 1972، تم تبني الإعلان عن مؤتمر استوكهولم حول البيئة البشرية، والذي اعتبر أن لكل إنسان الحق في بيئة صحية ونظيفة. هذا المبدأ تم تأكيده في العديد من الاتفاقيات الدولية كاتفاقية ريو لعام 1992، والتي تضمنت مبدأ المسؤولية المشتركة ولكن المتباينة.
وهناك مجموعة من الاتفاقيات الدولية ذات الصلة:
1- اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC) تم اعتماد هذه الاتفاقية في عام 1992، وتهدف إلى معالجة التغير المناخي من خلال تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة. تشكل اتفاقية باريس جزءا من تطوير هذه الاتفاقية.
2- بروتوكول كيوتو (KP): تم اعتماد بروتوكول كيوتو في عام 1997 كخطوة أولى نحو حصر الانبعاثات العالمية للغازات الدفيئة. يفرض البروتوكول التزامات ملزمة على الدول المتقدمة لتقليل انبعاثاتها.
يُعتبر هذا الاتجاه علامة على التراجع في جهود خفض الانبعاثات ليس فقط من قبل الولايات المتحدة ولكن أيضا على مستوى العالم
3- اتفاقيات حقوق الإنسان: تشمل العديد من الاتفاقيات المتعلقة بحقوق الإنسان، مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تدعم الحق في بيئة نظيفة كجزء من الحق في الصحة العامة.
إجراءات الانسحاب:
تتمثل العملية القانونية في انسحاب الولايات المتحدة في تقديم إشعار رسمي بالانسحاب، وقد قام وزير الخارجية الأمريكي في ذلك الوقت، مايك بومبيو، بالإعلان عن الانسحاب في 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 2019. وقد واجه هذا القرار رد فعل قوي من قبل العديد من الدول والمنظمات غير الحكومية، التي اعتبرت هذا الانسحاب بمثابة خطوة إلى الوراء في جهود مكافحة التغير المناخي.
الآثار البيئية للتغير المناخي:
تعتبر زيادة انبعاثات غازات الدفيئة نتيجة مباشرة لانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية. وفقا لوكالة حماية البيئة الأمريكية، سجلت الولايات المتحدة زيادة في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنحو 3.4 في المئة في عام 2018، وهو ما يتعارض مع الأهداف العالمية. يُعتبر هذا الاتجاه علامة على التراجع في جهود خفض الانبعاثات ليس فقط من قبل الولايات المتحدة ولكن أيضا على مستوى العالم.
وتعتبر الولايات المتحدة واحدة من أكبر الدول المسببة للاحتباس الحراري، حيث تمثل حوالي 15 في المئة من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على مستوى العالم. إن الانسحاب من الاتفاقية من شأنه أن يؤدي إلى زيادة الضغوط على أنظمة البيئة العالمية، مما قد يسهم في تفاقم الأوضاع البيئية مثل تغير المناخ وتدهور التنوع البيولوجي.
ووفقا لتقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، إذا استمرت الاتجاهات الحالية، يمكن أن ترتفع درجات الحرارة العالمية بمقدار 3 درجات مئوية بحلول نهاية القرن، مما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على البيئة، مثل ارتفاع مستويات البحار وتدهور النظم البيئية. وبما أن الولايات المتحدة واحدة من أكبر الملوثين، فإن انسحابها يبث القلق لدى المجتمع الدولي حول إمكانية تحقيق الأهداف المحددة في اتفاقية باريس.
التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية لانسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس المناخية:
إن الاقتصاد الأمريكي هو من بين الأكثر تعقيدا وتأثرا بالتحولات المناخية. أظهرت دراسات عديدة، بما في ذلك تقارير من مختبرات الأبحاث، أن التوجه نحو الطاقة النظيفة يمكن أن يؤدي إلى خلق ملايين من فرص العمل في قطاع الطاقة المتجددة. على سبيل المثال، قد تُقدَّر فرص العمل في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بمئات الآلاف في السنوات القادمة في حالة الالتزام ببرنامج الطاقة المتجددة.
كما أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية كان يعني فقدان هذه الفرص النموذجية. ففي عام 2020، كان هناك نحو 250 ألف فرصة عمل في صناعة الطاقة الشمسية وحدها، وهذه الأرقام قد تنخفض بشكل ملحوظ نتيجة للسياسات المناخية غير المستدامة. وقد أظهر تقرير من الجمعية الأمريكية للطاقة الشمسية (SEIA) أن هذه الصناعة قد تشهد تسريحا للعمال في الحالات التي يتم فيها تقويض السياسات الداعمة.
