آخر تحديث: 23 أبريل 2024 - 10:03 صبقلم:فاروق يوسف مَن يصدّق أن إيران غير راغبة في التفاوض المباشر أو غير المباشر مع الولايات المتحدة فإنه إما أن يكون فاسدا ووجد في الارتماء في أحضان النظام الإيراني نوعا من الحماية والاستقواء في مواجهة أية ملاحقة قانونية متوقعة وإما قد تعرض في وقت سابق لعمليات غسل دماغ، جعلت منه مجرد صنيعة مذهبية غير قادرة على التفكير.

وفي الحالين فإن النتيجة واحدة. محاولة تفسير فشل الوساطات التي تبذلها جهات عدة من أجل تجسير الهوة التي تفصل بين الطرفين انطلاقا من تشدد النظام الإيراني في شروطه التي يسعى إلى أن يمليها على الولايات المتحدة.تلك فكرة خاطئة عمّا يجري، بالرغم من أن الولايات المتحدة في عصرها الديمقراطي كانت شديدة الحرص على ألا يلحق بإيران ضرر مضاعف وغير متوقع وبالأخص على المستوى الاقتصادي. والخوف الأميركي على النظام الإيراني من جهة الحرص على استمراره ودعمه خفية تؤكده وقائع كثيرة ليس أولها تحويل العراق إلى دافع ضرائب لإيران تفوق قيمتها العشرين مليار دولار سنويا وليس آخرها فك الحجز عن الأموال الإيرانية المجمدة. كل ذلك لم يدفع الإدارة الأميركية للانزلاق إلى مفاوضات معلنة مع الطرف الإيراني الذي تعرف أكثر من الآخرين أنه يسعى إلى عدم خسارة أيّ مكتسب حصل عليه عبر العشرين سنة الماضية مقابل ربح حالة من الصلح النهائي مع الولايات المتحدة ومن خلالها مع إسرائيل. ما صار معروفا عن إيران ومنذ نجاح الخميني في الاستيلاء على السلطة وإقامة جمهوريته الإسلامية أن الاستمرار في دق طبول الحرب حتى، وإن كان بطريقة صوتية، ضروري لبقاء الثورة وديمومتها. فالثورة لم تخف شعاراتها بين حين وآخر إلا مراعاة لوضع إقليمي صعب، يشعر معه النظام بالخطر الذي يمكن أن يلقيه في جحيم لا خروج منه. أما في الحالة الطبيعية فإن النظام الإيراني يجد في الحرب الدائمة القوة التي تبقيه حيا ومتماسكا وصاحب قضية. ولا يحتاج الإيرانيون إلى توضيح معالم قضيتهم ما دامت ميليشياتهم العاملة على أراضي الدول الأخرى قد فرضت عن طريق السلاح مفردات مشروع إيراني سلب تلك الدول الكثير من مقومات سيادتها واستقلالها وأفرغها من الكثير من مفردات أمنها القومي والوطني. ما حصلت عليه إيران في ظل صمت أميركي عبر العشرين سنة الماضية لا يمكن أن تفرّط به وهي تعرف أن الولايات المتحدة لن تفاوضها من أجل رفع يدها عن العراق واليمن ولبنان وسوريا إلا إذا كانت مضطرة وهي تواجه ضغوطا إسرائيلية، يُشك أنها تصل إلى درجة المطالبة بنزع سلاح الميليشيات، كما هو الحال مع سلاح حزب الله الذي غالبا ما أُستعمل ضدها. إسرائيل هي الأخرى تنظر إلى الخطر الإيراني من منظور آخر. فهي لا ترغب في ظهور قنبلة نووية إسلامية جديدة، وبالأخص إذا كانت تلك القنبلة بيد غير مسيطر عليه أميركيا. أما لماذا لم تدمر إسرائيل المشروع النووي الإيراني كما فعلت مع مثيله العراقي، فلأنها تعرف أن إيران ليست العراق وأن الولايات المتحدة لن تسمح لها بالقيام بذلك في ظل ما تحققه إيران من نجاحات في تكريس مفهوم الدولة الفاشلة في كل الدول العربية التي هيمنت عليها. تنزعج أطراف متنفذة في الإدارة الأميركية من نجاح عدد من الدول العربية الذي جعلها قادرة على دحر الفوضى الإيرانية والرد عليها بطريقة حضارية. فلا سباق في التطرف المذهبي. السباق الحقيقي يكمن في تطوير المجتمعات والارتقاء بها إلى مستوى معاصر يؤهلها للمساهمة في صنع الحياة بطريقة تضع الماضي والمستقبل في مكانيهما الحقيقيين. في مقابل الدول العربية الفاشلة هناك دول عربية ناجحة، لم ترض عنها الولايات المتحدة إلا على مضض. وليس مستبعدا أن تكون الولايات المتحدة قد اتخذت من إيران، كونها دولة حرب وسيلة لابتزاز العالم العربي في جانبه الناجح. وهو ما يُرضي إسرائيل التي تظل تنظر بريبة إلى المشروع الإيراني، فهي تعرف أنه وسيلتها في إجهاض المشروع العربي.في حقيقتها فإن إيران تتمنى لو أن الولايات المتحدة وافقت على التفاوض من غير أن تُفرض عليها شروط مسبقة تهدد أرجحيتها في نظام إقليمي جديد، تتقاسم فيه مع إسرائيل الهيمنة على المنطقة. وهو ما لا يناسب إسرائيل. لا لأنها حريصة على أمن العالم العربي واستقلاله، بل لأن ذلك يهدد أمنها الذي لن تضعه في حاضنة مليئة بأسباب الفوضى.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: أن الولایات المتحدة النظام الإیرانی

