ترحيل لاجئين من بريطانيا.. تفاصيل الخطة المثيرة للجدل
تاريخ النشر: 23rd, April 2024 GMT
نجح رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، أخيرا في إقرار مشروع قانون مثير للجدل، يتيح للسلطات ترحيل طالبي لجوء وصلوا إلى المملكة المتحدة بطريقة غير نظامية إلى رواندا.
وجاءت مصادقة البرلمان على المشروع، بعد أن ظل عالقا لأشهر بين مجلسي اللوردات والعموم، قبل أن يوافق اللوردات في نهاية المطاف على عدم إدخال أي تعديلات إضافية على النص، مما أتاح إقراره، على أن يدخل حيز التنفيذ حالما يصادق عليه الملك.
وكان الجمود التشريعي العقبة الأخيرة في مسار تبني الخطة المثيرة للجدل والتي واجهت معارضة قضاة المحكمة العليا وانتقادات نشطاء حقوق الإنسان الذين يقولون إنها غير قانونية وغير إنسانية، بينما تعهد المدافعون عن المهاجرين بمواصلة معارضة الإجراء.
وتعهد سوناك، الاثنين، بالبدء في إرسال طالبي اللجوء إلى رواندا في غضون 10 إلى 12 أسبوعاً.
اتفاقية اللجوءومنذ اللحظة التي تم فيها تقديم الخطة لأول مرة خلال ولاية رئيس الحكومة الأسبق، بوريس جونسون، قالت منظمات دولية وخبراء إنها تنتهك التزامات البلاد في مجال حقوق الإنسان بموجب القانونين المحلي والدولي.
وأعلنت الحكومة البريطانية، في أبريل عام 2022، عن شراكة جديدة للهجرة والتنمية الاقتصادية مع حكومة رواندا، والتي أعيدت تسميتها لاحقا باسم شراكة اللجوء بين المملكة المتحدة ورواندا.
ووقعت الحكومتان بعد ذلك على معاهدة شراكة اللجوء، في 5 ديسمبر عام 2023، ونشرت الحكومة البريطانية مشروع القانون في اليوم الموالي.
وبموجب هذا القانون، سيتم نقل طالبي اللجوء في المملكة المتحدة إلى رواندا قبل النظر في طلبات لجوئهم. وسيكون من مسؤولية نظام اللجوء الوطني الرواندي النظر في حاجتهم للحماية الدولية. وسيبقى الأشخاص المنقولون إلى رواندا، حتى لو منحوا وضع اللاجئ أو الإنساني، في البلد الأفريقي.
وتعتقد المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن ترتيب المملكة المتحدة ورواندا يحمل "مخاطر خطيرة على سلامة اللاجئين".
كما أنه يمثل نموذجا "يقوض التضامن العالمي ونظام الحماية الدولية المعمول به للاجئين. وهو لا يتوافق مع القانون الدولي للاجئين"، بحسب المفوضية.
البرلمان البريطاني يقرّ قانون ترحيل مهاجرين غير نظاميين إلى رواندا أقرّ البرلمان البريطاني ليل الاثنين-الثلاثاء مشروع قانون مثيرا للجدل يتيح للحكومة أن ترحلّ إلى رواندا طالبي لجوء وصلوا إلى المملكة المتحدة بطريقة غير نظامية. قرار قضائي سابقولجأ رئيس الوزراء البريطاني، لإقرار هذا التشريع ردا على حكم أصدرته المحكمة العليا، العام الماضي، واعتبرت فيه أن إرسال طالبي اللجوء إلى رواندا مخالف للقانون الدولي.
وقضت المحكمة العليا في المملكة المتحدة، في نوفمبر عام 2023، بالإجماع بأن مخطط ترحيل اللاجئين نحو رواندا غير قانوني.
واعتبرت أن اللاجئين سيكونون معرضين لخطر العودة إلى بلدانهم الأصلية، حيث قد يتعرضون للأذى.
