ماذا بعد اللقاء المغاربي الذي جمع ليبيا وتونس والجزائر الذي عُقد في تونس يوم أمس الاثنين، وهل هي بداية لكيان مغاربي جديد، أم أنها تظل مجرد مبادرات ومباحثات بين هذه الدول المشتركة حدوديا.

ليبيا.. التجمع الوطني للأحزاب يدين اعتقال رئيس فريق المصالحة التابع لسيف الإسلام القذافي مبعوث الأمم المتحدة فى ليبيا يستقيل وسط تحديات الوساطة

هل غياب المغرب وموريتانيا سيزيد من الشقاق والخلاف بين دول الاتحاد المغاربي، محللون يوضحون في هذا التقرير تفاصيل هذا اللقاء التشاوري الذي عُقد يوم الأمس في تونس العاصمة.

تحديات كبرى

في الإطار، قال المحلل السياسي باسل الترجمان، بعد اللقاء التشاوري الأول ستكون هناك ستة أشهر تم التفاهم عليها خلال قمة الغاز في الجزائر أن يعقد هذا الاجتماع التشاوري، وهذه المدة واقعية من أجل متابعة ما تم تحقيقه على الأرض في هذا الاتجاه.

واعتبر الترجمان في تصريحه لـ "سبوتنيك"، أن هذا الاجتماع لا يعتبر قمة مغاربية بالمطلق، وإنما يأتي في إطار تعزيز العلاقات الاقتصادية بين هذه الدول التي تجمع بينها الكثير من الروابط منها الوجود البشري المشترك بين الحدود، وهذا الأمر يجعل من الضروري أن يكون هناك تعاون في مختلف المجالات لتعزيز الروابط التجارية والاقتصادية بين هذه الدول، وليس من المعقول أن تبقى نسبة التجارة البينية بين هذه الدول متدنية في ظل ما يشهده العالم اليوم من أزمات اقتصادية واجتماعية كبيرة.

وأضاف: "هذا ليس اتحاد ولن يكون بديلا للاتحاد المغاربي، ولكن هل من المعقول أن يبقى الاتحاد المغاربي الذي تأسس في 1989 حبر على ورق، وأن المواطنين في دول الاتحاد المغاربي لا يعرفون قيمة هذا الاتحاد وهناك من نسي وجوده، ومن الغير أن ننتظر إلى مالا نهاية حلحلة خلافات سياسية لا يبدو حلها سيكون في الأمد المنظور حلها، وهل ستبق تنتظر شعوب ليبيا وتونس والجزائر تنتظر هذا الموضوع، أما ستكون هناك محاولة للتقدم.

وتابع: "أن تجربة لدول الاتحاد الأوروبي استطاعت أن تتجاوز ما بينها عبر الوحدة الاقتصادية الأوروبية التي تأسست في 1957 أن تتجاوز كل التاريخ الدموي في الوقت الذي كانت هناك صراعات وحروب بين دولها وأن تحقق الاتحاد الأوروبي، على خلاف الدول المغاربية التي يوجد مثل هذه القضايا على مر التاريخ، ومن غير المعقول أن تكون هناك خطوات يستشعر بها المواطن في هذه الدول الذين تربط بينهم حدود وعلاقات تسبق الجغرافيا بين شعوب هذه المنطقة من أجل أن يكون هناك تعزيز مصالح مشتركة اقتصادية واجتماعية تخدم شعوب هذه المنطقة بشكل عام".

وأكد أن نجاح هذا الكيان والتعاون المشترك سيكون رهين الإرادات السياسية لأن الجميع يعلم أن الإرادات السياسية هي التي أفشلت الاتحاد المغربي العربي، وبالتالي هذه الإجراءات تهم شعوب هذه الدول، وسيكون النجاح مرتبط بالبدء في تنفيذ الإجراءات التي تم التفاهم عليها وصدرت في البيان الختامي سيكون هنالك إمكانية للحديث عن نجاح أو فشل هذا المشروع.

يعتقد أن الاحتياجات الاقتصادية وأمام التحديات الدولية الكبرى التي يشهدها العالم، هناك توجه حقيقي من أجل أن يكون هناك تغيير في رؤية القيادات السياسية بالسير نحو وحدات سياسية لا تجد أي صدى لها على الأرض إلى تفعيل تعاون اقتصادي واجتماعي يجعل من شعوب هذه الدول أن تصنع سياسات دولها عبر الحفاظ على مصالحها.

