تونس- أدرج مراقبون سياق الاجتماع التشاوري الأول لقمة الرئيس التونسي قيس سعيد ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، في مسار تكثيف التنسيق الأمني على الحدود والتصدي للهجرة غير النظامية المتنامية وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية.

وبدعوة من سعيد، انعقد أمس الاثنين الاجتماع بقصر قرطاج بالعاصمة تونس وهو الأول من نوعه بعد القمة السابعة للغاز بالجزائر التي انعقدت من 29 فبراير/شباط إلى الثاني من مارس/آذار 2024.

واتفق حينها القادة الثلاثة على تكرار الاجتماع بالتناوب مرة كل 3 أشهر في إحدى عواصم الدول الثلاث.

وتضمن إعلان القمة الثلاثية نقاط تعاون وشراكة عدة على المستوى الأمني، مثل تكوين فرق عمل مشتركة لتنسيق الجهود لحماية أمن الحدود المتلاصقة بين البلدان الثلاثة من مخاطر الهجرة غير النظامية، خاصة من دول جنوب الصحراء وغيرها من مظاهر الجريمة المنظمة.

توحيد المواقف

ويأتي الاجتماع بعد زيارة أجرتها، الخميس الماضي، رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني بهدف مقايضة تونس بمساعدات مالية في ظل ما تعيشه من أزمة مالية، مقابل دفعها للعب دور الحارس البحري للبوابة الأوروبية للتصدي للمهاجرين التونسيين والأفارقة، بحسب مراقبين.

كما تضمن البيان الأول توجها لتوحيد المواقف في التعاطي مع الدول المعنية بظاهرة الهجرة غير النظامية في البحر المتوسط، وتنسيق العمل لدفع المشاريع والاستثمارات المشتركة في الطاقة والفلاحة وفتح خط بحري بين البلدان الثلاثة وتسهيل حركة الأشخاص والسلع وتنمية المناطق الحدودية بينها.

من جهة أخرى، شدد على الرفض التام للتدخلات الأجنبية في الشأن الليبي ودعم الجهود الساعية للتوصل إلى تنظيم انتخابات تحفظ سلامة وأمن ليبيا واستقرارها، وللتدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للبلدان الثلاثة. كما أدان الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني من قبل إسرائيل ودعا إلى وقف العدوان على غزة.

وفي ختام الاجتماع، تقرر تكوين نقاط اتصال لمتابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه من قبل القادة تمهيدا لعقد اللقاء القادم بعد التشاور فيما بينهم.

يقول الدبلوماسي السابق عبد الله العبيدي للجزيرة نت إن هذا الاجتماع كشف في طياته رغبة ملحة لدى الدول الثلاث لتكثيف التنسيق الأمني بين حدودها المترابطة، في ظل تصاعد تدفق المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء وبروز توترات أمنية خطيرة تنبئ بتجدد الاشتباكات بالأسلحة في ليبيا المنقسمة بالصراعات الداخلية.

وبرأيه، فإن الجزائر استشعرت وجود مخاوف أمنية محدقة على حدودها البرية مع جارتها ليبيا نتيجة انتشار النزاعات والأسلحة وتغلغل أجنبي في ليبيا بقوات عسكرية من أميركا وتركيا وروسيا. وأشار إلى أن هذا يشكل تهديدا مباشرا على حدودها من قبل دول لديها أطماع في ثروات الجزائر الطبيعية كدولة كبرى منتجة للطاقة، حسب تعبيره.

ضغوطات

ويخشى العبيدي على الموقف التونسي من تفجر الأوضاع الأمنية في ليبيا ناهيك عن الضغوطات بسبب ما تواجهه البلاد من تدفق المهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء القادمين من ليبيا والجزائر، ويرى أن هذا التنسيق الثلاثي يعد وسيلة لتونس للعمل على مزيد تأمين حدودها.

ومع عدم توجيه الدعوة إلى المغرب وموريتانيا، يستبعد الدبلوماسي السابق أن يكون اجتماع القمة الثلاثية مقدمة لتأسيس كيان مغاربي جديد على أنقاض اتحاد المغرب العربي المعطل منذ 1994.

