مسؤول أممي يرحب بتقرير المراجعة المستقلة بشأن «الأونروا»
تاريخ النشر: 23rd, April 2024 GMT
رحب رئيس بعثة المجلس الدولي لحقوق الإنسان إلى الأمم المتحدة السفير الدكتور هيثم أبو سعيد، بتقرير المراجعة المستقلة لعمل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» في قطاع غزة.
وقال أبو سعيد، في مداخلة هاتفية مع قناة «القاهرة الإخبارية»، اليوم الثلاثاء، من جنيف إن هذا التقرير فند كافة الادعاءات والاتهامات الإسرائيلية بشأن عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا في غزة، مناشدًا الدول المانحة بالاستمرار في دعم الوكالة الأممية التي تقوم بكافة الأعمال الإغاثية والإنسانية للشعب الفلسطيني.
وشدد المسؤول الأممي على أولوية تحقيق وقف شامل لإطلاق النار وزيادة المساعدات وتحسين الوضع في قطاع غزة، مطالبا بتعزيز الخدمات الإنسانية للمنظمة الأممية لإغاثة الشعب الفلسطيني.
ويأتي هذا التصريح في الوقت الذي رحبت فيه وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الفلسطينية بالتقرير الأممي بشأن «الأونروا»، مؤكدة أن هذا التقرير بمثابة شهادة عن التزام الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالحفاظ على ولاية أونروا وضمان استمراريتها لضمان حقوق لاجئي فلسطين وإيجاد حل سياسي عادل، وفقًا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وخاصة القرار 194 وحق العودة للاجئين.
وأوضح التقرير الأممي أن «الأونروا»، التي تأسست بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، لديها أدوات كثيرة لضمان الحياد في عملها وتقدم بصورة دورية قوائم العاملين بها إلى إسرائيل، وأن الحكومة الإسرائيلية لم تبلغ «الأونروا» بأي بواعث قلق حيال أي من موظفي الوكالة بناء على تلك القوائم منذ عام 2011.
التحرير الفلسطينية تدعو المجتمع الدولي لدعم «الأونروا» وتمكينها من القيام بمهامها
«لازاريني» يحذر من الحملات الخبيثة للتقليل من دور «الأونروا» ومحاولات القضاء عليها
«الأونروا»: الأوضاع في قطاع غزة تزداد مأساوية يومًا بعد الآخر
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: أخبار إسرائيل أخبار إسرائيل اليوم أخبار لبنان أخبار لبنان اليوم احداث فلسطين اخبار فلسطين اسرائيل اسرائيل ولبنان الأونروا الاحتلال الاسرائيلي الاونروا الحدود اللبنانية الحدود مع لبنان تل ابيب صراع اسرائيل ولبنان طوفان الاقصى عاصمة فلسطين غلاف غزة فلسطين فلسطين اليوم قصف اسرائيل قطاع غزة قوات الاحتلال لبنان لبنان واسرائيل مستشفيات غزة الأمم المتحدة
إقرأ أيضاً:
ماذا يعني رفع الولايات المتحدة الحصانة عن الأونروا قانونيا وإجرائيا؟
تأسست وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في أعقاب نكبة عام 1948، التي مثّلت أوسع عملية تهجير قسري جماعي شهدها العالم في منتصف القرن العشرين، حيث تم اقتلاع مئات الآلاف من الفلسطينيين من أرضهم في سياق الاجتثاث المنظم لمجتمعهم الوطني مع قيام دولة إسرائيل. وقد وقعت هذه الكارثة أمام مرأى ومسمع من المجتمع الدولي الناشئ حديثا، الذي كان قد أنشأ منظمة الأمم المتحدة قبل سنوات قليلة فقط، على أمل تأسيس نظام عالمي يحمي السلم وحقوق الإنسان.
إزاء حجم المأساة، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 194 (د-3) في كانون الأول/ ديسمبر 1948، الذي أكد على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم والتعويض عن خسائرهم. وفي سياق متصل، أصدرت الجمعية القرار رقم 302 (د-4) بتاريخ 8 كانون الأول/ ديسمبر 1949، الذي أنشأ الأونروا كآلية طارئة لتقديم الإغاثة الإنسانية والخدمات الأساسية للاجئين، ريثما يتم تنفيذ حق العودة.