ويرى أن ما يقدمه هذا اللقاء المشترك سيكون له أثر في تعزيز النجاحات إن كانت هناك نوايا صادقة يتم ترجمتها على الأرض خلال الستة أشهر القادمة، في محاربة الهجرة غير الشرعية التي هي مطلب هذه الدول والتي تعد ممر لجرائم الاتجار بالبشر التي تقوم بها عصابات دولية في جنوب الصحراء باتجاه شواطئ المتوسط، ومن أجل التصدي للإرهاب والتهديدات الأمنية التي تجمعها جميعا، وتعزيز التعاون الاقتصادي في خدمة مصالحها.

واعتبر أن ما حدث في هذا اللقاء هو رغبة حقيقية جراء حالة من الفشل والشلل التي أصابت الاتحاد المغاربي منذ أكثر من 35 عام، إلى إيجاد آليات تساهم عبر بوابة الاقتصاد تحقق ما عجزت عنه السياسة، لأنه عندنا ترتبط مصالح هذه الدول في بينها سيكون عليها التزامات لا تستطيع الاحلام السياسية أن تجهضها.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: ليبيا تونس الجزائر كيان مغاربي جديد الاتحاد المغاربی بین هذه الدول شعوب هذه من أجل

إقرأ أيضاً:

المهاجرون الأفارقة ومخاطر التوطين في ليبيا

وسط المناكفات السياسية والاتهامات بالتخطيط لتوطين المهارجين الأفارقة في ليبيا، فإن ملف الهجرة غير الشرعية يشكل تحديا كبيرا للدولة والمجتمع الليبي، ليس في ذلك أدنى شك، فأعداد المقيمين في ليبيا من الوافدين الأفارقة يتجاوز المليونين، وهؤلاء جلهم إن لم يكن كلهم دخلوا البلاد بصفة غير قانونية، وبرغم اشتغال الكثير منهم في أعمال السخرة والنشاطات المهنية الضرورية لليبيين، إلا أن أوضاع الكثير منهم ترتب تبعات أمنية واجتماعية كبيرة.

موضوع التوطين حاضر في الذهن الأوروبي، وكان ولا يزال خيارا مطروحا تم التحدث عنه صراحة، وقد قوبل بالرفض القاطع خلال السنوات الماضية من الجانب الليبي، إلا إنه يمكن أن يكون خيار الأمر الواقع في ظل التدافع الراهن والظروف التي تفرضها نفسها وتجعل من "واقعية" التوطين خيارا يراهن عليه الأوروبيون.

منذ التوقيع على مذكرة التفاهم بين إيطاليا وحكومة الوفاق الوطني في مطلع فبراير العام 2017م، وأعداد المهارجين المقيمين في ليبيا في ازدياد، فالاتفاقية تتأسس على تقديم دعم أوروبي لليبيا لتقوم بمهمة منع تسلل المهاجرين غير النظاميين إلى الشواطئ الإيطالية واعتراضهم الزوارق التي تقلهم والعودة بهم إلى الأراضي الليبية، وتقضي مذكرة التفاهم بتأسيس مركز ملاحي تعاوني، وتقديم زوارق ومعدات الاعتراض، والتدريب للفرق الليبية لإتقان هذا العمل.

موضوع التوطين حاضر في الذهن الأوروبي، وكان ولا يزال خيارا مطروحا تم التحدث عنه صراحة، وقد قوبل بالرفض القاطع خلال السنوات الماضية من الجانب الليبي، إلا إنه يمكن أن يكون خيار الأمر الواقع في ظل التدافع الراهن والظروف التي تفرضها نفسها وتجعل من "واقعية" التوطين خيارا يراهن عليه الأوروبيون.المذكرة حققت بعض أهدافها بالنسبة لإيطاليا والاتحاد الأوروبي، ذلك أنه تم اعتراض عشرات الآلاف، وربما أكثر، من المهاجرين، منذ الشروع في تنفيذ الاتفاق، حتى أن المذكرة واجهت انتقادات حادة من المنظمات الحقوقية العالمية التي اتهمت إيطاليا والاتحاد الأوروبي بالمساهمة المباشرة في تعريض المهاجرين لانتهاكات خطيرة تمارس ضدهم في ليبيا من قبل من وصفتهم بالمليشيات والجهات الأمنية المسؤولة عن هذا الملف.

