ساعات قليلة تفصلنا عن أهم مواجهة لفريق الهلال هذا الموسم، عندما يلاقي العين الإماراتي في إياب نصف النهائي الآسيوي. النزال الأول كسبه أصحاب الأرض وسط ظروف صعبة، والمتمثل بالأمطار والتقلبات الجوية التي سبقت المباراة، وتسببت في تأجيلها (24) ساعة. حفظ الله الإمارات وأهلها. الأمر الآخر الإنهاك الذي جثم على نجوم الفرقة الزرقاء، وساهم في تعطيل حيويتهم بعد أن جرف الموج الأزرق النصر والاتحاد تباعاً في منافسات السوبر الآسيوي، وحقق أعنف بطولة أمام أشرس فريقين يقفان الند للند داخل الملعب وخارجه، وفوق هذا وذاك الهلال قابل فريق مرتاحًا هدفه الآسيوية، وتخلى عن المجد المحلي بدليل أنه لم يتذوق طعم الفوز في آخر أربعة لقاءات خاضها قبل الذهاب، علاوة على أن مدرب الفرقة الزرقاء خيسوس لم يقرأ المشهد بشكل جيد، واعتمد على مصيدة التسلل وفرَّغ الملعب فنجح الخصم في الاستفادة من تلك الطريقة، وكشف مرمى العويس أكثر من مرة، فتسببت تلك المنهجية بضربات الجزاء الثلاث، التي يشك في صحتها وتحديداً التي احُتسبت على المدافع البليهي، مباراة الذهاب طويت صفحاتها وخرج الهلال خاسراً بفارق هدفين، والنتيجة ليست صعبة على مدار شوطين إذا ما أحسن الفريق التنظيم الدفاعي، وعرف الطريق السالك لمرمى العين، وفي تصوري الربع الأول من المباراة يحدد الكثير من التفاصيل عن ملامح المشهد المنتظر، وسبق للهلال وأن عاد بالفارق أمام الاتحاد في لقاء الدور الأول، عندما كان خاسراً (٣/١) وظفر بالفوز برباعية لا تنسى وسرد هذه الواقعة مجرد إرهاصات للتذكير عن حالة فريق يعيش قمة عنفوانه؛ بل لم يمر عليه وجود مجموعة متجانسة بقدر العطاء، الذي يقدمه هلال اليوم، ولعل من أجمل الجوانب التي سلخها لاعبو الزعيم من مخيلتهم، وكانت تشكل ضغطًا آخر لا يقل عن هم المباريات وحساسيتها الحفاظ على مسلسل المكاسب المتوالي، الذي وصل للرقم (34) ويتفرد فيه عالمياً على بعد ست خطوات، وقد يكون هذا الرقم خالداً في التاريخ، ومن الصعب الوصول له، وكما ذكرت كتبها نجوم متفردون حطموا جميع الأرقام المحلية، وغرّدوا وحيدين على مستوى العالم.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: عبدالمحسن الجحلان
إقرأ أيضاً:
في ذكرى رحيله.. محمود مرسي "عتريس" الذي خجل أمام الكاميرا وكتب نعيه بيده
تحلّ اليوم ذكرى وفاة أحد أعمدة التمثيل في تاريخ الفن المصري، الفنان القدير محمود مرسي، الذي لم يكن مجرد ممثل موهوب، بل مدرسة فنية متفردة جمعت بين الصمت البليغ والكلمة الموزونة والأداء النفسي العميق ورغم شهرته بأدوار القوة والبطش على الشاشة، كان في حياته الشخصية مختلفًا تمامًا، إنسانًا رقيقًا، خجولًا، يهاب الكاميرا أحيانًا، ويكتب وداعه الأخير بيديه وكأنه يعرف متى سيرحل.
النشأة والبدايات في عروس البحر
وُلد محمود مرسي في مدينة الإسكندرية يوم 7 يونيو عام 1923، وتلقى تعليمه بكلية الآداب، قسم الفلسفة بجامعة الإسكندرية، حيث تشكّل وعيه الثقافي والفكري. لم يكن الطريق إلى التمثيل مباشرًا، فقد سافر إلى فرنسا ثم إلى بريطانيا، ليتخصص في الإخراج السينمائي، وهناك التحق بمعهد السينما في باريس، ثم عمل في هيئة الإذاعة البريطانية BBC، وهو ما صقل شخصيته الفنية وأكسبه ثقافة واسعة وتجربة مهنية متميزة.
التحول نحو التمثيل وملامح فنية مختلفة
رغم بداياته كمخرج وإذاعي، كانت موهبته التمثيلية تأبى أن تظل في الظل، عاد إلى مصر ليبدأ مسيرته التمثيلية، فكانت انطلاقته الكبرى مع أفلام الخمسينيات والستينيات، لكنه لم يكن كغيره من النجوم؛ فقد اختار دائمًا الأدوار التي تتطلب قدرًا من العمق والتحليل النفسي. جسّد في كل ظهور شخصية مختلفة، وترك بصمة لا تُنسى.
أدوار لا تُمحى من ذاكرة الفن
لا يمكن الحديث عن محمود مرسي دون التوقف عند شخصيته الشهيرة "عتريس" في فيلم شيء من الخوف، التي صارت رمزًا للطغيان والديكتاتورية في السينما المصرية.
ومن أدواره المميزة أيضًا: فتحي عبد الهادي في ليل وقضبان، بدران في أمير الدهاء، ومرسي في زوجتي والكلب، إلى جانب أدواره في الدراما التليفزيونية، أبرزها شخصية "أبو العلا البشري" التي أحبها الجمهور وتفاعل معها، بالإضافة إلى مشاركته في مسلسلات مثل العائلة والمحروسة 85.
كواليس خفية من حياة نجم كبير
بعيدًا عن وهج الأضواء، كان محمود مرسي شخصًا شديد التحفظ والخجل. كشفت الفنانة إلهام شاهين في أحد لقاءاتها أن الفنان الكبير كان يخجل من أداء المشاهد الرومانسية أثناء البروفات، حتى إن وجهه كان يحمر من الحرج، على الرغم من احترافيته أمام الكاميرا.
كما أنه كان من القلائل الذين كتبوا نعيهم بأيديهم، وهو ما يدل على رؤيته الفلسفية للحياة والموت، ونظرته العميقة لزمن الفن.
تزوج محمود مرسي من الفنانة سميحة أيوب، في واحدة من أشهر الزيجات الفنية الهادئة والمستقرة في الوسط، وأنجب منها ابنهما الوحيد علاء، الذي اختار لنفسه طريقًا بعيدًا عن الفن، ليعمل كمعالج نفسي.
الرحيل في هدوء كما عاش
في 24 أبريل عام 2004، توقف قلب الفنان الكبير أثناء تصويره لأحد مشاهده في مسلسل وهج الصيف، عن عمر ناهز الثمانين عامًا، رحل محمود مرسي بهدوء، لكنه ترك خلفه ضجيجًا فنيًا لا يخبو، وأعمالًا لا تزال تُعرض وتُناقش وتُلهم أجيالًا جديدة من الفنانين والمشاهدين.