بقلم: إبراهيم سليمان
ليست هنالك مغالطة أن تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية "تقدم" بعثت في رماد حكومة د. حمدوك الانتقالية التي خنقتها عسكر اللجنة الأمنية حتى الموت في 25 اكتوبر 2021م، وأن مشروع الإطار الدستوري وضع تنسيقية "تقدم" كنسخة معدلة لتكتل الحرية التغيير، المجلس المركزي على سرجٍ واحدٍ مع قوات الدعم السريع، للشروع في التأسيس للحكم المدني ـــ الديمقراطي، وما عرف سياسياً "بالإطاري" سرج فرسين جامحين للتكتل المركزي "تقدم لاحقا" وللدعم السريع لحصار الجيش وفلول الحركة الإسلامية، ثم التصدي للحرب التي أشعلوها فيما بعد، مع مليشياتهم المتطرفة، من زوايا مختلفة، وبأسلحة تناسب كل منهما، لتحقيق ذات الهدف، ألا وهو إنهاء دولة "الإخوان" وهزيمة جيشهم وكتائبهم الإرهابية، واستعادة المسار المدني ــ الديمقراطي، ومهما حاولت تنسيقية "تقدم" التملص من تهمة الانحياز لقوات الدعم السريع، فالأمر بات مكشوفا، إذ ظل التنسيق بين الطرفين على أعلى المستويات، آخرها عقد المؤتمر الدولي الإنساني بشأن السودان، مؤخرا في العاصمة الفرنسية باريس.


