نسبياً، هدأت المواجهة المباشرة بين إيران وإسرائيل والتي خرجت إلى العلن خلال شهر نيسان الجاري. الأولى نفذت ضربتها الإنتقامية ضد تل أبيب إثر اغتيال مسؤوليها في دمشق، بينما الثانية رُبطت بـ"هجوم مقنع" طال أصفهان في إيران، من دون أن تتبناه صراحة وعلنياً.
محور المواجهة بين الطرفين لم يكُن لبنان بل سوريا، فهي الدولة التي تُعتبر محورية جداً من حيث الوجود العسكري والثقل الميداني بالنسبة للإيرانيين.


صحيحٌ أن "حزب الله" الحليف الأقوى للإيرانيين موجود أساساً في لبنان، لكن ما الذي يجعل سوريا هي "الأكثر محورية" لطهران؟ لماذا تعتبر "الظهر المنيع" لها ولـ"حزب الله"؟ وما الذي يميزها عن لبنان؟
يقرأ مصدرٌ سياسي وعسكريّ سابق الدور السوري في المنطقة واصفاً إياه بـ"المركزي"، فسوريا هي همزة الوصل جغرافياً بين قطبين، الأول غربي يدعم إسرائيل فيما الثاني شرقي متمثل بإيران ويدعم فلسطين.
يعتبر المصدر أنّ الحرب السورية جعلت من دمشق "غرفة عمليات" لإيران، فقبل العام 2011 لم يكن هذا النشاط بارزاً بشدة كما الآن حتى وإن كان في "عزّه"، والدليل على ذلك هو اعتراف "حزب الله" بأن سوريا كانت "الظهر المدافع عنه" خلال حرب تموز عام 2006.
الدلالة الأكبر على نشاط الحزب في سوريا إلى جانب الإيرانيين والفلسطينيين برزت عام 2008، حينما اغتالت إسرائيل القيادي الكبير في "حزب الله" الشهيد عماد مغنية. منذ ذلك الحين، اتجهت الأنظار بشدة إلى معاني نشاط "حزب الله" وإيران في سوريا، حتى باتت الأخيرة "ثكنة عسكرية" لطرفين أساسيين ومخزناً للأسلحة ومعبراً لانتقال الخبرات والمقاتلين.
بالنسبة لطهران، تُعتبر سوريا أهمّ من لبنان لنواحٍ عديدة، بحسب ما يقول المصدر السياسي والعسكري "العتيق"، ويقول: "أولاً إمتداد سوريا الجغرافي المُوسع يمنح أيّ طرفٍ فيها حرية الحركة، فالمناطق الشاسعة فيها ناهيك عن القوة العددية للجيش السوري، تجعل أي قوة أخرى مؤيدة لدمشق قادرة على تثبيت نفسها من دون مضايقة أي طرف داخلي".
بحسب المصدر عينه، فإن جغرافية سوريا وقربها من العراق الذي يمثل خطاً مفتوحاً لإيران ومجموعاتها، يجعلها أكثر قدرة على التحرك، فسوريا أقرب من إيران من لبنان، ولهذا السبب لا يمكن إلا تكون محوراً بارزاً لنشاطها ضمن المنطقة.
بالإضافة إلى ذلك، يلفت المصدر إلى أنّ النظام في سوريا هو الذي منح طهران حرية العمل الكبرى، في حين أن "أحادية الحكم" هناك فرضت نفسها أيضاً من خلال تثبيت التحالف مع سوريا حتى وإن مرت العلاقات بـ"طلعات ونزلات" عديدة سببها "تضارب مصالح".
بحسب المصدر، فإن النظام في سوريا شكّل بنية أساسية لعمل طهران، في حين أن غياب الأحزاب العديدة والمتنوعة و"الزعامات" التي تؤثر على مسار الدولة، كما هو الحال في لبنان، جعل من إيران تعتمدُ على دمشق كعنصر محوري لها، فلا إرباك هناك باعتبار أن النظام والدولة بأركانها معها وإلى جانبها، وتضمنُ لها حرية العمل والحماية أيضاً.
لماذا هذا الأمر ينتفي في حالة لبنان؟
منذ العام 2005، تاريخ خروج الجيش السوري من لبنان، تبدّل الكثير من المعطيات، فبات السوريون في وادٍ ولبنان في وادٍ آخر لاسيما بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
قبل ذلك، كانت سوريا، عنصر القوة الأكبر داخل لبنان، لكن بعد الـ2005، بات "حزب الله" ورقة دمشق الأكثر فعالية في لبنان، فالأدوار انتقلت إليه بقوة، حتى جاءت حرب تموز عام 2006 وجعلته يفيضُ أكثر ويبرز بشكل أكبر إلى واجهة الحكم والقرار.
الأهم من هذا كله هو أن التركيبة السياسية التي برزت بعد العام 2005 في لبنان، ساهمت إلى حدّ كبير في إضعاف نفوذ سوريا، بينما برز في المقابل "تيارٌ" مُعاد لإيران. لهذا السبب، لا يمكن للأخيرة أن تدخل بقوة لبنان وتجعله "معسكراً" لها كما حصل مع حالة دمشق، باعتبار أن الوضع السياسي والتركيبة الطائفية داخل لبنان تمنع ذلك.
وإلى جانب هذه الأمور، فإن سوريا تعتبرُ مركزاً أيضاً لحركة "حماس" منذ زمن طويل، وإن كانت العلاقات بين الطرفين قد تعرضت لانتكاسات جمة إثر الحرب السورية، إلا أن إعادة إحيائها قبل سنوات جعل الأمور تتبدل. لهذا، فإن نشاط "حماس" في سوريا يجعلها قريبة من إيران، فالتنسيق ضروري معها ومع "حزب الله".
بالإضافة إلى ذلك، فإن طبيعة لبنان وجغرافيته المحدودة ناهيك عن حساسية وضعه السياسي والطائفي، كلها عوامل تُشكل مانعاً لإيران من التوغل أكثر عسكرياً وسلطوياً، ولهذا يكون الإكتفاء بـ"حزب الله" هو السبيل الأمثل للحفاظ على القوة والنفوذ ضمن حدود معينة وفي إطار مناطق محددة أيضاً.
صحيحٌ أن إيران تتلقى الضربات في سوريا عبر إسرائيل قبل سنوات وأقساها كان عبر إغتيال القيادي في الحرس الثوري الإيراني محمد رضا زاهدي مطلع الشهر الجاري، لكن ذلك لم يمنعها من "التمدّد"، في حين أن ما يجري لم يدفعها لسحب قواتها وعناصرها من هناك. المسألة هذه محورية، فالتنازل عن الوجود في سوريا سيؤدي إلى أمرين: الأول وهو إضعاف ظهر "حزب الله" جغرافياً وعسكرياً ونزع غرفة عمليات تهمه كثيراً، فيما الأمر الثاني هو تراجع قوة إيران المحورية في منطقة قريبة من إسرائيل، وبالتالي تثبيت هدف الأخيرة بإبعاد إيران نهائياً عن المنطقة بشكل مباشر، وإبقاء جماعاتها الموزعة والتي تحتاج إلى تواصل مباشر مع طهران في "ميدانٍ مشترك" يجمع الجميع وليس عبر البلدان. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: فی لبنان حزب الله فی سوریا من لبنان

