سودانايل:
2025-03-20@01:30:30 GMT

أهمية القطاع الخاص في تنمية الاقتصاد الأفريقي

تاريخ النشر: 23rd, April 2024 GMT

د. نازك حامد الهاشمي
تتطلب التنمية الاقتصادية عملا مشتركا بين القطاعين العام والخاص والقطاعات غير الربحية مثل المنظمات، بالإضافة إلى الشركاء الدوليين. ويعتمد تحقيق الاقتصاد المزدهر على ركائز أساسية لتنويع الاقتصاد ودعم المحتوى المحلي، وذلك بخلق بيئة جاذبة للاستثمارات المحلية والأجنبية من أجل خلق فرص مبتكرة لمستقبل القطاع الخاص فيه، وباعتماد وصياغة السياسات الملاءمة، ومن ثم توفير بيئة استثمارية تضمن للقطاع الخاص أن يلعب دورا حيويا في دفع عجلة الاقتصاد.


كما تعد تهيئة بيئة الأعمال من أهم ركائز والتحديات التي تواجه القطاع الخاص في أفريقيا والدول النامية بصورة عامة، وتتطلب جهودا متنوعة من تلك الدول لخلق بيئة تمكن جميع المشاركين في التنمية من ممارسة أنشطتهم بسلاسة ويسر، ومن أهمها رفع جودة الخدمات الحكومية المقدمة للقطاع الخاص بدرجة عالية من الكفاءة واستخدام التقنية، وطرح أدوات مالية متنوعة مثل صناديق التمويل والتصكيك (وهو أحد الإجراءات التنفيذية لعملية إصدار الصكوك السيادية بغرض طرحها في سوق الإصدار للمستثمرين للاكتتاب فيها)، وغيرها من مسرعات الأعمال لخلق فرص استثمارية للشركات المحلية بمختلف أحجامها.
ودائما ما تقوم القارة الأفريقية عبر مؤسساتها التمويلية مثل البنك الأفريقي للتنمية بالمشاركة مع المؤسسات الدولية من مجموعة العشرين ومجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بدراسة وطرح مبادرات واتفاقيات مختلفة لتحفيز الاستثمارات ومنها الاستثمارات الخاصة. ويُعد "الاتفاق مع أفريقيا" G20The Compact with Africa (CWA) في عام 2017م بادرةً مهمة لمجموعة العشرين تسعى إلى تعزيز تمويل القطاع الخاص لدعم الأهداف التنموية للدول.
https://www.compactwithafrica.org/content/compactwithafrica/home.html
وتشمل البلدان الموقعة على "الاتفاق مع أفريقيا" بنين وكوت ديفوار ومصر وإثيوبيا وغانا وغينيا والمغرب ورواندا والسنغال وتوغو وتونس. وبالطبع يتطلب الدخول في مثل تلك الاتفاقيات الدولية تحقيق تقدم كبير في تنفيذ إصلاحات الاقتصاد الكلي، والعمل المستمر لتحسين بيئة أنشطة الأعمال وتوسيع مواعين وأطر التمويل. كما يعد الهدف الكلي من الاتفاقية هو تطوير اتفاقيات الإصلاح الشاملة والمخصصة لكل بلد بين البلدان الأفريقية بصورة فردية، وتطوير الأدوات التمويلية لتحسين الظروف الإطارية للاستثمارات الخاصة، بما في ذلك في البنية التحتية.
وفي إطار تنفيذ بنود تلك الاتفاقية، تلتزم الدول العشر الموقعة على تلك الاتفاقية بتنفيذ ما ورد في مصفوفات الإصلاح التي تحدد الالتزامات الواجب على الدول اتخاذها للحفاظ على الاستقرار في الاقتصاد الكلي، مثل القيام بكل ما يدفع نحو تحسين مستوى المعيشة وزيادة دخل الفرد، والأعمال التجارية والتمويل ذات الصلة لتعزيز الاستثمارات الخاصة. وعادة ما يتم دعم تنفيذ هذه الإصلاحات عبر إيفاء الشركاء الرئيسيين في التنمية بالمساعدات الفنية والمالية، بالإضافة إلى جدول مراقبة لتنفيذ بنود الاتفاقية والإصلاحات. والجدير بالذكر أنه وفقاً لتقرير المتابعة COMPACT MONITORING REPORT الصادر في أبريل 2018 م سجلت إثيوبيا وغانا على سبيل المثال أعلى النسب المئوية للالتزام بتحقيق كل المطلوبات. ومعلوم أن "الاتفاق مع أفريقيا" كان قد أنشئ على فرضية أساسية تتمثل في ثلاث ركائز هي تحقيق الاستقرار للاقتصاد الكلي، وتوفير البيئة لاستثمارية المناسبة، ومن ثم الوساطة الفعالة للقطاع المالي. وتعد كل تلك الركائز شروطا حتمية لتشجيع الاستثمار في القطاع الخاص.