منذ أن كانت فكرة، تجلى البعد التحشيدي الدولي، لهذا المؤتمر، رغم الأجندة الإنسانية المعلنة، فقد تمكنت تنسيقة "تقدم"، عبر هذا المحفل المباغت والناجح من انتزاع اعتراف سياسي ناصع، لا لبس فيه من الاتحاد الأوربي، التي تجر قاطرتها فرنسا وألمانيا، وأفلحت تنسيقية "تقدم" من إرباك الدبلوماسية العرجاء لحكومة البرهان النازحة في بورتسودان، ولم تترك لها مجالاً غير المقاطعة العاجزة.
جاءت الصفعة المؤلمة على وجهة حكومة بورتسودان المرتبكة، من الرئيس ماكرون، رئيس الدولة المضيفة لمؤتمر باريس، بتصريحه أن بعد الانقلاب على حكومة حمدوك الانتقالية، ليست هنالك شرعية في السودان، ولا شك أن دبلوماسية حكومة البرهان، تمنت لو لزمت الصمت، بدلاً عن التساؤل عن الشرعية. وضمنياً يتحدث الرئيس الفرنسي ماكرون باسم الاتحاد الأوربي بجلالة قدره.
مؤتمر باريس للشأن الإنساني السوداني، التي نظمتها تنسيقية "تقدم" الحليفة الاستراتيجية لقوات الدعم السريع، أحدث حالة من الإرباك والتشنج لحكومة بورتسودان النازحة، ظهرت تداعياته على مضد بإقالة وزير الخارجية السفير على الصادق، أبرز أعوان على كرتي، زعيم الإخوان في السودان، واعتراف خلفه غير الدبلوماسي السفير حسين عوض على في أول ظهور مرتبك له، بأنّ هنالك ثلاث قارات تعادي السودان، متماهياً مع اعتراف البرهان نفسه، أن العالم يدير ظهره للسودان، بسبب تحركات كتيبة البراء بن المالك القتالية.
يعتبر الاتحاد الأوربي آخر حلقات العزلة الدولية المطبقة المضروبة على الأسوار الضيقة لحكومة البرهان الانقلابية ــ الحربية، من المجتمعين الإقليمي والدولي، فمنذ الأشهر الأولي لانقلاب الـ 25 من أكتوبر 2021م جمّد الاتحاد الأفريقي عضوية السودان بسبب تقويض العسكر للحكم المدني ــ الانتقالي، وانسحبت حكومة البرهان قبل عدة أشهر من منظمة "الإيقاد" بسبب تواصلها السلس والأريحي مع قوات الدعم السريع وحليفتها تنسيقية "تقدم" التي فتحت مصر أبوابها لرئيسها د. حمدوك، كنتيجة لسياسة الجزرة والعصا التي مارستها معها دول الخليج العربي والولايات المتحدة الأمريكية، فاستقبلته القاهرة بالأحضان قبل فترة استقبال الفاتحين، ولم يتبقَ لحكومة بورتسودان سوى نفاج أضيق من "خرم" الإبرة تفتح على أيران وقصر أردوغان الإخواني.
اكتمال حلقات العزلة الدولية على حكومة الجنرال البرهان الانقلابية ــ الحربية، يتزامن مع توالي انكسار الجيش السوداني وهزيمته، على كافة الجبهات، قبل أن تكمل فرحتهم بالتقدم المحدود مطلع شهر رمضان المنصرم على محور أمدرمان، والمتمثل في تحرير مبنى الإذاعة وبعض أجزاء من أحياء أمدرمان القديمة، وأيضا انكسرت معنويات الجيش بخيبتهم في التأويل على حركات دارفور المسلحة، بعد خيبتهم في كتائب الإسلاميين الإرهابية المتطرفة، التي جلبت لهم الساحق الماحق ميدانياً وخارجياً، سيما بعد "ضربة" عطبرة، التي هناك من يرتاب أنها نفذت من قبل القوات المسلحة ذات نفسها، بالتأمل في تصريحات البرهان الأخيرة عنها والمتسقة مع تصريحات سابقة للجنرال الكباشي من القضارف عن أنشطتها كتيبة البراء بن مالك الفوضوية وغير المنضبطة، وهي تضر ولا تنفع الجيش في شيء.
بلا شك أنّ هذه التحويلات في المواقف الدولية والإقليمية من حكومة بورتسودان النازحة، تصب إيجابياً في سلة تنسقية "تقدم" وحليفتها الدعم السريع، تمظهرت حصارها في الحوار السري الذي يجري الآن في الدهاليز المغلقة، بين السلطات البريطانية وقوات الدعم السريع، وعليه من المتوقع، أن ينسحب وفد الجيش مبكراً من مفاوضات جدة المزمع استئنافها قريبا، لأن القوات المسلحة وحكومتها الانقلابية، خالية الوفاض من أي ورقة إيجابية تمكنها من المناورة أو المساومة، ناهيك عن إمكانية ممارسة الضغط على طاولة المفاوضات، ومعدوم من أي حليف بإمكانه الوقوف على جانبهم، بما كسبت أيديهم.
وهذه المعطيات، تعتبر بشريات طيبة، لإنهاء الحرب، بعد انكشاف ظهر الجيش الانقلابي ــ الحربي، وحكومته النازحة، للشعب السوداني والعالم أجمع، ومعرفة حقيقتهم، بأنهم ينفذون أجندة الحركة الإسلامية العالمية، المكروهة من الجميع، وهم سبب الفوضى والدمار وعدم الاستقرار في السودان، ومعظم البلاد، التي ينشطون فيها.
ebraheemsu@gmail.com
//أقلام متّحدة ــ العدد ــ 146 ــ //  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: حکومة بورتسودان حکومة البرهان الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

حكومة السودان تدخل تعديلات على الوثيقة الدستورية سعيا لتعزيز سيطرة الجيش منحت قادة القوات المسلحة صلاحية ترشيح رئيس مجلس السيادة والتوصية بإعفائه

دبي (رويترز) – قال مصدران بالحكومة السودانية إن الحكومة أدخلت تعديلات على الدستور الانتقالي للبلاد لتعزيز سيطرة الجيش وحذفت الإشارة إلى المدنيين وقوات الدعم السريع شبه العسكرية التي يشن عليها الجيش السوداني حربا، وتمثل التغييرات المتفق عليها في وقت متأخر يوم الأربعاء أول تعديلات شاملة على الوثيقة الدستورية السودانية منذ اندلاع الحرب في أبريل نيسان 2023، وتأتي بعد قول قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان إنه يستعد لتشكيل حكومة في وقت الحرب.

