إعتبر البطريرك روفائيل بدروس الحادي والعشرون ميناسيان كاثوليكوس بطريرك بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك أن "سيناريو الإبادات يتكرر في فلسطين"، لافتاً الى أننا "اليوم نرى ما تحملناه في الماضي من ذبح وتهجير وتجويع ونفي وطمر جماعي في الصحاري بدون أي ضميرٍ".


وقال ميناسيان في كلمة ألقاها خلال مشاركته في محاضرة بعنوان "من أجل إبقاء الذاكرة حية"، لمناسبة السنة الخمسين لتأسيس مجلس كنائس الشرق الأوسط، حول الإبادة الأرمنيّة في البطريركية الأرمنية الكاثوليكية - الجعيتاوي: "نجتمع لنحيي ذكرى شهداء المذابح التي جرت على عدّة طوائف من السريان والكلدان والروم بأغلبيتهم من الأرمن بحزن وأسى عميقين.

وهنا ستتعجبون إذ أبدأُ كلمتي هذه على الشكل التالي: أذكر فيها ليس الأرمن فقط وليس جميع الطوائف المسيحية بل واذكر أيضًا مجزرة ومذبحة رواندا سنة ١٩٤٩ وليس بمذبحة الأرمن في سنة ١٩١٥ والأعجب في ذلك هما الاثنان وقعوا في ذات الشهر من نيسان. لكنّني أنا أيضًا شخصيًا أحسّ عكس ذلك الحزن والأسى، إنّني أحسّ الفرح والابتهاج وأفتخر بتضحية هؤلاء الأجداد الذين أعطوا حياتهم في سبيل دينهم لأنّهم بموتهم أعطوا العالم أجمع أجيالاً من عباقرة وفنّانين وأدباء وحكماء أعطوا حياة جديدة مثلما أعطانا المسيح المخلّص بموته وصلبه وقيامته حياة جديدة أبدية وروحية". 


واضاف: "ولدنا من آباء وأمّهات يتامى شاهدوا ورأوا أهلهم مذبوحين وملطخين بدمائهم الطاهرة. واليوم مثل البارحة الغرب يشهد على هذه الجرائم ولا يبوح بكلمة عزاء. حتّى اليوم مثل البارحة يسجّلون التاريخ بما يشتهون ويتمنّون ويطمسون الحقائق ولن يحركوا سكينًا. مثل الفاجعة التي وقعت على اختطاف إخوتنا المطارنة من جهةٍ والكهنة الأجلاء من جهة أخرى، الذين منذ ذلك اليوم لم يعرف إلى ماذا آلت أحوالهم، غارقين في المجهول، تاركين ذويهم بقلب مكسور وبعدم حصولهم على أي حقيقة عن غيابهم". 
وتابع: "مع ذلك فإن الأرمن بطبيعتهم رغم كلّ الاضطهادات أكملوا العطاء كلّما أعطوا كلّما حرموا من حقوقهم الإنسانية فلا أريد الذكر عن عطائهم في العلم والفن وفي الابتكارات الصحية العالمية ولا في الهندسة الميكانيكية والمعمارية ولا في الرياضيات والاختراعات مثل سيارات الفورد وطيارات MiG  على اسم المخترع ميكويان ولا MRI  في الولايات المتّحدة وغيرها من الاختراعات على يد الأرمن".


وختم: "المجرمون لا يزالون على ما كانوا عليه في الماضي، فهم اليوم يتمتّعون بإجرامهم المدمّر. يا للقدر ما أصعبه واليوم ذات السيناريو يجري ويتكرّر في حياة اخوتنا واخواتنا في فلسطين. اليوم نرى ما تحملناه في الماضي من ذبح وتهجير وتجويع ونفي وطمر جماعي في الصحاري بدون أي ضميرٍ. فلذلك أمنيتي تبقى أمنية وحيدة وهي صلاة من أجل السلام، الصلاة من أجل المصالحة والتسامح والعيش المشترك بالاحترام المتبادل".

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

قِـمة عالقة بين الماضي والمستقبل

يميل التعاون الدولي إلى أن يكون أصعب منالا عندما تشتد الحاجة إليه. خلال الأيام الماضية، اجتمع زعماء العالم فـي نيويورك لحضور قمة المستقبل التي تَـعقدها الأمم المتحدة، والتي دعت إليها الدول الأعضاء فـي عام 2020، بمناسبة الذكرى السنوية الخامسة والسبعين لتأسيس لأمم المتحدة. كانت أجندة الاجتماع طموحة كما يوحي اسمها، وتستهدف صياغة الإجماع حول السلام والأمن، والتنمية، والتكنولوجيات الجديدة، وحماية أجيال المستقبل.