ومن الأمور المهمة في هذا الصدد الالتفات لنوعية التحسينات في البيئة الاستثمارية للقطاع الخاص والتي ينبغي أن تكون شاملة ومستمرة مثل إنشاء مكاتب للائتمان، والإعفاء من رسوم الدمغة لنقل الملكية، وتبسيط تصاريح البناء والتراخيص التجارية، وإنشاء منصات للإفصاح الضريبي الإلكتروني لتسهيل عمليات الدفع مع الإعفاءات الضريبية لبعض الاستثمارات، وأخرى مخفضة عبر الأطر القانونية ذات الصلة. كذلك يجب الاهتمام بالإصلاحات ذات الصلة بتخفيف القيود المفروضة على تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وبالسياسات المرتبطة بتدبير الإيرادات المحلية، والإصلاحات المتعلقة بممارسة نشاط الأعمال وغيرها. وعادة ما تمارس كثير من الدول التي تواجه ضعف البنية الأساسية للتنمية سياسات معاكسة عند صياغة لسياستها المالية بفرض المزيد من الضرائب على القطاع الخاص، وتسعى لزيادة إيراداتها المحلية من المشروعات الصغيرة والمتوسطة مما يضعف من مساهمة القطاع الخاص في التنمية والاستقرار الاقتصادي. وتوصف مثل هذه السياسات بأنها محاولة معالجة قصيرة المدى للقصور الموجود في إيرادات الدولة. كما ولا تهدف تلك السياسات ولا تؤدي إلى تحقيق النمو الاقتصادي المنشود، والذي كان يمكن أن يتحقق إذا اتبعت تلك الدول سياسات تنمية مستدامة طويلة المدى، قد تصل إلى عشرات السنين. وجاء في تقرير منشور لمجموعة البنك الدولي للإنشاء والتعمير في عام 2016م صدر تحت عنوان "ماذا يعيق القطاع الخاص في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟ الدروس المستفادة من مسوحات الشركات" أن الإخفاقات في النماذج الاقتصادية في المنطقة كانت نتيجة لعدة أسباب منها التركيز على المنتج الوطني الخام دون تطويره ودمجه مع الصناعات والتصدير، وافتقار التكامل مع الأسواق العالمية، والتدخلات الحكومية غير الموجهة في سياساتها التمويلية للصادر من المنتجات المحلية، هذا بالإضافة إلى الدعم غير الكافي لبيئة أنشطة أعمال القادرة على الابتكار وريادة الأعمال والممارسات الإدارية الجيدة. وعزا التقرير أهمية تحقيق النمو الشامل لتوفير فرص للتشغيل المستدام، وخاصة للشباب من الجنسين، وذلك لرفع مستوى المعيشة، ولتحقيق الاستقرار الاقتصادي، وتوفير فرص محلية بديلة للهجرة الاقتصادية إلى خارج المنطقة. ويجمع الكثير من الخبراء على أن تطوير القطاع الخاص أمر أساسي لتحقيق ذلك.
على الرغم من أهمية استثمارات القطاع العام، فإن المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي في معظم دول العالم الآن هو القطاع الخاص، لارتباط ذلك بمفاهيم عولمة الاقتصاد وتحرير التجارة العالمية. وفي البلدان النامية تمثل الاستثمارات الخاصة في المتوسط ثلاثة أرباع مجموع الاستثمارات فيها. كما وتعد الملاءة (القدرة) المالية للاستثمارات الخاصة (المحلية والأجنبية) من الأساسيات في القطاع الخاص، حيث أنه معلوم أن القطاع الخاص يتميز بالريادة في الأعمال والابتكار لأن الجودة والمنافسة هي من أهم العوامل الحاسمة في السوق. كذلك يؤدي القطاع الخاص دوراً بالغ الأهمية في خلق فرص العمل وفي تنشيط الروابط مع بقية النشاطات الاقتصادية الأخرى. ومعلوم أن الاستثمارات الخاصة عادةً ما تكون مدفوعة بتوقعات المخاطر والعائدات التي تتحدد بمدى ملاءمة بيئة الأعمال.
