هي استراتيجية اعتمدها العدو الإسرائيليّ منذ بدء الحرب، إذ شكّل حربًا من نوع آخر، تفوّق واستحوذ من خلالها على قوة جعلته يمضي عشرات الخطوات قدما.. إنّها حرب التشويش، أو جريمة التشويش، التي اعتمدت المخابرات الإسرائيلية تفعيلها، من غزة إلى لبنان وصولاً إلى سوريا والحدود المصرية والأردنية.    هكذا، تمكن الجيش الإسرائيلي من فرض هيمنته، واستغل طفرة الشركات التكنولوجية التي لديه، والتي تعدّ من أهم وأقوى الشركات في العالم في ما خصّ الإستغلال التكنولوجي.

فمنذ بدء الحرب، لم توفّر إسرائيل أيّ تقنية إلا واستخدمتها، وهذا ما ظهر جليًا سواء في غزة أو لبنان. فعلى الصعيد الفلسطينيّ، تمكنت قوات النخبة في إسرائيل من التقاط الأهداف وتصفيتها من دون أي تدخل بشري، إذ تؤكّد التقارير أن الجيش يملك مركزًا للتحكم بالقرب من حدود القطاع الفلسطيني، وهذا المركز هو مختص بإدارة عمليات لواء غيفعاتي، وهي وحدة المشاة التي توغلت داخل غزة، فالأمر كلّه رهن آلة فقط، تتخذ القرار بعد أن تحلل أكثر من 10 آلاف معلومة تلتقطها عبر الطائرات المسيرة. تحدّد الشخص المتواجد، اسمه، عمره، ومدى خطورته، وعلى أساس هذه المعلومات يتم التوجيه إما بالتصفية أم لا.   وتظهر التقارير أن إسرائيل كانت تعتمد بشكل شبه كامل على برنامج "لافندر" وهو مخوّل لإنشاء الاهداف المشتبه بها، إذ ان عملية الربط والتحليل وأخذ القرار لا تَأخذ إلا ثوان معدودة فقط.    في لبنان الأمر تقريبًا مُشابه، وبحسب الخبراء، يعتمد الإسرائيليون على عمليات القرصنة والخرق التي قامت بها خلال الأيام الأولى من المعركة، وهذه الخطوة الاستِباقية التّي نفّذتها بنجاح، تمكنت من خلالها أن تؤمّن قاعدة بيانات جوهرية وأساسية لا تزال تستخدمها إلى حدّ اليوم.    ففي تقرير لـ Human Rights Watch، أشار إلى أنّ إسرائيل استخدمت مؤخرًا برنامج "بيغاسوس"، الذي يتم تحميله خلسة على الهواتف الذكية، وهو يحمل تقنية متطورة وفعّالة في اختراق أي جهاز، إذ لديه القدرة على الوصول إلى محتويات الجهاز والكاميرا، والواتساب، الذي يعتقد كثيرون أنّه محمي بالشكل المطلوب.   وللصدف، ورد اسم لبنان في تقرير لموقعي Citizen Lab و Human Rights Watch، إذ كان لبنان من بين 45 بلدًا آخر قد يعمد مشغل برامج التجسس بيغاسوس إلى اختراق الأجهزة داخله. وأكّد تقرير لـ Human Rights Watch اطّلع عليه "لبنان24" أن مديرة قسم الأزمات والنزاعات ومديرة مكتب بيروت في هيومن رايتس ووتش لما فقيه استُهدفت ببرمجية التجسس بيغاسوس خمس مرات بين  نيسان و آب 2021، ويعود السبب إلى أن فقيه تُشرف، وهي مواطنة أميركية-لبنانية، على الاستجابة للأزمات في دول مثل سوريا، وميانمار، وفلسطين، واليونان، وكازاخستان، وإثيوبيا، ولبنان، وأفغانستان، والولايات المتحدة.   يشمل ذلك توثيق وفضح الانتهاكات الحقوقية والجرائم الدولية الخطرة أثناء النزاعات المسلحة، والكوارث الإنسانية، والاضطرابات الاجتماعية أو السياسية الشديدة. وقالت هيومن رايتس ووتش إن هذا العمل ربما جذب انتباه حكومات مختلفة، بمن فيهم بعض عملاء "إن إس أو" المشتبه بهم، لذا تم الإختراق.    