تشتت وصراع.. كيف يتأثر أداء المعارضة المغربية؟
تاريخ النشر: 23rd, April 2024 GMT
الرباط– أخفقت مكونات المعارضة بالمغرب في الوصول إلى توافق بشأن رئاسة لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان في مجلس النواب، مما عرقل عمل المجلس.
وبموجب النظام الداخلي لمجلس النواب، تخصص لفرق المعارضة رئاسة هذه اللجنة إلى جانب لجنة مراقبة المالية العامة.
وتمسك حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بأحقيته برئاسة اللجنة بدعوى توفره على أكبر عدد من المقاعد البرلمانية وسط الأحزاب المعارضة، بينما رفض حزب الحركة الشعبية، الذي يترأس اللجنة منذ بدء الولاية التشريعية، التخلي عنها.
وأدى هذا الخلاف إلى تعطيل تجديد هياكل مجلس النواب وتوقف عمله، وهو ما ظهر من خلال إلغاء جلسة الأسئلة الشفوية الأولى وتأجيل عقد جلسة دستورية كان رئيس الحكومة سيقدم فيها حصيلة حكومته المرحلية.
وليس هذا الخلاف الوحيد وسط مكونات المعارضة، بل سبقه آخر يتعلق بعدم توصل أحزاب المعارضة إلى اتفاق يخص تقديم ملتمس رقابة ضد الحكومة (إجراء يعطي لمجلس النواب صلاحيات لإسقاط الحكومة).
وكان حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية قد دعا إلى تقديم الملتمس، لكن باقي مكونات المعارضة تحفّظت، وأعلن حزب العدالة والتنمية في بيان لأمانته العامة عدم المشاركة في ملتمس الرقابة، وقال إن أحد أحزاب المعارضة اقترحه بطريقة انفرادية وصاحبه بالترويج لمجموعة من التفاهمات المزعومة وغير الصحيحة.
من جهته، أبدى حزب التقدم والاشتراكية أسفه لعدم التوصل إلى صيغة توفيقية قابلة للتنفيذ حالا فيما يتعلق بملتمس الرقابة، مؤكدا في بيان أصدره عقب اجتماع مكتبه السياسي، عزمه مواصلة مساعيه من أجل تجاوز اعتبارات وصفها بأنها "ثانوية".
معارضة غير منسجمةوبحسب نتائج الانتخابات التشريعية لعام 2021، فإن المعارضة تتكون من 9 أحزاب تملك 125 مقعدا برلمانيا من أصل 395، وهي: الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وله 34 مقعدا، وحزب الحركة الشعبية 28، حزب التقدم والاشتراكية 22، حزب الاتحاد الدستوري 18، وحزب العدالة والتنمية 13، وحزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية 5، وحزب جبهة القوى الشعبية 3.
ويحظى كل من الحزب الاشتراكي الموحد وتحالف فدرالية اليسار بمقعد واحد لكل منهما. وتمثل الأحزاب التسعة تيارات يسارية وليبرالية وإسلامية.
ومباشرة بعد نتائج الانتخابات، أعلنت المعارضة التنسيق فيما بين مكوناتها لمواجهة الأغلبية الحكومية، واتفقت على تعيين ناطق باسمها، وعقدت عدة اجتماعات بين رؤساء الفرق البرلمانية. بيد أن هذا التنسيق سرعان ما انهار بعد انسحاب الفريق الاشتراكي منه، بسبب الخلافات بين الأحزاب.
وأظهرت المناوشات بين بعض زعماء المعارضة والخلافات حول ملتمس الرقابة ورئاسة لجان البرلمان أن المعارضة تشتغل بشكل فردي خصوصا مع تسرب خلافاتها إلى وسائل الإعلام.
حزب الحركة الشعبية المعارض يترأس لجنة العدل والتشريع في البرلمان المغربي منذ بداية الدورة الحالية (الجزيرة) خلافات طبيعيةيرى رئيس فريق الحركة الشعبية في البرلمان إدريس السنتيسي أنهم يفضلون التوافق لإنهاء الخلاف بينهم وبين حزب الاتحاد الاشتراكي حول رئاسة لجنة العدل والتشريع، لكن في حال عدم حصوله لا يرون حرجا في اللجوء إلى التصويت باعتباره آلية ديمقراطية.
وأوضح السنتيسي للجزيرة نت أن النظام الداخلي للمجلس يمنح رئاسة اللجنة للمعارضة، لكنه لا يحدد أحقية فريق برلماني معين بها، مشيرا إلى أن حزبه سيقدم طلبا لتعديل هذا النظام لتكون رئاسة اللجنة بتوافق بين كل مكونات المعارضة أو بالتصويت من طرف نواب المعارضة فقط دون تدخل الأغلبية.
