أهمية القطاع الخاص في تنمية الاقتصاد الأفريقي
تاريخ النشر: 23rd, April 2024 GMT
د. نازك حامد الهاشمي
تتطلب التنمية الاقتصادية عملا مشتركا بين القطاعين العام والخاص والقطاعات غير الربحية مثل المنظمات، بالإضافة إلى الشركاء الدوليين. ويعتمد تحقيق الاقتصاد المزدهر على ركائز أساسية لتنويع الاقتصاد ودعم المحتوى المحلي، وذلك بخلق بيئة جاذبة للاستثمارات المحلية والأجنبية من أجل خلق فرص مبتكرة لمستقبل القطاع الخاص فيه، وباعتماد وصياغة السياسات الملاءمة، ومن ثم توفير بيئة استثمارية تضمن للقطاع الخاص أن يلعب دورا حيويا في دفع عجلة الاقتصاد.
كما تعد تهيئة بيئة الأعمال من أهم ركائز والتحديات التي تواجه القطاع الخاص في أفريقيا والدول النامية بصورة عامة، وتتطلب جهودا متنوعة من تلك الدول لخلق بيئة تمكن جميع المشاركين في التنمية من ممارسة أنشطتهم بسلاسة ويسر، ومن أهمها رفع جودة الخدمات الحكومية المقدمة للقطاع الخاص بدرجة عالية من الكفاءة واستخدام التقنية، وطرح أدوات مالية متنوعة مثل صناديق التمويل والتصكيك (وهو أحد الإجراءات التنفيذية لعملية إصدار الصكوك السيادية بغرض طرحها في سوق الإصدار للمستثمرين للاكتتاب فيها)، وغيرها من مسرعات الأعمال لخلق فرص استثمارية للشركات المحلية بمختلف أحجامها.
ودائما ما تقوم القارة الأفريقية عبر مؤسساتها التمويلية مثل البنك الأفريقي للتنمية بالمشاركة مع المؤسسات الدولية من مجموعة العشرين ومجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بدراسة وطرح مبادرات واتفاقيات مختلفة لتحفيز الاستثمارات ومنها الاستثمارات الخاصة. ويُعد "الاتفاق مع أفريقيا" G20The Compact with Africa (CWA) في عام 2017م بادرةً مهمة لمجموعة العشرين تسعى إلى تعزيز تمويل القطاع الخاص لدعم الأهداف التنموية للدول.
https://www.compactwithafrica.org/content/compactwithafrica/home.html
وتشمل البلدان الموقعة على "الاتفاق مع أفريقيا" بنين وكوت ديفوار ومصر وإثيوبيا وغانا وغينيا والمغرب ورواندا والسنغال وتوغو وتونس. وبالطبع يتطلب الدخول في مثل تلك الاتفاقيات الدولية تحقيق تقدم كبير في تنفيذ إصلاحات الاقتصاد الكلي، والعمل المستمر لتحسين بيئة أنشطة الأعمال وتوسيع مواعين وأطر التمويل. كما يعد الهدف الكلي من الاتفاقية هو تطوير اتفاقيات الإصلاح الشاملة والمخصصة لكل بلد بين البلدان الأفريقية بصورة فردية، وتطوير الأدوات التمويلية لتحسين الظروف الإطارية للاستثمارات الخاصة، بما في ذلك في البنية التحتية.
وفي إطار تنفيذ بنود تلك الاتفاقية، تلتزم الدول العشر الموقعة على تلك الاتفاقية بتنفيذ ما ورد في مصفوفات الإصلاح التي تحدد الالتزامات الواجب على الدول اتخاذها للحفاظ على الاستقرار في الاقتصاد الكلي، مثل القيام بكل ما يدفع نحو تحسين مستوى المعيشة وزيادة دخل الفرد، والأعمال التجارية والتمويل ذات الصلة لتعزيز الاستثمارات الخاصة. وعادة ما يتم دعم تنفيذ هذه الإصلاحات عبر إيفاء الشركاء الرئيسيين في التنمية بالمساعدات الفنية والمالية، بالإضافة إلى جدول مراقبة لتنفيذ بنود الاتفاقية والإصلاحات. والجدير بالذكر أنه وفقاً لتقرير المتابعة COMPACT MONITORING REPORT الصادر في أبريل 2018 م سجلت إثيوبيا وغانا على سبيل المثال أعلى النسب المئوية للالتزام بتحقيق كل المطلوبات. ومعلوم أن "الاتفاق مع أفريقيا" كان قد أنشئ على فرضية أساسية تتمثل في ثلاث ركائز هي تحقيق الاستقرار للاقتصاد الكلي، وتوفير البيئة لاستثمارية المناسبة، ومن ثم الوساطة الفعالة للقطاع المالي. وتعد كل تلك الركائز شروطا حتمية لتشجيع الاستثمار في القطاع الخاص.
