الوطن:
2025-02-22@23:13:48 GMT

محمد عبدالحافظ يكتب: «الفيتو» حق ضد الحق

تاريخ النشر: 23rd, April 2024 GMT

محمد عبدالحافظ يكتب: «الفيتو» حق ضد الحق

رفع اليد قد يكون علامة لإثبات الحضور.. أو إشارة للاعتراض، أو للاستئذان، أو للإجابة عن سؤال، وإذا رُفعت اليدان تصبح إشارة للاستسلام.. وأسوأ إشارة لرفع اليد هى تلك التى تراها فى مجلس الأمن لاستخدام (الفيتو)، أى حق النقض دون إبداء أسباب.. فهى -ببساطة- حق ضد الحق!

وهذا الحق تنفرد به فى العالم خمس دول فقط، (على راسها ريشة) هى أمريكا وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا.

وعلى مدار ٧٩ سنة منذ إنشاء الأمم المتحدة عام ١٩٤٥ عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، تم استخدام حق الفيتو ٢٩٣ مرة، جميعها كانت ضد الحق والعدل، بل كانت لضمان حق أى من الدول الخمس، أو لمساندة دولة حليفة لإحداها على حساب الدول الأخرى!

يذكر التاريخ أن أول وأكثر الدول استخداماً للفيتو كانت روسيا، حيث اعترضت على قرارات أممية ١٠٣ مرات، تلتها الولايات المتحدة استخدمته ٧٩ مرة، ثم بريطانيا ٢٩، وفرنسا ١٦، والصين ٩ مرات. سجل (الفيتو) حافل بالمواقف سيئة السمعة، وأكثرها كارثية ما تفعله أمريكا لأنها استخدمت ٦٠٪ من حق اعتراضها لصالح إسرائيل، وضد الحق العربى، فقد استخدمته بفُجر ٤٧ مرة لوأد قرارات (عادلة) لصالح فلسطين وسوريا ولبنان، وكان أولها عام ١٩٧٣ عندما أوقفت قراراً أممياً يؤكد الحق الفلسطينى ويطالب بالانسحاب من الأراضى المحتلة، بل تحدّت أمريكا العالم وكسرت كل قواعد الحق والعدل والإنسانية، عندما اعترفت بسيادة المحتل الإسرائيلى على هضبة الجولان الإسرائيلية عام ٢٠١٩، واستخدمت الفيتو ضد مشروع القرار المصرى برفض اعتراف أمريكا بأن القدس عاصمة لإسرائيل.. وسجل «سوابق» واشنطن متخم بالجرائم السياسية، وآخرها -وليس أخيرها- إجهاض قرار من مجلس الأمن بمنح فلسطين العضوية الكاملة فى الأمم المتحدة، الذى كان من شأنه أن يمهد للاعتراف بدولة فلسطين و«حل الدولتين» الذى كانت تروج لطرحه كحل لأزمة الشرق الأوسط والصراع العربى- الإسرائيلى. النظام العالمى أثبت فشله وعجزه عن حل كافة الأزمات والمشكلات التى تواجه العالم وتنبئ بكوارث لا تُحمد عقباها، ومن هذه الأزمات:

- الصراع العربى الإسرائيلى، الذى أراه أصبح أزلياً، واحتلال إسرائيل للأرض العربية بالقوة -بالمخالفة للقانون الدولى- والتى لا ترتدع بقرارات دولية منزوعة الفاعلية، ولا يهمها رأى عام ساخط، سواء داخل إسرائيل أو خارجها، وبخاصة بعد الحرب البربرية النازية التى تشنها على أهل غزة خلال الـ٧ شهور الماضية.

- أزمة السد الأثيوبى، واستيلاء إثيوبيا على أرض فى الصومال واعتزامها بناء قاعدة عسكرية عليها.

- صراع واستعراض القوى الذى يحدث حالياً بين إيران وإسرائيل.

- مشكلة كشمير بين الهند وباكستان.

- الحرب الأوكرانية الروسية.

- الصراع الصينى التايوانى.

- المناوشات الحوثية السعودية.

- التوتر فى منطقة البحر العربى والبحر الأحمر وباب المندب.

- عدم الاستقرار فى العراق.

- الحرب الأهلية فى سوريا.

- الحرب بين الجيش وجماعة الدعم السريع فى السودان.. هذا غيض من فيض، فلو حصرنا الأزمات العالمية التى كان لا بد أن تحلها الأمم المتحدة ما استوعبتها مجلدات.

