هل فشلت الدول الأوروبية في وقف هجمات الحوثيين بالبحر الأحمر؟
تاريخ النشر: 23rd, April 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في خّضم استمرار أحداث التصعيد التي تشهدها المنطقة خاصة بعد الهجوم الإيراني المباشر لأول مرة على إسرائيل، فإن دول الاتحاد الأوروبي تقود جهودًا وتحركات على المستويات كافة من أجل وضع حد لأحداث التصعيد بالمنطقة التي سيؤدي استمرارها للتأثير سلبًا على المصالح الأوروبية؛ خاصة فيما يتعلق بهجمات الميليشيا الحوثية على السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب وبحر العرب، وهو السبب في تدشين الاتحاد الأوروبي في فبراير الماضي، للمهمة البحرية التي أطلق عليها «أسبايدس» لاستعادة حرية الملاحة وحماية حركة التجارة العالمية.
وفي الوقت الذي أعلن فيه زعيم الميليشيا «عبدالملك االحوثي» في خطاب له 21 أبريل الجاري، استهداف صنعاء لـ (98) سفينة منذ اندلاع عملية القوات الحوثية في نوفمبر الماضي، وتأكيده على استمرار الهجمات البحرية للحوثيين حتى رفع الحصار عن غزة ووقف الحرب الإسرائيلية الجائرة؛ فقد أعلنت البحرية الألمانية في 21 أبريل الجاري، سحب الفرقاطة "هيسن" التي تضم 240 بحارًا ألمانيًا بعد شهرين من إرسالها في فبراير الماضي ضمن مهمة الاتحاد الأوروبي، وأفادت وزارة الدفاع الألمانية في بيان لها بأن مهمة الفرقاطة قد انتهت، فيما قال رئيس العمليات البحرية الألمانية الأميرال «يان كريستيان كاك» في تصريحات صحفية، أن البحرية الألمانية زوّدت الفرقاطة بأنظمة أسلحة إضافية للبقاء مدة طويلة.
تحرك أوروبي
وهو ما استغلته الميليشيا الحوثية التي بدأت منصاتها الإعلامية تروج لمزاعم فشل ألمانيا ودول أوروبا في وقف هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، ولذلك سحبت ألمانيا الفرقاطة «هيسن»، ولكن ما لا تدركه الجماعة الانقلابية أن دول مجموعة السبع (أمريكا وكندا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا واليابان، إيطاليا)، أنشأت مطلع أبريل الجاري "طاولة مستديرة دائمة" بشأن هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.
بالإضافة إلى دعوة وزراء خارجية "مجموعة السبع" في 20 أبريل الجاري، خلال قمتهم التي استمرت 3 أيام في جزيرة كابري الإيطالية، الميليشيا الحوثية بإطلاق سفينة (Galaxy Leader) وطاقمها، والتي تم الاستيلاء عليها في 19 نوفمبر 2023، وأكدوا على دعمهم للدول التي تمارس الحق في الدفاع عن سفنها من الهجمات الحوثية، وفقا للقانون الدولي، وشددوا على ضرورة استمرار المشاركة الدولية بالتعاون الوثيق مع الأمم المتحدة والدول الساحلية، والمنظمات الإقليمية لمنع المزيد من أعمال التصعيد.
دعم تسوية الأزمة اليمنية
وتجدر الإشارة أيضا أن الاتحاد الأوروبي أجرى اتصالات مكثفة عبر سلطنة عمان التي تجمعها علاقات جيدة مع الحوثيين لخفض التصعيد مع اليمن، ولتنسيق حركة مرور السفن الأوروبية في البحر الأحمر، ومنع وقوع اشتباكات بين الطرفين، يأتي هذا بالتزامن مع الجهود الأوروبية الرامية لدعم تسوية الأزمة اليمنية التي دخلت عامها العاشر، حيث دعا الاتحاد الأوروبي خلال الأيام القليلة الماضية طرفي الأزمة من أجل العودة مجددًا لمفاوضات خارطة الطريق الأممية، والدفع نحو تقدم المسار السياسي في اليمن.