ورغم أن الأونروا أنشئت كجهاز مؤقت مرتبط بتنفيذ القرار 194، إلا أن تعذر تحقيق العودة واستمرار سياسات التهجير والاحتلال جعلا الوكالة تبقى حتى اليوم شاهدة على أطول أزمة لجوء قسري متواصلة في التاريخ الحديث.
ومنذ تأسيسها عام 1949، تمتعت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بحصانة قانونية كاملة بموجب "اتفاقية امتيازات وحصانات الأمم المتحدة لعام 1946"، التي تحظر ملاحقة الهيئات الأممية أمام المحاكم الوطنية. لكن هذه الحصانة تعرضت لتحديات متصاعدة خلال العقود الأخيرة، وسط ضغوط سياسية متنامية، لا سيما من دوائر مؤيدة لإسرائيل داخل الولايات المتحدة.
يشكل استخدام القضاء الأمريكي لملاحقة وكالة أممية سابقة خطيرة تهدد بتفكيك منظومة الحماية الدولية التي أرستها الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، لضمان حرية وحياد العمل الإنساني وعدم إخضاعه للضغوط السياسية. كما أن هذا التحرك يهدد بتسييس المساعدات الإنسانية، وتحويلها من أداة لدعم الكرامة الإنسانية خلال الأزمات والحروب إلى ورقة ضغط سياسي، بما يتعارض مع المبادئ الأساسية التي تقوم عليها المساعدة الإنسانية الدولية
وفي نيسان/ أبريل 2024، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أن الأونروا لم تعد تتمتع تلقائيا بالحماية الكاملة من الدعاوى القضائية، مما مهّد الطريق لملاحقتها أمام المحاكم الأمريكية بموجب قوانين مكافحة الإرهاب. هذا القرار جاء استجابة لضغوط مارسها أعضاء في الكونغرس الأمريكي، مدفوعين باتهامات سياسية بأن بعض موظفي الأونروا تورطوا في أنشطة عدائية، وهو ادعاء لم تثبت صحته وفق التحقيقات الأممية المستقلة.
قرار رفع الحصانة شكّل تحولا جذريا في الوضع القانوني للأونروا، إذ لم يعد بمقدورها الاعتماد على الحصانة الأممية كدرع يحميها من الدعاوى المدنية أو العقوبات المالية داخل النظام القضائي الأمريكي، ما يعرضها لمخاطر وجودية تهدد استمرار عملها الإنساني تجاه ملايين اللاجئين الفلسطينيين.
أولا: خلفيات القرار وأبعاده السياسية:
لا يمكن فصل قرار رفع الحصانة عن الأونروا عن السياق السياسي الأوسع الذي تحكمه علاقات متوترة بين الولايات المتحدة والوكالة منذ سنوات. فقد شهدت العلاقة بين الطرفين توترا ملحوظا خصوصا منذ عام 2018، حين أوقفت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التمويل الأمريكي للأونروا، متهمة الوكالة بـ"التحيّز وعدم النزاهة"، ومشككة في شرعية استمرار عملها كهيئة منفصلة تعنى بشؤون اللاجئين الفلسطينيين دون غيرهم.
تراكمت هذه التوترات خلال إدارة الرئيس جو بايدن، حيث ورثت الإدارة الجديدة إرثا ثقيلا من الشكوك والضغوط السياسية تجاه الأونروا، رغم مبادرتها إلى استئناف جزء من التمويل للوكالة في عام 2021. غير أن أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وما رافقها من اتهامات سياسية غير مثبتة لبعض موظفي الأونروا، وفّرت ذريعة إضافية لتصعيد الضغوط. وقد بلغ هذا المسار ذروته في نيسان/ أبريل 2024، حين أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية رفع الحماية القانونية الكاملة التي كانت تتمتع بها الوكالة.
