بعد توقف الهجمات ضد القواعد الأمريكية في سوريا والعراق منذ مطلع شباط/فبراير الماضي، تعرضت قاعدتي حقل العمر شرقي دير الزور، وخراب الجير شمال شرقي الحسكة للاستهداف بالصواريخ من قبل مليشيات مدعومة إيرانياً، في مؤشر على استمرار طهران في محاولاتها الرامية إلى زيادة الضغط على القوات الأمريكية في المنطقة، لدفعها إلى الانسحاب.



وفي التفاصيل، ذكرت مصادر عراقية أن عدداً من الصواريخ أطلقت من شمال العراق باتجاه قاعدة التي تتمركز فيها قوات أمريكية في سوريا المجاورة، وأوضح مصدران أمنيان عراقيان لوكالة "رويترز" أن خمسة صواريخ على الأقل أطلقت من بلدة زمار العراقية باتجاه قاعدة "خراب جير" السورية، الأحد.

تزامناً، ذكر مسؤول أمريكي أن مقاتلة تابعة لـ"التحالف الدولي" دمرت قاذفة صواريخ "دفاعاً عن النفس" بعد أنباء عن هجوم صاروخي فاشل قرب قاعدة في ريف دير الزور الشرقي.


تحذيرات للقواعد في العراق

وحول الأسباب التي استدعت استئناف الهجمات ضد القواعد الأمريكية في سوريا، يعتقد الباحث المشارك في "المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية ـ أفايب"، مصطفى النعيمي، أن إيران قررت المضي في رفع منسوب ضد الولايات المتحدة والدول المتحالفة معها في المنطقة.

وفي حديثه لـ"عربي21" لفت إلى ما وصفه بـ"الضوء الأخضر" الذي أعطاه المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، لاستئناف الهجمات ضد المصالح الأمريكية، وقال: "ربما الرسالة الاولى كانت عبر الموصل إلى سوريا، وهي سياسية بأدوات عسكرية، فحواها أنه في حال استمرار الضربات الإسرائيلية في سوريا، فإن طهران قد تُغير قواعد الاشتباك".

وأوضح النعيمي أن إيران اختارت العراق الذي تتواجد فيه الولايات المتحدة لضرب سوريا، بمعنى أن طهران تلمح هنا إلى احتمالية استهداف القواعد الأمريكية في العراق أيضاُ، وليس في سوريا، في حال عدم توقف الضربات الإسرائيلية، وقال: "إيران تختار مكان الرد وحجم الدمار المطلوب".

عودة إلى قواعد الاشتباك القديمة

لكن الباحث في الشؤون العسكرية بمركز "جسور للدراسات" النقيب رشيد حوراني، يختلف مع قراءة النعيمي، معتبراً أن "الضربات الأخيرة تؤشر إلى عودة قواعد إيران إلى العمل بقواعد الاشتباك السابقة، بعد زيادة التوتر على بعد استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق، ورد طهران".

وأكد لـ"عربي21" أنه "بعد جولة الرد والرد على الرد بين إسرائيل وإيران يبدو أن قواعد الاشتباك عادت إلى ما كانت عليه، او قد يكون الاستهداف لمطار خراب الجير مؤشر من ايران للعودة اليها"، معتبراً أن "العودة لقواعد الاشتباك القديمة هي أكثر منفعة لإيران لأسباب منها أن امريكا لا ترفع سقف استهداف مليشيات ايران كما هو حال إسرائيل".

واعتبر أن "ردود واشنطن السابقة لم تكن مناسبة على التصعيد ضد قواعدها"، لافتاً إلى مسعى إيران إلى إخراج القوات الأمريكية من سوريا وهو ما يعزز نفوذ طهران، وقال: "إن استهداف إيران للقواعد الأمريكية في سوريا تدعمه روسيا وتركيا، وهو ما لا يتوفر في استهداف الكيان الصهيوني".


