#سواليف

الروائي ابو غربية .. #رواية ” #مرساة ” جذورها في #القدس و #الكرك وأغصانها الموجعة في #بغداد
ا.د #حسين_محادين*

اسم الرواية: مرساة؛ الطبعة الاولى ،2019؛ 150صفحة وبتسعة فصول متكاملة السرد والتأثيث القصصي، رغم تفردهما بتناول استدعاءات حركة الزمن التي اتقنها المؤلف بين ماض وحاضر ومستقبل. المؤلف ؛ أشرف ابو غربية.

الناشر :دار وائل ،عمان-الاردن.

الغلاف : صورة فوتوغرافية لبيت مهجور ذا حجارة بنية اللون وقد غزا العشب والورود البرية غير المنتظمة كل من واجهته الامامية وادراجه الباكية بصمت جراء فقدانها لاهل البيت في منطقة جبل الجوفة في عمان، حيث وفق المؤلف بقناعتي في دقة اختياره لصورة هذا البيت كحامل ومحمول للكثير من اجواء وزمن ومآلات السرد في هذه الرواية، واختياره الموفق للصورة غلافا لروايته مرساة ، كيف لا ..؟ فهذا البيت هو الحاضن الملهم لمسرح الاحداث الحاضرة عبر ترابط زمن الرواية بمختلف مراحلها وإحالات القراء لها وللبيت معا ،اذ مثّل بيت البطل عوض وزوجته ساره وجارتهما الاكبر سنا وتجارب وهي الارملة أم ربحي…كل هذا وغيره من المعاني والدلالات الالمعية في الرواية اتضح لي كقارىء بعد ان انتهيت من قراءة هذه الرواية النوعية التي تُدين ضمنا المرحلة الزمنية التي غطتها الحرب العراقية وتغول العسكر في ظل الحروب على كل الناس البسطاء ومنهم عوض الميكانيكي الاردني المدني الذي رفض الذهاب مع العسكر لانه الذي جاء اصلا وكما يُفترض الى بغداد لمدة شهر عند ابو جاسم صاحب كراج لصيانة الشاحنات في بغداد كي يحصل على (1000 دينار اردني) كي يؤمن متطلبات ابنه الجنين حينها”عبدالله ” وامام صمت صاحب الكراج الذي يعمل فيه، ليفاجأ بأخذه وبالقوة قِبل الجيش ويُعتقل جراء رفضه الذهاب لاصلاح شاحنات الجيش المعطلة في الكويت المحتلة حينها، لذا نُسبت له تهمة الخيانة العظمى ومحاولة قلب النظام والتخاذل عن دعم الوطن وحمايته ( ص 66) ليمكث عقدين ونيف في المعتقل”سجن ابو غريب وتحديدا في المهجع 8 ،ويحمل رقم 1008 بكل ما تحمل هذه الامكنة وما ستحمله الارقام من معانِ مثقلة بالالم والتقرحات فكرا واجساد عبر حقب عديدة من تاريخ العراق” بعد ان حُكم عليه بالاعدام وبقي ينتظر تنفيذه، فيتعرف اثناء انتظاره الرهيب على معتقل اخر يشبهه وهو “السيد المصري الجنسية” من حيث تشابه كل من، المعاناة والاتهام واشكال التعذيب الدامية وطول مدة الاعتقال كذلك ، او الاعتداء على شعب وبلد عربي ومسلم شقيق، وما آلت اليه الحال بعدها في بغداد من احتراب طائفي وتظهر بوس وشقاء متعدد العناوين والايحاءات البليغة.
و لعل مغالبة البطل الثاني في الرواية منذ كان جنينا وحتى كبر وهو عبدالله /الابن الذي ولدّ في غياب والده و الذي كان يتبرع ايضا عندما كبر لفلسطين والعراق في آن ، أقول بقي كما يشير السرد في الرواية المتأرجح في الذاكرة والبحث عن والده لاحقا ، الذي بقي بدورهمعلقا بين الحياة والمعتقل مع السيد المصري الجنسية ايضا في بغداد. فالأب عوض، البطل الفاقد للذاكرة في عمان لاحقا بعد ان سقط النظام وهرب السجناء ويرجع الى عمان بلا ذاكرة باستثناء هذيانه جائلا في المدرج الروماني باسم سارة زوجته وحبيبته والجوفة.
لقد مثل عبد الله الابن برمزيته البارعة من قبل المؤلف سيرورة الحياة وقيم استمراريتها هو المنتصر في المحصلة على مناجم الحزن الانكسارات التي عاشها كانسان من ان كان جنينا وصولا الى دخوله الجامعة الاردنية ودراسته القانون الدولي سعيا منه لإحقاق حقوق الانسان ،والتقائه بشيرين الفتاة الميسورة المتنورة والحبيبة والزوجة لاحقا لتكون باجتهادي هي التي اخذت اسم الرواية ” مرساة في اشارة بليغة بان البطل الثاني عبدالله الذي ولد حيث توفت امه اثناء ولادته فتأخذه الارملة ام ربحي معها الى بيت اهلها في احدى قرى الكرك عند شقيقة لها لم تتزوج لكنها ولم تعد تسمع ايضا وهي التي كانت تلتصق بالتلفاز كي يتسنى لها سماع اخبار الانتفاضة وحرب العراق، فكانت تعيش وحدها بعد ان بقيت بعد وفاة اهلهما في تلك القرية الوادعة بطيب اهلها والتي تقابل وتحاكي الخليل والقدس على الضفة الاخرى من القلب الواحد وكان المؤلف يود تذكيرنا بخصوصية الوعي والتساند بين الكرك والقدس بحكم التأزر التاريخي بينهما وبحكم الجغرافيا المتقابلة والمترابطة بينهما.