ومن الجدير ذكره أيضا أن زيادة الانبعاثات تساهم في تدهور جودة الهواء، مما يزيد من الأمراض التنفسية وأمراض القلب. وفقا لمراكز السيطرة على الأمراض (CDC)، يموت نحو 200 ألف شخص سنويا في الولايات المتحدة نتيجة لتلوث الهواء. وهذا الرقم يمكن أن يرتفع في حالة عدم اتخاذ التدابير المناسبة للحد من الانبعاثات الضارة وتحسين نوعية الهواء.
الالتزامات الدولية في مواجهة التغير المناخي: بين التحديات والآمال المتجددة
أثار انسحاب الولايات المتحدة مخاوف بشأن ضعف الثقة بين الدول وتصاعد التوترات التجارية، خاصة مع اتجاه الاتحاد الأوروبي لتطبيق تعريفات كربونية حدودية على الدول ذات السياسات المناخية الأقل صرامة. ورغم المخاطر والتحديات، فإن استمرار التعاون الدولي والإرادة الجماعية، مدعومين بالابتكار والضغط الشعبي، يمثل حجر الأساس لبناء مستقبل أكثر استدامة
شهدت السياسة المناخية الأمريكية تحولا بعد انتخاب جو بايدن رئيسا، حيث أعاد الالتزام باتفاقية باريس للمناخ في 20 كانون الثاني/ يناير 2021. هذا القرار جدد الأمل في العودة للساحة العالمية لمكافحة التغير المناخي، مؤكدا على أهمية الالتزامات المتعددة الأطراف وأثرها الإيجابي على التعاون الدولي. لكن في حال انسحاب الولايات المتحدة مرة أخرى من الاتفاقية، فإن ذلك قد يؤثر سلبا على المؤسسات الدولية الأخرى، مما يقلل من قدرتها على فرض التزامات ملزمة في القضايا المناخية، نظرا لتأثير الولايات المتحدة كعضو دائم في مجلس الأمن.
ورغم هذه التحديات، أكدت دول مثل الصين والهند والاتحاد الأوروبي التزامها بأهداف الاتفاقية، حيث قادت جهودا ريادية في مواجهة التغير المناخي. وسعت الصين، على وجه الخصوص، لتعزيز مكانتها كقائد عالمي من خلال الاستثمار في الطاقة المتجددة والابتكار المناخي. كما ظهرت تحالفات إقليمية بارزة، مثل جهود الاتحاد الأوروبي للتعاون مع الدول النامية، ولعب القطاع الخاص دورا مهما عبر تبني شركات كبرى مثل تسلا ومايكروسوفت سياسات طموحة لخفض الانبعاثات. وعلى مستوى المجتمع المدني، ساهمت الاحتجاجات البيئية وحملات التوعية في زيادة الضغط الشعبي على الحكومات لتبني سياسات أكثر صرامة.
ومع ذلك، أثار انسحاب الولايات المتحدة مخاوف بشأن ضعف الثقة بين الدول وتصاعد التوترات التجارية، خاصة مع اتجاه الاتحاد الأوروبي لتطبيق تعريفات كربونية حدودية على الدول ذات السياسات المناخية الأقل صرامة. ورغم المخاطر والتحديات، فإن استمرار التعاون الدولي والإرادة الجماعية، مدعومين بالابتكار والضغط الشعبي، يمثل حجر الأساس لبناء مستقبل أكثر استدامة.
إن انسحاب الولايات المتحدة يسلط الضوء على الأبعاد القانونية والبيئية والاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بمثل هذه القرارات، حيث إن المادة 28 من الاتفاقية تتيح للدول حق الانسحاب. ومع ذلك، فإن التأثيرات السلبية الناجمة عنه تؤكد أهمية الالتزام بالاتفاقية كخط أساسي للتعاون الدولي في مواجهة التحديات البيئية العابرة للحدود. تحقيق أهداف اتفاقية باريس يشكل ضرورة ملحة لصالح الأجيال القادمة، حيث إن العمل المشترك هو السبيل الوحيد لتحقيق مستقبل أكثر استدامة.