من هنا يؤكّد الخبير في الأمن السيبراني هشام الأسمر لـ"لبنان24" أنّ لا شكّ بأن إسرائيل استخدمت هذا النظام وأنظمة أخرى خاصة بها تمكنت من خلالها خرق أجهزة سكان الجنوب "جميعهم"، وهذه مهمة حسب الأسمر هي سهلة، وما يبرهن نجاحها هو قدرة إسرائيل على الوصول لأهدافها بكلّ سهولة، إذ إنّ عملياتها تجاوزت نسبة نجاحها الـ90%.   ولكن ماذا عن التشويش؟ قبل أيام، أوقف أهالي حي السلم آلية لليونيفيل قيل إنّ عناصرها واجهوا خطأً سببه خرائط غوغل.. وقبلها بأسبوع تقريبًا الأمر نفسه حصل في الجنوب، إذ إنّ عناصر اليونيفيل ظلّوا طريقهم، وبسبب التشويش لم يتمكنوا من سلوك الطريق الصحيح ما دفعهم إلى الدخول لبلدة جنوبية، وتم توقيفهم من قبل الأهالي.    ليس فقط عناصر اليونيفيل من وقع في هذا الفخ، إنما المئات من اللبنانيين الذين يعتمدون على خرائط غوغل، خاصةً أصحاب شركات الدليفيري، بدأوا يشتكون، إذ أوضح أحمد فحص، وهو صاحب شركة ديليفري في بيروت لـ"لبنان24" أن خلال الأيام الأخيرة واجه إشكالات كبيرة مع الزبائن، حيث لم يتمكن السائقون من الوصول إلى العناوين بسبب سوء الخدمة والتشويش. ويؤكّد فحص أنه تحمل الخسائر، إذ إنّ أكثر من 30% من الطلبات أُلغيت، حيث كان يعتقد الزبون أن الشركة تتلاعب به.   من جانبه، يؤكّد الأسمر أن التشويش على الـ "GPS" يُعتبر اداة استراتيجية، إذ يتم استعماله لإيقاف وتعطيل  إشارات نظام تحديد المواقع التي تعتمد على الأقمار الصناعية، وهذا ما سيرتدّ بطبيعة الحال على الراديو والإتصالات وغيرها من الأمور التقنية.   وهكذا اضطرت إسرائيل وللخروج من دوامة القلق من صواريخ حزب الله إلى تكثيف نسبة التشويش التي طالت ليس فقط الصواريخ، إنما هواتف اللبنانيين، وتحديدًا خرائط غوغل، ما شكّل أزمة كبيرة بالتنقل عندما يتم رفع معدل التشويش، وهذا ما حصل فعليا مع اليونيفيل.    من جهة أخرى، يؤكّد الأسمر أن ملاحظات المطار لناحية وصول تأثير التشويش إلى الطائرات هو أمر جديّ، إذ إن العدو ومن خلال استخدام تقنية “GPS spoofing”  لديه المقدرة على إخراج أي طائرة من دائرة الرصد المباشر، كما من شأنه أن يعطي اتجاهات ومواقع غير دقيقة قد تؤثّر بطبيعة الحال على الطائرات، خاصة التجارية منها، وقد أكّدت تقارير أن التشويش المستخدم في قاعدة ميرون الجوية أثّر على المنطقة بأكملها، وآخرها كان مواجهة طائرة قادمة من تركيا إلى لبنان مشكلة كبيرة لناحية الهبوط بسبب التشويش حسب معلومات "لبنان24"، حيث اختفت لدقائق عن الرصد المباشر قبل أن تعود.   ماذا عن الإنترنت؟ من جانبه، يشير مدير عام هيئة أوجيرو عماد كريدية خلال اتصال عبر "لبنان24" إلى أن موضوع التشويش لم تتأثر به شركة أوجيرو.   وأوضح خلال حديثه أن الشركة تعتمد على الكابلات وهذا ما أدى إلى تفادي الشركة أي تأثر بالتشويش، على عكس الشركات الأخرى التي من المحتمل أن تتأثر في حال لم تعتمد نظام “cable”. المصدر: خاص لبنان24