واستبعد المتحدث أن يكون لهذا الخلاف تأثير على أداء المعارضة وعملها في البرلمان، مشيرا إلى أن مكوناتها ليست ملزمة بالتنسيق التام فيما بينها، بل تفعل ذلك في بعض القضايا وتعمل بشكل مستقل ووفق رؤيتها الخاصة في قضايا أخرى.
وقال إن المعارضة تقوم بدورها الكامل في البرلمان، وإذا لم تتفق على رئاسة لجنة أو ملتمس رقابة فلا يعني ذلك تشتتها، بل يعني أن لكل فريق برلماني مبادراته الفردية في ممارسة دوره الرقابي.
واتفق رئيس فريق التقدم والاشتراكية في البرلمان رشيد حموني، مع هذه الفكرة. وأوضح للجزيرة نت أن فرق المعارضة تشتغل وفق رؤاها الخاصة، وقد تتفق أحيانا في بعض القوانين والقضايا، وقد تختلف في أخرى.
وبخصوص الخلاف بين حزبي الاتحاد والحركة حول رئاسة لجنة العدل والتشريع، قال حموني إن لكل فريق التزامات وحسابات سياسية.
وتمسك حزب الاتحاد الاشتراكي بمبدأ النسبية للمطالبة بحقه في رئاسة اللجنة على اعتبار أن أولوية ترؤس اللجان حسب العرف للفريق الأكثر عددا، في حين اعتبر فريق الحركة الشعبية أن ترؤسه اللجنة منذ بداية الولاية، حقا مكتسبا.
وقال رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب عبد الرحيم شهيد، في تصريحات إعلامية، إن حزبه يريد تطبيق النظام الداخلي لمجلس النواب والتقاليد المعمول بها في انتخاب رؤساء اللجان والتي تتم عن طريق التوافق ووفق مبدأ النسبية العددية.
وأشار حموني إلى أن الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية قام بوساطة بين الحزبين لتقريب وجهات النظر بينهما وهو ما أسفر عن تنازل فريق الحركة عن رغبته في الاستمرار في ترؤس اللجنة لصالح فريق الاتحاد.
وقال إن هذه الخلافات مسألة طبيعية ولا تأثير لها على أداء المعارضة، وأضاف "سنستمر في التنسيق في الأمور التي تجمعنا".
وأكد أن المرحلة الثانية من الولاية التشريعية تستدعي من الحكومة احترام حقوق المعارضة والتفاعل معها واحترام الدستور.
وأوضح أن فرق المعارضة تقوم بأدوارها التي حددها القانون، لكن عدم التوازن بين الأغلبية والمعارضة في البرلمان يحرم هذه الأخيرة من آليات رقابية أخرى مثل تشكيل لجان تقصي الحقائق وغيرها من وسائل الضغط بقوة على الحكومة.
يرى مراقبون أن إحالة قوانين حيوية على لجنة العدل في الفترة القادمة من أسباب الصراع على رئاستها (مواقع التواصل) متوقع وقائمويرى إسماعيل حمودي أستاذ العلوم السياسية في جامعة سيدي محمد بن عبد الله بمدينة فاس أن الخلاف والصراع بين فرق المعارضة في البرلمان وأحزابها متوقع وقائم. مشيرا إلى أن هذا الانقسام ظهر منذ بداية الولاية التشريعية، خصوصا بين حزبي الاتحاد الاشتراكي والعدالة والتنمية لأسباب متعددة منها العلاقة السيئة بين زعيمي الحزبين.
وأوضح حمودي للجزيرة نت، أن الخلاف حول ملتمس الرقابة أمر طبيعي، لأن الحزب الذي قدمه يعرف مسبقا أنه لن يمر لعدم استيفائه شروط القبول وأولها الضعف العددي لمكونات المعارضة.
وقال المتحدث إن حزب الاتحاد أراد تقديم نفسه كزعيم للمعارضة، ولم ينجح في ذلك، حيث تحفظت الفرق الأخرى أو رفضت المبادرة واعتبرتها "قنبلة فارغة" لأنها تعرف أنها لا تتوفر على الشروط الدستورية والقانونية لتحقيق نتائج سياسية.
وأوضح المتحدث أن الصراع على لجنة العدل والتشريع يرجع إلى أسباب داخلية تهم الفرق المعنية بهذا الصراع، وأسباب موضوعية سياسية تتعلق بالرغبة في تحقيق مكاسب سياسية في النصف الثاني من الولاية.
وقال حمودي "ستحال إلى لجنة العدل والتشريع خلال النصف الثاني من الولاية التشريعية قوانين حيوية مثل مدونة الأسرة والمسطرة المدنية، وربما قانون المسطرة الجنائية، وهذه قوانين ستكون موضوعا رئيسيا في النقاش السياسي في المرحلة المقبلة، لذلك فمن سيترأس لجنة العدل والتشريع سيكون له موقع تفاوضي مهم، وسيؤثر في الأجندة التشريعية، وسيكون له حضور مهم في الإعلام".