ومن الأمور المهمة في هذا الصدد الالتفات لنوعية التحسينات في البيئة الاستثمارية للقطاع الخاص والتي ينبغي أن تكون شاملة ومستمرة مثل إنشاء مكاتب للائتمان، والإعفاء من رسوم الدمغة لنقل الملكية، وتبسيط تصاريح البناء والتراخيص التجارية، وإنشاء منصات للإفصاح الضريبي الإلكتروني لتسهيل عمليات الدفع مع الإعفاءات الضريبية لبعض الاستثمارات، وأخرى مخفضة عبر الأطر القانونية ذات الصلة. كذلك يجب الاهتمام بالإصلاحات ذات الصلة بتخفيف القيود المفروضة على تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وبالسياسات المرتبطة بتدبير الإيرادات المحلية، والإصلاحات المتعلقة بممارسة نشاط الأعمال وغيرها. وعادة ما تمارس كثير من الدول التي تواجه ضعف البنية الأساسية للتنمية سياسات معاكسة عند صياغة لسياستها المالية بفرض المزيد من الضرائب على القطاع الخاص، وتسعى لزيادة إيراداتها المحلية من المشروعات الصغيرة والمتوسطة مما يضعف من مساهمة القطاع الخاص في التنمية والاستقرار الاقتصادي. وتوصف مثل هذه السياسات بأنها محاولة معالجة قصيرة المدى للقصور الموجود في إيرادات الدولة. كما ولا تهدف تلك السياسات ولا تؤدي إلى تحقيق النمو الاقتصادي المنشود، والذي كان يمكن أن يتحقق إذا اتبعت تلك الدول سياسات تنمية مستدامة طويلة المدى، قد تصل إلى عشرات السنين. وجاء في تقرير منشور لمجموعة البنك الدولي للإنشاء والتعمير في عام 2016م صدر تحت عنوان "ماذا يعيق القطاع الخاص في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟ الدروس المستفادة من مسوحات الشركات" أن الإخفاقات في النماذج الاقتصادية في المنطقة كانت نتيجة لعدة أسباب منها التركيز على المنتج الوطني الخام دون تطويره ودمجه مع الصناعات والتصدير، وافتقار التكامل مع الأسواق العالمية، والتدخلات الحكومية غير الموجهة في سياساتها التمويلية للصادر من المنتجات المحلية، هذا بالإضافة إلى الدعم غير الكافي لبيئة أنشطة أعمال القادرة على الابتكار وريادة الأعمال والممارسات الإدارية الجيدة. وعزا التقرير أهمية تحقيق النمو الشامل لتوفير فرص للتشغيل المستدام، وخاصة للشباب من الجنسين، وذلك لرفع مستوى المعيشة، ولتحقيق الاستقرار الاقتصادي، وتوفير فرص محلية بديلة للهجرة الاقتصادية إلى خارج المنطقة. ويجمع الكثير من الخبراء على أن تطوير القطاع الخاص أمر أساسي لتحقيق ذلك.
على الرغم من أهمية استثمارات القطاع العام، فإن المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي في معظم دول العالم الآن هو القطاع الخاص، لارتباط ذلك بمفاهيم عولمة الاقتصاد وتحرير التجارة العالمية. وفي البلدان النامية تمثل الاستثمارات الخاصة في المتوسط ثلاثة أرباع مجموع الاستثمارات فيها. كما وتعد الملاءة (القدرة) المالية للاستثمارات الخاصة (المحلية والأجنبية) من الأساسيات في القطاع الخاص، حيث أنه معلوم أن القطاع الخاص يتميز بالريادة في الأعمال والابتكار لأن الجودة والمنافسة هي من أهم العوامل الحاسمة في السوق. كذلك يؤدي القطاع الخاص دوراً بالغ الأهمية في خلق فرص العمل وفي تنشيط الروابط مع بقية النشاطات الاقتصادية الأخرى. ومعلوم أن الاستثمارات الخاصة عادةً ما تكون مدفوعة بتوقعات المخاطر والعائدات التي تتحدد بمدى ملاءمة بيئة الأعمال.