اذن؛ يمكن القول بأن عبدالله الذي اصبح موظفا في منظمة دولية لحقوق الانسان في عمان وهو الذي كان عائما من قبل في تلاطمات الحياة قد رسى اخيرا في ميناء شيرين المثقفة بامتياز وحبيبته اثناء دراستهما معا في الاردنية وزوجته المساندة له باستمرار، فبعد ان وجد اباه الغائب لعقود والحاضر للحظات في بيت الجوفة بعد عناء عقود وهو يبحث عنه بعد ان قرا وبصحيفة اجنبية لقاءً صحفيا مع سيد المعتقل المصري مع اباه في ابو غريب ان رفيقا له اردني الجنسية واسمه عوض قد هرب معه بعد انفلات الامن وهروب المعتقلين لكنه لايعلم ان كان حيا ام ميت الآن ، فعوض وبعد عودته لعمان هو الذي إعتاد المجيء كل خميس الى هناك اي الى الجوفة باحثا عن زوجته وام ربحي معا كما اخبروه الجيران الذين لم يعرفوه اصلا بحكم ما طرا عليه من تغيرات لاسيما شعر لحيته الكثيف وجسمه الناحل حد الفقر والجنون كما وصفه “التاجر في الحي ابو خليل” مينائها” زوجة له.
*شخوص من قاع الحياة..
-عوض،الزوج الاسمر الذي يعمل ميكانيكي ( 32) سنة، ابن عمان التي يحبها وتمور ذكريات طفولته في ذاكرته كلما ادلهم الامر عليه وهو يغادرهما باتجاه الرويشد وصولا الى بغداد في 15 حزيران 1990
( ص 38).
-سارة ، زوجة عوض الجميلة جدا من مواليد القدس عمرها( 20 سنة) والحامل بالاشهر الاولى بطفلها المُنتظر والمتوقع تسميته ب( عبدالله) كما كان يرغب ابوه.د وهي التي بدورها كانت تستدعي كلما خلت الى وحدتها بعد غياب زوجها ذكريات دراستها في مدرسة خولة بنت الازور في القدس بطفولتها ومع اهلها وناسها هناك
-ابو العبد،( 50 سنة) صاحب ورشة لصيانة الشاحنات في عمان، وتاجر قطع سيارات يجلبها من المانيا ويتاجر بها مع ابا جاسم صديق له وصاحب كراج مثله يقيم في بغداد وبينهما تعاون مشترك في هذه الاعمال…وغيرهما من الشخوص الروافد الفرعية في سياق السرد.
اخيرا..
لقد اجاد المؤلف في بناء وضبط حركة القص والزمن في هذه الرواية محملة على مهاراته كروائي في ايصال القارىء طوعا وبسلاسة فكرية كي يدين الحرب البينية بين العراق والكويت ولفت انظارنا كقراء الى ان الحرب هي الخسارة الانسانية اي كانت نتائجها على اي من طرفيها المتحاربين.
هذه الاضاءة المكثفة لن تغني عن قراءة الرواية وتفاصيلها المسامية بالتأكيد .
*قسم علم الاجتماع -جامعة مؤتة -الأردن.

مقالات ذات صلة المسرح الحر يحتفل بيوبيله الفضي و يسمي المراشدة رئيسًا للجنة العليا للمهرجان 2024/04/17

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف رواية مرساة القدس الكرك بغداد فی بغداد فی عمان بعد ان

إقرأ أيضاً:

معلقة “غزة على أسوار القدس” للشاعر الراحل خالد أبو خالد في محاضرة باتحاد كتاب حمص

حمص-سانا

سلط الأستاذ في كلية الآداب بجامعة البعث الدكتور عصام الكوسى في محاضرة استضافها فرع حمص لاتحاد الكتاب اليوم الضوء على معلقة “غزة على أسوار القدس” للشاعر والمناضل الفلسطيني الراحل خالد أبو خالد الذي حمل القلم إلى جانب السلاح دفاعاً عن القضية الفلسطينية وقضايا الشعوب المناضلة ضد الاحتلال.

وأوضح الكوسى في محاضرته التي جاءت بعنوان “تحولات النخلة في معلقة الشاعر خالد أبو خالد” أن المعلقة التي تعد من نفائس الشعر العربي الحديث استحقت تسميتها بالمعلقة تمثلاً بالمعلقات التي كانت تعلق على جدران الكعبة عند العرب القدماء لأن “أبو خالد” أصر على إبراز مدينة غزة العصية على الغزاة عبر التاريخ والتي تشابه المدن الفلسطينية الأخرى من النواحي الجغرافية والتاريخية والسياسية.