تتفق الدول الأعضاء على نقطة واحدة: احتياج النظام المتعدد الأطراف الذي تأسس فـي عام 1945 إلى تحسينات كبرى لتمكينه من مواجهة أزمات اليوم العالمية. وهي تدرك تمام الإدراك عجز الأمم المتحدة عن وقف أو حتى إبطاء الحروب فـي السودان، ووسط أفريقيا، وغزة، وأوكرانيا، وعشرات غيرها من مناطق الصراع. كما أنها تعترف بفشلها فـي إعداد العالم للجائحة التالية، حتى بعد أن شهدت الدمار الذي خلفته جائحة كوفـيد-19. وهي تدرك أيضا الحاجة إلى اتخاذ تدابير سريعة وجادة لمعالجة أزمة الديون السيادية، وأزمة المناخ المتزايدة الـحِـدّة، وظهور تكنولوجيات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي وتعديل الجينات. ولكن من المؤسف أن الاتفاق على الحاجة إلى إصلاح النظام لا يمتد إلى كيفـية إصلاحه. فقد انتهت مفاوضات شاقة دامت أكثر من عام حول ميثاق المستقبل، وثيقة القمة الختامية، إلى نتيجة دراماتيكية صباح يوم الأحد، حيث احتجت روسيا على اعتماد الوثيقة النهائية، وكانت النتيجة رفضها. وفـي وقت لاحق من ذلك اليوم، نددت الأرجنتين بالميثاق واصفة إياه بأنه «أجندة استبدادية». فـي واقع الأمر، تكرر الوثيقة إلى حد كبير استخدام لغة مجردة متفق عليها سابقا. ولكن وسط الكلمات النبيلة، لا يخلو الأمر من دلائل تشير إلى اتجاهات من شأنها أن تعيد تشكيل السياسة العالمية وتساعد فـي بناء الأسس لنظام دولي قادر على مواجهة التحديات الحالية والمتوقعة فـي المستقبل. بعد تجربة حربين عالميتين ومواجهة خطر التصعيد النووي، صمم مهندسو الأمم المتحدة نظاما متعدد الأطراف من شأنه أن يمكن حفنة من القوى العظمى من توجيه العالم نحو السلام وتعزيز مصالحها الخاصة. بيد أن هذا النوع من الحكم العالمي لم يَـعُـد صالحا لعالم اليوم ــ وخاصة من منظور نحو أربعة مليارات شخص تحت سن الثلاثين. وحتى فـي مواجهة الصراع المتواصل فـي قارات متعددة، لم تعد الحرب البند الوحيد على الأجندة العالمية. إذ تتطلب تحديات مثل الجوائح الـمَـرَضية، وتغير المناخ، والفقر، والهجرة الجماعية، والكوارث التكنولوجية عملا دوليا فعالا وشاملا. فضلا عن ذلك، تتمتع مجموعة أوسع كثيرا من البلدان بالقدر الكافـي من القوة للتأثير على الشؤون العالمية. استحوذ صعود الصين على القدر الأعظم من الاهتمام، لكنها ليست الدولة الوحيدة التي تشكل الأجندة العالمية: فقد دفعت بربادوس نحو إصلاح النظام المالي الدولي. وسوف تستضيف البرازيل مجموعة العشرين هذا العام ومؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (مؤتمر الأطراف الثلاثين) الحاسم العام المقبل. من المثير للدهشة أن ميثاق المستقبل يعترف بهذا التعدد القطبي المتزايد من خلال التقدم الملموس، وإن كان تدريجيا، فـي واحدة من أكثر مشكلات الأمم المتحدة تعقيدا: إصلاح مجلس الأمن. بعد عقود من البدايات الخاطئة، تعمل الدول الأعضاء على الدفع بهذه العملية إلى الأمام من خلال الموافقة على تمثيل أكبر فـي المجلس يشمل «الدول النامية والدول الصغيرة والمتوسطة الحجم». كما يُـلزِم الميثاق الدول الأعضاء بمناقشة فرض قيود على «نطاق واستخدام» حق النقض الذي تمارسه الدول الخمس الدائمة العضوية فـي مجلس الأمن، وينظر بروية فـي التعامل مع تمثيل الدول الأفريقية باعتباره «حالة خاصة»، ويؤيد تكليف الجمعية العامة بدور نشط عندما يفشل مجلس الأمن فـي التحرك.