ومن جانب آخر تشجع مؤسسات التنمية العالمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص لسد وتقليص العجز المتنامي في التمويل في الدول النامية، خاصة مشروعات البنية الأساسية التي تحقق التنمية المستدامة في تلك الدول. وتتطلب مشروعات البنية التحتية والاحتياجات الضخمة لمرافق البنية التحتية والخدمات تمويلات ضخمة لا يمكن للقطاع العام وحده تحقيقها خاصة في البلدان المترامية الأطراف. وهنا يمكن للشراكة بين القطاعين العام والخاص أن تسد الفجوة في القدرات المالية والتنفيذية كذلك. ومن القطاعات المرشحة لمثل هذه المشروعات قطاع الطاقة غير الموصولة بالشبكات (مثل الطاقة النظيفة) لضمان الحصول على الطاقة بأسعار معقولة دون انقطاع. كذلك يُعد قطاع النقل من القطاعات المرشحة لسد تلك الفجوة لمشروعات البنية التحتية، التي تغطي بدورها الاحتياجات المتنوعة والمتعددة في تلك البلدان.
نختم القول بأن الكثير من دول القارة الأفريقية تعيش حالة من التعقيدات المتزايدة التي تتطلب استجابة فورية وفعالة لتحقيق التنمية المستدامة فيها مثل التأثيرات الناتجة من تغير المناخ وعدم توافر الاستقرار السياسي والأمني، مع تزايد التحديات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية. لذلك يظهر فيها جليا دور القطاع الخاص في هذه المرحلة المعقدة في السير نحو التنمية المستدامة. ويمثل إشراك القطاع الخاص في تقديم الخدمات ومشروعات البنية الأساسية للتنمية قوةً حيويةً ومحركا أساسيا نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة. كما ويعد إشراك القطاع الخاص داعما رئيسيا في تعزيز الابتكار وتوجيه التقنيات نحو مسارات مستدامة؛ كما يحقق زيادة لفرص العمل وتحسينها من خلال تهيئة بيئة داعمة للاستثمارات التي يقودها القطاع الخاص، حيث لا يزال خلق الوظائف من أهم الأولويات الإنمائية، فضلا عن السعي نحو تكافؤ الفرص لشريحة الشابات والشباب. وهذا هو أحد الوسائل الفاعلة لتخطي ربقة الفقر، وتعزيز التوظيف بما يسهم في تطوير المهارات ويدفع باتجاه تحقيق توازن بين النمو الاقتصادي والتنمية البشرية. ويشمل كل ذلك تعزيز نواتج رأس المال البشري من خلال مساندة تقديم خدمات الصحية والتعليمية بشكل أفضل للجميع، بالإضافة إلى برامج التأمين الاجتماعي الجيد.
كذلك يُعد دعم بنوك التنمية الإقليمية أحد الجهود التمويلية المختلطة لتمويل القطاعين العام والخاص لتحقيق القدرة الاقتصادية في الدول النامية، وتحفيز القطاع الخاص للمشاركة في الأنشطة الاقتصادية التنموية بما يحقق الاستدامة في التنمية، وخلق أدوات مالية مبتكرة لتعزيز النمو الاقتصادي الشامل، دون المساس بدور الحكومات البالغ الأهمية تجاه الشرائح الضعيفة في المجتمع ودورها في تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين. كما تدعم مشاركة القطاع الخاص في النشاط التنموية محفزات الاقتصاد الإنتاجي الحقيقي، وإحدى الوسائل اللازمة للحد من الأنشطة الاقتصاد المضر، أو ما يسمى بالاقتصاد الخفي الذي يدفع نحو تآكل التنمية المستدامة، ويزيد من الجرائم المالية، ويخلق اقتصادا هشا يزيد من معدلات الفقر بين السكان. كذلك تدعم الجودة التنظيمية التي يتسم بها القطاع الخاص القدرة على الصمود في وجه الصدمات من خلال دعم إدارة الاقتصاد الكلي، وتدابير التكيف مع التغيرات والتقلبات الاقتصادية المختلفة والتخفيف من آثارها. وكل هذا وغيره يتطلب مجموعة قوية من الإصلاحات الرامية إلى تحسين بيئة الأعمال وإتاحة التمويل لمنشأة الأعمال الصغيرة، خاصة في البلدان الأفريقية النامية.