إقرأ أيضاً:

الجيش الأردني يحبط محاولة تسلل من سوريا

أعلن الجيش الأردني، اليوم الأحد، عن إحباط محاولة تسلل من الأراضي السورية لداخل الأراضي الأردنية.

وصرّح مصدر عسكري مسؤول في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية (الجيش العربي)، بأن المنطقة العسكرية الشرقية، أحبطت فجر الأحد، وضمن منطقة مسؤوليتها، محاولة تسلل شخص قادم من الأراضي السورية، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا).

مصدر عسكري مسؤول في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي: المنطقة العسكرية الشرقية، أحبطت فجر اليوم الأحد، وضمن منطقة مسؤوليتها، محاولة تسلل شخص قادم من الأراضي السورية.
وبين المصدر أنه تم تطبيق قواعد الاشتباك، ما أدى إلى إلقاء القبض عليه، وتحويله إلى الجهات… pic.twitter.com/MWNd6SDTEd

— Jordan News Agency (@Petranews) November 24, 2024

وبين المصدر العسكري أنه تم تطبيق قواعد الاشتباك (خلال عملية التسلل) ما أدى إلى إلقاء القبض الشخص الذي حاول التسلل.

وبين المصدر أن الجهات العسكرية قامت بتحويل المتسلل إلى الجهات المختصة.

وأكد المصدر أن القوات المسلحة الأردنية تعمل بكل قوة وحزم للتصدي لمثل هذه العمليات ومنع عمليات التسلل والتهريب وبالقوة، للحفاظ على أمن واستقرار البلاد.

كشفت القوات الأردنية في مايو الماضي (2024) محاولة تهريب أسلحة ومتفجرات من سوريا إلى الداخل الأردني، من أجل تجنيد مقاتلين ودعم مقاتلين لحماس.

عبر الحدود الشرقية..الأردن يحبط محاولات تسلل وتهريب - موقع 24قال الجيش الأردني، اليوم الأحد، إنه أحبط محاولات تسلل وتهريب عبر الحدود الشرقية للمملكة، وتصدى لمحاولات اجتياز للحدود على مدار عدة ساعات.

ويعلن الجيش الأردني باستمرار عن إحباط محاولات عديدة للتسلل وتهريب المخدرات وتسلل طائرات مسيّرة من مناطق سيطرة الجيش السوري إلى الأردن، حيث تنوعت حمولتها بين مواد مخدرة وأسلحة ومتفجرات.

ومطلع سبتمبر (أيلول) الماضي، أعلنت السلطات الأردنية عن ضبط أكثر من 400 ألف حبة مخدرة وإحباط 4 محاولات تهريب إلى داخل البلاد وخارجها، وذلك في 4 عمليات مختلفة.

مقالات مشابهة

  • ما مصلحة إيران في عرقلة المفاوضات بين لبنان وإسرائيل؟
  • الجيش الأردني يحبط محاولة تسلل من سوريا
  • ميدانياً.. هل ستدخل إسرائيل مدينة صور؟
  • مقتل جنديين إسرائيليين وإصابة أكثر من 10 بنيران حزب الله
  • سكاي نيوز عربية: إيران تدخلت لعرقلة وقف إطلاق النار في لبنان
  • لماذا كثفت إسرائيل هجماتها على لبنان بعد زيارة هوكشتاين؟
  • الأنباء الكويتية: جهود هوكشتاين أكثر من جدية في انتظار الجواب الإسرائيلي
  • عون لهوكشتاين: حزب الله شارك بحماية الفاسدين وحربه دمرت لبنان
  • وزير خارجية إيران: المقاومة في لبنان كيان مستقل
  • مقتل 79 موالياً لإيران في هجمات إسرائيلية على سوريا