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: وهذا ما

إقرأ أيضاً:

ماذا تريد إسرائيل من تصعيد عدوانها على غزة؟

غزة- صعَّدت إسرائيل عدوانها على غزة واستهدفت الفلسطينيين بشكل مباشر، بعد إحكامها إغلاق معابر القطاع منذ مطلع الشهر الجاري، ومنع دخول أي من المساعدات والمواد الغذائية، خلافا لما نصَّ عليه اتفاق وقف إطلاق النار.

وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد استهدف، أمس السبت، صحفيين ومواطنين يعملون في المجال الخيري، خلال وجودهم في بلدة بيت لاهيا شمال غزة، مما أدى لاستشهاد 10 منهم، في وقت يواصل فيه الاحتلال إطلاق النار على القاطنين في المناطق الشمالية والشرقية والجنوبية للقطاع.

ويثير السلوك الإسرائيلي التساؤلات حول الأهداف التي يسعى لتحقيقها، وطبيعة المسارات التي سيسلكها في التعامل مع قطاع غزة؟

انتزاع مواقف

ويقول مصدر في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن التصعيد الإسرائيلي يأتي في إطار جملة من الانتهاكات لاتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، ومن ثم تصعيد الاعتداءات العسكرية بعد انتهاء المرحلة الأولى من الاتفاق، وإحكام الحصار وإغلاق المعابر، وارتكاب مجازر ضد المواطنين، كما حدث في بلدة بيت لاهيا أمس.

وأضاف في تصريح خاص للجزيرة نت "الواضح أن جزءا من الأهداف المركزية للتصعيد الإسرائيلي المتدرج هو الضغط على المفاوض الفلسطيني لانتزاع مواقف متعلقة بورقة أسرى الاحتلال من يد المقاومة".

إعلان

وأوضح المصدر ذاته أن تلك الإجراءات مصحوبة بحرب نفسية من قيادة الاحتلال وأركان الإدارة الأميركية، للضغط على الحاضنة الشعبية -المنهكة من الحرب والحصار- واستمرار تخويفها بعودة الحرب والجوع، كجزء من الضغوط التي تمارس على حماس ووفدها المفاوض.

وأكد أن الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة على مدار 470 يوما لم تنجح في كسر الإرادة الفلسطينية أو ابتزاز المواقف والاستسلام، وأن ما لم يفلح الاحتلال بالحصول عليه تحت النار لن يتمكن من تحقيقه تحت الضغط.

وشدد المصدر من حماس على أن خرق جيش الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار يستدعي تحركا سريعا من الوسطاء لوقف العدوان "لأن التصعيد لا يخدم تطبيق الاتفاق".

وكانت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية قد أفادت أن إسرائيل تُجَهِّز خطة للعودة للقتال بغزة، وتتضمن إجراءات لزيادة الضغط تدريجيا على حماس.

لا ضمانات

وأمام هذا، يعتقد إياد القرا، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، أن تصعيد إسرائيل ضد غزة يأتي في إطار توجه بنيامين نتنياهو (رئيس الوزراء الإسرائيلي) لإطالة أمد التفاوض، وكسب مزيد من الوقت لتمرير قانون الموازنة العامة في الكنيست أواخر الشهر الجاري "لأنه سيؤدي لإسقاط الحكومة حال عدم نجاحه بذلك".

ويقول القرا -للجزيرة نت- إن نتنياهو يحاول إطالة أمد حكومته عبر المناورة بملف الاتفاق مع غزة، لأنه يعلم أن الذهاب إلى المرحلة الثانية من الاتفاق ربما يؤدي لانسحاب بتسلئيل سموتريتش (وزير المالية من الحكومة) وبالتالي تسريع انهيارها.

