الصين تسعى إلى تهدئة الأوضاع في الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 23rd, April 2024 GMT
تشو شيوان **
شهدت منطقة الشرق الأوسط خلال الفترة الماضية توترًا غير مسبوق بسبب التصعيد بين إيران وإسرائيل، وخاصة بعد تعرض القسم القنصلي للسفارة الإيرانية لدى سوريا للهجوم الإسرائيلي، وفي الوقت نفسه ما تزال العملية العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة مستمرة دون أفق لإنهائها، وعلى الرغم من مقتل أكثر من 33 ألف فلسطيني والدمار الواسع والأزمة الإنسانية، ما زالت الأوضاع تتفاقم يومًا بعد يوم.
ومن الملاحظ أن هناك ازدواجية في المعايير بالمواقف الغربية تجاه قضايا الشرق الأوسط، فعندما تعرضت المؤسسات الدبلوماسية الإيرانية للهجوم، التزمت الدول الغربية الكبرى بالصمت، لكن عندما هاجمت إيران إسرائيل، أدانت مجموعة الدول السبع بالإجماع، حتى إن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي فكَّرَا في فرض عقوبات إضافية على إيران، ما يُثبت قطعًا أن الازدواجية نهج عام للتعامل مع قضايا المنطقة بأكملها.
على الجانب الآخر، نجد أن الصين تتعامل مع الأمر بعقلانية داعيةً للسلام والتفاهم، فقد قال فو تسونغ مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة قبل أيام إنه يجب على المجتمع الدولي ألا يغفل عن التطلع طويل الأجل للشعب الفلسطيني نحو الاستقلال وإقامة دولة، ولا ينبغي أن يسمح بإدامة الظلم التاريخي الذي عاناه الشعب الفلسطيني، وأجد أننا أمام حالة استثنائية من الدعم الغربي لطرف على حساب طرف آخر. كانت الولايات المتحدة ملتزمة التزامًا كاملًا منذ وقت طويل بدعم وحماية إسرائيل وتسليحها وتمويلها بحيث تصبح القوة الأكبر في الشرق الأوسط، ما خلق توترات غير مسبوقة لدول المنطقة وشعوبها.
وقبل بضعة أيام استخدمت واشنطن حق النقض "فيتو" ضد مشروع القرار الذي "يوصي الجمعية العامة بقبول طلب فلسطين للحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة"، وقد عارضته الولايات المتحدة، وامتنع عن التصويت عليه العضوان الباقيان المملكة المتحدة وسويسرا، وفي وقت سابق استخدمت الولايات المتحدة الفيتو أيضًا ضد مشروع قرار قدمته الجزائر في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يدعو لوجوب وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة. هنا نجد أن الولايات المتحدة باتت عقبة كؤود أمام السلام بين فلسطين وإسرائيل؛ حيث أعاقت مرارًا وتكرارًا الجهود السلمية التي يبذلها المجتمع الدولي بشأن القضية الفلسطينية الإسرائيلية من خلال الاعتماد على حق النقض، وهذا إثبات آخر للازدواجية الغربية في مثل هذه القضايا.
ومشروع القرار الذي تقترحه الولايات المتحدة يتهرب من المسؤوليات الدولية التي ينبغي أن تتحملها الولايات المتحدة كدولة عظمى متجاهلة حق الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة ذات سيادة كاملة، والذي يُعد أحد أسباب اندلاع هذه الجولة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وتشعبها لتصل لصراع أكبر إقليميًا ودوليًا. ومنذ عام 2014، لم تنظم الولايات المتحدة حوار سلام بين فلسطين وإسرائيل، ووقفت متفرجة وشاهدت التعدي على أراضي الفلسطينيين، وتغاضت عن توسيع المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية، مما أدى إلى إطفاء ثقة الفلسطينيين في السلام بين الجانبين. كما إن التجاهل العمدي للولايات المتحدة حول التزاماتها الدولية، وعرقلة مجلس الأمن عن إصدار القرارات ذات الصلة، أمر لا يساهم في تهدئة حالة الصراع؛ بل على العكس جر المنطقة لصراعات أكبر وأعمق.
لقد فشلت الولايات المتحدة- التي تعد الدولة الأكثر نفوذًا بالشرق الأوسط- في بذل جهود حقيقية للوساطة والتنسيق في الصراعات في المنطقة؛ بل على النقيض تساهم في انتشار الصراعات وتصعيدها، وهي إلى حد ما الطرف المسؤول الأكبر عن الوضع الخطير الراهن في الشرق الأوسط. وينبغي للمجتمع الدولي أن يتحد ويواصل بذل جهود جديدة لتخفيف هذه الجولة من الصراعات والمخاطر الإقليمية، وهنا لا يُمكن تجاهل الدمار والخراب في العراق وسوريا ولبنان بسبب الانحياز الغربي.
