كيف غيّر ميسي وجه الاقتصاد الرياضي الأميركي بانتقاله إلى إنتر ميامي؟
تاريخ النشر: 23rd, April 2024 GMT
كافحت مدينة ميامي -السنوات الأخيرة- لتنويع مصادر الدخل الذي كان يعتمد على قطاع السياحة، ووجدت ضالتها في انضمام نجم كرة القدم الأرجنتيني ليونيل ميسي إلى فريق إنتر ميامي، والذي لعب دورا بارزا في تغيير الخارطة الاقتصادية لهذه المدينة الجنوبية، واتجاهها إلى الاقتصاد الرياضي.
وتعاقد إنتر ميامي مع ميسي -صيف 2023- بعقد يمتد إلى نهاية عام 2025، وسجّل 13 هدفًا في أول مواسمه ليقود الفريق إلى حصد لقب كأس الدوريات (الأميركي والمكسيكي) ويتذوّق النادي طعم الفوز بالكؤوس لأول مرّة في تاريخه، فيما يمكن اعتباره ثورة رياضية ضخمة بالنادي حديث النشأة (تأسس عام 2018).
وكانت طريقة اجتذاب ميسي إلى الدوري الأميركي فريدة وغير مسبوقة في تاريخ كرة القدم، فقد أبرم إنتر ميامي عقدا متراميا ومتشابك الأطراف بمشاركة الشركتين العملاقتين آبل وأديداس، سيحصل ميسي بموجبهما على نسب من أرباح الشركتين السنوية، ويشير الإيحاء من الوهلة الأولى إلى أنّها أكثر من مجرد صفقة. فنادرًا ما تتدخّل شركتان بهذا الحجم الضخم في مفاوضات مع لاعب كرة قدم.
Who else but Messi? ???? ✨
He's once again voted as Player of the Matchday! With one goal and one assist against Sporting KC, he's simply unstoppable.????
???? More details: https://t.co/x4HHKg9RYy pic.twitter.com/UxrHFguCav
— Inter Miami CF (@InterMiamiCF) April 15, 2024
نتائج فورية لوصول "البرغوث"الإضافة الرياضية -التي قدّمها ميسي لإنتر ميامي وارتقاؤه بكرة القدم في بلد معروف بولائه المطلق الموروث لكرة السلة والبيسبول وكرة القدم الأميركية- ما هي إلا غيض من فيض قياسًا بالآثار الاقتصادية، ومنها الآثار الفورية، فمثلًا قفزت أسعار تذاكر الفريق بنسبة 700% لدى وصول الـ(بولغا) مباشرة، كما زادت الاشتراكات في منصّة "آبل" أول شهر لانضمامه للنادي.
وبعد أيام فقط من الظهور الأول بقميص إنتر ميامي، انهالت عقود الرعاية التجارية والاستثمارية على النادي، وضخّت مؤسسة أريس مانغمنت كروب (Ares Management Corp) 75 مليون دولار إضافية، لتصل استثماراتها الإجمالية بالنادي 225 مليون دولار، في حين بات قميص ميسي الأعلى مبيعًا في تاريخ كرة القدم الأميركية بإيرادات غير مسبوقة، والمثير أنّ 89% من المشترين عملاء جُدد، مما يفسّر كيف ساعد "البرغوث" في انتشار رقعة مشجّعي اللعبة على أرض الواقع.
"غيّر ميسي قواعد اللعبة في الدوري الأميركي، وملأ مدرجات الملاعب التي ذهب إليها" كان هذا تعقيب المدير التنفيذي في رابطة كرة القدم الأميركية ألفونسو مونديلو -لوكالة الأنباء الإسبانية- عن انتقال ميسي لإنتر ميامي. أمّا دانييل لاديك، وهو بروفسيور بجامعة سيتون هول (Seton Hall) الأميركية، فتحدّث إلى منصّة ذا أتلتك البريطانية عن تأثير ميسي في الولايات المتحدة، وقال "لا أستطيع تذكّر شخص رياضي أو غير رياضي أحدث تأثيرًا مُهيمنًا بهذه الطريقة".