ومن جانب آخر تشجع مؤسسات التنمية العالمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص لسد وتقليص العجز المتنامي في التمويل في الدول النامية، خاصة مشروعات البنية الأساسية التي تحقق التنمية المستدامة في تلك الدول. وتتطلب مشروعات البنية التحتية والاحتياجات الضخمة لمرافق البنية التحتية والخدمات تمويلات ضخمة لا يمكن للقطاع العام وحده تحقيقها خاصة في البلدان المترامية الأطراف. وهنا يمكن للشراكة بين القطاعين العام والخاص أن تسد الفجوة في القدرات المالية والتنفيذية كذلك. ومن القطاعات المرشحة لمثل هذه المشروعات قطاع الطاقة غير الموصولة بالشبكات (مثل الطاقة النظيفة) لضمان الحصول على الطاقة بأسعار معقولة دون انقطاع. كذلك يُعد قطاع النقل من القطاعات المرشحة لسد تلك الفجوة لمشروعات البنية التحتية، التي تغطي بدورها الاحتياجات المتنوعة والمتعددة في تلك البلدان.
نختم القول بأن الكثير من دول القارة الأفريقية تعيش حالة من التعقيدات المتزايدة التي تتطلب استجابة فورية وفعالة لتحقيق التنمية المستدامة فيها مثل التأثيرات الناتجة من تغير المناخ وعدم توافر الاستقرار السياسي والأمني، مع تزايد التحديات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية. لذلك يظهر فيها جليا دور القطاع الخاص في هذه المرحلة المعقدة في السير نحو التنمية المستدامة. ويمثل إشراك القطاع الخاص في تقديم الخدمات ومشروعات البنية الأساسية للتنمية قوةً حيويةً ومحركا أساسيا نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة. كما ويعد إشراك القطاع الخاص داعما رئيسيا في تعزيز الابتكار وتوجيه التقنيات نحو مسارات مستدامة؛ كما يحقق زيادة لفرص العمل وتحسينها من خلال تهيئة بيئة داعمة للاستثمارات التي يقودها القطاع الخاص، حيث لا يزال خلق الوظائف من أهم الأولويات الإنمائية، فضلا عن السعي نحو تكافؤ الفرص لشريحة الشابات والشباب. وهذا هو أحد الوسائل الفاعلة لتخطي ربقة الفقر، وتعزيز التوظيف بما يسهم في تطوير المهارات ويدفع باتجاه تحقيق توازن بين النمو الاقتصادي والتنمية البشرية. ويشمل كل ذلك تعزيز نواتج رأس المال البشري من خلال مساندة تقديم خدمات الصحية والتعليمية بشكل أفضل للجميع، بالإضافة إلى برامج التأمين الاجتماعي الجيد.
كذلك يُعد دعم بنوك التنمية الإقليمية أحد الجهود التمويلية المختلطة لتمويل القطاعين العام والخاص لتحقيق القدرة الاقتصادية في الدول النامية، وتحفيز القطاع الخاص للمشاركة في الأنشطة الاقتصادية التنموية بما يحقق الاستدامة في التنمية، وخلق أدوات مالية مبتكرة لتعزيز النمو الاقتصادي الشامل، دون المساس بدور الحكومات البالغ الأهمية تجاه الشرائح الضعيفة في المجتمع ودورها في تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين. كما تدعم مشاركة القطاع الخاص في النشاط التنموية محفزات الاقتصاد الإنتاجي الحقيقي، وإحدى الوسائل اللازمة للحد من الأنشطة الاقتصاد المضر، أو ما يسمى بالاقتصاد الخفي الذي يدفع نحو تآكل التنمية المستدامة، ويزيد من الجرائم المالية، ويخلق اقتصادا هشا يزيد من معدلات الفقر بين السكان. كذلك تدعم الجودة التنظيمية التي يتسم بها القطاع الخاص القدرة على الصمود في وجه الصدمات من خلال دعم إدارة الاقتصاد الكلي، وتدابير التكيف مع التغيرات والتقلبات الاقتصادية المختلفة والتخفيف من آثارها. وكل هذا وغيره يتطلب مجموعة قوية من الإصلاحات الرامية إلى تحسين بيئة الأعمال وإتاحة التمويل لمنشأة الأعمال الصغيرة، خاصة في البلدان الأفريقية النامية.