مزاعم حوثية
ويقول الدكتور «محمود الطاهر» المحلل السياسي اليمني أن الميليشيا الحوثية تسعى لتحقيق مكاسب لصالحها، والسيطرة على اليمن، ولذلك تروج لمزاعم أن الدول الأوروبية فشلت في وقف هجماتها لإثبات أنها تمتلك القدرات العسكرية والدفاعية القادرة على صد أية تحركات سواء أكانت أمريكية أو أوروبية ضدها، وتعي الميليشيا جيدًا أن عمليات القرصنة التي تقوم بها تقلق الدول على الصعيدين الإقليمي والدولي خاصة لأنها تؤثر بلا شك على اقتصاد هذه البلدان.
ولفت «الطاهر» في تصريح خاص لـ «البوابة نيوز» أن الاتحاد الأوروبي لا يسعى لتفاقم أحداث التصعيد بالمنطقة لذلك يجد في المفاوضات والطرق السياسية والدبلوماسية الوسيلة الأنسب لاحتواء الاضطرابات التي يشهدها الإقليم ومنع محاولات عسكرة البحر الأحمر خاصة بعد إعلان الحوثيين توسيع عملياتهم صوب المحيط الهندي.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الحوثي البحر الاحمر الاتحاد الأوروبي اليمن غزة المیلیشیا الحوثیة الاتحاد الأوروبی فی البحر الأحمر أبریل الجاری
إقرأ أيضاً:
هل فشلت إسرائيل في اختراق الحوثيين استخباراتيًا؟
بي بي سي- كتب: إيثار شلبي
بينما كانت إسرائيل تضع كلا من حماس في غزة، وحزب الله بلبنان على رأس قائمة أولويات الأهداف التي تسعى للقضاء عليها، يبدو أن حركة أنصار الله الحوثية في اليمن لم تكن ضمن هذه الأولويات لدى الاستخبارات الإسرائيلية.
على الأقل، هذا ما يراه عدد من المراقبين والخبراء في المجال الأمني والاستخباراتي في الداخل الإسرائيلي، في وقت لم تتوقف فيه الهجمات الصاروخية الباليستية التي يشنها مسلحو الحركة ضد العمق الإسرائيلي.
يقول الجنرال يعقوب عميدرور، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، لبي بي سي: “إن الاستخبارات الإسرائيلية لم تستثمر كفاءاتها في اليمن، لأن هذا البلد لم يكن أبدا ضمن أولوياتها، مقارنة بالجماعات المسلحة في كل من غزة ولبنان. ولكن هذا لا يزعج إسرائيل لأننا نختار أولوياتنا وأي حرب نخوض”.
ويشير عميدرو، وهو أيضا زميل في المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي بواشطن، إلى أن البعد الجغرافي بين إسرائيل واليمن يشكل تحديا كبيرا في إطار ردع الهجمات الحوثية المتواصلة على إسرائيل.
يقول: “بين اليمن وإسرائيل أكثر من ألفي كيلومتر. هذا العامل الجغرافي سيظل عائقا حتى لو كانت الاستخبارات الإسرائيلية على علم كافٍ بالضربات الحوثية هذه”.
ورغم ذلك، لا يعتقد عميدرور أن الحركة الحوثية تشكل “تهديدا استراتيجيا” لإسرائيل، بل يرى أنها تشكل “تهديدا عاجلا” ينبغي التعامل معه، مشيرا إلى أن ما يهم الداخل الإسرائيلي الآن هو تحديد المواقع التي يستخدمها أفراد الحركة الحوثية لشن هجماتهم على إسرائيل.
رأي لم يختلف كثيرا عن رأي إيال زيسر، وهو نائب رئيس جامعة تل أبيب والخبير في شؤون الشرق الأوسط، الذي قال لبي بي سي إنه كان على إسرائيل البدء في التحضير للهجمات الحوثية من مرحلة الصفر وهذا يستغرق وقتا، مشيرا إلى أن التهديد الذي تشكله الحركة الحوثية ينبع من كونها “الحركة الأكثر حضورا الآن” على الساحة الإقليمية بعد “القضاء على حماس في غزة وحزب الله في لبنان” على حد رأيه. فهي – برأيه- تحاول الحصول على “شرعية ما” من البلدان العربية من خلال شنها ضربات ضد إسرائيل.