وفي الواقع، يشكل استخدام القضاء الأمريكي لملاحقة وكالة أممية سابقة خطيرة تهدد بتفكيك منظومة الحماية الدولية التي أرستها الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، لضمان حرية وحياد العمل الإنساني وعدم إخضاعه للضغوط السياسية. كما أن هذا التحرك يهدد بتسييس المساعدات الإنسانية، وتحويلها من أداة لدعم الكرامة الإنسانية خلال الأزمات والحروب إلى ورقة ضغط سياسي، بما يتعارض مع المبادئ الأساسية التي تقوم عليها المساعدة الإنسانية الدولية: الإنسانية، والحياد، والاستقلال، وعدم التمييز.
وبالتالي، فإن رفع الحصانة عن الأونروا لا ينطوي فقط على تهديد وجودي للوكالة بحد ذاتها، بل يؤسس لسابقة خطيرة قد تمتد آثارها إلى عمل سائر الوكالات الأممية والمنظمات الإنسانية العاملة في مناطق النزاع، ما يشكل مساسا جوهريا بالنظام القانوني الدولي القائم على حماية العمل الإنساني المستقل.
ثانيا: المعنى القانوني والقضائي لرفع الحصانة
رفع الحصانة عن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) يعني عمليا إسقاط الامتيازات القانونية التي كانت تمنع ملاحقتها أمام المحاكم الوطنية الأمريكية. سابقا، كانت الأونروا تتمتع، مثل سائر مؤسسات الأمم المتحدة، بحصانة قضائية مطلقة تقريبا بموجب "اتفاقية امتيازات وحصانات الأمم المتحدة لعام 1946"، التي تنص على عدم جواز مقاضاة وكالات الأمم المتحدة أمام المحاكم الوطنية إلا في حالات محدودة جدا ووفقا لشروط استثنائية.
بموجب هذا الرفع للحصانة ثمة آثار قانونية خطيرة وكبيرة:
أولا: يصبح بالإمكان رفع دعاوى مدنية ضد الأونروا أمام القضاء الأمريكي، سواء بتهم تتعلق بالتعويض عن أضرار مزعومة أو بمزاعم دعم "أنشطة إرهابية"، وهي تهم كثيرا ما تُستخدم في السياق السياسي المرتبط بالقضية الفلسطينية.
ثانيا: تفقد الأونروا جزءا من حمايتها كهيئة دولية، ما يفتح المجال أمام قرارات قضائية قد تشمل تجميد أصولها المالية أو حظر بعض أنشطتها، سواء داخل الولايات المتحدة أو حتى في دول أخرى تتأثر بالضغوط الأمريكية السياسية والقضائية.
ثالثا: يخلق القرار سابقة قانونية قد تشجع دولا أخرى على سلوك المسار ذاته، عبر إعادة تفسير أو تقليص الحصانات الممنوحة للوكالة، مما يقوض انسيابية عمل الأونروا في ساحات عملها المختلفة، ويزيد من مخاطر تعطيل مهامها الإنسانية في خدمة ملايين اللاجئين الفلسطينيين.
من منظور قضائي أعمق، فإن رفع الحصانة يعرض الأونروا لمخاطر مالية وقضائية جسيمة، قد تشمل أحكاما محتملة بالتعويض، وفرض غرامات، وتقييد التعاملات المصرفية، في بيئة قانونية شديدة الحساسية تجاه قضايا "مكافحة الإرهاب" وتبييض الأموال.
ثالثا: التداعيات الإجرائية والحقوقية على عمل الأونروا
1- التداعيات الإجرائية:
- قد تتردد البنوك، خاصة الدولية منها، في التعامل مع الأونروا خوفا من تعرضها لدعاوى قضائية أو عقوبات مالية. وتزداد خطورة هذا التعطيل بالنظر إلى أن الدولة التي رفعت الحصانة هي الولايات المتحدة الأمريكية، التي تتمتع بنفوذ واسع على النظام المصرفي العالمي، بما يشمل شبكة السويفت (SWIFT) ونظم الامتثال المصرفي الدولية. هذا النفوذ يتيح للولايات المتحدة ممارسة تأثير غير مباشر على تعاملات الأونروا المالية حتى خارج أراضيها، مما قد يؤدي إلى تجميد حسابات الوكالة أو تعطيل تحويلات مالية حيوية لاستمرار عملياتها الإغاثية.
