سواليف:
2025-01-24@08:35:57 GMT

سرور شهيد الغدر نصير غزة وشريان أهلها

تاريخ النشر: 23rd, April 2024 GMT

في ظلال #طوفان_الأقصى “60”

سرور شهيد الغدر نصير #غزة وشريان أهلها

بقلم د. مصطفى يوسف #اللداوي

ربما لا يعرفه الكثير من شعبنا الفلسطيني في غزة، ولم يسمعوا باسمه من قبل، ولم يتعرفوا على مهمته، ولم يحيطوا علماً بدوره، ولم يدركوا قدره، رغم أن الكثير منهم يشعرون بأثره، ويعتاشون على بعض جهده، وتصلهم حوالاتٌ ماليةٌ منه أو عبره، فقد نذر نفسه منذ سنواتٍ طويلةٍ لخدمة أهل غزة ومساعدة فقرائها، ومساندة المقاومة ونصرة شعبها، وانشغل بالبحث عن سبل دعمهم وأشكال مساندتهم، وتكبد المشاق وتحمل الكثير من الأعباء من أجلهم، وخسر أموالاً وفقد مدخراتٍ، وتجشم الصعاب وعرض نفسه للأخطار، بينما كان يجوب الآفاق ويتصل مع مختلف الجهات المالية بحثاً عن مسالك آمنة، وعناوين مضمونة، يستطيع من خلالها أن يوصل الأمانات إلى أهلها، ويقدم المساعدات إلى مستحقيها.

مقالات ذات صلة إنعاش الذاكرة 2024/04/23

كان الشهيد محمد إبراهيم سرور “أبو جعفر”، اللبناني البعيد عن غزة سكناً وإقامةً، والمقيم في بيروت المقاومة والصمود، والمتحدر من بلدة اللبوة البقاعية الحدودية، يعرف أن مهمته خطرة، وأنها صعبة وغير سهلة، وأن العدو الإسرائيلي الذي يتربص بالمقاومة ويلاحق رجالها ويستهدف قادتها، لا يغيب عن عيونه المفتوحة وأجهزته الراصدة، كلُ الذين يدعمون المقاومة ويساندون رجالها، وينشغلون بها ويهتمون بأمرها، ولا يغض الطرف عن الذين يساهمون في صمود أهلها وثبات حاضنتها، ويوصلون المال لأبنائها، ويتعهدون فقراءها، ويتكفلون بضمان مستحقاتهم، وتعويضهم عنها في حال ضياعها أو انكشاف أمرها ومصادرتها.

أبو جعفر سرور ليس من غزة لكنه يعرف أهلها، ولم يسبق له أن زارها أو وطأ أرضها، وإن كان يحب ويتمنى، ويدعو الله عز وجل صادقاً أن يرزقه شرف زيارتها والتجوال فيها، ومشاركة أهلها الرباط ومقاومتها القتال، وقد كان يعرف أزقتها وحواريها، ويحفظ أسماء بلداتها ومخيماتها، ويعرف أيام العمل وساعات الراحة، وأوقات العطل وساعات الذروة والنشاط، وكان يعرف محالها التجارية الكبيرة، ومكاتب الصيرفة الشهيرة، ومتاجر الذهب وتجار العملة، وقد نال ثقتهم جميعاً بصدقه وأمانته، وطيبه وبساطته، فحفظوا كلمته وصانوا عهده، وهو الذي لم يخن الأمانة ولم يفرط بحقٍ، ولم يتأخر عن نصرة محتاج ومساعدة من يستحق، فقيراً كان أو غنياً، محتاجاً أو ميسوراً، رجلاً أو امرأة، ممن يعرف أو يجهل.

إنه الحاج “هلال” الذي تعرفه مكاتب الصيرفة في غزة بهذا الاسم، وتحترم كلمته وتصون وعده، ولا تتأخر عن الوفاء بتعهداته، وهو الذي طلب منها ألا ترد من جاءها يحمل اسمه ويطلب أمانته، وقد آلى على نفسه أن يسدد عمن عجز عن الوفاء، وتأخر عن السداد، وكان لا يبالي بكثرة عدد من يطرقون بابه ويسألون إحسانه، ولعلني أشهد أمام الله عز وجل أنه كان يرفض تماماً أن يربح من أهل غزة، وكان يحرم على نفسه الاستفادة من أموالهم، أو اقتطاع أي جزءٍ منها عمولةً أو رسوم تحويل، وكان يتبرع من حر ماله من حينٍ لآخر لمن يستحق من أهل غزة، ولا يرد من سأله المساعدة أو طلب منه المساهمة.