من وجهة نظري.. أننا أمام نفس المشكلة طالما هناك معايير مختلة في التعامل مع القضايا الدولية، والصراع سيتفاقم طالما هناك انحياز لطرف على حساب طرف آخر. لكننا نجد أن الصين طرحت للعالم مبادرات مهمة مثل مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي لتجنب مثل هذه الصراعات، ومنع تفاقم الأزمات وتحولها لحروب تهدد حياة الملايين من الناس، إضافة إلى تحقيق الوساطة بين السعودية وإيران في مارس العام الماضي، الأمر الذي يضخ قوة إيجابية للسلام والتنمية والاستقرار في المنطقة، والصين دائمًا تستعد للعمل مع المجتمع الدولي لتهدئة التوترات في الشرق الأوسط بأقصى جهودها المستمرة.
** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية- العربية
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
وينسلاند يحذر: المنطقة أصبحت عند "مفترق طرق قاتم"
نيويورك - صفا قال منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية التسوية في الشرق الأوسط، تور وينسلاند، إنه بعد عام من الحرب المروعة وإراقة الدماء في الشرق الأوسط، أصبحت "المنطقة عند مفترق طرق قاتم". ودعا في إحاطته أمام جلسة مجلس الأمن الدولي، لمناقشة الوضع في الشرق الأوسط، المجتمع الدولي إلى "التحرك الآن من أجل تغيير المسار الخطير الذي نسلكه". وأضاف وينسلاند "نعيش كابوسًا"، وأن الصدمة والحزن اللذين أُطلِق لهما العنان لا يمكن قياسهما". وأشار إلى أن الحرب الطاحنة والحملة العسكرية الإسرائيلية المدمرة في غزة تسببت بدمار شامل وخسائر فادحة. وتابع "ستتردد أصداء هذه الأحداث لأجيال، وتشكل المنطقة بطرق لا يمكننا استيعابها بالكامل بعد". وأوضح وينسلاند أن الوضع الإنساني في غزة، مع بداية فصل الشتاء، كارثي، وخاصة التطورات في شمال غزة مع نزوح واسع وشبه كامل للسكان وتدمير واسع النطاق، وسط ما يبدو وكأنه تجاهل مقلق للقانون الدولي الإنساني. وأكد أن الظروف الحالية في غزة "هي من بين أسوأ الظروف التي شهدناها خلال الحرب بأكملها، ولا نتوقع تحسنها". وتحدث عن الوضع في الضفة الغربية المحتلة، التي "لا تزال عالقة في دوامة مدمرة من العنف واليأس". وأشار إلى استمرار الاقتحامات الإسرائيلية للمدن الفلسطينية ومخيمات اللاجئين، إضافة لارتفاع مستويات العنف المرتبط بالمستوطنين. وحذر وينسلاند من استمرار التوسع الاستيطاني دون هوادة، إذ اتخذت الحكومة الإسرائيلية العديد من الخطوات لتسريع التقدم الاستيطاني. وقال: "في ضوء التطورات في غزة وإقرار إسرائيل مؤخرًا لقوانين ضد عمليات وكالة الأونروا، يتعين عليَ أن أصدر تحذيرًا عاجلًا مفاده أن الإطار المؤسسي لدعم الشعب الفلسطيني والدولة الفلسطينية على وشك الانهيار، ما يهدد بإغراق الأرض الفلسطينية المحتلة في فوضى أعظم". ونبه إلى أن الخطوات التي يتم اتخاذها على الأرض في غزة والضفة الغربية المحتلة "تبعدنا أكثر فأكثر عن عملية السلام وعن الدولة الفلسطينية القابلة للحياة في نهاية المطاف". وشدد على أنه رغم أن الاستعدادات للتعافي وإعادة الإعمار جارية على قدم وساق، فإن الإغاثة الإنسانية وإعادة الإعمار لن تكون أكثر من مجرد مساعدات مؤقتة في غياب حل سياسي. وحدد وينسلاند مجموعة من المبادئ التي تحتاج إلى الحماية والاهتمام العاجلين، بما فيها أن غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المستقبلية، ولا بد أن تظل كذلك، دون أي تقليص في مساحتها. وأكد أنه لا ينبغي أن يكون هناك وجود عسكري إسرائيلي في غزة.