وتعود الوثيقة الدستورية إلى عام 2019 عندما وقع الجيش وقوات الدعم السريع وتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير المدني عليها بعد فترة وجيزة من إطاحة الفصائل العسكرية بعمر البشير خلال انتفاضة شعبية.

وكان من المفترض أن يؤدي ذلك إلى حكم مدني بالكامل بعد الانتخابات، مع منح الجماعات المتمردة السابقة أيضا مناصب حكومية. لكن الجيش وقوات الدعم السريع نفذا انقلابا في عام 2021، وعينوا مدنيين جددا في مجلس السيادة الانتقالي والحكومة اللذين يتمتعان بالسلطة الرسمية لأن البرلمان لم يتم تشكيله قط.

تعرّف على أبرز (8) تعديلات على الوثيقة الدستورية

متابعات: السوداني

كشفت قناة “الشرق” السعودية، أنه تم إجراء تعديل الوثيقة الدستورية للعام 2019، ينص على إضافة مقعدين للقوات المسلحة في مجلس السيادة، ليرتفع عددهم إلى ستة بدلاً من أربعة.

وأوضحت أنّه تم منح قادة القوات المسلحة السودانية صلاحية ترشيح رئيس مجلس السيادة والتوصية بإعفائه.

وقالت: “تم تعديل بعض النصوص التي تشير إلى القائد الأعلى للقوات المسلحة وقوات الدعم السريع والقوات النظامية الأخرى، لتصبح القائد الأعلى للقوات النظامية”.

ومن التعديلات البارزة على الوثيقة الدستورية، زيادة عدد أعضاء مجلس السيادة إلى تسعة بدلاً من ستة، مع احتفاظ أطراف سلام جوبا بمقاعدهم.

في وقتٍ، حذف عبارة “الدعم السريع” من جميع نصوص الوثيقة الدستورية.

وأضافت مصادر رفيعة للشرق: “الوثيقة الدستورية أبقت على المجلس التشريعي بـ300 عضو، ولحين تكوينه، يستعاض عنه بمجلسي السيادة والوزراء. وتم التراجع عن تقليص عدد الوزارات إلى ستة عشر والإبقاء على ست وعشرين، مع احتفاظ أطراف سلام جوبا بحصتهم. على أن تعمل وزارة العدل السودانية على إعادة صياغة وتنقيح الوثيقة الدستورية تمهيداً للتوقيع عليها”.

كما تقرّر أن تكون الفترة الانتقالية تسعة وثلاثين شهراً تبدأ من تاريخ التوقيع على الوثيقة.  

مقالات مشابهة

  • البرهان يرسل تهديدات جديدة لقوات الدعم السريع من مصفاة الجيلي للبترول
  • “الدعم السريع” يستعد لإعلان ميثاق لتشكيل حكومة موازية بالسودان 
  • قوات الدعم السريع السودانية تتفق مع حلفائها على تشكيل حكومة عبر ميثاق جديد
  • الدعم السريع تستعد لإعلان ميثاق لتشكيل حكومة موازية بالسودان
  • سيناتور أمريكي يتهم كينيا بدعم قوات الدعم السريع رغم ارتكابها “إبادة جماعية” في السودان
  • مصادر: تعديلات دستورية تجريها حكومة السودان.. والدعم السريع يشكل حكومة موازية
  • حكومة السودان تدخل تعديلات دستورية والدعم السريع يبحث تشكيل حكومة موازية
  • حكومة السودان تدخل تعديلات على الوثيقة الدستورية سعيا لتعزيز سيطرة الجيش منحت قادة القوات المسلحة صلاحية ترشيح رئيس مجلس السيادة والتوصية بإعفائه
  • بالصور.. البرهان يستلم أسلحة وآليات عسكرية ومركبات قتالية ضخمة استولى عليها الجيش من الدعم السريع
  • محمد ناجي الأصم: حكومة الدعم السريع القادمة بلا مشروع