nazikelhashmi@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: القطاعین العام والخاص الاستثمارات الخاصة التنمیة المستدامة القطاع الخاص فی البنیة التحتیة بالإضافة إلى فی التنمیة
إقرأ أيضاً:
المشاط: 700 مليار جنيه استثمارات التنمية البشرية خلال العام المالي المقبل
قالت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي؛ إن الركائز الأساسية لمستهدفات خطة العام المالي القادم تتضمن مواصلة الدولة تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الهيكلي (الـمرحلة الثانية) والتزام الدولة بتعهداتها الدوليّة أمام مؤسسات التمويل الدوليّة والإقليميّة، وكذلك مُواصلة سياسة تخارُج الدولة من النشاط الاقتصادي لإفساح المجال أمام مُساهمات القطاع الخاص، مع استمرار التنسيق والتكامُل بين السياسات النقديّة والسياسات الماليّة بما يُحقّق استقرار الـمُعاملات المالية والمصرفيّة، ويُوفّر سُبُل الاستدامة الـماليّة، ومع توافُق السياسات الـمُطبّقة بشأن احتواء التضخّم وترشيد الإنفاق العام، بشقيه الجاري والاستثماري، ودعم الـمشروعات الصغيرة ومُتناهية الصِغر، واستهداف حماية الفئات مُنخفضة الدخل.
جاء ذلك خلال استعراض الدكتورة رانيا المشاط، الركائز الأساسيّة لـمُستهدفات خطة العام المالي الجديد 25/2026 وذلك أمام مجلس النواب، برئاسة الـمُستشار الدكتور/ حنفي جبالي، وبحضور السادة أعضاء المجلس.
التحول إلى القطاعات القابلة للتداول والتصدير
وذكرت أنه من بين هذه الركائز، تغير نمط النمو المتبع بالتحول إلى نمط النمو المستدام القائم على القطاعات والأنشطة القابلة للتداول والتصدير، ذات القيمة المضافة المرتفعة، بدلًا من القطاعات والأنشطة غير القابلة للتداول والتصدير، بهدف تعزيز القدرات الإنتاجية للاقتصاد المصري، وخلق المزيد من فرص العمل المنتجة، وذلك في إطار السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية، التي تستهدف تعزيز التنمية الاقتصادية والإصلاحات من أجل النمو والتوظيف وتحقيق اقتصاد مرن، من خلال استراتيجيات لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، واستراتيجية التنمية الصناعية، وضبط المالية العامة، وتطوير أدوات التخطيط.
ترشيد الإنفاق العام
وأضافت «المشاط»، أن خطة عام 25/2026 تشمل العمل الجاد للتصدي لـمُشكلة السيولة الدوليّة من خلال تحفيز التصدير وتنمية تحويلات الـمصريين العاملين بالخارج، وزيادة موارد البلاد من السياحة وقناة السويس، وتشجيع الاستثمارات الأجنبيّة الـمُباشرة، فضلًا عن تعظيم الاستفادة من التمويلات التنموية الميسرة ومبادلة الديون وإطالة آجال الدين، بالإضافة إلى الالتزام بتطبيق فكر الأولويّات لترشيد أوجه الإنفاق العام ورفع كفاءته، والذي يُعطي أولويّة لدفع عجلة النمو الاقتصادي في قطاعات الزراعة والصناعة التحويليّة والاتصالات وتكنولوجيا الـمعلومات، والقطاعات الأخرى التي تحظى فيها مصر بميزة نسبيّة كالسياحة واللوجستيات، بجانب أولويّات القطاعات الخدميّة الـمعنيّة بخدمات الصحة والتعليم الـمدرسي والجامعات والبحث العلمي.
تنمية الموارد البشرية
وأشارت إلى إعطاء الدولة أولويّة مُطلقة لتنمية الـموارد البشرية لتحقيق الهدف الاستراتيجي "بناء الإنسان الـمصري"، وهو ما تجلى في نمط مُخصّصات الـموارد الاستثماريّة الكليّة، حيث خُصّص لقطاعات التنمية البشرية (تعليم وصحة وخدمات اجتماعية أخرى) نحو 700 مليار جنيه في خطة عام 25/2026 مُقابل استثمارات قدرُها 447 مليار جنيه في خطة عام 24/2025، بنسبة زيادة تجاوزت 56% على الـمُستوى الإجمالي.
