ما قامت به السلطات الجزائرية من تفتيش أمتعة فريق نهضة بركان وحجز أقمصته والتسبب في إلغاء مباراة رياضية قارية بسبب خريطة المغرب يكشف من جديد أننا أمام نخبة جزائرية فاقدة للعقل ويحكمها العداء الأعمى لحد الهوس تجاه المغرب. مع الأسف هذه الممارسات تعطي الدليل لكل من لازال يراهن على إمكانية التقارب والحوار وبناء علاقات ودية مع هذا البلد الجار بأنه لا أمل في نخبة لا تعير أي اعتبار لرابطة الإسلام والعروبة ووحدة المصير ومبادئ حسن الجوار.
الأجيال الحالية في الجزائر ربما تتساءل عن سر هذا العداء الدفين المستحكم لدى النخبة الحاكمة التي تتوارث عقدا تاريخية تجاه المغرب. جماهير كرة القدم التي حجت إلى الملعب كانت ترغب في الاستمتاع بالمباراة، ولم يكن يدور في ذهنها أن مجرد قميص عليه خريطة بلد جار، سيثير كل هذه الضجة. هي عقد التاريخ، وعقد الجغرافيا: المغرب اختار منذ استقلاله النظام الملكي المنفتح على المعكسر الغربي، والجزائر اختارت منذ استقلالها المعسكر الاشتراكي، وتبنت نموذجا قريبا من كوريا الشمالية. المغرب يطل على المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، والجزائر معظم أرضيها الشاسعة صحراء، غنية بالموارد الطبيعية، وأطماعها وراء دعم البوليساريو تتضمن جانبا يتعلق بإيجاد منفذ على المحيط لتسهيل النشاط التجاري. قبل ذلك كانت حرب الرمال سنة 1963، والتي كانت الجزائر هي البادئة بالإعتداء فيها على المغرب والتي ردد فيها الرئيس بومدين مقولته « حكرونا المغاربة ». الجزائر دعمت المعارضة المغربية لإسقاط النظام الملكي وفشلت..لقد تورطت في تدريب وتسليح معارضين فوق أرضيها. وتبقى خطيئتها الكبرى هي أنها تبنت حركة انفصالية مولتها ومنحتها أرضا فوق ترابها لمحاربة المغرب، ورصدت أموالا طائلة من مداخيل البترول والغاز لتمويل جهود ديبلوماسية مكرسة لمحاربة استكمال المغرب لوحدته الترابية. طبعا المغرب رد ودافع عن مصالحه.
المثير انه كل ما وقع اضطراب أو مشكل في الجزائر تسارع النخب الحاكمة في الجزائر إلى اتهام المغرب، حتى الحرائق التي وقعت في السنوات الأخيرة اتهمت فيها المغرب، ربما غدا سيتهمون المغرب بالتسبب في عدم سقوط الأمطار في الجزائر، أو في حدوث فيضانات فيها.. وحتى الحركات السياسية المعارضة مثل ماك ورشاد يقف ورائها المغرب. هكذا هي العقلية الجزائرية.
هذه هي الحقيقة، مع الأسف. لم تكتف الجزائر بكل ذلك بل قطعت العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، وفرضت إغلاق الأجواء الجزائرية أمام الطيران المدني المغربي، وواصلت تقديم كل الدعم لحركة انفصالية في الصحراء المغربية، إيواء ودعما ماليا، وتسليحا. بل أطلقت قادة جزائريون تهديدات بخوض حرب ضد المغرب.
كل هذا لم يكف، وكان يجب محاربة حتى الفرق المغربية الكروية والتضييق عليها، في مخالفة لكل أعراف حسن الضيافة والأواصر بين الجيران وأخلاقيات الكرة.
فريق نهضة بركان استعمل قميصه الذي يحتوي على الخريطة خلال المباريات السابقة التي خاضها وبمصادقة من الكاف، فأين المشكل؟ كان يمكن أن تمر المباراة دون افتعال هذه المشكلة بتفتيش الأمتعة والبحث عن الخريطة، ومصادرة الأقمصة، في مشهد سريالي. لكن هي عقلية العداء التي تفسر هذا السلوك.
الغريب أن عددا من المسؤوليين والرياضيين والمحلليين الجزائريين قالوا بأن خريطة المغرب المرسومة على القميص البركاني، « تمس السيادة الوطنية الجزائرية »، فكيف لمجرد رسم على قميص رياضي أن يهدد سيادة دولة، إلا إذا كانت هذه السيادة من ورق. وهناك من أعماه التعصب وذهب أبعد حين قال عن رفض خريطة المغرب إن « سيادة الشعب والوطن أهم من مباراة الكرة ».. ولله في خلقه شؤون..
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: فی الجزائر
إقرأ أيضاً:
صحيفة جزائرية: النظام المغربي يتاجر بالشعب الليبي ويعرقل جهود الجزائر لاستقرار ليبيا
ليبيا – تقرير جزائري يهاجم التدخل المغربي ويصفه بالمتاجرة بمآسي الليبيين انتقادات لتصريحات الدبيبة حول اجتماع أبو زنيقةسلط تقرير تحليلي نشره القسم الإنجليزي في شبكة “الشروق” الإخبارية الجزائرية الضوء على ما وصفه بـ”تدخل النظام المغربي” في الأزمة الليبية، معتبراً أن حكومة عبد الحميد الدبيبة وجهت “ضربة موجعة” لاجتماع أبو زنيقة بين مجلسي النواب والدولة الاستشاري حسب زعمه.
وأشار التقرير إلى تصريح وزير الخارجية الطاهر الباعور بشأن عدم التنسيق مع رئيسي المجلسين حول هذا الاجتماع، ما دفع الدبيبة لانتقاد اللقاء بحجة إمكانية عقده في العاصمة طرابلس لتقليل الإنفاق ومنع التدخلات الخارجية التي تعيق استكمال المراحل الانتقالية.
انتقاد للدور المغربي في ليبياهاجم التقرير ما وصفه بـ”محاولات النظام المغربي” للتدخل في الشؤون الليبية منذ بداية الأزمة، واعتبرها معارضة صريحة للجهود الجزائرية الهادفة لاستقرار ليبيا وتأمين حدودها الشرقية. وأوضح أن المغرب لا يمتلك اتصالاً جغرافياً مع ليبيا، مما يجعل تدخله في شؤونها محض مزايدة سياسية.
اتهامات للمغرب بتسويق صورة زائفةواعتبر التقرير أن المغرب يسعى لتسويق ما وصفه بـ”اختراقات دبلوماسية” غير واقعية، في محاولة لتعزيز شرعية نظامه السياسي الذي وصفه بـ”المترهل والموروث من العصور الوسطى”. كما أشار التقرير إلى أن المغرب يهدف إلى إيجاد موطئ قدم في دول الأزمات المجاورة للجزائر، في إطار منافسة إقليمية غير مبررة.
ترجمة المرصد – خاص