إقرأ أيضاً:

جمال عنايت: جهود دبلوماسية كثيرة لتجنب المزيد من التصعيد في لبنان (فيديو)

قال الإعلامي جمال عنايت، إن لا صوت يعلو فوق صوت التصعيد الإسرائيلي اللبناني، مؤكدًا أن الأمور تزداد سوء بعد الهجمات الأخيرة المتبادلة بين الطرفين.

وأضاف "عنايت"، خلال تقديمه حلقة اليوم الجمعة، من برنامج "ثم ماذا حدث"، والمُذاع على فضائية "القاهرة الإخبارية"، أن الأمور تبدو كما لو كانت متجهة للتصعيد في الحدود الجنوبية مع إسرائيل، مشيرًا إلى أن إسرائيل صرحت بأنها ستعيد لبنان للعصر الحجري مرة أخرى.

ونوه، أننا نرى جهودا دبلوماسية لتجنب الحرب التي ستزيد من الصراع في المنطقة، مضيفًا أن حزب الله أصبح لديه القدرة لضرب الداخل الإسرائيلي وتهديد أهداف داخل العمق الإسرائيلي.

وأشار إلى أن الأمم المتحدة لا أثر لها في الواقع، وفي نفس الوقت يبدو أن الولايات المتحدة قررت أنها لن تتعامل مع بنيامين نتنياهو، بسبب سياسته التي تهدد مصالح الولايات المتحدة.

مقالات مشابهة

  • نيويورك تايمز: واشنطن تضغط لتجنب حرب أوسع بين إسرائيل وحزب الله
  • للمرة الأولى.. آبل تطرح نظارات فيجن برو خارج الولايات المتحدة
  • الولايات المتحدة تستعد لإجلاء رعاياها من لبنان
  • جمال عنايت : حزب الله لديه القدرة على ضرب الداخل الإسرائيلي
  • جمال عنايت: جهود دبلوماسية كثيرة لتجنب المزيد من التصعيد في لبنان (فيديو)
  • "فاينانشال تايمز": إسرائيل تشارك في مفاوضات لتسليم أنظمة "باتريوت" إلى نظام كييف
  • نتنياهو يعيد تشكيل مجموعات عمل لمتابعة البرنامج النووي الإيراني
  • هل يطوي الشباب الإيراني صفحة الماضي ويقبل على انتخابات 2024؟
  • عفيفي: تصريحات جالانت حول الدعم السري لإسرائيل فاضحة
  • موسى أبو مرزوق: أمريكا لا تريد توسيع الصراع