- وبفعل هذه البيئة القانونية والمالية المقيّدة، قد تُمنع المؤسسات الأمريكية أو تلك التي تمر عبر النظام المالي الأمريكي من تقديم تمويلات للأونروا، أو قد تتردد في التعامل معها، ما يؤدي إلى إضعاف قدرتها على تمويل مشاريعها الأساسية في مجالات التعليم والصحة والإغاثة.
- بالتوازي مع التعقيدات المالية، قد تواجه الأونروا صعوبات قانونية وإدارية متزايدة في إبرام عقود الشراء والخدمات واللوجستيات الضرورية لتسيير برامجها الإنسانية، مما يهدد بعرقلة تنفيذ مهامها اليومية في خدمة اللاجئين الفلسطينيين.
2- التداعيات الحقوقية على اللاجئين الفلسطينيين:
تشكل الأونروا الرئة التي يتنفس منها اللاجئون الفلسطينيون منذ أكثر من سبع سبعين عاما. فهي ليست مجرد هيئة تقدم خدمات، بل هي شريان حياة يضمن لهم البقاء والكرامة وسط النكبات المتلاحقة.
ضرب الأونروا لا يعني فقط خنق الخدمات اليومية (في ظل حرب إبادة وتشرد لمئات الآلاف من الفلسطينيين في مخيمات البؤس والشتات في مناطق شتى من العالم)، بل يعني أيضا محاولة لخنق الهوية الوطنية الفلسطينية، ونسف آخر جسر قانوني وإنساني يربط العالم بمسؤوليته تجاه هذا الشعب
اليوم، تخدم الأونروا أكثر من 5.9 مليون لاجئ فلسطيني مسجلين رسميا، موزعين في خمس مناطق عمليات هي: لبنان، وسوريا، والأردن، والضفة الغربية، وقطاع غزة.
ويعمل في الأونروا حوالي 30 ألف موظف، أغلبهم من أبناء اللاجئين أنفسهم، في واحدة من أكبر شبكات التشغيل والخدمات التي تواصل دعم اللاجئين رغم التحديات السياسية والمالية الهائلة.
تعطيل عمل الأونروا أو تقييده يضرب في الصميم حقوق اللاجئين الفلسطينيين لأسباب جوهرية:
- لأنها توفر التعليم لأكثر من نصف مليون طفل فلسطيني عبر مئات المدارس.
- وتقدم الرعاية الصحية عبر أكثر من 140 مركزا صحيا أوليا منتشرا في أماكن اللجوء.
- وتؤمّن المعونات الغذائية والإغاثية لمئات الآلاف من الأسر الأشد فقرا.
- ولأن وجودها يمثل اعترافا دوليا مستمرا بقضيتهم وبحقهم في العودة والحياة الكريمة.
ولهذا، فإن ضرب الأونروا لا يعني فقط خنق الخدمات اليومية (في ظل حرب إبادة وتشرد لمئات الآلاف من الفلسطينيين في مخيمات البؤس والشتات في مناطق شتى من العالم)، بل يعني أيضا محاولة لخنق الهوية الوطنية الفلسطينية، ونسف آخر جسر قانوني وإنساني يربط العالم بمسؤوليته تجاه هذا الشعب.
وبدلا من أن يسعى المجتمع الدولي إلى تنفيذ القرار 194 ويكفّر عن الخطيئة التاريخية المتمثلة في اقتلاع شعب كامل من أرضه، ها هو اليوم، تحت وطأة الضغوط السياسية، يمارس محاولات منظمة لإلغاء الشاهد الحي على جريمة القرن.
ومن خلال تفريغ الأونروا وضرب هياكلها القانونية والإدارية، يجري استهداف البنية المؤسسية التي كانت وما تزال تمثل الرمز الحي لقضية القضايا: القضية الفلسطينية.
إن المساس بالأونروا هو، في حقيقته، مساس بجوهر العدالة الدولية، وإمعان في التنكر لحقوق شعب صمد ولم ينكسر رغم أكثر من سبعة عقود من الإقصاء والخذلان وبل ويواجه محاولات الإفناء.