جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-07@08:07:31 GMT

طوفان المطير.. ونقد المتفيهقين!

تاريخ النشر: 23rd, April 2024 GMT

طوفان المطير.. ونقد المتفيهقين!

 

حمد بن سالم العلوي

 

المطر الغزير الذي انهمر على البلاد ليلة 16 أبريل الجاري، ليس له مثيل في مئات السنين القريبة الماضية، فكبار السن الذين سألناهم قالوا إنهم لا يتذكرون جرفات حدثت مثل هذه الجرفة، التي لم تبق في طريقها شيئًا على حاله، وكذلك يقولون إنَّ آباءهم وأجدادهم لم يحدثوهم عن أنواء مناخية بهذه الغزارة والقوة من الأودية والسيول في حياتهم التي عاشوها، ولا يشبه منخفض المطير هذا إلّا إعصار "شاهين" الذي ضرب بعض ولايات الباطنة والظاهرة، في شهر أكتوبر عام 2021، ولكن ليس بمثل هذا الطوفان الكبير، والذي شمل معظم محافظات السلطنة عدا الوسطى وظفار.

وكما ينبئنا التأريخ عن بعض الحالات المناخية القاسية، فقد ظلت عُمان عرضة للأنواء المناخية الشديدة، والأعاصير والأمطار الغزيرة، وذلك عبر تاريخها القديم، وإن كان ذلك لم يؤرخ بشكل رسمي في الأزمنة البعيدة، فقد بدأ المؤرخون بذكر جرفة وادي كلبوه في نزوى، وذلك عام 192 هجرية الموافق 806 ميلادية، وقد تسببت تلك الجرفة في غرق الإمام الوارث بن كعب الخروصي، إمام عُمان في ذلك الزمان، فغرق في وادي كلبوه الجارف، وهو يُحاول إنقاذ المساجين وإبعادهم عن مجرى الوادي. وفي جانب آخر ذكر الشيخ العلامة نور الدين السالمي حدوث طوفان أو إعصار كبير عام 251 هجرية الموافق 865 ميلادية فأغرق صحار، بعدما كانت مزدهرة بالعمران والأنشطة التجارية، وهجرها أهلها نتيجة انعدام المعيشة وتهدم عمرانها وتعذر العيش فيها، وذلك بسبب الدمار الذي أصابها، فيقول العلامة الشيخ نور الدين السالمي، إن من كان غنيًا ميسرًا صار فقيرًا معوزًا يبحث عن لقمة عيش يسد بها رمقه، وقد ذكر هذا في كتاب "تحفة الأعيان" الجزء الأول.

وفي عام 513 هجرية الموافق 1119 ميلادية هطلت أمطار غزيرة على عُمان، وخاصة ولاية سمائل، وقد ذكر الشيخ سيف بن حمود البطاشي، أن زوجة عقيد العسكر كانت تغرف الماء من نافذة حصن سمائل، وذلك دلالة على طغيان ماء الفيضان. وهناك حالات كثيرة حصلت بعد ذلك من هذا القبيل، نترك أمر رصدها وتوثيقها للمختصين في هذا الشأن للتاريخ والعبرة.

إذن.. الأنواء المناخية والأعاصير القوية ستظل مرافقة للأجواء المناخية لسلطنة عُمان، وهذا ليس قدرًا لعُمان دون غيرها من سكان الكرة الأرضية، وعلينا أن نتعامل مع هذا القدر الرباني، بما ألهمنا ربنا به من حكمة وصبر، وليس في الأمر تقصير من الحكومة، إن هي لم تستطع التصدي إلى قدر الله، فذلك قدر العزيز الحكيم في خلقه، فنحن كمؤمنين نؤمن بقضاء الله وقدره، ونؤمن أن قدر الله غالب على كل شيء، ولكن علينا أن نأخذ بالأسباب قدر المستطاع، وهناك فرق كبير بين القبول بحكم القضاء والقدر، والحذر والأخذ بالأسباب، وبين الإهمال الخطير وعدم الاحتراز.