عجز الأمم المتحدة سببه الرئيسى تركيبة عضوية مجلس الأمن الذى يربط أعضاءه الدائمين الصفة الاستعمارية، وأنهم جميعاً خرجوا منصورين من الحرب العالمية الثانية، وأنهم لا يمثلون العالم تمثيلاً عادلاً. كانت هناك محاولات ودعوات عديدة للإصلاح ليكون المجلس أكثر فاعلية، ومن بين هذه المحاولات ضم ممثلين دائمين عن قارة أفريقيا وأمريكا اللاتينية وأمريكا الجنوبية، وكانت الدول المقترحة، الهند والبرازيل وألمانيا واليابان وجنوب أفريقيا.. وقد عرقلت هذه المحاولات الصين التى تخشى دخول الهند التى تُعد منافستها الأزلية، كما خشيت أمريكا وروسيا تقليص مصالحهما ونفوذهما، بينما أيدت فرنسا وبريطانيا الإصلاح من حيث المبدأ، ولكن لم تتعرض إلى تفاصيل الدول التى سيتم ضمها من حيث الأسماء أو العدد. المؤسف أننى لم أرصد فى كل محاولات الإصلاح الإشارة إلى منطقه الشرق الأوسط، رغم ما تتمتع به من خصائص تؤهلها إلى وجود دولة تمثلها كعضو دائم فى مجلس الأمن، ومن بعض هذه الخصائص المتفردة:

١- المنطقة بها أكبر الدول تصديراً للبترول والغاز فى العالم. كما تمتلك نسبة كبيرة من احتياطيات النفط على المستوى الدولى.

٢- موقعها العبقرى يجعلها ممراً للحركة التجارية لا يمكن الاستغناء عنه، او تفادى المرور عبره.

٣- عدد سكانها الذى يقترب من الـ٦٠٠ مليون نسمة.. يُعد قوة لا يستهان بها، عسكرياً وبشرياً.

٤- وجود قناة السويس وباب المندب يجعل العالم يكون حريصاً على استقرارها لصالح أمان التجارة العالمية.

٥- وجود الكعبة المشرفة قبلة ٢ مليار مسلم يمثلون ٢٥٪ من سكان العالم.

٦- أكثر المناطق الساخنة والمليئة بالصراعات.

٧- وجود مصر التى ستظل الغطاء الذهبى لثروات المنطقة التى تُعد الأغنى فى العالم.

إذاً بحكم التاريخ والجغرافيا فإن المنطقة تفرض نفسها بأن تحتل مقعداً دائماً فى مجلس الأمن.

وإلى الآن لم أرَ أى تحركات إيجابية من دول المنطقة لفرض وجودنا الطبيعى على الساحة العالمية. ظنى أنه لا بد أن يتم تشكيل لجنة من جامعة الدول العربية، للتنسيق فيما بين دول المنطقة، للتمهيد لترشيح دولة تمثلها على مقعد دائم فى مجلس الأمن، وطبعاً لا يوجد أنسب من مصر لهذا التمثيل، لمواقفها التاريخية فى حماية المنطقة من الانزلاق إلى حافة الهاوية، وامتلاكها أكبر قوة عسكرية، وسياستها الثابتة فى عدم التدخل فى شئون الدول، وترسيخها لمبادئ العدل والإخاء والمساواة والسلام، ونجاحها فى كل المعارك التى خاضتها خلال الخمسين سنة الماضية، المعركة العسكرية ضد العدو الإسرائيلى فى ١٩٧٣، ومعركة التفاوض على السلام، ومعركة القضاء فى التحكيم على طابا.. والوقوف بجانب الأشقاء فى المنطقة، وقت الحرب والأزمات، ولن أذكرها فهى واجب من أم الدنيا تجاه أشقائها.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: إسرائيل غزة الاحتلال أمريكا مجلس الأمن الفيتو الأمم المتحدة فى مجلس الأمن ضد الحق التى ت

إقرأ أيضاً:

مولانا احمد ابراهيم الطاهر يكتب: الجمهورية السودانية الثانية

الرسالة التي حملت رؤية المؤتمر الوطني المستقبلية للسودان جديرة أن تثير نقاشا واسعا في أوساط النخبة السودانية المثقفة . وقد آن لقادة الفكر في بلادنا أن يبدأوا السباق المعرفي ، وليفتحوا الأبواب لشعب السودان ليسهم في رسم استراتيجية البناء والنهضة العظيمة للأمة السودانية .