وتنتهك الخطة أيضا، بحسب القرار، الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، التي وقعت عليها بريطانيا، والتي تحظر التعذيب والمعاملة اللاإنسانية.
كما لفت الحكم إلى المخاوف بشأن سجل رواندا السيئ في مجال حقوق الإنسان، ومعاملتها السابقة للاجئين.
وقال القضاة، إنه في عام 2021، انتقدت حكومة المملكة المتحدة نفسها رواندا بسبب "عمليات القتل خارج نطاق القضاء، والوفيات أثناء الاحتجاز والاختفاء القسري والتعذيب"، مسلطين الضوء على واقعة فتح الشرطة الرواندية للنار على لاجئين محتجين، عام 2018.
ويسعى سوناك وحزب المحافظين الحاكم من خلال تمرير هذا النص إلى إجبار القضاة على اعتبار رواندا الواقعة في شرق أفريقيا دولة ثالثة آمنة، وفقا لفرانس برس.
سجل عام 2022 رقما قياسي بلغ 45775 مهاجرا وصلوا على متن قوارب صغيرة إلى الشواطئ الجنوبية لإنجلترا تطبيق الخطةويأتي النقاش في بريطانيا في وقت تبحث فيه دول في جميع أنحاء أوروبا الغربية وأميركا الشمالية عن طرق لإبطاء العدد المتزايد من المهاجرين حيث تجبر الحروب وتغير المناخ والقمع آلاف الأشخاص على ترك منازلهم.
وارتفع عدد المهاجرين الذين يصلون إلى بريطانيا عبر القوارب إلى 45774، في عام 2022، من 299 فقط قبل أربع سنوات، حيث يدفع الباحثون عن اللجوء آلاف الجنيهات الاسترلينية للعصابات الإجرامية لنقلهم عبر بحر المانش انطلاقا من السواحل الفرنسية.
وفي العام الماضي، انخفض عدد الوافدين على متن هذه القوارب الصغيرة إلى 29437 شخصا، حيث قامت الحكومة باتخاذ إجراءات صارمة ضد مهربي البشر وتوصلت إلى اتفاق لإعادة المهاجرين الألبان إلى وطنهم، وفقا لأسوشيتد برس.
وتتعرض حكومة سوناك لضغوط متزايدة لخفض الأعداد القياسية لطالبي اللجوء. وتعهد بعد تبني القرار بتنظيم الحكومة رحلات بشكل دوري لترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا خلال الصيف وبعده "إلى أن تتوقف القوارب" التي تصل إلى المملكة المتحدة.
ومن المتوقع أن يحصل مشروع القانون على الموافقة الملكية، الثلاثاء. وقالت مصادر بوزارة الداخلية للغارديان، إنها حددت بالفعل مجموعة من طالبي اللجوء ذوي المطالب القانونية الضعيفة للبقاء في المملكة المتحدة والذين سيكونون جزءا من الدفعة الأولى التي سيتم إرسالها إلى شرق إفريقيا في يوليو، وفقا للغارديان.
وأكد سوناك أن الحكومة جهزت مطارا وحجزت طائرات تجارية مستأجرة للرحلة الأولى.
وقلصت وزارة الداخلية قائمة الدفعة الأولى للمهاجرين إلى 350 مهاجرا، يُعتقد أنهم يشكلون أقل خطر لتقديم اعتراضات قانونية ناجحة تمنع ترحيلهم.
وبينما يمنح التشريع الجديد الوزراء صلاحية التغاضي عن أجزاء من القانون الدولي وقانون حقوق الإنسان البريطاني، وفقا لفرانس برس. قال محامون لصحيفة الغارديان، إنهم سيعدون دفوعات قضائية نيابة عن طالبي اللجوء الأفراد.
ويمكنهم الطعن في ترحيلهم على أساس كل حالة على حدة، مما قد يؤدي إلى سحبهم من قائمة المرحلين.
ويسمح القانون الجديد بتقديم طعون ضد الترحيل، إذا كان المحتجز يواجه "خطرا حقيقيا ووشيكا ويمكن توقعه، في حالة ترحيله إلى رواندا".