تجنيب الساحة العراقية حالة التأزم

في السياق ذاته، يشير الكاتب والباحث المختص بالشأن الإيراني عمار جلو إلى اختلاف تبعية المليشيات العراقية عن السورية للقرار الإيراني، موضحاً لـ"عربي21" أن "المليشيات العراقية التي استهدفت القواعد الأمريكية، في الغالب تنفذ هذه الضربات في خدمة أجندات عراقية، حيث تحرص المليشيات على استهداف القواعد الأمريكية في سوريا، ليكون الرد الأمريكي في سوريا، وذلك بغية تجنيب العراق التوتر السياسي، على اعتبار أن رئيس الحكومة العراقية السوداني يعلن دعمه المطلق لفصائل المقاومة العراقية".

وقال جلو إن السوداني باعتباره رئيس الحكومة العراقية لا يستطيع التخلي عن العلاقة المتميزة مع واشنطن، مؤكداً أنه "لكل ما سبق تحولت سوريا إلى ساحة للفعل ورد الفعل".

ويعني ذلك، أن الضربات تخدم حسابات المليشيات العراقية المتعلقة بالتحشيد والتنافس بين الفصائل، أو لجهة دفع واشنطن إلى الانسحاب من العراق، وهو ما صرحت به مليشيا "حزب الله" العراقي.

وكانت مليشيا "حزب الله" العراقي قد أعلنت الإثنين عن قرار الفصائل المسلحة العراقية استئناف الهجمات على القوات الأمريكية، مرجعة ذلك إلى "عدم إحراز تقدم في المحادثات الرامية إلى خروج القوات الأمريكية خلال زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لواشنطن".

وفي إشارة إلى الهجومين الأخيرين، قالت المليشيا إن "ما حدث منذ فترة قصيرة هو البداية".

انتهاء الرد الإيراني

بدوره، يفصل المستشار الدولي المقرب من إيران هادي دلول بين الضربات الأخيرة للقواعد الأمريكية وبين الرد الإيراني على استهداف القنصلية ومنشآت أصفهان من قبل الاحتلال، وقال لـ"عربي21": "انتهى الرد الإيراني، لكن في سوريا هناك احتلال إسرائيلي واعتداءات، وواشنطن تحرض وتدعم، وبالتالي الفصائل العراقية تساند قرينتها السورية".

وأضاف: "في سوريا لو كانت الإمكانيات العسكرية كافية كما هو الحال في اليمن، لم يتدخل محور المقاومة وحزب الله".

ومنذ بدء العدوان على غزة، صعدت المليشيات الإيرانية من ضرباتها ضد القواعد الأمريكية في سوريا، كشكل من أشكال الرد على دعم الولايات المتحدة للاحتلال.   

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سوريا العراق الولايات المتحدة غزة العراق سوريا الولايات المتحدة غزة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القوات الأمریکیة قواعد الاشتباک الهجمات ضد

إقرأ أيضاً:

تدعمها إيران وتورّط بلاد الرافدين.. من هي المقاومة الإسلامية في العراق؟

قالت الفصائل المسلحة المنضوية تحت ما يسمى "المقاومة الإسلامية في العراق" إنها جددت هجومها فجر اليوم الخميس على ما وصفته "هدفا عسكريا"، من خلال إطلاق مسيّرة باتجاه اسرائيل.

ومنذ أكثر من عام و "المقاومة الإسلامية في العراق" تشن هجمات مستمرة على إسرائيل وقواعد عراقية وسورية تستضيف قوات أميركية، وبلغ عدد الهجمات التي شنتها خلال 200 يوم نحو 243 هجوما.

وكثفت هذه الفصائل هجماتها خلال الأيام الماضية، تحديدا بعد الهجوم الذي شنته إسرائيل على إيران، مستخدمة الطائرات المسيرة لضرب أهداف لها في العمق الإسرائيلي.

وظهر مصطلح "المقاومة الإسلامية في العراق" لأول مرة في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2023، عندما شنّت فصائل مسلحة من داخل العراق هجوما عبر مسيّرات على قاعدة حرير (شمال العراق) العسكرية التي تستضيف قوات أميركية، بحسب دراسة نشرت على منصة معهد واشنطن للشرق الأوسط.