اليوم يغيب عنا الحاج محمد إبراهيم سرور، ويلقى الله سبحانه وتعالى شهيداً، وهو الذي ما تأخر يوماً عن سؤاله الشهادة، وما تردد في السعي إليها والفوز بها، وقد عرفته يحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وآل بيته الأطهار، ويزور مقاماتهم، ويتقرب إلى الله عز وجل بأقدارهم، ويتكبد المشاق ويتجشم الصعاب حجاً إلى بيت الله الحرام، أو زيارةً إلى مقامات آلِ بيت رسول الله.

يغيب عنا أبو جعفر الذي أصدرت في حقه الخزينة الأمريكية عقوباتٍ اقتصادية، بذريعة دعمه للمقاومة، ومساندته لأهل غزة خاصةً والفلسطينيين عامةً، ولكن القرار الجائر الظالم، المنحاز الباطل، لم يفت في عضده ولم يضعفه، ولم يفتر عزيمته ولم يقلقه، بل مضى على ما عاهد عليه الله عز وجل، واستمر في طريق ذات الشوكة، غير عابيءٍ بما قد يصيبه أو يلحق به، فقد باع لله عز وجل نفسه بالجنة، واستبدل الدنيا الفانية بالآخرة الباقية، وقد فاز والله بما طلب وتمنى، واستحق الشهادة التي عنها ما فر ولا تولى.

لعلَّ الله عز وجل قد استجاب دعاءه ولبى رجاءه، وقد علم أنه يقصده صادقاً ويدعوه مخلصاً، فاختاره شهيداً على طريق القدس ومن أجل فلسطين، واصطفاه دون غيره ليكون كأعلام المقاومين الذين نال منهم العدو الإسرائيلي غدراً وغيلةً، فلحق بركب الشهداء الكبار وكوكبة المقاتلين الأطهار، إذ استدرجته عميلةٌ إسرائيلية، تقمصت دور حاجةٍ لبنانيةٍ إلى فيلا بعيدة في بيروت، بحجة استلام حوالةٍ ماليةٍ وصلتها من النجف العراقية، وفي المرة الثانية التي اطمأن فيها ووثق، كان في انتظاره عملاء إسرائيليون آخرون، نجحوا في الفرارة ومغادرة لبنان بعد قليلٍ من تنفيذ جريمتهم، وكانوا قد تربصوا به واستعدوا له، وتجهزوا للفرار كما للتنفيذ، ولعلهم حاولوا قبل قتله بسبع رصاصاتٍ اخترقت أماكن عدة من جسده، ومزقت أطرافه وهشمت عظامه، التحقيق معه واستنطاقه، وأخذ بعض المعلومات منه.

لكن الرجل الذي عرف عنه العمل بصمت، والسعي بهدوء، والتنقل بين المناطق بنفسه على دراجته النارية، بتواضعه الجم، وأسماله البسيطة، وابتسامته المبشرة، صمد أمامهم، وقاوم جبروتهم، واستقوى بالله عز وجل عليهم، وهو الذي كان بينهم وحيداً وقد تكاثروا عليه وتجهزوا له، وتحمل شديد العذاب الذي ظهر على جسده، حتى لقي الله شهيداً، ولحق بالأنبياء والصديقين والشهداء، وما أظنه قد أعطاهم شيئاً مما منَّوا به أنفسهم، ولا مكنهم مما يريدون، فهذا رجلٌ قد صدق ما عاهد عليه الله، ووطن نفسه على خدمة الناس ونصرة المقاومة وانتظار الشهادة.