الاتحاد الأوروبي في تصعيد دائم في إجراءاته للحد من وصول المهاجرين إلى شواطئ دول الاتحاد، وطرد من يقيمون هناك بصفة غير قانونية، وتناقش مؤسساته التشريعية والتنفيذية سياسات جديدة غايتها تسريع عملية ترحيل المهاجرين غير النضاميين ومن طلبوا اللجوء في دول الاتحاد وتم رفض طلباتهم. المقترح الذي يتم تداوله في أروقة الاتحاد هو فتح المجال لـمراكز الإرجاع "return hubs" للبلد الثالث، وإلزام جميع الدول بمضامينه، حتى أن أمر ترحيل صادر عن إحدى دول الاتحاد الـ 27 يلزم جميعها بتنفيذه، واعتماد هذا المتقرح سيعزز تكديس المهارجين في بلد مثل ليبيا والاتجاه إلى توطينهم بأي شكل من الأشكال، وذلك أمام الفشل في نقلهم إلى بلدانهم، والإخفاق في وقف التدفق الهائل صوب أوروبا عبر الأراضي الليبية.

أمام هذا التوجه الأوروبي، ومستوى الاستجابة والامتثال الليبي، فإن النتيجة هي تضاعف أعداد المهاجرين في الأراضي الليبية، فالسلطات الليبية ليست لها إدارة فاعلة تركز على إعادة المهاجرين غير النظاميين إلى بلدانهم، بل إن الجهود متواضعة جدا حتى في حصرهم وتحديد ظروفهم العامة بما في ذلك أوضاعهم الصحية، وتحديد مناطق وجودهم وإقامتهم، والانتقال بمن ترغب السلطات في بقائهم إلى وضع أفضل وتحويلهم إلى فئة العمالة الوافدة من خلال تقنين أوضاعهم.

ولهذا فالتحدي خطره في ازدياد، خاصة في ظل الظروف السياسية والأمنية التي تحد من سلطة الدولة الليبية وهيبتها، ومع الضغوط والسياسات غير المقبولة التي يفرضها الاتحاد الأوروبي، والمعاملة القاسية التي واجهها الكثير منهم على يدي من توروطوا في استغلالهم ممن يحسبون على السلطات المعنية بإدارة الملف، فإن المهارجين غير النظاميين قد يتحولوا إلى قنبلة موقوتة.

الجديد المقلق هو تطور موقف بعض من يحسبون على النخب والمتدخلين الأفارقة في هذه القضية، إحياء للقومية القائمة على العرق الأفريقي، والدعوة لاستعادة بلدان شمال القارة من قبل ذوي البشرة السمراء، وهذا برغم أنه موقف محدود إلا أنه قد يكون الشرارة التي تلهب الوضغ، وقد يؤسس لسلوك عنفي مؤدلج، وهنا قد تتحول الاضطرابات التي تجددت في مناطق عدة في تونس وليبيا من قبل المهاجرين غير النظاميين الأفارقة إلى ما هو أخطر.

المطلوب أن لا تتحول قضية المهارجين إلى ورقة سياسية محلية للتكسب وتعزيز النفوذ أو أن تكون مادة للنيل من الخصوم، وأن يتم التعامل معها بحزم وفاعلية ضمن رؤية وخطة تأخذ في الاعتبار كل المعطيات الحاضرة والتداعيات المستقبلية، وغير ذلك فإن "الهم الليبي" سيتعاظم أكثر بتعاظم أزمة المهاجرين غير النظاميين في البلاد.

مقالات مشابهة

  • مشروع ربط كهربائي بين ليبيا والجزائر وتونس في طور الدراسة
  • بعد ليبيا وتونس.. الجزائر تستنفر لمكافحة «الجراد الصحراوي»
  • الأخضر: العمل جارٍ بمشروع الممر الكهربائي بين ليبيا والجزائر وتونس
  • وزير الخارجية الأمريكي: سنتخذ إجراءات ضد الدول التي فرضت علينا رسوما جمركية
  • روبيو: أمريكا سترد على الدول التي فرضت عليها رسوما جمركية
  • الحراري: ليبيا لن تتحمل تدفقات جديدة من المهاجرين
  • المهاجرون الأفارقة ومخاطر التوطين في ليبيا
  • تركيا الأولى عالميا ضمن الدول التي يصعب فيها امتلاك منزل!
  • بينها اليمن.. قائمة الجنسيات التي ستفرض عليها إدارة ترامب حظر سفر
  • صوان: ليبيا لا يجب أن تتحمل أزمة الهجرة وحدها وعلى الدول المعنية تحمل مسؤولياتها