وأوضحت «المشاط»، أن مستهدفات خطة العام المالي الجديد ترتكز كذلك على مواصلة كافة التدابير اللازمة لتحسين بيئة الاستثمار وتحفيز القطاع الخاص على مُمارسة الأعمال من خلال حزم التيسيرات والحوافز الـمُشجعة للنشاط وخفض تكلفة الـمُعاملات، لافتة إلى إصدار الهيئة العامة للاستثمار والـمناطق الحرة استراتيجية استثمار (2023-2026) تضمّنت حزمة حوافز اشتملت 29 حافزًا من مُنطلق تنشيط الاستثمار الخاص وزيادة فاعليّته في دفع عجلة النمو الاقتصادي.
التمويلات الميسرة للقطاع الخاص
وأكدت الوزارة مواصلة الوزارة التفاوض والتنسيق مع شركاء التنمية في توفير الموارد التمويليّة اللازمة للقطاع الخاص وبشروط مُيسّرة، وقد بلغت التمويلات التنمويّة الـمُيسّرة من شركاء التنمية مُتعددي الأطراف والثُنائيين نحو 4.2 مليار دولار عام 2024 مُقابل 2.9 مليار دولار في عام 2023 كما يفوق الـمُتاح من تمويلات الحكومة والبالغ 3.2 مليار دولار عام 2024، كذلك سجّلت تسهيلات لشراء السلع الاستراتيجيّة نحو 2.2 مليار دولار، مؤكدة أن تلك التمويلات تعكس جاذبيّة القطاع الخاص الـمصري ونجاح الإصلاحات الهيكليّة التي نفّذتها الدولة في زيادة استثمارات القطاع الخاص. ومن ناحية أخرى سجّلت تمويلات دعم الموازنة وتوريد السلع الاستراتيجية نحو 4 مليار دولار خلال عام 2024.
وأشارت إلى استمرار جهود الوزارة لحشد التمويل الأخضر والمستدام من خلال المنصة الوطنية لبرنامج «نُوفّي»، والذي يعد نموذجًا إقليميًا ومنهجًا للتمويل الميسر للتعامل مع قضايا التغير المناخي (التخفيف والتكيف)، حيث نجحت الجهود المبذولة خلال عامين منذ إطلاق البرنامج بالتعاون مع شركاء التنمية، في حشد تمويلات تنموية ميسرة للقطاع الخاص في مشروعات الطاقة المتجددة (طاقة شمسية وطاقة رياح) بقيمة 3.9 مليار دولار، من أجل إضافة طاقة قدرات متجددة 4.2 جيجاوات.
وسجلت التمويلات الميسرة التي حصل عليها القطاع الخاص التي حصل عليها من شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين خلال الفترة من 2020 إلى 2024، أكثر من 14.5 مليار دولار.
وأكدت الوزيرة حرص الدولة على تحقيق التكامُل بين التخطيط التنموي والتخطيط الـمالي، بهدف تحديد التدفّقات التمويليّة المطلوبة، بما يُمكِّن الدولة من وضع تصوّر للاحتياجات التنمويّة ذات الأولويّة، وإيجاد البدائل بصورة أكثر فاعليّة لتمويل البرامج والمشروعات بما يُحقّق الأهداف الـمُحدّدة، كذلك تحسين كفاءة استخدام موارد الدولة.
الاستراتيجيّة الوطنيّة الـمُتكامِلة للتمويل في مصر
وأشارت إلى إطلاق الحكومة بالتعاون مع الأُمم الـمُتحِدة "الاستراتيجيّة الوطنيّة الـمُتكامِلة للتمويل في مصر" خلال مارس 2025، والتي تهدف إلى تعزيز التنمية الـمُستدامة، بما يتسِـق مع رؤية مصر 2030، موضحة أن الاستراتيجية تستهدف مُعالجة الفجوة التمويليّة لسبعة قطاعات رئيسة -الصحّة، والتعليم، والحماية الاجتماعيّة، والـمياه والصرف الصحّي، والنقل، وتغيّر الـمُناخ، وتمكين الـمرأة، والتي تم تحديدها كأولويّات وطنيّة من قِبَل الحكومة الـمصريّة. كما تُحدد الاستراتيجيّة خارطة طريق عملية للتمويل الـمُستدام والـمُبتكر، من خلال مجموعة من الإجراءات لسَد فجوة التمويل، ومن بينها: توسيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتعزيز النظام الـمصرفي الأخضر، وتكثيف أدوات التمويل لدعم القطاعات ذات الأولويّة. بالإضافة إلى، وضع آليّة للحوكمة والتنسيق لضمان التنفيذ الفعّال للتوصيّات الواردة بالاستراتيجيّة بالتنسيق مع مجموعتي العمل الوزاريّة القائمتين "تمويل التنمية" و"التمويل الـمُستدام".