ونهاية الحرب الضروس قد باتت وشيكة بما قدمته القوات المسلحة ومعاونيها من شباب السودان بتكويناته وانتماءاته المختلفة من تضحية وفداء وثبات وصبر وعزيمة ، لجديرة بأن
تسجل في كتاب التاريخ فخرا وعزا ومجدا أثيلا للسودان ، وتترك في قلوب أعدائه رعبا ورهبة
لا يمحوها مرور الأيام والليالي . فالتحية والدعاء بعد حمد لله لكل من اشترك في معركة الكرامة بالقتال المباشر وبالإعداد وبالانفاق المادي وبالرأي السديد وبالدعاء الصادق لتحقيق النصر الخالد والمجد التليد . والرحمة والقبول من الله لشهدئنا من المقاتلين في صف القوات المسلحة الذين وهبوا حياتهم لربهم ولبلادهم العزيزة . والدعاء لكل مكلوم وكل مهموم ومظلوم وجريح ومصاب ولكل أم وأب لشهيد أو مقاتل جسور .
إن من ملامح ما بعد النصر أنها كما أنهت المؤامرة الاقليمية والدولية الكبري علي البلاد ، فإنها قد انتهت بها حقبة جيل السبعينات والثمانينات ومعظم مواليد الاربعينات والخمسينات من أبناء السودان الذين عمروا بلادهم وأداروها في تلك الحقبة . فمن عبر منهم إلي الدار الآخرة فهو رجاء الله تعالي ومغفرته ورضوانه . ومن بقي منهم فهو في فترة المراجعة والإنابة والاستعداد للرحيل ، مع بذل ما اكتسبه من تجارب الحياة العامة والخاصة للجيل الناهض بأعباء الحياة القادمة . فبتقدم العمر وبتغير الأحوال وباختلاف أهداف المرحلة وتحدياتها لم يعد هناك من يطمع من أبناء ذلك الجيل في منصب أو في قيادة أو مكسب دنيوي إلا ما ندر ، وقد عبروا عن مواقفهم هذه في مناسبات عدة . فليهنأ الذين أصابهم الوجل من عودة مشاهير سابقين إلي تولي الحكم مجددا فلا العمر ولا الرغبة ولا الأحوال تسعفهم في ذلك . ولتستعد الأجيال الناهضة لتولي مسئولية إدارة الحياة في الدولة والمجتمع بمواهبهم في العلم والمعرفة ، وليدخلوا بابتلاء الله لهم في معترك الحياة بالعزم والحزم والزهد والاستقامة ، وبحب الله وحب الوطن وحب الناس وكراهية الفساد والخيانة والجريمة .
إن النظر في أسبقيات العمل في الدولة تفرض علي المرء البدء بما هو أولي . ولا أحسب أن قضية ما تسبق قضية الأمن القومي في البلاد . فبفقدان الأمن فقد أهل السودان كل شيء ، النفس والأرض والمال والعرض والطمأنينة والتعليم والصحة واجتماع الأسرة وغيرها . لقد كان عقلاء المجتمع يطلقون المحاذير للشعب السوداني عن مخطط العدو الخارجي لاستهداف الوطن والمواطنين ، ويبينون لهم ملامح التخطيط المجرم لاحتلال البلاد ، وقد نشرت ملامحه في وسائل الإعلام الغربية باقتراب احتلال دول في المنطقة من بينهم السودان ، ولكن غفلة العامة كانت كبيرة ، وتصديقهم لوقوع الكارثة كان ضعيفا ، وحسبوها مناورات من ساسة يريدون بها التكسب ، فلم يستبينوا النصح حتي وقعت الواقعة ورأوا بأعينهم ما لم يخطر ببالهم من فظائع الحرب وقسوة المجرمين ووحشية البشر وهمجية ليست من طبائع الحيوان ، وأصبح مخطط العدو يجوس خلال ديار المواطنين العزل في القري النائية والمدن الوادعة . ولولا لطف الله وحسن تدبيره ورعايته لفقدنا أرض السودان بما تحمله من مواهب الله الثرة وعواريه المستودعة ومنائحه الدارة وخيراته الوفيرة ومساجده العامرة وخلاويه التالية لكتابه ، ولأصبح أهله مشرودين في دول لا تعرف معاني الإخاء والنصرة وحب الناس واستقبال الملهوف .