ونفذت إسرائيل أربع جولات من الضربات الجوية ضد الحوثيين منذ يوليو/تموز ردا على 400 صاروخ وطائرة بدون طيار يقول الجيش الإسرائيلي إنها أطلقت على إسرائيل من اليمن، وقد تم إسقاط معظمها.
وشملت الضربات الإسرائيلية المضادة على مواقع يمينية، محطات وقود وكهرباء و ميناء الحديدة ومطار صنعاء الدولي. كما هدد القادة الإسرائيليون بقتل شخصيات حوثية قيادية.
* “لم نستثمر في فهم العقلية الحوثية”
ويتفق محللون إسرائيليون آخرون مع عميدرور وزيسر، فيما يعتقد أن إسرائيل لم تكن مستعدة بالقدر المطلوب للهجمات الحوثية تلك، من بينهم يوسي كوبرفاسر، رئيس قسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات الإسرائيلية (أمان) سابقا ، والدكتور يوسي منشروف، الزميل في معهد “مشغاف لبحوث الأمن القومي وللاستراتيجية الصهيونية”.
يقول كوبرفاسر، وهو أيضا زميل في معهد ميشغاف، لبي بي سي: “بالطبع لم تكن الاستخبارات الإسرائيلية جاهزة للرد على الهجمات الحوثية، تماما مثلما لم تكن جاهزة لهجمات حماس. لم يتوقع أحد أن تأتي الهجمات من اليمن، ويبدو أن الضربات الإسرائيلية المضادة على تلك الضربات الحوثية ليست كافية كذلك، بدليل أنها مستمرة حتى الآن”.
ويعزو الخبير الإسرائيلي والزميل في معهد القدس للأمن والشؤون الخارجية، عدم استعداد إسرائيل للهجمات الحوثية إلى عدم استثمار الجهات الإسرائيلية المعنية في الدراسة بشكل أعمق عن الحوثيين.
يقول: “لم نستثمر من قبل في فهم عقلية الحوثيين ولذلك تفاجئنا بهذه الضربات، لأننا لم نكن نتوقع أن اليمنيين الذين يعيشون بعيدا جدا عنا سيكونون طرفا في الصراع بل وأنهم سيضعون أنفسهم في خطر كهذا، وهذا شئ أرى أننا فقدناه، ولكن أعتقد أننا تمكنا الآن من اجتياز هذا التقصير، ولدينا دراية أكبر بالمواقع التي يستخدمها الحوثيون في شن الضربات”.
أما الدكتور يوسي مانشروف، فيصف لبي بي سي الهجمات الحوثية بأنها الطريقة “المتفائلة” التي يعتقد أعداء إسرائيل والمعروفون باسم “محور المقاومة” بأنهم يردون بها إسرائيل بعد القضاء على حزب الله في لبنان، على حد تعبيره.
ويؤكد مانشروف أن”إسرائيل لم تكن جاهزة على الإطلاق لمثل هذه الهجمات، ولذلك “كانت في حالة من الإحراج في البداية ولم تكن تعرف كيف ترد أو تشن هجمات مضادة على مواقع استراتيجية ضد الحوثيين” ولكنه يشير إلى أن الوضع الآن بات أفضل فيما يتعلق بمعرفة إسرائيل كيف يكون الرد على الحوثيين، فحددت – برأيه- مواقع اقتصادية مهمة- لضربها.
* “إسرائيل تتحسن في الرد”
ويرى بعضهم أن الهجمات الإسرائيلية المضادة ضد الحوثيين لم تكن مؤثرة بالشكل الذي يضع حدا لها، أمر علق عليه يوسي مانشروف، الزميل بمعهد مشغاف، بالقول إن إسرائيل لا تزال في مرحلة التعلم أكثر عن اليمن والحوثيين، متوقعا أن تكون الضربات الإسرائيلية ضد الحوثيين أكثر شراسة في الشهور المقبلة، بعد تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
يقول: “سنرى تعاونا بين الإسرائيليين والأمريكيين على أصعدة كافة من بينها الاستخبارات والجيش وذلك سيغير مستقبل الهجمات وستكون أكثر قوة ضد الحوثيين”.