تحفيز الابتكار وريادة الأعمال
وتابعت "المشاط" أن الركائز الأساسية لمستهدفات خطة العام المالي القادم تتضمن مواصلة جهود تحفيز الابتكار وريادة الأعمال، في إطار أعمال المجموعة الوزارية لريادة الأعمال، والتي تستهدف تعزيز قدرة الشركات الناشئة وبيئة ريادة الأعمال لتحقيق نمو اقتصادي مستدام ومتسارع قائم على التنافسية والمعرفة، كذلك حرص الحكومة على مُراجعة سياسات الدعم الاجتماعيّة وإعادة هيكلته مع مُراعاة توفير الحماية الاجتماعيّة للفئات مُنخفضة الدخل وتوسيع نطاق القطاع لتشمل كافة الـمُستحقين.
توسيع مظلة الحماية الاجتماعية
وأشارت إلى أن الخطة تركز على توسيع مظلّة الحماية الاجتماعيّة من خلال النظر في عدد من الـمسارات بصورة مُتوازنة، منها توسيع نطاق تغطية برامج الحماية الاجتماعيّة الـمُوجّهة للفئات الأكثر احتياجًا، مع التركيز على الــمرأة الـمعيلة، وريف الوجه القبلي، ودعم استدامة برامج الحماية الاجتماعيّة على غِرار برنامج تكافل وكرامة مع التوسّع في برامج التحويلات النقديّة الـمشروطة وزيادة الـمُخصّصات والـمُساعدات لكل مُستفيد/أسرة، وتوسيع نطاق تغطية التأمين الاجتماعي من خلال تشجيع العمالة على الاشتراك في نُظُم الضمان الاجتماعي وتوفير الحماية ضد مخاطر الشيخوخة والبطالة والإعاقة وغيرها، فضلًا عن العمل على تعظيم الاستفادة من التمويلات الـتنموية الـمُيسّرة الـمُقدّمة من شركاء مصر في التنمية ومن دعم الشركات مُتعدّدة الأطراف في هذا الصدد، والتوسّع في تبنّي برامج الاستهداف الجغرافي للـمناطق الأشد احتياجًا والـمناطق النائية.
وأضافت الوزيرة أن ركائز الخطة تتضمن أيضًا مواصلة الالتزام بحوكمة أوجه الإنفاق العام، وتطبيق مُوازنة البرامج والأداء من الـمنظورين الـمالي والتخطيطي وتطبيق معايير العائد والتكلفة لتعظيم الـمنافع من الـمشروعات الـمُنفذة، واستهداف التشغيل بتوفير الخطة السنوية لـما يقرُب من 900 ألف فرصة عمل بما يسمح بخفض مُعدّلات البطالة إلى نحو 6.5% من جملة القوى العاملة، وذلك من خلال تحفيز التوسّع في الـمشروعات الـمُتوسطة والصغيرة ومُتناهية الصِغر، وتدعيم العلاقات الارتباطيّة والتشابُكيّة مع الـمشروعات كبيرة الحجم، بالإضافة إلى الاستمرار في احتواء التضخّم، وبخاصة مع اتجاهه النزولي في الفترة الأخيرة، مما يُسهِم في خفض أسعار الفائدة، ومن ثم تحفيز الاستثمار، وكذا خفض تكاليف الـمعيشة والدعم الاجتماعي الـمُقرّر بالـمُوازنة العامة للدولة، موضحة أن ذلك يأتي من خلال مُواصلة توجيه الـموارد نحو الاقتصاد الإنتاجي الحقيقي، واستمرار الجهود الحكوميّة لضبط الأسواق والتوسّع في منافذ توزيع السلع بأسعار مُخفّضة.