وسيستثمر هذا الحضور، بحسب حمودي، الحزب الذي سيترأس اللجنة سياسيا وإعلاميا استعدادا للانتخابات المقبلة.
ولفت المتحدث إلى أن أحزاب المعارضة وفرقها البرلمانية ستعمل في النصف الثاني من الولاية بشكل مستقل، وستفكر في الأدوات والقنوات والآليات التي ستمكنها من الحضور أكثر في المشهد السياسي والإعلامي، مبرزا أن المواقف من ملتمس الرقابة ورئاسة لجنة العدل والتشريع تظهر أن فرق المعارضة باتت تستعد من الآن لانتخابات 2026، وتفكر على هذا الأساس.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات حزب الاتحاد الاشتراکی التقدم والاشتراکیة الولایة التشریعیة الحرکة الشعبیة أحزاب المعارضة ملتمس الرقابة فرق المعارضة رئاسة اللجنة فی البرلمان من الولایة حزب الحرکة إلى أن
إقرأ أيضاً:
خلافات وصراع داخل “تقدم” حول فك الإرتباط بين مؤيدي ورافضي تشكيل الحكومة
متابعات – تاق برس- ضربت الخلافات تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” ودب الصراع ببن نائب رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”، الهادي إدريس و المتحدث الرسمي بإسم “تقدم” بكري الجاك حول فك الارتباط بين الكيانات السياسية داخل التحالف.
وقال إدريس إن البيان الذي تم تداوله باسم الناطق الرسمي بكري الجاك لا يعبر عن الموقف الرسمي للتنسيقية، ولم يتم الاتفاق عليه من قبل أي من هيئات التنسيقية المعتمدة، ولم يجرِ التوافق عليه داخل الأطر التنظيمية المعروفة.
وكشف بكري الجاك الناطق الرسمي باسم تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، في بيان عن توافق الآلية السياسية في آخر اجتماع لها على فك الارتباط بين الكيانات والأفراد الذين يصرون على المضي في تشكيل الحكومة، وبين الكيانات والأفراد المتمسكين بعدم تشكيل أي حكومة بصورة منفردة أو مع أي من أطراف القتال.
وأشار الجاك في البيان إلى تشكيل لجنة للتوصل إلى صيغة فك الارتباط بما يعظم المتفق عليه بين الطرفين، ليعمل كل منهما بصورة مستقلة سياسياً وتنظيمياً عن الآخر، مع كامل التقدير للخيارات المختلفة التي بنيت على حيثيات مفهومة لكل طرف.
وأكد الهادي إدريس ردا على بيان الجاك أن تنسيقية “تقدم” لم تتخذ بعد أي قرار بشأن مسألة تشكيل الحكومة، وأن هذا الموضوع لا يزال قيد النقاش بين جميع الأطراف وأي تصريحات متسرعة تصدر خارج السياق التنظيمي هي محاولات غير مسؤولة لفرض أجندات معينة، ولا تمثل الإرادة الجماعية للتحالف.
وأضاف “اننا نرى في هذا التصريح المتعجل محاولةً لخلق انقسام داخل التنسيقية، وهو أمر نرفضه بشدة، تحالف “تقدم” تأسس على أسس التوافق السياسي بين مؤسسيه، وهم وحدهم من يملكون حق تقرير مصيره، لا يمكن لأي طرف منفرد أن يقرر مصير التنسيقية أو يصدر قرارات مصيرية دون موافقة الجميع.
ورفض إدريس أي محاولات لفرض أمر واقع دون الرجوع إلى كافة الشركاء، وسنواجه ذلك بكل حزم ومسؤولية .
وقال الجاك في بيان إن واقع الحال يقول إن هذه الخيارات لا يمكن أن تتعايش داخل تحالف واحد رافض للحرب وغير منحاز لأي من أطرافها.
واضاف “نحن نستشعر أثر الحرب البالغ في دفع الجميع نحو الاستقطاب والانقسام، وستظل تنسيقية القوى الديمقراطية غير منحازة لأي طرف من أطراف الحرب، ولا تعترف بشرعية سلطة الأمر الواقع في بورتسودان أو أي سلطة أخرى.
وتابع “ونرفض الحرب والعنف كوسيلة لإدارة الصراع السياسي في البلاد، وسنعمل على بناء جبهة مدنية رافضة للحرب ومؤمنة بوحدة البلاد. كما سنعمل على المساهمة في إيقاف الحرب عبر العمل الجماهيري والدبلوماسي، بالإضافة إلى العمل على إنهاء الحرب عبر حوار شامل لكل القوى الفاعلة، يُؤسس على مشروع متكامل للعدالة والعدالة الانتقالية، ورؤية شاملة للتعافي الاجتماعي من أجل رتق النسيج الاجتماعي ومجابهة مخلفات الحرب الاجتماعية والسياسية من انقسام واستقطاب.
بكري الجاكتشكيل الحكومة الهادي إدريستقدم