وعرج على السمات الأسلوبية والدلالية لمفردة “النخيل” التي تقصد الشاعر تكرارها في أبيات المعلقة لأسباب لم تأت عن عبث، فهو يرى فيها مجموعة من الثوابت والمبادئ والقيم التي تمثل صمود الشعب الفلسطيني في وجه الاحتلال الجائر فكانت مفتاحاً رئيساً للمعلقة وتشابكت مع تراكيبها وصورها في إشارات ودلائل أراد خالد أبو خالد أن يفجر من خلالها طاقة إيجابية واسعة تجعل المتلقي يشاركه في العملية الإبداعية.

ورأى الكوسى أن الشاعر اختار رمز النخلة في معلقته لأنها تمثل سيدة الأشجار والصحراء ورمز العطاء والخصوبة والعطاء والجمال عند الفينيقيين والعرب القدماء، كما ورد ذكرها في الكتب المقدسة، وانبثق هذا الاختيار من مبدأ أن النخيل صاحب موقف ثابت لا يقبل الانحياز، فهو كالشعب الفلسطيني الأصيل عاهد نفسه بأن يبقى مدافعاً عن قضيته متمسكاً بحقه في الحياة والعودة إلى دياره السليبة، كما أن النخيل شاهد على كل ما يجري في غزة وكل الأراضي الفلسطينية المحتلة وهو حامل للذاكرة والهوية ويملك أبجدية ولغة كجزء من الهوية جعلها تعلم لغة الكفاح والسلاح والقوة في سبيل تأكيد الحق وكشف الحقائق وكتابة التاريخ.

وأضاف الكوسى إن الشاعر “أبو خالد” حاول في المقطعين الأخيرين للمعلقة أن يحمل النخيل وظيفتين مهمتين، الأولى فضح العدو وكشف زيف ادعاءاته وإسقاطها بالحجة والبرهان، والثانية أن يكون المؤرخ الصادق لنضال شعبه رافضاً أن يعطي عدوه الغازي أو أعوانه هذا الحق لأنهم سيكذبون وسيزيفون الحقيقة التي سطرها المناضلون بأسلحتهم ودمائهم.

واستشهد الدكتور الكوسى بباقة من المقاطع الشعرية في معلقة الشاعر “أبو خالد” والتي يكرر فيها مفردة النخيل في إشارة إلى نخيل غزة وصموده في وجه الجرائم الإسرائيلية الوحشية.

وختم المحاضر بأن الشاعر “أبو خالد” يمتلك عدة سمات تدفع للاهتمام بشعره، أولها أنه شاعر فدائي وثانيها وفاؤه العظيم لسورية التي أوصى بأن يدفن في عاصمتها دمشق وثالثها رفضه القاطع لكل المهادنات مع العدو الإسرائيلي ورابعها أن معلقته جاءت مرآة لما يحدث اليوم في غزة الصامدة.

والراحل خالد محمد صالح الحمد الملقب بـ “خالد أبو خالد” وفتى كنعان” هو شاعر وفنان تشكيلي وصحفي فلسطيني من مواليد ألف وتسعمئة وسبعة وثلاثين، شغل عدداً من المهام كمحرر في إذاعة الكويت ومناضل التحق بالفصائل الفلسطينية، وكان عضواً في الأمانة العامة للاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين وعضواً مؤسساً في اتحاد الكتاب في سورية، وجمعت أعماله باسم “العوديسا الفلسطينية”، توفي في دمشق عام ألفين وواحد وعشرين.

حضر المحاضرة لفيف من الأدباء والمثقفين.

حنان سويد

مقالات مشابهة

  • منصّة زين تطلق برنامج مجتمع الرياديين الصغار (YESJO) في عمان واربد والكرك والعقبة
  • السقوط المخيف.. صحف غربية تتوقع انقلابا سياسيا في فرنسا
  • صحف غربية تتوقع انقلابا سياسيا في فرنسا.. السقوط المخيف
  • معلقة “غزة على أسوار القدس” للشاعر الراحل خالد أبو خالد في محاضرة باتحاد كتاب حمص
  • مقاربة معرفية لحكم الروائي عبد العزيز بركة ساكن على قحت وتقدم
  • مكتبة بيبليوتك تستضيف حفل توقيع رواية "المسحورة" للروائية د. رشا سمير
  • حول الرواية التاريخيّة.. محاولة في الفهم والتحليل
  • "انظروا إلينا نرقص".. رواية لـ"هشام النجار" في مواجهة التطرف والإرهاب
  • “إسرائيل” تخلق رواية مضللة حول إنجازاتها عند الحدود اللبنانية لتجنب “حرب شاملة” مع حزب الله
  • في مثل هذا اليوم.. وفاة فارس الرواية الرومانسية محمد عبد الحليم عبد الله