بخصوص عملي كمحام ومستشار قانوني غالبا ما تقع الكثير من الإشكاليات بسبب بعض الأمور التي قد يعتقد البعض بأنها غير مهمة ومن ذلك حوكمة الشركات، بل يذهب البعض إلى أن كلمة "حوكمة" هي "حكي فاضي" وفلسفة وضياع وقت ومال وجهد، بينما في حقيقة الأمر هي جوهر نجاح الشركة واستمراريتها في مدى تحقيقها للربحية.
ولذلك فإن الالتزام بالمبادئ الأساسية ضرورة لإحكام العم داخل الشركة ومن أبرز تلك المبادئ التي ترتكز عليها الحوكمة السليمة للشركات هي: المساءلة والشفافية والعدالة والمسؤولية، ويجسّد مبدأ المساءلة التزام الشركة بكونها مسائلة عن أنشطتها وتحمل المسؤولية عن أفعالها والإفصاح عن النتائج بطريقة شفافة، ويضمن هذا المبدأ أن جميع القرارات والإجراءات التي تتخذها إدارة الشركة تصبّ لصالح أصحاب المصلحة من مساهمين وموظفين وعملاء والمجتمع ككل، كما يظهر هذا المبدأ بشكل جليّ في العديد من الأمور، مثل بناء ضوابط داخلية فعّالة وتطوير استراتيجيات لإدارة المخاطر، مما يمكّن الشركة من مواجهة التحديات واستبصارها.
ويعني مبدأ الشفافية في سياق حوكمة الشركات، إيجاد بيئة يتم فيها الإفصاح عن المعلومات بدون قيود أو ضغوطات وبشكل يمكن معه ضمان اطّلاع أصحاب المصلحة بشكل كامل على عمليات الشركة وأداءها المالي وممارسات الحوكمة فيها، ولا تقتصر حقيقة هذا المبدأ على مجرد الامتثال للمتطلبات القانونية المتعلقة بالإفصاح، بل تمتد إلى تنمية الثقة بين الشركات وأصحاب المصلحة من خلال المشاركة الطوعية للمعلومات سواء كانت إيجابية أو مليئة بالتحديات.
وأما مبدأ العدالة فإنه يشير إلى معاملة جميع أصحاب المصلحة بإنصاف ونزاهة، وينطوي هذا المبدأ على احترام وحماية حقوق مختلف الأطراف بما في ذلك الموظفين والأقليّة من الملاّك وغيرهم، ولهذا فإن هذا المبدأ يعالج التوازن في القوة بين أصحاب المصلحة ويعزز من الممارسات التي تمنع من التحيّز والتمييز، فمن خلال هذا المبدأ يمكن للشركات أن تعزز من ثقافة الاحترام والمساواة مما ينعكس إيجابا على سمعة الشركة وولاء أصحاب المصلحة لها.
ويأتي مبدأ المسؤولية مؤكداً على واجب جميع أعضاء الشركة في التصرف بما يخدم مصالحها ومصالح أصحاب المصلحة، وذلك عن طريق اقتران الصلاحيات والسلطات المخولة لكل شخص بالمسؤولية المرتبطة بها، وبالتالي يكونون عرضة للمساءلة عن ممارسة هذه السلطة أو التفريط فيها، ولهذا فإنه يتعيّن على الجميع القيام بأدوارهم بشكل أخلاقي وبأمانة ونزاهة وبما يتواءم مع أهداف الشركة وقيمها.
وفي الختام، فإن هذه المبادئ ليست مجرد التزامات قانونية أو قيم أخلاقية، بل هي ضرورة عملية لبيئة الأعمال اليوم، حيث إنها تشكل الأساس الذي تبنى عليه الثقة بين الشركات وأصحاب المصلحة، فمن خلال الالتزام بهذه المبادئ وتحقيقها يمكن للشركات التعامل مع التعقيدات والمشكلات التي تواجهها في أعمالها بما يمكن معه ضمان النمو المستدام والأخلاقي والذي يصب في مصلحة جميع الأطراف ذوي الصلة.