لذا أقول للناقدين من المتفيقين للنقد وحسب؛ وغيرهم ممن يسيئون التقدير لجهود الحكومة في التصدي للقضاء والقدر الرباني، لا تنظرون للذي حدث في البلاد خلال طوفان المطير ليلة 16 أبريل الجاري، وما قبل هذا من أنواء مناخية طارئة؛ بل انظروا إلى دول الجوار؛ بل دول العالم كلها من الصين شرقًا إلى أمريكا وأوروبا غربًا، فستجدوهم يخفقون في التصدي للأنواء المناخية، وذلك رغم امكانياتهم الكبيرة، وخبراتهم الطويلة، وأن ما تحدثه الأنواء المناخية ببلدانهم أكثر بكثير مما يحدث في السلطنة من أضرار، وأن بعض الوفيات التي حدثت كان مردها للأخطاء البشرية، وذلك نتيجة المجازفة وسوء التقدير، فرحم الله الغرقى وأسكنهم فسيح جناته.

إن شبكة الطرق الحديثة في السلطنة، تأسست على أعلى معايير عالية الجودة، وذلك بشهادات عالمية، وهي تفي بالغرض منها، ليس إلى اليوم وحسب، وإنما إلى عشرات السنين القادمة، ومع ذلك سيظل الأمر يدعو إلى إصلاح وصيانة الطرق القديمة، لكي تواكب تطور التنمية المضطردة في البلاد.

ولكن سنظل نقول إن هناك أخطاء في التخطيط العمراني، وهذه الأخطاء يمكن تداركها وحلها باستحداث مسارات تجمع فيها مياه الشعاب والمنخفضات، لأن الماء لا يقبل أن يُحبس في مكان معين، إلا بقوة تفوق قوته وثقله، وأن النقد المعقول مقبول بهدف التنبيه.. وليس الذم والتوبيخ، والتشفي من شيء غير موجود، وذلك كما يفعل البعض عندما يفترضون وجود تقصير ما، وهناك من يندس بين الناقدين لأجل التشكيك في نوايا السلطة، وقدرتها على مواجهة الحوادث الطارئة، ولأجل بث بذور الشك وعدم اليقين، بهدف دق اسفين بين المجتمع والحكومة، واخوان الشياطين كثر في هذا الزمان للأسف الشديد.

إن الحكم على الأمور بواقعية، يحتاج إلى موازنة عقلانية، بعيدة عن الفورات العاطفية المتسرعة، حتى نكون منصفين في القرار، وإلا سنضع أنفسنا في خدمة حاسدو هذا الوطن على أمنه واستقراره، وتعايش شعبه وتسامحه وتعاونه، وهو الأمر الذي يغيظ الحاقدين.. حفظ الله عُمان وشعبها الأبيّ وسلطانها المبجّل.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الشاباك يعلن فشله بشأن طوفان الأقصى ويتحدث عن 5 أسباب أدت إليه

نشر جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي "الشاباك" مساء اليوم نتائج التحقيق الخاص به في أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، والمعروفة فلسطينيا باسم طوفان الأقصى.

وتحدث التحقيق الجديد عن 5 أسباب إستراتيجية أدت الى اتخاذ قرار الهجوم الذي باغت الأجهزة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية.

وأكد أن من أهم هذه الأسباب الانتهاكات التراكمية للحرم القدسي، ومعاملة الأسرى الفلسطينيين، ثم فشل المستوى السياسي.

كما بينت نتائج التحقيق وجود مبالغة في قدرات الجدار وقوات الجيش الإسرائيلي، وغياب للرقابة الفعالة. هذا فضلا عن أن الشاباك.

وخلص التحقيق الخاص للشاباك إلى إعلان فشل الجهاز، في نهاية المطاف، رغم تحقيقاته الداخلية التي أظهرت قوة حماس.

وأوضح رئيس الشاباك رونين بار أنه كان بالإمكان تجنب السابع من أكتوبر ولو بشكل مختلف.

صعوبة في تجنيد العملاء

وأكد الشاباك أنه واجه صعوبة في تجنيد عملاء لإسرائيل في قطاع غزة، وأن عملية جمع المعلومات الاستخباراتية من غزة تضرّرت خلال السنوات الأخيرة نتيجة تضييق تحركات الجهاز في قطاع غزة.

