دائما ما نحمد الله في الشدة إذا واجهتنا، أو في الأحزان والألم..
وننسى حمده في الأفراح والسرور..
لأننا تعودنا على النعم في حياتنا دون إرجاعها إلى صاحبها وكأنها حق مكتسب.
هل نظرت حولك إلى أبسط الأشياء عزيزي القارئ. لترى نعم الله عليك.. .
نعم.. .إنها كثيرة جدا كما يردد لسانك ذلك الآن.. .ولكن هل ردد لسانك الشكر في كل مرة وقعت عينك عليها.
فمثلا في الوضوء هل شكرت الله على نعمة المياه الجارية التي تغتسل وتشرب منها، وتسرف فيها بحجة وجود النهر في بلدك.. .ولكن لماذا أيضا لا تتذكر أن هناك أناسا يطوقون لشربة ماء نقية من التي تهدر منها مئات بل آلاف الكيلومترات في اليوم.. .
فهناك من يعانون للحصول عليها، لأنهم لا يوجد ببلادهم أنهار عذبة، ولا بحيرات وربما لا يوجد آبارا.
وهناك بلدان تعيش على تحلية مياه البحر، وهذا يتطلب الكثير من المبالغ المالية الباهظة التي ينفقونها لأجل الحصول على شربة ماء نقية.
ألم تر أن النعمة التي كنت تحسبها بسيطة هي أمر عظيم للغاية.. .
ألا يستحق صاحبها الذي أكرمنا بها أن نشكره عليها في كل مرة تقع أعيننا عليها.. .
وغيرها الكثير من الأمثلة.. .
فلماذا إذا سؤلنا عن حالنا.. .قلنا لا جديد!
وكيف لا جديد ونحن نغرف من نعم الله الجديدة يوميا.. .
أليس جديدا أن نمشي على أقدامنا وقد بترت أقداما غيرنا، بل وهناك من بترت أقدامه ويداه.
أليس جديدا أن نرى ملء أبصارنا ونسمع ونحرك أطرافنا وقد حملت أطراف؟
أليس جديدا أن تستيقظ كل يوم خال من الأمراض.. .وهناك من لا يجد علاجا لمرضه، وغيره يتعذب ويتألم بمرضه.. .
أليس جديدا أن تستيقظ كل يوم لتذهب إلى العمل الذي سترك الله به حتى وإن لم تكن تحبه.. .وهناك من يبحث عن مثله ولا يجده.. .
أليس جديدا أن ترى أولادك بصحة جيدة يوميا.. .
وغيره الكثير من الجديد الذي نصبح ونمسي به يوميا.. .
فإن أمسيت آمنا في سربك.. .فهذا جديد.
وإن أصبحت معافا في بدنك.. .فهذا جديد.
وإن صليت فروض يومك.. .فهذا جديد.
وإن مللت رتابة حياتك.. .فاعلم أن هناك من يتمناها.
هل تعلم أن ما تراه أنت تافه في حياتك يراه غيرك أحلاما يتمنى أن يصل إليها.. .وأحلامهم أنت عشتها حتىٰ مللتها.
فلا تألف النعمة وتنسى شكرها.. .فالرسول الكريم قال للسيدة عائشة حينما وجد كسرة من الخبز ملقاة فأخذها ومسحها ثم أكلها وقال لها يا عائشة أحسني جوار نعم ربك فإنها إن تركت صاحبها لا تعود اليه.. .
فلله الشكر على كل نعمة وكل جديد بحياتنا.. .
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
نهج الحكمة
خليفة بن عبيد المشايخي
khalifaalmashayiki@gmail.com
يرى كثيرون أنَّ القناعة مع فهم الواقع والتعايش معه، أمرٌ لا يجنح بصاحبه نحو مهاوي الردى، ولا يجعله يشطط وفظًا غليظ القلب ناكرًا للمعروف والجميل الذي تلقاه من هنا وهناك، وحصل عليه بطيب خاطر دون إكراه وعدم القدرة على الإحسان.
ويأتي على أمة أن يكون رعاياها ليسوا في قمة الرضا عن ما تقدمه من خدمات وواجبات وعهود ووعود، وفي المقابل هناك من يحظى فيها، بكل سبل الراحة والطمأنينة والسكينة والسعادة والهدوء.