ويجب عليهم تقديم استئناف في غضون 8 أيام من تلقي خطاب الترحيل. ثم سيتم منح وزارة الداخلية عدة أيام للرد. إذا تم رفض استئنافهم، سيتم منح الشخص الذي يطلب اللجوء 7 أيام لتقديم استئناف نهائي إلى محكمة الدرجة العليا، والتي ستبت في مطالبته في غضون 23 يوما إضافيا.
وقال تيم بيل، أستاذ السياسة بجامعة كوين ماري في لندن، إنه على الرغم من موافقة البرلمان على التشريع، فإن المزيد من الطعون القضائية قد تؤدي إلى تأخير رحلات الترحيل، مضيفا أنه "سنرى بعض المحاولات لمنع عمليات الترحيل بشكل قانوني".
وقد أكد المكتب الوطني لمراجعة الحسابات أن الخطة ستكلف 1.8 مليون جنيه استرليني (حوالي 2.2 مليون دولار) لكل من المرحلين الـ 300 الأوائل.
وكشف وزير الداخلية لأعضاء مجلس اللوردات خلال واحدة من المناقشات العديدة التي عقدت، الاثنين، أن الحكومة ستستثني أولئك المؤهلين بموجب سياسة إعادة التوطين والمساعدة الأفغانية (آراب) إلى رواندا.
تنديدات واسعةودعا اثنان من كبار مسؤولي الأمم المتحدة، الثلاثاء، المملكة المتحدة إلى إعادة النظر في خطتها لنقل طالبي اللجوء إلى رواندا، محذرين من أن هذه الخطوة سيكون لها تأثير ضار على حقوق الإنسان وحماية اللاجئين.
وفي بيان مشترك، قال فيليبو غراندي، مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، وفولكر تورك، مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، المملكة المتحدة إلى اتخاذ تدابير عملية لمعالجة التدفقات غير النظامية للمهاجرين واللاجئين عوضا عن ترحيلهم.
كما دعا مجلس أوروبا بريطانيا إلى العودة عن قرار ترحيل المهاجرين.
مبعث قلق لحقوقيين وموظفينويشعر المحامون الذين يمثلون طالبي اللجوء بقلق بالغ من أنه سيكون هناك خطر الانتحار بين أولئك الذين سيتم ترحيلهم إلى رواندا.
كما حذر موظفو وزارة الداخلية، سرا من خطر اختفاء آلاف طالبي اللجوء بمجرد بدء عمليات إخطارهم، قبل إرسالهم إلى كيغالي، وفقا للغارديان.
من جهتها، أعربت النقابات التي تمثل حرس الحدود عن قلقها من أن بعض أصحاب المطالبات قد يلجؤون إلى مهاجمة أعضائها لتجنب ترحيلهم، بحسب الصحيفة البريطانية.
وقالت نقابة "آي إس يو"، التي تمثل قوة الحدود في الخطوط الأمامية وعمال الهجرة، إن أعضاءها يشعرون بالقلق إزاء المقاومة الجسدية المحتملة من الأشخاص الذين يتم احتجازهم في رحلات جوية إلى رواندا، وعلى متن الطائرة ذاتها.
وقالت لوسي موريتون، المسؤولة المهنية في وحدة دعم التنفيذ: "بالنظر إلى التعهد بأننا لن نرسل أي شخص لديه سجل إجرامي إلى رواندا، وبالنظر إلى المخاطر الكبيرة التي ينطوي عليها الأمر، هناك مخاوف جدية من أن المهاجرين قد يلجؤون إلى الاعتداء على الموظفين كوسيلة لتجنب الترحيل".
وبحسب أسوشيتد برس، فقد راهن سوناك بمستقبله السياسي على رحلات الترحيل، مما جعل تعهده بـ "إيقاف القوارب" جزءا أساسيا من خطابه أمام الناخبين، حيث تظهر استطلاعات الرأي أن حزب المحافظين الذي يتزعمه يتخلف كثيرا عن حزب العمال قبل الانتخابات العامة في وقت لاحق من هذا العام.