فمن أجل هذا الدرس القاسي تكون العظة للحاكم والمحكوم علي السواء بأن قضية الأمن القومي هي القضية ذات السبق في الترتيب ، بلا تراخ ولا تفريط ، ولا استهانة ولا استكانة ولا مجاملة لقريب أو بعيد أو لصديق أو عدو . فإن كان في خزينة البلاد وفي خزائن أفراد مال كثير أو قليل فهو أولا لتأمين البلاد ، والبدء بالقوات المسلحة وقوات الأمن وقوات الشرطة . إن مضاعفة الاحتياطي البشري لهذه القوات في ظل التهديد الماثل والذي لم تزدة الأيام إلا تأكيدا ، ينبغي أن يضاعف بعشرة أضعافه . والقوات النظامية تدرك كيف تفعل ذلك دون عنت ومشقة . ومضاعفة الاحتياطي البشري تظل تأمينا للبلاد من أي تمرد داخلي وأي غزو خارجي ، كما أنها سند ميسور لمواجهة الكوارث الطاريئة ، وهي أيضا مورد للمعلومات ورصد لكل نشاط تخريبي في الاقتصاد ومكافحة التهريب وتجارة المخدرات والوجود الأجنبي غير المقنن ، وفي الحيلولة دون انفجار النزاعات القبلية وفي اختراق الحدود وغيرها .
إن مضاعفة قوات الاحتياط بشريا لابد أن تصحبه مضاعفة القدرات القتالية والتأهيل الأمني والتدريب المتقدم والإعداد النوعي الذي يستجيب للتطوير الفني باضطراد كلما تطورت الأنظمة التقنية ليواكب تطورها تجاوزا للتخلف وحرصا علي التفوق المستمر الذي يفضي إلي يأس شياطين الإنس والجن من الطمع في بلادنا .
بالطبع هنا لا نتحدث عن تطوير القدرات العسكرية الدفاعية والفنية ، حيث أن قادة هذه الأجهزة أكثر دراية منا ، ولا نتحدث عن إعادة هيكلتها كما كان يفعل جهلة الحرية والتغيير وعملاء السفارة الغربية وخونة الزمرة المستعبدة وأرباب اليسار المستخدم ، ونحن نعلم أن ما لدي هذه الأجهزة ما يعينها في تطوير استراتيجيتها كلما لزم الأمر . ومع ذلك نلمح ولا نفصل في إعادة النظر في الخارطة الجغرافية الدفاعية بما يعين علي قيام مدائن حضرية جديدة مزودة بوسائل دفاعية مقتدرة وقدرات انتاجية مقتدرة ووسائل اتصال عالية الجودة وصناعات تحويلية ومصدات دفاعية محكمة وخارطة دائرية متصلة لا تعين العدو علي اختراق البلاد كما فعل الآن ، وتستوعب في داخلها نخبة كبيرة من الخريجين لتقوية حصون البلاد الجديدة ، ولميلاد جيل عالم مستنفر معبأ ومقاتل ومنتج ومهتد وهاد لأمته المحفوظة بعناية الله تعالي .

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • «بنت سمير ودلال».. دنيا سمير غانم موهبة فطرية ونجاح من أول لحظة
  • مسلسل عايشة الدور في رمضان.. حكاية مطلقة وأم لطفلين تنقلب حياتها بسبب ابنة شقيقتها
  • مولانا احمد ابراهيم الطاهر يكتب: الجمهورية السودانية الثانية
  • محمد مغربي يكتب: تداعيات «DeepSeek».. انقلاب في عالم الذكاء الاصطناعي
  • مسلسل «ظلم المصطبة» يرصد سطوة التقاليد العرفية في الريف
  • «ياسمين»: «لم أفقد الأمل» وأتمنى عدم عودة الهجمات على قطاع غزة
  • صناعة النواب: زيارة الرئيس لإسبانيا وحدت الرؤى بين البلدين لمواجهة تحديات المنطقة
  • طالبات مدرسة ثانوية بقنا يوفرن مصروفهن لشراء هدايا رمزية لمعلم بلغ سن المعاش
  • حين يزأر الحق؛ يرتجفُ عرشُ الطغيان
  • محمد ناجي الأصم: حكومة الدعم السريع القادمة بلا مشروع