رحمة الله عليك أخي أبا جعفر، يا شهيد غزة وفلسطين، يا شهيد القدس والمجاهدين، يا مقاتلاً معنا وقبلنا في طوفان الأقصى، أسكنك الله الجنة وجعلك من أهل الفردوس الأعلى، مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومع من تحب من خيرة الشهداء والصالحين، وسلام الله عليك في عليائك من غزة التي تحترق بنيران العدو، وهي التي لا تعرف عنك إلا بيض صنائعك وجميل عطاياك، فلك من كل بيتٍ فيها ومن كل أسرةٍ وعائلةٍ ساعدتها ووقفت معها وإلى جانبها سلاماً وتحية، وجعل ما قدمت لهم ومن أجلهم في ميزان حسناتك يوم القيامة، يرفع الله عز وجل به قدرك ويعلي مقامك ويرضى عنك.

بيروت في 23/4/2024

moustafa.leddawi@gmail.com

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: طوفان الأقصى غزة الله عز وجل وهو الذی أهل غزة

إقرأ أيضاً:

وزير الثقافة يفتتح معرض «ربع تون» للفنان نصير شمة

افتتح الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، معرض «ربع تون» للفنان العالمي نصير شمة، والذي يستضيفه قطاع الفنون التشكيلية، برئاسة الدكتور وليد قانوش، بقاعة الباب في ساحة دار الأوبرا المصرية، وذلك بحضور  الدكتورة نيفين الكيلاني،  وزيرة الثقافة السابقة، وعدد من الشخصيات العامة والفنانين وأساتذة الفنون.  

معرض «ربع تون»

وأشاد وزير الثقافة، بالمستوى الفني الرفيع للمعرض، قائلاً إن معرض «ربع تون» للفنان نصير شمة هو تجسيد حي لقوة الفن وقدرته على تجاوز الحدود الثقافية المتنوعة، حيث إن الأعمال المعروضة تمثل رحلة روحية وفكرية تلامس أعماق الروح، وتؤكد تميز إبداعات الفنان وتفرده، حيث استطاع أن يخلق لغة بصرية تعكس تجربته الموسيقية العميقة، مما يجعل هذا المعرض حدثاً استثنائياً يمزج بين ألوان الفنون المتنوعة.

ومن جهته قال الدكتور وليد قانوش رئيس قطاع الفنون التشكيلية، إن نصير شمة يقدم مجموعة من أعماله التصويرية التي تعكس تصوفاً ورهافة وكأنها نقوشاً على جدار أثري حيث أكسبها أسلوبه التجريدي أبعاداً رحبة للخيال والشاعرية وكأنها إحدى معزوفاته ولكن هذه المرة بصرية، تاركاً كل الحرية لوجدان المتلقي في قرائتها والتأثر بها فهي كما الألحان عذبة تسمح بنسج الحلم والأحاسيس. 

المعرض الثاني لـ نصير شمة

وقال الفنان نصير شمة، إن سعادته كبيرة أن يُقام معرضه الشخصي الثاني في القاهرة، حيث قضى فيها ثلث حياته مؤسساً وعازفاً وجزءًا فاعلاً من حركتها الثقافية. 

يذكر أن فعاليات المعرض تستمر حتى الأول من فبراير المُقبل، والزيارة يوميًا من 9 صباحاً حتى 9 مساءً، باستثناء أيام الجمعة.

مقالات مشابهة

  • حلفت ما اكلم أهلى إرضاء لزوجى .. ما الحكم؟ أمين الفتوى يرد
  • سبحان الذي أسرى بعبده.. القرآن لخص تفاصيل ليلة الإسراء والمعراج بهذه الآية
  • أروى جودة توضح سبب غياب أهلها عن عقد قرانها بعد تسريب الصور
  • هل يجوز الذهاب لأحد الشيوخ لعلاجي بالقرآن.. أمين الفتوى يجيب
  • دار الإفتاء تكشف السبب الرئيسي للهم والحزن الذي يصيب الإنسان فجأة
  • محافظ الدقهلية ينعي العقيد فتحي سويلم شهيد الواجب
  • الاحتلال يشن حملة اعتقالات واسعة في بيت لحم
  • وزير الثقافة يفتتح معرض «ربع تون» للفنان نصير شمة
  • والدة الطالب المجني عليه بالإسكندرية: سيخضع لعملية جراحية خطيرة ودقيق
  • لماذا اختار الله شهر رجب الذي تصب فيه الرحمات لفرض الصلاة؟ علي جمعة يوضح