وذكر الشاباك أن الصعوبات التي واجهها على الأرض في قطاع غزة، أدّت إلى فجوات في تجنيد وتشغيل عملاء كان يمكن أن يشهدوا تحركات استثنائية.

إعلان

وقال الشاباك إن تحقيقاته الداخلية تثبت فشله على مدى سنوات في معرفة خطة حماس الهجومية، حيث لم يتعامل مع خطط حماس لاجتياح مدن إسرائيلية باعتبارها تهديدًا جديًا أو محتملا، رغم تأكيده أنه يستهن بالحركة ولم يعتقد أنها ردعت وإن كان فشل في نهاية المطاف في توقع ما جرى.

وبشأن أسباب فشله في توقع ما حدث وإعطاء تحذير منه؛ قال الشاباك إن من أسباب ذلك، قناعته بأن حماس كانت مشغولة بإشعال الضفة الغربية.

وأضاف أن سياسات شراء الهدوء التي تبنّتها إسرائيل تجاه غزة أدّت إلى تسلح كثيف لحركة حماس.

وكشف أن حماس بدأت بتشغيل بطاقات اتصال (سيم) إسرائيلية بشكل تدريجي منذ مساء الخامس من أكتوبر، وأن عدد بطاقات الاتصال الإسرائيلية التي فعّلتها حماس حتى فجر السابع من أكتوبر وصل إلى 45 بطاقة.

تحقيق الجيش الإسرائيلي

هذا وقد خلص تحقيق أجراه جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى الإقرار "بالإخفاق التام" في منع هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 على مستوطنات غلاف غزة، وكشف عن تفاصيل ومعطيات جديدة عن الهجوم.

وقال تحقيق الجيش الإسرائيلي إن فرقة غزة تم إخضاعها في الساعات الأولى من الهجوم وإن صده بدأ في ساعات الظهيرة، مقرا بأن "الثمن الذي دفعناه في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) كان غير محتمل من حيث القتلى والجرحى".

وقال مسؤول عسكري لصحافيين إن هجوم "السابع من أكتوبر (تشرين الأول) كان عبارة عن إخفاق تام"، وإن الجيش "أخفق في تنفيذ مهمة حماية المدنيين الإسرائيليين".

إعلان

وأضاف المسؤول الذي طلب عدم كشف اسمه أن "الكثير من المدنيين قتلوا في ذاك اليوم وهم يسألون أنفسهم أو بصوت مرتفع، أين كان" الجيش الإسرائيلي؟

وأكد الجيش في ملخص عن التقرير لوسائل الإعلام أن قواته "أخفقت في حماية المواطنين الإسرائيليين. تم التفوق على فرقة غزة (الإسرائيلية) في الساعات الأولى من الحرب، مع سيطرة" فصائل المقاومة على الأرض.

إعلان

مقالات مشابهة

  • محللون: تحقيق الشاباك حول طوفان الأقصى يغذي التوتر بإسرائيل
  • فاروق: قطاع الزراعة من أكثر القطاعات تأثرًا بالتغيرات المناخية
  • طوفان انتصار.. لا انكسار
  • التغيرات المناخية تهدد بخفض الناتج العالمي إلى النصف بحلول 2070
  • كيف تحسب البصمة الكربونية وتتصدى للتغيرات المناخية.. أول ندوات أسبوع البيئة بألسن عين شمس
  • الشاباك يعلن فشله بشأن طوفان الأقصى ويتحدث عن 5 أسباب أدت إليه
  • التحقيقات الإسرائيلية في طوفان الأقصى تضع نتنياهو تحت الضغط
  • بينهم أسيرة محررة في “طوفان الأقصى”.. قوات العدو تعتقل عدة فلسطينيين بالضفة
  • اعتقالات واسعة في الضفة المحتلة بينهم اسيرة محررة في صفقة طوفان الأقصى
  • بينهم أسيرة في “طوفان الأحرار”.. قوات العدو تعتقل عدة فلسطينيين بالضفة