وتوترت العلاقة بين تونس والمغرب بسبب استقبال الرئيس سعيد رسميا زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي في 26 آب/أغسطس 2022 بالمطار الرئاسي، بمناسبة مشاركته في الدورة الثامنة لندوة طوكيو الدولية للتنمية في أفريقيا.

ويقول مصطفى عبد الكبير رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان ومختص في الشأن الليبي، إن الاجتماع بين سعيد وتبون والمنفي يعكس وجود وعي مشترك بخطورة التغيرات الإقليمية والدولية التي لا يمكن لأي بلد أن يتعامل معها بشكل منعزل خارج إطار توحيد المواقف والتنسيق الأمني والسياسي.

ويرى، في حديثه مع الجزيرة نت، أن هذا الاجتماع فرضته العديد من الظروف الجارية والملفات، أبرزها ملف الهجرة غير النظامية المتنامية والوضع الأمني المتوتر داخل ليبيا ومخاطر الإرهاب القائمة بالمنطقة والمسار السياسي لأنظمة البلدان الثلاثة.

وتابع أن تدفق المهاجرين باتجاه تونس كبلد عبور نحو أوروبا أصبح مرهقا لها وهي التي تعيش على وقع انتقادات كبيرة داخليا وخارجيا في علاقة بالتعامل مع حقوق المهاجرين، إضافة إلى الضغوطات الأوروبية بقيادة رئيسة الوزراء الإيطالية التي زارت تونس 4 مرات.

فرصة

وباعتقاد عبد الكبير، فإن هذه القمة مثلت فرصة خاصة للرئيس سعيد ليضمن التعاون مع ليبيا والجزائر لحماية الحدود ومنع التدفقات الكبيرة للمهاجرين.

كما يشكل عدم الاستقرار الأمني في ليبيا أحد العوامل الدافعة لعقد اجتماع القمة، لا سيما مع ظهور قوات أجنبية تركية وأميركية على الحدود التونسية بقاعدة الوطية على مسافة 27 كيلومترا من المعبر الحدودي "رأس الجدير" المغلق حاليا مع ليبيا، وهو ما يشكل مصدر قلق أمني للمنطقة، حسب كلامه.

وتربط تونس والجزائر علاقات اقتصادية قوية، إذ تمرر الجزائر الغاز لإيطاليا عبر تونس مقابل عائدات مالية وحصة من الغاز. كما قدمت الجزائر عددا من القروض بالعملة الصعبة لتمويل موازنة تونس في ظل الأزمة المالية التي تعاني منها.

كما تربط تونس وليبيا علاقات اقتصادية متينة، لا سيما فيما يتعلق بتصدير السلع الغذائية إلى ليبيا. وتنتعش التجارة في جنوب تونس بفضل توريد السلع من الجارة ليبيا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات غیر النظامیة فی لیبیا

إقرأ أيضاً:

ليبيا تشارك بمهرجان «الإذاعة والتلفزيون العربي» في تونس

شارك وفد من شبكة “إذاعة وتلفزيون ليبيا الوطنية”، في الدورة 24 لمهرجان الإذاعة والتلفزيون العربي، التي نظمت في تونس.

وبحسب وكالة “وال”، “مثلت مشاركة الوفد الليبي في المهرجان خطوة لتعزيز التعاون والتواصل الإعلامي بين ليبيا والدول العربية”.

وأجرى الوفد الليبي المشارك في المهرجان، العديد من اللقاءات مع ممثلي شبكات إذاعات وتلفزيونات عمومية ومنظمات إعلامية عربية ودولية، وشركات إنتاج للأعمال الإذاعية والتلفزيونية من مختلف الدول العربية.

وناقش الوفد الليبي، “سبل تطوير التعاون الإعلامي بين ليبيا والدول العربية، وتبادل الخبرات والتجارب، وإمكانية مشاركة الإنتاجات الليبية في مختلف المحافل العربية والدولية”.