وأشار إلى أن الضغط الأميركي على نتنياهو -المتزامن مع ضغط عائلات الأسرى الإسرائيليين لاستكمال اتفاق وقف إطلاق النار- يجعله يعيد حساباته بما يضمن ألا تنفلت الأمور الميدانية المتصاعدة بشكل كامل.

وحسب القرا، فإن نتنياهو يحاول تسويق التصعيد التدريجي في غزة لدى الجمهور الإسرائيلي بأنه قادر على ممارسة ضغط على حماس ومفاوضتها تحت النار، وإحكام ذلك بسقف لا يدفع فيه الأخيرة لاتخاذ قرار بوقف المفاوضات، أو انفلات الأمر والعودة للقتال.

إعلان

واستدرك الكاتب قائلا "في الوقت نفسه لا يوجد ضمانات فعلية بما يمنع تدهور الأوضاع الميدانية".

ضمن إجراءاتها التصعيدية ضد غزة تغلق إسرائيل المعابر (الجزيرة) العوة للحرب

أما ياسر أبو هين، المحلل السياسي الفلسطيني، فرأى أن إسرائيل تريد بتصعيدها الأخير القول إنه "حتى لو أنها أنهت هجومها الكبير على القطاع لكنها صاحبة اليد الطولى في غزة" وذلك من خلال الضغط العسكري المتمثل بالغارات الجوية، والضغط بإغلاق المعابر وتفعيل العقاب الجماعي.

وأوضح أبو هين للجزيرة نت أن إسرائيل تفاوض تحت ضغط النار والتهديد بعودة القتال، وهذا كان واضحا خلال الحرب، فكانت تذهب لزيادة الضغط العسكري كلما بدأت جولة جديدة من المفاوضات.

ويضيف أن إسرائيل تريد من هذه الأفعال إيصال رسالة بأنه في حال لم تستجب حماس للطروحات التي تتماهى مع مواقفها، فإن خيارها بالعودة للحرب مرة أخرى قائم، وأنها قادرة على إخضاع حماس بالقوة.

ويرجح أبو هين أن تستخدم إسرائيل الضغط العسكري لمحاولة كسب المزيد من النقاط في التفاوض غير المباشر مع حماس، على أن يبقى في إطار محدود بما يضمن ألا تنفلت الأمور لتصعيد مفتوح.

يُشار إلى أن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أعلن الليلة الماضية أن نتنياهو عقد نقاشا معمقا في قضية الأسرى بمشاركة وزراء وطاقم المفاوضات ورؤساء المؤسسة الأمنية، وأصدر عقبها تعليمات بالاستعداد لاستمرار المفاوضات وفق رد الوسطاء على مقترح المبعوث الأميركي ستيفن ويتكوف المبني على الإفراج عن 11 أسيرا أحياء وآخرين أمواتا، وفق قوله.

مقالات مشابهة

  • انقطاع الإنترنت عن قطاع غزة وسط القصف الإسرائيلي المتواصل
  • اشتباكات الهرمل.. معلومة تكشف عدد الشهداء اللبنانيين
  • سقوط شهداء.. ماذا أعلنت الصحة عن غارة يُحمر؟
  • لبنان يستعد.. ارتفاع الطلب على السفر إلى بيروت وهذا ما كُشف
  • النجم أحمد أمين فى حوار لـ«البوابة»: أحببت شخصية «النص» أكثر من حقبته الزمنية رغم جمالها.. لا يهم ماذا كنت بل كيف أصبحت اليوم.. لا أريد الحياة في غير زماني سأعيش الحاضر وهذا من قلبي
  • ماذا تريد إسرائيل من تصعيد عدوانها على غزة؟
  • بعد ضربة ياطر.. غارة إسرائيلية تستهدف سيارة في ميس الجبل
  • ماذا قال دروز السويداء عن زيارة إسرائيل؟
  • تستعد للقتال - إسرائيل: حماس تعزز نفوذها وقبضتها على غزة وهذا ما طرحته
  • أصوات قوية تهزّ كفرشيما وعرمون.. ماذا تبيّن؟ (فيديو)