وذكر المتخصص في شؤون الميليشيات، حمدي مالك، في الدراسة التي نشرت عبر منصة المعهد، أن ما يسمى بـ"المقاومة الإسلامية في العراق" تضم جميع الميليشيات المدعومة من إيران في العراق، ولجأت هذه الفصائل لاستخدام هذه التسمية، لإخفاء هوية الفصائل التي تهاجم اسرائيل وقواعد عراقية تستضيف قوات أميركية، ولتجنب المساءلة عن الهجمات التي تشنها، فضلا عن كونها محاولة لتوحيد صفوف تلك المليشيات وتجنب الجدال حول القيادة عليها.

قيادة التنظيم

وتشير الأدلة على أن هناك تسلسلا في قيادة هذا التنظيم، بحسب ما يذكر مالك، الذي أضاف أن "فيلق القدس" يأتي في المقدمة ويقوم بتنسيق الأدوار، وتأتي بعده "حركة نجباء"، التي انتمت علنا للفصائل التي تعمل تحت هذه التسمية، في 30 أكتوبر 2023، ثم تأتي تشكيلات أخرى مثل " تشكيل الوارثين" و " كتائب حزب الله" و "عصائب أهل الحق" 
و"كتائب سيد الشهداء".

ويؤكد المحلل الأمني صفاء الأعسم أن الفصائل المنضوية تحت ما يسمى "المقاومة الإسلامية في العراق" ليست مرتبطة بالحكومة العراقية، بل هي فصائل مدعومة من إيران، مؤكدا أنها " لا تلتزم بتعليمات القائد العام للقوات المسلحة في العراق".

وذكر الأعسم لموقع "الحرة" أن هناك نوعين من الفصائل المسلحة موجودة في العراق، بعضها مرتبطة بالحكومة وتمتثل لأمر القائد العام للقوات المسلحة، وهناك وفصائل مسلحة أخرى غير منضوية في التشكيلات العسكرية العراقية، والعراق لا يعترف بها.

ويرى الخبير الأمني أن حل هذه الفصائل المسلحة يجب أن يكون سياسيا، لأنه لا يوجد لهم غطاء قانوني أو دستوري يبرر وجودهم في العراق، وهم يتعاملون عقائديا مع هذه الهجمات.

وقال الأعسم إنه يتم تُحريك هذه الفصائل المسلحة من قبل الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ومنها تأخذ التعليمات والأوامر، مضيفا أن "هناك أدلة على أن إيران زودتهم بالسلاح والعتاد والمعلومات الاستخباراتية".

تشكل هذه الفصائل خطورة على العراق، وتزداد خطورتها إذا ما استمرت في شنّ هجماتها من الأراضي العراقية، بحسب الأعسم مبينا أنه "يجب أن تتعامل الحكومة العراقية بحسم مع هذه الفصائل".

حق أميركا في التدخل

ودعا إلى الإسراع لوقف هذه الهجمات، لأن هجماتها المستمرة ستقود إلى تعاون بين إسرائيل وأميركا لضرب مواقع هذه الفصائل على الحدود العراقية السورية، وقد تقوم إسرائيل بقتل قياداتها وتدمير مخازنها، مثلما فعلت في لبنان وغزة، بحسب تعبيره.

ويرى الخبير الأمني أحمد الشريفي أن استمرار شنّ الهجمات على إسرائيل و القواعد العراقية التي تستضيف قوات أميركية ستؤثر على العلاقات العراقية، موضحا أن العراق "ملزم بمجموعة من التعهدات الدولية تجاة قوات التحاف الدولية، ومن ضمنها عدم المساس بالقواعد العراقية التي تستضيف قوات أميركية، وكذلك نزع السلاح من الفصائل المنفلتة".

وأضاف الشريفي لموقع "الحرة" أنه إذا لم تستطع الحكومة العراقية ردع هذه الفصائل المسلحة وكبح جماحها، فإن الولايات المتحدة لديها الحق في التدخل وحسم الأمر، حتى لو اضطرت لإعادة تغيير النظام في العراق.