وأظهر الوفد الليبي تفاعله الكبير مع مختلف فعاليات المهرجان، وحرصه على إبراز ثقافة ليبيا وتراثها من خلال الأعمال الإذاعية والتلفزيونية التي عرضت.

وأوضح مدير إذاعة ليبيا الوطنية المسموعة بالشبكة أحمد المقصبي لـ«بوابة الوسط»، “أن اجتماعات الوفد الليبي مع العديد من الوفود المشاركة في المهرجان استهدفت الوصول إلى عدة تفاهمات واتفاقات مع هذه الجهات تتمثل في العمل على خلق تبادلات برامجية وخبرات إعلامية وفنية وإقامة ورش عمل مشتركة وتدريب الكوادر الليبية والعمل على خلق فرص للإنتاج المشترك مع الشبكة في مجالات الدراما والبرامج الفنية والثقافية والطفل”.

وقال المقصبي: “إن إدارة شبكة إذاعة وتلفزيون ليبيا الوطنية سعت للتواجد في مثل هذه الفاعليات لإثبات عودة الإعلام الليبي للمشاركة في المحافل الإعلامية الدولية والإقليمية لنقل الصورة الحقيقية لما تشهده ليبيا من خطوات وإجراءات تسعى إلى التطوير الإعلامي فنيا ومهنيا”.

وأضاف أن “الجهات المشاركة في المهرجان أبدت ترحيبها بالمبادرات كافة للعمل مع شبكة إذاعة وتلفزيون ليبيا، وأكدت رغبتها في التواصل والعمل المشترك بما يعود بالفائدة على الجميع وتقريب أواصر العلاقات وتدعيمها وديمومتها وتطويرها بصفة مستمرة والتواجد على الساحة الإعلامية”.

وأشار مدير إذاعة ليبيا الوطنية المسموعة، “إلى أن الوفد الليبي المشارك في فعاليات مهرجان الإذاعة والتلفزيون العربي، توصل إلى تفاهم حول «مسودة مشروع اتفاقية» بين كل من شبكة إذاعة وتلفزيون ليبيا الوطنية والتلفزة التونسية والإذاعة الجزائرية”.

هذا وضم الوفد الليبي المشارك في المهرجان مدير عام شبكة إذاعة وتلفزيون ليبيا الوطنية عواطف الطشاني، وعددا من مديري الإدارات بالشبكة.

وأقيمت الدورة 24 لمهرجان الإذاعة والتلفزيون العربي في مدينة الثقافة الشاذلي القليبي بتونس خلال الفترة من 26 إلى 29 يونيو الماضي، تحت شعار “نصرة فلسطين”.

وشهد المهرجان مشاركة واسعة من مختلف الدول العربية، وتضمن العديد من الفعاليات والأنشطة، بما في ذلك عروض الأعمال الإذاعية والتلفزيونية، والندوات، وورش العمل، والمعارض.

مقالات مشابهة

  • تونس يحدد 6 أكتوبر موعداً للانتخابات الرئاسية
  • تونس.. تحديد موعد إجراء الانتخابات الرئاسية
  • تونس.. تحديد السادس من تشرين الأول المقبل موعداً للانتخابات الرئاسية
  • لقاء سويدان تجري عملية جراحية.. ربنا يقطعها عادة
  • أوشاكوف: بوتين يعتزم لقاء شي جين بينغ وأردوغان على هامش قمة شنغهاي للتعاون
  • بعد واقعة حفلة راغب علامة.. قيس سعيد ينتقد مهرجانات تونس
  • ليبيا تشارك بمهرجان «الإذاعة والتلفزيون العربي» في تونس
  • وزير الداخلية التونسي: ملتزمون ببنود الاتفاق الأمني مع ليبيا ومستعدون لتسيير العمل بمعبر رأس جدير
  • ناقد رياضي : جوميز كان يرغب في خوض لقاء القمة
  • تعزية تبون لجلالة الملك على التلفزيون الجزائري (فيديو)