ويُنظر إلى الانتخابات المحلية المقررة الأسبوع المقبل على أنها مقياس لكيفية أداء الأحزاب في الانتخابات العامة.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: طالبی اللجوء إلى رواندا المملکة المتحدة حقوق الإنسان
إقرأ أيضاً:
«فايننشال تايمز»: خطط ترامب للتقارب مع روسيا تهدد بريطانيا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قالت صحيفة "فايننشال تايمز" إن سعي الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لإبرام اتفاق مع روسيا يهدد ضمانات الناتو الأمنية في أوروبا وخاصة بريطانيا التي يشكل الحلف حجر أساس في أمنها.
وجاء في منشور الصحيفة نقلا عن مسؤول بريطاني: "لقد أثار ترامب الشكوك حول الضمانات الأمنية لأوروبا من قبل الولايات المتحدة.. قد لا ينسحب الرئيس المنتخب من حلف شمال الأطلسي، لكن حرصه على التوصل إلى اتفاق مع (الرئيس الروسي) فلاديمير بوتين من شأنه أن يؤدي إلى تقويض استقرار التحالف بشكل خطير".
وأشار المسؤول إلى أن "حلف شمال الأطلسي يعتبر حجر الزاوية الأساسي في أمن بريطانيا" لافتا إلى أن "بريطانيا لا تمتلك سياسة دفاعية فعالة بعيدا عن الحلف".
ورأت الصحيفة أن "النظام الدولي يواجه حالة من الانهيار بسبب الصراع في أوكرانيا، بما جعل العالم في وضع أكثر خطورة منه في أي وقت مضى، منذ نهاية الحرب الباردة".
وتوترت العلاقات بين الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي "الناتو" خلال ولاية ترامب الأولى، الذي انتقد الحلف واتهم أعضاءه الأوروبيين الذين يكافحون أصلا للسيطرة على الدين الحكومي في بلدانهم بإنفاق القليل جدا على الدفاع.
وأكد ترامب أنه لا يجب على الولايات المتحدة الدفاع عن دول الناتو التي لا تدفع مستحقاتها للحلف.
وصور حلفاء الناتو وكأنهم "طفيليات" على جسم الجيش الأمريكي، وتساءل علنا عن قيمة التحالف الذي شكل السياسة الخارجية الأمريكية لعقود.
ومع فوز ترامب بالانتخابات الأمريكية ازدادت مخاوف الناتو، بسبب تهديداته خلال فترة رئاسته السابقة بانسحاب بلاده من الحلف، وهو ما من شأنه بحسب الكثير من القادة الأوروبيين أن يزعزع الضمانات الأمنية لدول الحلف في أوروبا، ويشكل تهديدا وجوديا للتحالف الذي تأسس عام 1949، وخاصة مع دخول الصراع في أوكرانيا عامه الثالث، واعتماد كييف على تدفق ثابت من المساعدات العسكرية والمالية المقدمة من الغرب.
يشار إلى أن ترامب كرر مرات عديدة خلال حملته الانتخابية أنه يعتزم حل النزاع في أوكرانيا حتى قبل تنصيبه، كما أنه وصف زيلينسكي في أحد مهرجاناته الانتخابية بأنه "أفضل مساوم في التاريخ"، حيث يغادر بمليارات الدولارات في كل مرة يزور فيها الولايات المتحدة.
من جانبها أكدت روسيا أن هذه مشكلة معقدة للغاية بحيث لا يمكن إيجاد حل بسيط كهذا لها، وأكد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، أن موسكو ستحكم على موقف ترامب، الذي أعلن رغبته في إحلال السلام في أوكرانيا، من خلال خطواته الملموسة الأولى كرئيس.
وأعربت موسكو مرارا عن استعدادها لإجراء مفاوضات مع أوكرانيا، إلا أن فلاديمير زيلينسكي قطع طريق المفاوضات منذ 2023، كما وقع على قانون يمنع التفاوض مع روسيا.