انهيار هدنة في آخر معاقل الجيش السوداني في دارفور
تاريخ النشر: 23rd, April 2024 GMT
أطاحت الهجمات التي وقعت حول مدينة الفاشر السودانية بالهدنة التي كانت تحميها من حرب مستعرة منذ عام، الأمر الذي أدى إلى تحذيرات من موجة جديدة من العنف الطائفي ومخاطر إنسانية على 1.6 مليون من السكان المتكدسين في عاصمة ولاية شمال دارفور.
والفاشر هي آخر مدينة رئيسية في إقليم دارفور الشاسع في غرب البلاد التي لا تخضع لسيطرة قوات الدعم السريع شبه العسكرية.
ويقول سكان ووكالات إغاثة ومحللون إن القتال من أجل السيطرة على الفاشر، وهي مركز تاريخي للسلطة، قد يطول أمده ويؤجج التوترات العرقية التي ظهرت في الصراع الذي دارت رحاه في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين في المنطقة ويمتد عبر حدود السودان مع تشاد.
يضم سكان الفاشر ما يقدر بنحو نصف مليون شخص نزحوا خلال هذا الصراع السابق، عندما قام الجيش، بمساعدة الميليشيات العربية التي أصبحت فيما بعد قوات الدعم السريع، بإخماد تمرد الجماعات المتمردة غير العربية.
ونزح نحو نصف مليون شخص إضافي إلى المدينة خلال الحرب التي اندلعت بين الجيش وقوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم في نيسان/ أبريل 2023، مع وصول التوترات المستمرة منذ فترة طويلة بشأن دمج القوتين إلى ذروتها.
ومع امتداد الحرب إلى أجزاء أخرى من البلاد، توسط القادة المحليون لإبرام اتفاق هدنة في الفاشر، حيث اقتصر وجود قوات الدعم السريع على المناطق الشرقية من المدينة بينما ظلت الجماعات المتمردة السابقة على الحياد.
لكن هذا الترتيب انهار بعد أن سيطرت قوات الدعم السريع على بلدة مليط هذا الشهر، مما أدى إلى حصار الفاشر فعليا.
ويقول شهود إن الجيش عزز الإمدادات والقوات، بما في ذلك من خلال إنزال جوي لقاعدته في المدينة، على عكس ما حدث في عواصم الولايات الأخرى حيث فر الجنود بسرعة.
وقالت جماعتان متمردتان سابقتان بارزتان، هما جيش تحرير السودان بزعامة مني مناوي، وحركة العدل والمساواة بزعامة جبريل إبراهيم، إنهما ستتصديان أيضا لقوات الدعم السريع.
ويشعر العديد من غير العرب في الفاشر بالخوف.
وقال محمد قاسم (39 عاما) وهو أحد السكان لرويترز عبر الهاتف "الفاشر خطرة و الخروج من الفاشر أخطر".
قرى مدمرة
قال إسماعيل خريف، الناشط في مخيم أبو شوك للنازحين في المدينة، إن حتى قبل انهيار الهدنة، أدت المناوشات المتفرقة إلى مقتل أكثر من 220 شخصا في الفاشر العام الماضي.
وأضاف أن الاشتباكات التي وقعت في 16 نيسان/ أبريل خلفت 18 قتيلا على الأقل. ويقول هو وسكان آخرون إن إطلاق النار والقذائف، بما في ذلك من طائرات الجيش الحربية أصاب المنازل.
ومنذ بداية الشهر، تم تدمير ما لا يقل عن 11 قرية في ضواحي الفاشر، وفقا لصور الأقمار الصناعية التي حصل عليها مختبر الأبحاث الإنسانية بجامعة يال. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن ما لا يقل عن 36 ألف شخص نزحوا.
وألقى ناشطون محليون ومتحدث باسم جيش تحرير السودان اللوم على قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها، التي عُرف عنها استخدام الحرق العمد في هجمات سابقة، بما في ذلك في غرب دارفور. وقال ناشطون إن الناجين من الهجمات أبلغوا عن مقتل نحو عشر أشخاص، وإن المهاجمين استخدموا إهانات عرقية.
ونفت قوات الدعم السريع مهاجمة الفاشر، وقالت إنها حرصت على إبقاء الاشتباكات بعيدة عن المدنيين في المدينة، واتهمت الجيش والفصائل المتحالفة معه بمهاجمتها على مشارفها. ونفت قوات الدعم السريع في السابق مسؤوليتها عن العنف العرقي في دارفور.