محام ومستشار قانوني
المصدر: صحيفة عاجل
كلمات دلالية: حوكمة الشركات أصحاب المصلحة هذا المبدأ
إقرأ أيضاً:
البرلمان العربي يدعم مبدأ الصين الواحدة ويثمن موقفها الداعم لحقوق الفلسطينيين
تُعد العلاقات بين الدول العربية وجمهورية الصين الشعبية من أبرز العلاقات الاستراتيجية في الساحة الدولية اليوم، حيث تمتد هذه الشراكة لعقود طويلة وتغطي مجالات متعددة تشمل الاقتصاد، السياسة، والثقافة. وفقًا للإحصائيات، بلغ حجم الاستثمارات الصينية في الدول العربية نحو 200 مليار دولار، مما يعكس التزام بكين بتعزيز شراكتها مع العالم العربي. كما يقف التبادل التجاري بين الجانبين عند مستوى قياسي، حيث وصل إلى ٣٩٣ مليار دولار في العام الماضي، مما يعكس الرغبة المشتركة في توسيع آفاق التعاون وتعزيز التنمية المستدامة.
في سياق تعزيز هذه العلاقات، استقبل محمد أحمد اليماحي، رئيس البرلمان العربي، السفير الصيني بالقاهرة، لياو ليتشيانغ، حيث أكد اليماحي على عمق العلاقات العربية الصينية التي تعززت على كافة الأصعدة، الرسمية والشعبية والبرلمانية.
وأشار اليماحي إلى عمق العلاقات العربية الصينية والتي تمتد لعقود طويلة، واصفًا إياها بالعلاقات الاستراتيجية، مشيرًا إلى أن علاقات الدول العربية بجمهورية الصين الشعبية وصلت إلى أعلى مستوياتها في ظل حرص قادة الصين والدول العربية على الارتقاء بتلك العلاقات في كافة المجالات.
وأكد رئيس البرلمان العربي أن المواقف الشجاعة لجمهورية الصين الشعبية في دعم القضية الفلسطينية تمثل حجر الزاوية في العلاقات العربية الصينية، حيث دعا إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها مدينة القدس. وفي هذا السياق، أشاد بدور الصين في مختلف المحافل الدولية من أجل وقف العدوان على الأراضي الفلسطينية، مما يعكس التزام بكين بالقضايا العادلة.
وأوضح اليماحي أن البرلمان العربي يدعم مبدأ الصين الواحدة، والذي يعد أحد الثوابت في المواقف العربية تجاه الصين. كما أكد على دعم البرلمان العربي للمبادرات الثلاث التي اقترحها رئيس جمهورية الصين الشعبية، المتعلقة بالأمن والتنمية والحضارة، مما يعكس التوجه العربي نحو تعزيز التعاون في هذه المجالات الحيوية.
وفي إشارة إلى أهمية التعاون البرلماني، دعا اليماحي إلى بلورة خطة عمل مشتركة بين البرلمان العربي والبرلمان الصيني، للإسهام في تنفيذ مخرجات القمة العربية الصينية الأولى التي استضافتها المملكة العربية السعودية في ديسمبر 2022. هذه الخطوة تمثل خطوة مهمة نحو تعزيز التنسيق بين الجانبين في مواجهة التحديات المشتركة.
من جانبه، أكد السفير لياو ليتشيانغ على عمق العلاقات العربية الصينية، مشيرًا إلى أن مخرجات القمة العربية الصينية ومنتدى التعاون العربي الصيني الذي استضافته الصين في مايو 2024 تعكس التزام الجانبين بتعزيز التعاون في مختلف المجالات. وأعرب عن تقدير بلاده لمواقف البرلمان العربي الداعمة لقضايا الصين الاستراتيجية، بما في ذلك دعم مبدأ الصين الواحدة.
تُعتبر العلاقات العربية الصينية نموذجًا يحتذى به في التعاون الدولي، حيث تتجاوز التحديات الراهنة وتؤسس لمستقبل مشرق مشترك. إن تعزيز هذه الشراكة يمكن أن يسهم في تحقيق التنمية المستدامة والأمن الإقليمي، مما يعكس التوجه نحو العمل الجماعي لتحقيق المصالح المشتركة.