وفي الحقيقة إذا مر على الإنسان يوم لم يتلقِ فيه ما يزعجه ويكدر خاطره، ولم يصبه في نفسه وأهله وأولاده أية مصيبة أو حادثة، أخذت الصحة والحال والمال، فهو في خير ونعمة من الله تعالى، يجب أن يشكره عليها.
إننا بتنا نرى ونسمع في مختلف أصقاع المعمورة، عمن يركن إلى الهوى والفكر الضال غير المدروس والمتسرع في اتخاذ قرار الابتعاد عن الوطن، لسبب أو لآخر، والزج باسمه ونفسه في قائمة المعارضين والمناشدين للصلاح والإصلاح.
وينتج عن هذه التصرفات تبعات كثيرة ومآلات ضارة غير محمودة الجانب، تفتح العداوات وتثير النعرات، وتدعو إلى زعزعة الاستقرار والأمن والأمان، وتسيء إلى السلطات والرموز الوطنية، والى مقدرات البلاد وسائر الإنجازات التي تحققت عليها.
وسلطنة عُمان وهي تعمل في تحقيق تنمية مستدامة تطال الإنسان العُماني أينما وجد، فهي واحدة من تلك الأقطار التي تحترم آدمية الإنسان، بعدم اعتبار إساءاته- إن حدثت- أمرًا يقتضي ضرب الأعناق وهتك الأعراض والنيل من المسيء بأبشع الصور، للانتقام منه، مثل الكثير من دول العالم التي ليس لديها نفس طويل بالصبر على منتقديها، واعتبار الخارجين عليها أعداء لها، فحاشا أن تكون حكومتنا وسلطاننا بهذا الفكر.
لقد تابعنا منذ مدة، ابتعاد البعض عن تراب هذا الوطن ثم عودتهم إليه بعد غياب طويل، وتلك المعاملة الحسنة الطيبة التي وجدوها عندما وطأت أقدامهم أرض عُمان السلام والمحبة، حاصلين على عفو شامل، انطلاقًا من قاعدة "عفا الله عما سلف".
ولقد سُعدنا بذلك النهج الحكيم الأبوي الذي من شيمته الصفح والعفو وغض الطرف عن الإساءة، وكبح جماح النفس بعدم الشروع بالانتقام أو العداء أو الكره، أو الغضب وعدم ضبط النفس، من النيل من المسيء بالعقوبة المغلظة، أو بارتكاب أبشع الأفعال السيئة في حقه.
فما كان من معاملة حسنة وجدوها، هي تربية للمقصر، وإعطاء فرص له، للعدول عن فكره الضال، تشمل العفو عن الزلات، والتجاوز عن التقصير والأخطاء، بالترحيب به، بيد أن الوطن للجميع، ويتسع للجميع، وجميعنا يجب أن نكون في خندق واحد، وصف واحد من أجل وعُمان برمتها.
مما لا شك فيه أنه "إذا خليت خربت"، وهذا قد يكون قانونا في الأرض مستمر حتى قيام الساعة؛ إذ إن الصراع بين الحق والباطل، قائم حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
ولا غرابة إذن أن يكون هناك من هو شاذ عن القاعدة السوية، وعلى السلطات والنظام العام، التعامل مع ذاك الشذوذ وتلك النماذج، بحكمة وهدوء وعقلانية، وعدم الانجرار وراء الدوافع التي تقسوا على الأنفس، وإلا لن يكون هناك بناء وتقدم وتتطور واحتواء، ومعالجة الأحداث والوقائع بشيء من الهدوء والفكر الراقي والسماحة وإعمال العقل.
نقول دائمًا إن العدل والمساواة أمران يحققان توازناً ورضًا، وانسجاما وتناغما في تقدير الجهود التي تبذل، وما يحدث لدينا في عُمان بانتهاج كل ذلك، إنما يفضي إلى تحقيق معدلات نمو ممتازة، وجعل الجميع في حال من السعادة، وبمكانة مرموقة ومتقدمة، لا يشوبها ظلم ولا نقص، وكل عمل من الممكن أن يعتريه النقص، وكل امرئ يمكن أن يخطئ؛ فالكمال لله وحده.
حفظ الله جلالة السلطان المعظم- أيده الله- عزيزًا كريمًا على سخائه وتفهمه، وشكرًا لحكومتنا الرشيدة وأجهزتها الأمنية على الرحابة والسعة في التعامل برحمة ولطف، مع الأشخاص والشدائد والأحداث، التي ساءت وتسيء، والله نسأل أن يجمعنا على الخير من أجل عُمان وسلطانها المفدى.