nazikelhashmi@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: القطاعین العام والخاص الاستثمارات الخاصة التنمیة المستدامة القطاع الخاص فی البنیة التحتیة بالإضافة إلى فی التنمیة

إقرأ أيضاً:

خبراء: الضرائب أداة فعَّالة لتحقيق التنمية الاقتصادية وتمويل المشاريع الوطنية

 

◄ "الغرفة" تستعرض دور تنظيم السياسات المالية في دعم النمو الاقتصادي وتحسين بيئة الأعمال

◄ أدهم بن تركي: النمو الاقتصادي ما يزال هشًّا ومُتقلبًا أمام تغييرات أسعار النفط العالمية

◄ الرواس: غياب سياسة ضريبية متوازنة يُضعف الحافز على العمل والاستثمار

◄ السعيدي: تقديم إعفاءات ضريبية للشركات الناشئة والصناعات الاستراتيجية يُحفِّز الاستثمار

◄ المسافر: نقترح إعادة توجيه الإيرادات الضريبية لدعم القطاع الخاص وضخ السيولة

 

 

◄ كفاءة الانفاق الحكومي تُعوِّض الفاقد من الاستهلاك والاستثمار

◄ ضرورة توجيه الإيرادات الضريبية للبنية الأساسية والخدمية لتعزيز بيئة الأعمال والاستثمار

◄ تأثر النمو الاقتصادي بالضرائب يعتمد على الأدوات الضريبية ومدى تدرجها وكفاءتها وأعبائها

الضرائب أداة لتحقيق الاستدامة المالية وتعزيز الاستقرار الاقتصادي

 

 

مسقط- الرؤية

 

أكد خبراء ومتخصصون أهمية التطبيق العادل والمتوازن للضرائب وتحسين كفاءة النظام الضريبي؛ لتعزيز إسهام الضرائب في التنمية الاقتصادية، وبما يحقق التوازن بين تحفيز بيئة الأعمال والاستثمار وتمويل الخدمات العامة.

جاء ذلك في الأمسية الرمضانية الثالثة التي نظمتها غرفة تجارة وصناعة عُمان بعنوان "الضرائب وأثرها على التنمية الاقتصادية"، تحت رعاية معالي الدكتور سعيد بن محمد الصقري وزير الاقتصاد، وحضور سعادة الشيخ فيصل بن عبدالله الرواس رئيس مجلس إدارة الغرفة، وعدد من أعضاء مجلس إدارة الغرفة، وأصحاب وصاحبات الأعمال.