وفي الوقت الذي صعد فيه الحوثيون المدعومون من إيران هجماتهم الصاروخية ضد إسرائيل، هب مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى الملاجئ في منتصف الليل، كما أثرت الهجمات على حركة الطيران ما دفع أدى إلى إبعاد كثير من شركات الطيران الأجنبية عن التحليق فوق إسرائيل.
لكن الجنرال يعقوب عميدرور، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، يرى أن الهجمات تلك لم تؤثر على الاقتصاد الإسرائيلي بأي شكل، على عكس ما يراه يوسي كوبرفاسر، وهو أيضا زميل معهد القدس للدراسات الأمنية والشؤون الخارجية ، الذي قال إنها شكلت “عائقا” على الاقتصاد، وإن “الأمور تسير بصعوبة” في إسرائيل عما كانت عليه في السابق.
وتعليقا على الهجمات الحوثية في البحر الأحمر، يقول كوبرفاسر إنها “دفعت السفن المتجهة إلى إسرائيل إلى اتخاذ طريق أطول وأكثر تكلفة حول أفريقيا صوب موانئ إسرائيل على البحر الأبيض المتوسط”.
ومنذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، يشنّ الحوثيون هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر وخليج عدن انطلاقاً من المناطق الخاضعة لسيطرتهم في اليمن، في ما يعتبرونه “دعماً” للفلسطينيين في قطاع غزة حيث تدور حرب مدمّرة بين إسرائيل وحماس منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
ومجتمعيا، لا يرى يوسي منشروف أن الضربات أثرت على المجتمع الإسرائيلي، “فالاحتماء في الملاجئ أمر اعتاد المجتمع الإسرائيلي عليه منذ بداية الحرب في غزة العام الماضي، خاصة وأن الحوثيين يشنون صاروخا واحدا كل ليلة لا يبدو أنهم يعتزمون تكثيف الضربات على إسرائيل”.
* “ورقة ضغط”
لم توقف الضربات الحوثية ضد إسرائيل الحرب في غزة، لكنها، كما يصفها حسين البخيتي، الصحفي المقرب من جماعة أنصار الله الحوثية، لبي بي سي”ورقة ضغط” مستمرة على إسرائيل. ويشير البخيتي إلى أن الهدف من العمليات العسكرية الحوثية في البداية كان فرض حصار اقتصادي على إسرائيل في البحر الأحمر ومنع أي سفن أو شركات تتعامل مع إسرائيل من المرور في البحر الأحمر، وهو “ما أثبت كفاءته، حتى أنهم بدأوا بالفعل في البحث على سبل بديلة لتمرير السفن، والآن تأتي الضربات الأخيرة هذه لتكون رسالة رعب في الداخل الإسرائيلي، فباتوا يلجأون في الملاجئ كما ارتفعت الأسعار هناك”.
ويضيف البخيتي أن الضربات الحوثية أثبتت “فشل منظومة الدفاع الجوية الإسرائيلية التي لم تنجح في التصدي لجميع الصواريخ التي أطلقت في الداخل الإسرائيلي ووصلت لحيفا”.
اتفق معه عبد الغني الزبيدي، المحلل السياسي المقرب أيضا من الحركة، الذي قال لبي بي سي إن “التأثير النفسي الذي تركته الضربات الحوثية كان ربما أكبر من التأثير الاقتصادي” على إسرائيل، مشيرا إلى أن الحركة “تبذل ما تستطيع وتشارك بكل ما لديها من قدرات وخبرات” لمساندة حركة حماس. وأضاف أنه من الصعب أن يتعرف الإسرائيليون على المواقع العسكرية التي يستخدمها مسلحو الحركة لشن ضرباتهم، وأن الحركة تعمل على تطوير مهاراتها بشكل كبير يوما بعد يوم.