لكن الحقيقة أن اللاعب لم يُحدث تغييرات فحسب، بل هز أركان اللعبة بالفعل وارتقى بكرة القدم الأميركية إلى مكان آخر، فهو علامة تجارية متحركة، أينما ذهب، تتبعه الأرباح، فقد دشّنت "آبل" عقد رعاية مع الدوري الأميركي بقيمة 250 مليون دولار لمدّة 10 سنوات، في أكبر وأهم عقد في تاريخ البلاد على الإطلاق.
وحسب خافيير أسينسي، المدير التنفيذي للعمليات في إنتر ميامي، يُرجّح أن يحقق النادي الموسم الحالي (2024) أرباحًا تتجاوز 200 مليون دولار، بزيادة نسبتها 60% عن الموسم السابق، و4 أضعاف موسم 2022، بينما تُقدّر منصّة سبورتيكو قيمة النادي حاليًا بـ1.1 مليار دولار، مُحققًا زيادة ضخمة قدرها 74% عن العام الماضي.
وساهم ميسي في تطوّر آلية المخططات الاقتصادية للمؤسسات، حيث انخرطت "آبل" بوضع اسمها في العقد واشتركت في المفاوضات لجلب اللاعب، من أجل اكتساب عملاء جُدد -خاصّةً من أميركا الجنوبية- عطفًا على جماهيرية اللاعب الطاغية. ويمكن اعتبار أن ميسي ساهم في تطوير نظرة "آبل" للتسويق، فبدلًا من الإنفاق على حملات إعلانية، جلبت اللاعب نفسه إلى الدوري الأميركي، ووفقًا لتقرير من شبكة "إيه إس بي إن) فإن سبب اشتراك "آبل" في الصفقة هو رغبتها في اكتساب عملاء في الأميركيتين.
وباستثمارات قدرها 50 مليون دولار، تعاونت مؤسستا بريمو إنترتينمينت (Primo Entertainment) ومومنت فاكتوري (Moment Factory) لإنتاج فيلما تفاعلي بالذكاء الاصطناعي عن مسيرة ميسي الاحترافية، من صباه حتّى فوزه بكأس العالم 2022، تحت مسمى "تجربة ميسي.. حلم أصبح حقيقة" حيث بيع آلاف التذاكر بالعرض الأول الذي سيقام في قاعة (Hangar at Regatta Harbor) بمدينة ميامي في أبريل/نيسان الحالي، قبل أن ينطلق في جولات إلى باقي العالم عبر 150 مدينة، ومن المتوقّع أن تحقق كل جولة أرباحًا تربو على 3 ملايين دولار، مما يعني عوائد إجمالية بما يقارب نصف مليار دولار.
كان انضمام ميسي إيذانًا بعهد جديد لإنتر ميامي على كل الأصعدة ومنها الاستثمار في البنى التحتية، حيث أعلن النادي بعد أسابيع قليلة فقط من انضمام اللاعب، وتحديدًا في أغسطس/آب 2023، عن بدء تشييد ملعبه الخاص "فريدوم بارك" الذي سيحقق اقتصاديًا أكثر من 15 ألف فرصة عمل جديدة، وسيوفّر نحو 40 مليون دولار سنويًا لخزينة ضرائب المدينة، فضلًا عن دفع النادي إيجارًا باهظًا للبلدية، وفرص عمل وضرائب وإيجار، والمستفيد هو اقتصاد المدينة.
وصاحبَ انتقال ميسي إلى إنتر ميامي عدّة أحداث متلاحقة زادت من قوة المدينة اقتصاديًا ورياضيًا ووضعتها على الخارطة العالمية، ففضلًا عن أنّها إحدى المدن المستضيفة لكأس العالم 2026، وتم الإعلان عن تنظيم ميامي مباريات كأس كوبا أميركا صيف 2024، وقدّرت دراسة من مجموعة بوسطن الاستشارية (بي سي جي) أنّ كل مدينة مستضيفة للمونديال ستشهد صافي أرباح إضافيا بمبلغ قد يصل إلى 480 مليون دولار.