وقال سعادة الشيخ رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان: "تعد الضرائب إحدى الأدوات المالية الأساسية التي يُعتمد عليها في تمويل النفقات العامة، ما يجعلها ليست مجرد تحصيل إيرادات، وإنما لها دو محوري في تحقيق التنمية الاقتصادية وتوجيه الاقتصاد نحو النمو والاستقرار". وبيّن سعادته أن توجيه الإيرادات الضريبية نحو تعزيز البنية الأساسية والخدمية يعزز بيئة الأعمال ويحسن مستوى المعيشة، وبالتالي يُشجِّع الاستثمار ويحفز النمو الاقتصادي، إلّا أن عدم وجود سياسة متوازنة للضرائب سيؤدي إلى إضعاف الحافز على العمل والاستثمار، مما يؤدي إلى هروب رؤوس الأموال أو تراجع النشاط الاقتصادي، خاصة وأن الضرائب المفرطة قد تؤدي إلى هروب الاستثمارات الأجنبية والمحلية إلى دول ذات معدلات ضرائب أقل فيما يعمل التهرب الضريبي على إضعاف الإيرادات الحكومية ويؤثر على تمويل المشاريع التنموية. وأضاف الرواس أن "العدالة الضريبية تُحفِّز على الامتثال وتُعزِّز مناخ الأعمال، مما يساعد على النمو الاقتصادي المستدام".

وقدم صاحب السمو السيد الدكتور أدهم بن تركي آل سعيد رئيس اللجنة الاقتصادية بغرفة تجارة وصناعة عُمان، ورقة عمل حول "أثر السياسات المالية والضريبية في سلطنة عُمان"، استعرض من خلالها ملامح السياسة المالية لسلطنة عُمان والتي تتضمن السياسة التنموية والصناعية والتي استثمرت الدولة من خلالها في البنية الأساسية، وأنشأت مناطق حرة لجذب الاستثمارات الأجنبية وتنشيط القطاعات غير النفطية بجانب ضبط الإنفاق؛ حيث نفَّذت الحكومة إصلاحات مالية شملت إعادة توجيه الدعم وتقنين منظومة التوظيف في القطاع العام للسيطرة على العجز، علاوة على الإصلاحات المالية وتنفيذ خطة التوازن المالي والتي شملت إعادة توجيه الدعم وإدخال ضريبتيْ القيمة المضافة والانتقائية، وإعادة جدولة الرسوم وتحسين كفاءة الانفاق العام.

واستعرض رئيس اللجنة الاقتصادية بالغرفة في ورقة العمل أثر السياسات على النمو الاقتصادي والاستثمار من حيث الآثار الإيجابية، التي تشمل ارتفاع الاستثمار الأجنبي وتنويع الاقتصاد مع وجود بعض التحديات التي تشير إلى أن النمو الاقتصادي ما يزال هشًّا ومُتقلبًا أمام تغييرات أسعار النفط العالمية. وتطرقت ورقة العمل إلى آثار الضرائب من حيث الانفاق الاستهلاكي والادخار وتأثيرها على الاستثمار، مُبينًا أن تأثر النمو الاقتصادي بالضرائب يعتمد على الأدوات الضريبية ومدى كفاءتها وتدرجها وأعبائها؛ حيث تختلف آثار أنواع الضرائب المباشرة وغير المباشرة على الأفراد والشركات من حيث الاستهلاك والاستثمار. وشدد سموه على أهمية تعيين سياسة مالية وضريبية واضحة ومُتزنة في النوع والكم، مع مراعاة التجاذبات الاقتصادية والمالية، إضافة إلى أن كفاءة الانفاق الحكومي تُعوِّض الفاقد من الاستهلاك والاستثمار بسبب الآثار المباشرة وغير المباشرة للضرائب.

من جهته، قدَّم الدكتور خالد بن سالم السعيدي رئيس لجنة التظلمات ورئيس مجلس إدارة مركز التحكيم التجاري، ورقة عمل، حول "دور الضرائب في تحقيق الاستدامة المالية"؛ حيث استعرض الدور الذي تؤديه الضرائب كمصدر أساسي للإيرادات الحكومية؛ ما يوفر الاستدامة المالية التي تُمكِّن الحكومة من إدارة مواردها المالية بطريقة تضمن استمرارية تقديم الخدمات العامة دون اللجوء إلى مديونية مُفرطة أو عجز مُزمن في الميزانية؛ حيث إن الضرائب توفر مصدرًا ثابتًا لإيرادات لتمويل الإنفاق الحكومي، علاوة على أنه يمكن للسياسات الضريبية أن تُحفِّز الاستثمار والإنتاج، مثل تقديم إعفاءات ضريبية للشركات الناشئة والصناعات الاستراتيجية.