وأكد الشريفي أن العراق أمام تحديات كبيرة، لا يمكن معالجتها إلا من خلال صانع القرار العراقي، موضحا أن " هذه الفصائل تمتلك بعدا إيدولوجيا ينتمي إلى إيران" فضلا عن كونها قوى مسلحة مرتبطة بالحكومة العراقية، وهذا ما يصعّب الأمر على الحكومة العراقية.

ولفت الشريفي إلى أن إيران ومن خلال الفصائل التابعة لها بدأت تمارس ضغوطاتها تحت مظلة ما يسمى بمبدأ "وحدة الساحات" حيث تشترك جميع الفصائل المسلحة في مناطق ودول مختلفة، لتنفيذ الهجمات على القواعد الأميركية وإسرائيل.

وقال إن استمرار ما يسمى "المقاومة الإسلامية في العراق" بشنّ الهجمات سيدفع إسرائيل إلى الرد، وسيدعمها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بشكل مباشر أو غير مباشر، عن طريق مدّها بالمعلومات الاستخباراتية.

جهود العراق

وذكر المحلل الأمني، سرمد البياتي، أن الولايات المتحدة الأميركية " متفهمة لموقف العراق من هذه الفصائل المسلحة، ومدركة أن هؤلاء الناس المنضوين في هذه الفصائل هم عقائديون، يؤمنون بوحدة الساحات، فلا يلتزمون بالتعليمات الحكومية".

وبين البياتي لموقع "الحرة" أن الحكومة من خلال شخصية رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، بذلت جهودا كثيرة لوقف الهجمات التي تنفذها هذه الفصائل عبر مسيراتها ضد إسرائيل و قواعد عراقية تستضيف قوات أميركية.

وكان رئيس الوزراء العراقي قد تلقى في وقت سابق اتصلا هاتفيا من وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن، شدد فيها الأخير على ضرورة وقف الهجمات التي تشنها الميليشيات العراقية الموالية لإيران ضد إسرائيل.

في حين أكد بيان صدر من المجلس الوزاري للأمن الوطني في العراق، قبل نحو شهر على ضرورة إبعاد أراضي العراق وأجوائه من الحرب لأن مصالحه العليا تحتم "العمل على إبعاد أراضيه وأجوائه عن الحرب"،  مبينا أن "ما جرى تداوله من أخبار تتحدث عن اتخاذ الأراضي العراقية منطلقاً لتنفيذ هجمات أو ردود على الإعتداءات، ما هي إلا ذرائع كاذبة "

وكان موقع إكسيوس الأميركي قد ذكر أن إيران تعتزم مهاجمة إسرائيل عن طريق الفصائل العراقية المسلحة الموالية لها وستستخدم الأراضي العراقية لتوجيه تلك الضربات.

يذكر أنه منذ أيام وما يسمى "المقاومة الإسلامية في العراق" وعبر موقع لها على التلغرام، تقوم بنشر بيانات، وتبث صور ومقاطع فيديو لمسيّرات تحمل صواريخ تنطلق من العراق، وتهاجم مناطق مختلفة من إسرائيل.

المصدر: الحرة

مقالات مشابهة

  • أثر عودة الجمهوريين الأميركيين على الرد الإيراني والتحالفات الإقليمية بالمنطقة
  • كتائب حزب الله ينفي استخدام الاراضي العراقية للرد الإيراني على اسرائيل
  • تدعمها إيران وتورّط بلاد الرافدين.. من هي المقاومة الإسلامية في العراق؟
  • إسرائيل على عتبة حرب جولات مع إيران
  • حرس الثورة الإيراني : لدينا بنك أهداف مؤثرة داخل كيان الاحتلال وعليه ترقب الرد
  • عاجل - العراق ينفي مزاعم استخدام أراضيه في الرد الإيراني على إسرائيل
  • العراق يعلق على أنباء استخدام أراضيه في "الرد الإيراني"
  • لماذا قد تهاجم الصين القواعد الأمريكية خلال فترة حكم ترامب الثانية؟
  • أمريكي إسرائيلي.. الحرس الثوري: لا نستبعد هجوماً استباقياً لردع إيران عن الرد المرتقب
  • إيران: وفاة الإيراني الألماني جمشيد شارمهد قبل تنفيذ إعدامه