وقبل كأس العالم 2026، ستكون ميامي على موعد مع أرباح قياسية من بيع تذاكر مباراة الأرجنتين أمام بيرو بالجولة الثالثة من الدور الأول في كوبا أميركا التي تنطلق الصيف المقبل، فوفقًا لبلومبيرغ تخطّت سعر التذكرة الواحدة حاجز 8400 دولار، في حين أنّ متوسط أسعار التذاكر بالبطولة عمومًا هو 743 دولارًا. كما تحتضن ميامي المباراة النهائية يوم 14 يوليو/تموز في ملعب "هارد روك" وهو موعد جديد مُنتظر لتحقيق أرباح قياسية أخرى.
ويقع ملعب إنتر ميامي الحالي (DRV PNK Stadium) في مقاطعة فورت لودرديل، والذي يحتضن مباريات الفريق لحين الانتهاء من الملعب الجديد أواخر عام 2025. وعن ميسي، يقول شافاريا عمدة فورت لودرديل، في مقابلة مع منصّة محلية "ميسي سيمثّل دعمًا ومُحفّزًا اقتصاديًا بالفعل للمدينة".
وقد أثر -بوضوح- البُعد الجغرافي لمدينة ميامي (أقصى جنوب الولايات المتحدة وقربها من قارة أميركا الجنوبية) على التركيبة الديموغرافية، إذ إنّ 67% من السكّان لهم أصول لاتينية، مما جعل المدينة قبلة واضحة للمهاجرين اللاتينيين وقبلة مميزة لاستثماراتهم وشركاتهم الناشئة، وهذه نقطة نمت وتصاعدت بوتيرة واضحة بعد انتقال ميسي إلى إنتر ميامي.
وبعد سنوات من التفاوض، وبعد وصول ميسي، نجحت أخيرا قرية باي فايلاغ الشمالية (North Bay Village) السياحية الشهيرة في ميامي، في إبرام اتفاق مع الاتحاد الأرجنتيني لكرة القدم (AFA) عام 2023، لتطوير مُجمّع ملاعب كرة قدم ومدينة رياضية صغيرة داخل المنتجع. وفي المقابل زادت مشتريات الأرجنتينيين -تحديدًا- للعقارات داخل القرية أكثر من غيرهم من الجنسيات، فيما يمكن وصفه بأن ميسي جذب مواطنيه إلى المدينة بالفعل.
ميسي وصل في الوقت المناسبيمكن القول إن ميسي وصل في الوقت المناسب، فقد تزامن وصوله مع انهيار سوق العملات المشّفرة في مدينة ميامي، وتسجيله خسائر قياسية بمليارات الدولارات، مما نتج عنه نقل أكبر مؤتمر للعملات المشّفرة إلى مدينة ناشفيل هذا العام بعد أن استضافته ميامي الأعوام الثلاثة الماضية.
كما أن اقتصاد المدينة ليس في أفضل حالاته، ووصلت معدّلات التضخم إلى 7% عام 2023، وهو من بين الأكبر بالولايات المتحدة، ومع ذلك فإن ميامي تُعد من بين أقل المدن من حيث الضرائب، وتعمل بهذا الاتجاه لجذب الاستثمارات المرتبطة بكرة القدم بعد الهالة الجماهيرية والإعلامية الهائلة التي صاحبت قدوم ميسي. وقد أوضح جوناثان ميلر أحد مديري مؤسسة ميلر صامويل العقارية في مقابلة مع شبكة محلية قائلًا "تحوّلت ميامي من مدينة مفضلة للزيارة، إلى مكان مناسب لممارسة الأعمال التجارية".