وبين السعيدي أن تحسين التحصيل الضريبي وتقليل التهرب، يُمكِّن الحكومة من تقليل العجز في الميزانية، بجانب دورها في تحقيق الاستقرار الاقتصادي، من خلال فرض ضرائب على سلع نوعية أو تعديل الضرائب على الاستثمارات، ما يساعد الحكومة على توجيه الاقتصاد نحو استدامة أكبر.

من جانبه، قدم رشاد بن علي بن عبدالله المسافر المؤسس والشريك الإداري بشركة الآفاق المالية، ورقة عمل عن "الضرائب.. كأداة من أدوات السياسة المالية وأثرها على التنمية الاقتصادية وتمويل المشاريع الوطنية"؛ حيث سلط الضوء على محورية الضرائب في السياسة المالية؛ إذ تساهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي، وتعزيز التنمية، وتمويل المشاريع الوطنية، مشيرًا إلى أن نجاح السياسة الضريبية يعتمد على تحقيق توازن بين فرض الضرائب وتحفيز الاستثمار والاستهلاك، لضمان تحقيق أهداف النمو الاقتصادي دون التأثير السلبي على النشاط الاقتصادي العام.

وتطرق المسافر إلى أهمية الإصلاحات الضريبية المستمرة وتكييفها مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية؛ حيث إن ذلك يُعَدّ ضرورة حتمية لتحقيق تنمية مُستدامة وشاملة. كما تطرق إلى تمويل الإيرادات الضريبية للعديد من المشاريع الوطنية التي تسهم في تحقيق التنمية المستدامة والتي على رأسها مشاريع البنية الأساسية التي تعزز من كفاءة النقل والتجارة وكذلك تحسين جودة التعليم والخدمات الصحية؛ مما يؤدي إلى رفع مستوى رأس المال البشري وتعزيز الإنتاجية وأيضا توفير الحكومة للدعم المالي للمؤسسات الناشئة.

واقترحت ورقة العمل عددًا من الآليات لاستخدام الضرائب في تحفيز الاقتصاد منها إعادة توجيه الإيرادات لدعم القطاع الخاص وضخ السيولة في السوق لدعم الأعمال، وخلق فرص عمل جديدة وتقديم إعفاءات ضريبية مؤقتة للشركات الناشئة والصغيرة وتحفيز الاستثمار من خلال سياسات ضريبية مرنة.

وأكدت النقاشات خلال الأمسية، الدور المحوري للسياسات الضريبية في تعزيز بيئة الأعمال وتطوير الاستثمار، وأهمية تبني استراتيجيات ضريبية مدروسة لخلق مناخ استثماري جاذب يُساهم في تحقيق التنمية المستدامة وتنويع الاقتصاد الوطني.

مقالات مشابهة

  • نصر عبده: المعركة الدبلوماسية التي خاضتها مصر لعودة طابا لا تقل أهمية عن حرب أكتوبر
  • غرفة شمال الباطنة تناقش أهمية التعاون بين المدارس الخاصة والمؤسسات الحكومية
  • خبراء: الضرائب أداة فعَّالة لتحقيق التنمية الاقتصادية وتمويل المشاريع الوطنية
  • وزير الاقتصاد يلتقي المواطنين في  اليوم المفتوح
  • وزير الاقتصاد يلتقي المواطنين في اليوم المفتوح
  • مدبولي: مصر من أوائل الدول التي وقعت على أهداف التنمية المستدامة عام 2015
  • «مؤتمر الوقف» يضيء على تنمية القطاع برؤى حضارية
  • وزارة الاقتصاد تدين استهداف العدوان الأمريكي لمحلج القطن وأحد مصانع القطاع الخاص في الحديدة
  • وزارة الاقتصاد تدين استهداف العدوان الأمريكي لمحلج القطن واحد مصانع القطاع الخاص في الحديدة
  • ندوة بنقابة المهندسين تشدد على أهمية دور علوم الفضاء في التنمية المستدامة