ولم يرد الجيش على الفور على طلبات بالتعقيب.
وقال عوض الله حامد مدير منظمة براكتكال أكشن في دارفور، متحدثا لرويترز من المدينة التي لا يوجد بها سوى عدد قليل من العاملين في المجال الإنساني الدولي، إن الفاشر نفسها لم تعد بها مياه جارية أو خطوط كهرباء عاملة منذ عام. وأضاف أن مستشفى عام واحد فقط يعمل، بينما يكتظ النازحون بالمدارس والمباني العامة.
وقال جيروم توبيانا، الخبير في شؤون دارفور ومستشار منظمة "أطباء بلا حدود" الخيرية، إن القتال الشامل "يهدد بالفعل بتعقيد وصول المساعدات الإنسانية، في وقت تظهر فيه البيانات المتاحة أن الفاشر تعاني من أزمة غذائية خطيرة للغاية".
مخاطر اتساع رقعة الصراع
منذ بدء الحرب، لم تدخل سوى كميات صغيرة من المساعدات إلى الفاشر، وهي القناة الوحيدة التي وافق عليها الجيش للشحنات إلى أنحاء أخرى من دارفور. ويقول السكان إنه على الرغم من أن الأسواق تعمل، إلا أن سيطرة قوات الدعم السريع على الطريق الرئيسي تسببت في ارتفاع أسعار الوقود والمياه والسلع الأخرى.
كما أثارت التوترات وأعمال العنف الأخيرة حول الفاشر مخاوف بشأن اتساع رقعة الصراع.
وتنحدر الجماعات المتمردة السابقة التي تقاتل إلى جانب الجيش من قبيلة الزغاوة التي تمتد عبر الحدود إلى تشاد، ويعتبر الزعيم التشادي محمد إدريس ديبي أحد أعضائها.
ويقول محللون إن مصادمات تنشب منذ أمد طويل بين القبائل العربية وغير العربية مثل الزغاوة حول الأراضي والموارد القيمة في دارفور.
ومما يزيد الأمور تعقيدا دخول القوات التابعة لموسى هلال، وهو قائد عربي بارز من أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ومنافس لقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، على الرغم من انتمائه إلى نفس القبيلة. وأكد متحدث باسم مجلس الصحوة الثوري تسجيلا مصورا لهلال وهو يخاطب القوات في شمال دارفور يوم الاثنين، لكنه قال إنه من السابق لأوانه القول ما إذا كانت القوات ستنضم إلى القتال في الفاشر أو في أي مكان آخر.
وقال يوناس هورنر، وهو محلل سوداني مستقل "حتى لو كان هناك وقف لإطلاق النار بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، فإن الأمر أكبر من ذلك. ثمة حسابات يجري تسويتها وتوترات تتجدد".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية السودانية دارفور الدعم السريع السودان دارفور الدعم السريع المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قوات الدعم السریع فی دارفور فی الفاشر
إقرأ أيضاً:
مجموعة مناصرة دارفور تكشف عن انتهاكات الدعم السريع ضد النساء في مدينتي الفاشر وزالنجي
عقدت مجموعة مناصرة دارفور الاربعاء 22 يناير 2025، مؤتمرا صحفيا في العاصمة الكينية نيروبي استعرضت فيه تقريرا لها حول العنف الجنسي المرتبط بالنزاع في الفاشر وزالنجي، جاء تحت عنوان ’’ عاملوني كأني ما انسان ‘‘.
حسن اسحق : نيروبي
عقدت مجموعة مناصرة دارفور الاربعاء 22 يناير 2025، مؤتمرا صحفيا في العاصمة الكينية نيروبي استعرضت فيه تقريرا لها حول العنف الجنسي المرتبط بالنزاع في الفاشر وزالنجي، جاء تحت عنوان ’’ عاملوني كأني ما انسان ‘‘.
وكشف المؤتمر انماط العنف والانتهاكات الجسيمة التي تعرضت لها النساء والفتيات في مدينتي الفاشر وزالنجي، وتطرقت محاور المؤتمر الي انماط العنف الجنسي، والعنف الجنسي المرتبط بالنزاع كجريمة دولية، وشهادات من ارض الواقع، اصوات من شهود عيان وناجيات لتسليط الضوء علي الحقائق المروعة.