أما في قطاع السياحة والعقارات -وفق مكتب مؤتمرات ميامي الكبرى- فيُتوقّع أن يُسهم وصول ميسي في نمو السياحة بالمدينة بنحو 10%، وسيصاحب ذلك زيادة في إنفاق السائحين بمبلغ 400 مليون دولار. علمًا بأن عوائد قطاع السياحة بالمدينة تناهز 10 مليارات دولار سنويًا ويزورها نحو 10 ملايين سائح، كما سُجّل ارتفاع ملحوظ في طلبات شراء العقارات مؤخّرًا، ويفسّر اقتصاديون ذلك بأنه أحد آثار ميسي، حيث سيحرص المشجعون على الإقامة في أماكن قريبة من ملاعب كأس العالم 2026 وكوبا أميركا 2024.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات کرة القدم الأمیرکیة فی تاریخ کرة القدم الدوری الأمیرکی ملیون دولار مدینة میامی إنتر میامی کأس العالم اقتصادی ا میسی إلى ر میسی
إقرأ أيضاً:
خطأ فادح.. امرأة ترمي ثروة بيتكوين بقيمة 3.8 مليون دولار في القمامة!
إنجلترا – تسببت معلمة بريطانية (عمرها 34 عاما) في فقدانها وشريكها ثروة ضخمة من البيتكوين تقدر بـ 3.8 مليون دولار، بعدما تخلصت من وحدة تخزين USB بالخطأ أثناء تنظيف روتيني.
وأثناء تنظيفها للمنزل، ألقت إيلي هارت بوحدة التخزين، التي تحتوي على المفتاح الرقمي لمحفظة البيتكوين الخاصة بها وبشريكها، في سلة المهملات، معتقدة أنها مجرد قطعة إلكترونية قديمة لا قيمة لها. وفي حديثها عن تلك اللحظة، قالت: “كانت الوحدة في درج مليء بالأشياء غير المهمة، مثل بطاريات فارغة وإيصالات قديمة، فظننت أنها غير ضرورية ورميتها”.
لكن سرعان ما تحول الأمر إلى كارثة مالية عندما سألها توم، مطور مواقع الويب البالغ من العمر 36 عاما، عن مكان “ذاكرة USB سوداء صغيرة” يستخدمها لحفظ عملات البيتكوين الخاصة به. وتتذكر إيلي اللحظة القاتلة قائلة: “شعرت بالغثيان فورا عندما أدركت ما فعلته. تجمدت في مكاني وقلت له: أعتقد أنني تخلصت منها”.
وفي محاولة لإنقاذ الموقف، بدأ توم وإيلي البحث بين أكياس القمامة، يمزقانها واحدة تلو الأخرى، لكن دون جدوى.
وأوضحت إيلي: “كان هناك مزيج من الذعر والأمل، لكنني كنت أعلم في أعماقي أن الأوان قد فات”.
ووصفت المأساة بقولها: “كان توم متفهما بشكل مذهل، لم يصرخ ولم يلق باللوم عليّ، لكن صمته كان أبلغ من أي كلمات. كنا نخطط لمستقبل مشرق – منزل جديد، رحلات، كل شيء – لكنني رميت كل ذلك في القمامة”، مضيفة “هذا أسوأ خطأ ارتكبته في حياتي”.
ووجهت إيلي نصيحة هامة لكل من يحتفظ بأصول رقمية قائلة: “إذا كنت تملك أي أموال على وحدة تخزين USB، ضع علامة واضحة عليها. احفظها في مكان آمن. لا ترتكب الخطأ الذي ارتكبته”.
وعلق متحدث باسم Play Casino، وهو موقع متخصص في ثقافة العملات المشفرة، قائلا: “هذه القصة تذكرنا بأن الثروات الرقمية قد تُفقد بلحظة إهمال. يجب دائما وضع علامات واضحة على وحدات التخزين التي تحتوي على العملات المشفرة، والاحتفاظ بها في مكان آمن بعيدا عن أي خطر”.
وينصح الخبراء مالكي البيتكوين باستخدام “التخزين البارد”، وهو محفظة غير متصلة بالإنترنت، لضمان حماية أموالهم من الأخطاء البشرية والهجمات الإلكترونية.
يذكر أن توم استثمر في البيتكوين منذ 2013، عندما كانت قيمته لا تزال منخفضة. وعلى مدار السنوات، ارتفعت قيمة محفظته الإلكترونية إلى ملايين الدولارات. لكن بدون وحدة التخزين، أصبحت الأموال حبيسة العالم الرقمي بلا أي وسيلة لاستعادتها.
المصدر: ميرور