قالت دار الإفتاء المصرية، إن النبيُّ -صلَّى الله عليه وآله وسلم- كان الأسوة الحسنة في التسامح، وعلى دَرْبِه سار المهتدون بهَدْيِه على مرِّ الزمان وامتداد المكان.

وتابعت دار الإفتاء في منشور لها: وقد تجلَّى ذلك في أخلاق النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم في سيرته الشريفة العَطرة قبل الهجرة وبعدها، حيث ظهرت ممارسات التسامح والصبر في مكَّة المكرَّمة قبل الهجرة، لتتحوَّل بعد الهجرة في المدينة المنورة إلى منظومة عامة، ودستور مدني، ومبادئ راسخة، وعلاقات أخلاقية، وقواعد حاكمة؛ بَدْءًا من أول يوم دخل فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة المنورة مفتتحًا ذلك بالدعوة إلى السلام والتعاون والتعايش وإرساء مبادئ المواطنة.

فضل التسامح في الإسلام

قال الشيخ محمود عويس، الواعظ بمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إنَّ فضل التسامح في الإسلام 
العفو والإحسان والتجاوز عن المُخطىء أمر عظيم وخلق وقيمة من أبرز القيم الإسلامية والمجتمعية، لافتاً إلى أنَّ أحد أسماء الله – عز وجل – الحسنى «العفو» لدلالة وأهمية العفو والإحسان كخلق.

وأضاف «عويس»، خلال استضافته ببرنامج «صباح الخير يا مصر»، مع الإعلاميين محمد عبده ومنة الشرقاوي، والمُذاع على شاشة القناة «الأولى»، أنَّ العفو من شيم الكرام كما أنَّ الله – عز وجل – عفو يعفو ويغفر لعباده، ومن يريد المغفرة والعفو من الله عليه أن يعفو ويغفر للخلق أخطائهم.

وتابع: «الله – سبحانه وتعالى – أمر سيدنا محمد في كتابه الكريم بسورة الأعراف الآية 199: خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين».

وأكد أنَّ معنى «خذ العفو» في الآية الكريمة هو ما جاء في حديث للنبي محمد – صلى الله عليه وسلم: «أن تعطي من حرمك، وتصل من قطعك، وتعفو عمن ظلمك».

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الإفتاء التسامح الأسوة الحسنة فضل التسامح في الإسلام الله علیه

إقرأ أيضاً:

تأملات قرآنية

#تأملات_قرآنية

د. #هاشم_غرايبه

يقول تعالى في الآية 101 من سورة المائدة:” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ”.
تتلمذ الصحابة على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذبهم بما أوحى إليه الله أرفع تهذيب، فتعلموا أن لا يسألوه أمرا حتى يحدث لهم منه ذكرا، ولا يطلبوا منه تفسيرا لآية أنزلها الله أو فعلاً فعله أو حديثاً تحدث به، إن لم يفعل، لم يكن ذلك من أدبهم معه فحسب، بل من فهم لمعنى هذه الآية وغيرها التي بينت أحوال الأمم التي نزلت عليها الرسالات السابقة وكانوا يسألون نبيهم أمورا لم يبينها لهم ويجادلونه في ما شرع لهم.
جاءت بعد الصحابة أجيال متعاقبة، وتطورت ظروف الحياة وتوسعت مدارك الناس، مما لزمه التوسع في الفقه والإجتهاد، ومع أن أصول العقيدة والعبادات ثابتة لا تتغير بتغير الزمان والمكان، وقد نبه النبي صلى الله عليه وسلم مسبقا الى هذا الأمر وحذر من الزيادة او الإنقاص فيهما (البدع)، إلا أن كثيرين توسعوا في التفسير والتأويل، وأسسوا مدارس وفرق متباينة في اجتهاداتها، ولما كان قد صاحب هذه الفترة خلافات على السلطة فقد استغل الفرقاء السياسيون هذه الإختلافات لتعزيز مواقفهم، فتحول الإختلاف الإجتهادي الى تخندق سياسي.
لم يتوقف الأمر عند افتراق بعض المذاهب عن المنهج القويم المستند الى الكتاب والسنة، بل تعداه الى الخلاف الذي جرى داخل المنهج ذاته، بسبب التشدد والمغالاة الذي برره متبعوه بالخوف على الثوابت من الضياع، فأكثروا من المحظورات وتوسعوا في المحرمات، ظنا منهم أن ذلك زيادة في التدين، متخذين شعارهم : “إن السلف الصالح كانوا يتركون تسعة أعشار الحلال خوفا من الحرام”.
طبعا هذا يناقض مراد الشرع، فإتيان ما أحل الله لا يقل أهمية ولا التزاما بطاعته عن اجتناب ما حرّمه: “قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ”.
المبدأ الشرعي: “إِنَّ الْحَلالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ”، فاتقاء الشبهات يأتي من باب الحرص والحذر من الإقتراب من الحرام، ولا يمكن أن يكون بتحريم ما أحل الله، لأن ذلك مزاودة على الشارع الحكيم.
إن الله تعالى قد حرّم أمورا حددها بالإسم، لا يحق لأحد من البشر الزيادة عليها ولا إنقاصها، وكل ماعداها مباح أو حلال، كما سكت عن أمور كثيرة، ليس نسيانا أو غفلة عنها، وحاشاه ذلك، فهو جل وعلا لا يضل ولا ينسى، وإنما عن رحمة بالناس وحتى لا يُحمّلهم ما لا يطيقون.
مما سكت الله عنه، وتركه للناس حسب ظروفهم لكن ضمن الضوابط الشرعية العامة، اختيار النظام السياسي ونمط المعيشة واللباس والعمل.
وكان التطبيق الأول للحكم في الدولة الراشدية ليس وحيا إلهيا، بل ترك الله اختياره لحكمة رسوله الكريم التي حباه تعالى، ليكون ذلك قدوة للمسلمين في قادم الزمان من فهم ضرورات ذلك الزمان ومتطلباته، لذلك لم ينزله الله تشريعا ولا قالبا ملزما للمستقبل، فمصالح الناس ستتطور وتتعدد، وإدارة شؤون الدولة توسعت، لذلك لا يعقل أن يستنسخ ذلك لكل الأزمان القادمة، فلكل عصر فقهه وتطبيقاته.
وتنطبق هذه القاعدة على كل ما سكت الله عنه أيضا، فلم ينزل به قرآنا، مثل هيئة الناس ونمط المعيشة واللباس واتخاذ وسائل الكسب بالعمل المشروع..الخ.
هكذا يتضح لنا أن الفهم الصحيح لكتاب الله والإلتزام الدقيق بما جاء به بلا تفريط ولا إفراط، هو الذي يبعد عنا تفرقة الفرق والمذاهب، ويجنبنا شرور المتطرفين والمفرطين، وبذلك نرتقي الى ما أراده لنا الدين.
لعل ما سبق يجيب على معارضي قيام دولة إسلامية، المتسائلين: أي إسلام تريدونا أن نطبق.
فالإسلام ليس نماذج متعددة، بل هو كيان واحد، سياسي اقتصادي اجتماعي متكامل، جميعه مدون في كتاب الله، ولاستيعابه يستنار بالتطبيق الإداري النبوي في الدولة الإسلامية الأولى التي أنشأها النبي صلى الله عليه وسلم، وفق حكمته، لتكون نموذجا يحتذى به، وليست قالبا جامدا يستنسخ، بل متروكا لاجتهادات الأزمنة القادمة.

مقالات ذات صلة فضيلة التسامح 2025/02/26

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية ناعيًا الدكتور محمود توفيق سعد: عاش حياته مخلصًا لدينه
  • المفتي ناعيًا محمود توفيق : ترك إرثا علميا نافعًا
  • مفتي الجمهورية ينعى الدكتور محمود توفيق سعد عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف
  • تأملات قرآنية
  • هل ترك السحور يعد مبررا للفطر في نهار رمضان.. الإفتاء ترد
  • النائب العام للاتحاد : أمر رئيس الدولة بالإفراج عن عدد من نزلاء “المنشآت الإصلاحية” يجسد نهج التسامح
  • النائب العام للدولة: أمر رئيس الدولة بالإفراج عن عدد من النزلاء يجسد نهج التسامح
  • النائب العام: أمر رئيس الدولة بالإفراج عن عدد من النزلاء يجسد نهج التسامح
  • أفضل دعاء في آخر شعبان.. النبي أوصى بـ8 كلمات تجمع لك الأرزاق
  • داعية إسلامي: اتباع النبي محمد من أعظم أسباب حب الله للعباد