يتمثل اتجاه آخر انعكس فـي المفاوضات فـي الدور المهم الذي تضطلع به الشركات، والمنظمات غير الحكومية، والمدن، وغير ذلك من القوى الفاعلة فـي معالجة التحديات العالمية، وتشكيل شبكات تكمل عمل الحكومات الوطنية. من تغير المناخ إلى الذكاء الاصطناعي والمعلومات المضللة، تعمل كيانات غير تابعة لدولة بعينها بصورة متزايدة على تشكيل النتائج الأكثر أهمية للناس. ويتعهد ميثاق المستقبل «بتعزيز الشراكات» عبر «المجتمع بالكامل»، بما فـي ذلك الحكومات المحلية والإقليمية، والقطاع الخاص، والمجتمعات الأكاديمية والعلمية، والجماعات الدينية، والشعوب الأصلية. ويحدد الميثاق الرقمي العالمي، الذي جرى الاتفاق عليه كملحق للميثاق، القطاع الخاص والباحثين ومنظمات المجتمع المدني باعتبارها قوى «أساسية» لتحقيق أهدافه، ويلتزم بالتعاون بين أصحاب المصلحة المتعددين.

وأخيرا، تبنت القمة التحول نحو الحوكمة الأطول أمدا. إن تغير المناخ، وخطط معاشات التقاعد، والاستثمار فـي البنية الأساسية، وغيرها من «المشكلات الطويلة الأمد» لها أسباب وعواقب تتكشف على مدى أجيال عديدة. وفـي الإعلان بشأن أجيال المستقبل، وهو ملحق ثان للميثاق، تؤكد البلدان التزامها «بحماية احتياجات ومصالح أجيال المستقبل»، وهذا يعكس فحوى السطر الأول من ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945، حيث تعهد الأسلاف «بإنقاذ الأجيال القادمة من ويلات الحرب». تستند هذه التصريحات العظيمة إلى إجراءات محددة اتخذتها حكومات وطنية عازمة على توسيع أفق صنع القرار. فـي عام 2015، كانت ويلز أول حكومة تنشئ منصب المفوض لأجيال المستقبل. وفـي هذا الشهر، عينت المفوضية الأوروبية مفوضا للعدالة بين الأجيال.

كما تحركت كوريا الجنوبية مؤخرا فـي هذا الاتجاه، حيث أمرت المحكمة الدستورية الحكومة بوضع أهداف مناخية أكثر طموحا لحماية أجيال المستقبل. وبقدر ما يحفز الإعلان مزيدا من التغيير، يمكن اعتباره فـي النهاية قوة تحويلية، تماما مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948. فـي تقريره الصادر بعنوان «أجندتنا المشتركة» فـي عام 2021، توقع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش «مستقبلا من الأزمات الدائمة، أو اختراقا إلى مستقبل أفضل وأكثر استدامة وسلاما لشعبنا وكوكبنا». صحيح أن ميثاق المستقبل ليس الاختراق الذي كان يأمله كثيرون، لكنه يبدأ فـي تحديد ملامح نظام جديد قادر على تصحيح أوجه القصور التي تعيب النظام القديم.

توماس هيل أستاذ السياسات العامة العالمية في كلية بلافاتنيك للحكم في جامعة أكسفورد.

آن ماري سلوتر المديرة السابقة للتخطيط السياسي في وزارة الخارجية الأمريكية، هي الرئيسة التنفيذية لمؤسسة نيو أمريكا للأبحاث، وأستاذة فخرية في السياسة والشؤون الدولية بجامعة برينستون.

خدمة بروجيكت سنديكيت

مقالات مشابهة

  • سعر الذهب في فلسطين اليوم الإثنين 30 سبتمبر 2024
  • العراق 64 عالمياً بمؤشر الجوع خلال العام الماضي
  • النبش في الماضي لا يُصلح الحاضر
  • سعر الذهب في فلسطين اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024
  • العراق رابع أكبر مستورد من تركيا خلال الشهر الماضي
  • قِـمة عالقة بين الماضي والمستقبل
  • «القاهرة الإخبارية»: جيش الاحتلال ألقى 3500 صاروخ الأسبوع الماضي على لبنان
  • سعر الذهب في فلسطين اليوم السبت 28 سبتمبر 2024
  • صحة لبنان: 1640 شهيدا منذ 8 أكتوبر الماضي
  • 1.4 % ارتفاعًا في سعر الذهب العالمي خلال تداولات الأسبوع الماضي