فرض حصار ممنهج علي مدينة الفاشر
تطرقت تقرير المجموعة الي عدد من الحقائق في دارفور غربي السودان، مشيرة في الفترة من ابريل الي يونيو 2024، نزح ما يقدر بنحو 328,981 شخصا من مدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور، وفي شهر مايو 2024، فرضت قوات الدعم السريع حصارا خانقا علي الفاشر، مما ادي الي عزلها بالكامل عن المناطق المحيطة بها.
جاء في التقرير، ان قوات الدعم السريع اغلقت الطرق المؤدية الي المدينة ومنعت دخول الامدادات الاساسية، وتسبب الحصار في ازمة انسانية خانقة، حيث شهدت الاسواق نقصا حادا في المواد الغذائية، وارتفاعا كبيرا في الاسعار، مما ادي الي تفاقم معاناة السكان والنازحين.
خروج المستشفيات عن الخدمة
اشار تقرير مجموعة مناصرة دارفور الي تعرض المستشفيات في الفاشر الي قصف ممنهج من قبل قوات الدعم السريع، مما ادي الي خروجها عن الخدمة، وشمل القصف اكثر من 9 مستشفي مركزيا، ومن بين هذه المستشفيات، تم استهداف المستشفي السعودي للنساء والولادة بشكل ممنهج عن طريق القصف المدفعي من قبل الدعم السريع.
اكد التقرير ان المستشفي السعودي تعرض ل14 هجوما باستخدام الطائرات المسيرة ’’ الدرون‘‘، وادي هذا الهجوم عن خروج قسم العنف المبني علي النوع الاجتماعي عن الخدمة بشكل كامل، وتم استهداف عنبر النساء والولادة بواسطة طائرة مسيرة استراتيجية، مما ادي الي تدمير العنبر بالكامل وخروجه عن الخدمة.
جرائم الدعم السريع في الفاشر
اشار تقرير مجموعة مناصرة دارفور، خلال الفترة ما بين ابريل 2023 وديسمبر 2024 الي توثيق انماطا مختلفة من العنف الجنسي في مدينة الفاشر، وثق بشكل كامل 17 حالة اغتصاب في مدينة الفاشر، ومع وجود اكثر من 80 حالة اغتصاب مؤكدة لم يتم توثيقها بسبب انعدام الامن والقصف المستمر، وصعوبة الوصول الي مدينة الفاشر، شملت انتهاكات جسيمة ضد النساء والاطفال، تضمنت هذه الحالات اعتداءات ممنهجة ارتكبتها قوات الدعم السريع، والتي كانت المسؤول الاكبر عن هذه الجرائم.
ولاية وسط دارفور … الاسترقاق الجنسي للنساء والفتيات
تطرق التقرير ايضا الي الاوضاع في ولاية وسط دارفور، في العاصمة زالنجي، في 31 اكتوبر 2023، عند اجتياح الدعم السريع القاعدة العسكرية للجيش الفرقة 21، هاجم الدعم السريع معسكر الحصاحيصا المتاخم للفرقة، ووفقا لشهود عيان فقد شهد المعسكر انتهاكات جسيمة علي المدنيين، بما في ذلك، حالات اغتصاب واختطاف، واسترقاق جنسي للنساء والفتيات في المعسكر.
وكذلك اشار تقرير مجموعة مناصرة دارفور الي الوصمة الثقافية والاجتماعية وانعدام الخدمات والخوف من الانتقام بعد السيطرة الكاملة للدعم السريع وفقت حائلا دون الابلاغ عن الحوادث او طلب المساعدة، واضاف التقرير ان هذا الصمت لا يساهم فقط في استمرار دورة العنف، بل يعوق الجهود المبذولة لتوثيق الازمة، ومعالجتها بشكل شامل، وادي غياب التدخلات المنسقة لمعالجة العنف القائم علي النوع الاجتماعي في زالنجي الي ترك الناجيات دون سبل لتحقيق العدالة او الشفاء.
وثقت المجموعة انماط العنف الجنسي في مدينة زالنجي، مشيرة الي النساء والفتيات يتعرضن لانماط مروعة من هذا العنف، جميعها ارتكبت بواسطة قوات الدعم السريع، اضافة الي الاساءات اللفظية والعرقية، واتهامهن بانهن يساعدن الجيش السوداني، ويتم استهداف الناجيات في نقاط الارتكاز التابعة لهم حول المدارس وحول معسكر الحصاحيصا الذي كان يعد ملاذا امنا للنازحين، ولكنه تحول الي موقع لانتهاكات جسيمة بعد سيطرتها علي قيادة الفرقة 21 في الحادي والثلاثين من اكتوبر 2023.
ishaghassan13@gmail.com