ضيو متوك وفيلم وداعا جوليا نموذج لنفاق حلفاء العسكر والكيزان
تاريخ النشر: 23rd, April 2024 GMT
فاطمة علي
كتب وزير الاستثمار في حكومة جنوب السودان ضيو مطوك مقالا في مناسبة عرض فيلم وداعا جوليا في العاصمة جوبا وزيارة فريق عمل الفيلم محتفيا بأنه اعترف بالمظالم التاريخية التي تعرض لها شعب جنوب السودان من مجازر وخطف للأطفال واستعباد وغيرها من المظالم الحقيقية التي لا ينكرها أي مدافع عن حقوق الإنسان.
لكن استغربت أن يأتي الحديث من ضيو مطوك تحديدا؛ وهو الرجل الذي يشير إليه الرئيس سلفاكير ميارديت في جميع الجلسات الخاصة والعامة هو ومستشاره الأمني توت قلواك على أنهما يمثلان نظام المؤتمر الوطني وهم من أخرجوا الجنوبيين من الخرطوم!
يمثل مطوك ورفيقة قلواك المسؤولين بشكل كبير من ملف السودان في حكومة جنوب السودان نفوذ الإسلاميين في العاصمة الحديثة جوبا، والتي كان من المقدر لها أن تكون أحدث عاصمة وأكثرها تطورا لما تملكه دولة جنوب السودان الوليدة من فرص كبيرة نحو التقدم والإنطلاق لكنهم انتقلوا بذات الفكر الكيزاني في الإقصاء والفساد، وتم إبعاد عدد من قيادات الحركة الشعبية من المفكرين وحملة الشهادات العليا مثل دكتور مجاك داقوت وماييك آيي وغيرهما لصالح تقدم توت قلواك الذي لا يعرف سوى حيل الإنقاذ التي تعلمها في منزل مدير المخابرات السابق صلاح قوش!
أخبرني أحد الأصدقاء الجنوبيين أنه عندما اندلعت الحرب في السودان كانت الأولوية في مطار فلوج لأهل وأقرباء توت قبل بقية الشعب، وأخبرني صديق آخر أن منزله في مدينة جوبا تبلغ قيمته 8 ملايين دولار في دولة يعاني فيها الملايين من الجوع!
كان مطوك وتوت منذ سقوط نظام البشير ورعايتهما لملف السلام يزوران الخرطوم لفترات متقاربة، يقيمان في فنادق كورنثيا والسلام روتانا، وبالمثل كانت فنادق جوبا مفتوحة للعسكر من مجلس السيادة السوداني وقتها، ووفق مصادر في زيارة للفريق شمس الدين كباشي رافقه 150 شخصاً نزلوا جميعهم في فنادق على حساب دولة جنوب السودان، وسافروا من الخرطوم على نفقة الحكومة السودانية!!
بعد اندلاع الحرب كان من المقرر لوفد الحرية والتغيير قبل تشكيل تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) زيارة جوبا باعتبارها الدولة الجارة التي تتقاسم مع الخرطوم وجعها، ولجأ إليها الكثيرون من أبناء السودان الكبير؛ شماله وجنوبه، وبصفتها الدولة التي رعت اتفاقية السلام وللعديد من الاعتبارات، لكن تم الاعتذار لهم بأن الرئيس سلفاكير ميارديت في رحلة خارجية، وفي ذات الأيام استقبل قائد الجيش السوداني الفريق البرهان، على الرغم من رفض قيادات الحرية والتغيير التعليق، لكن مصادري في الجنوب أكدت أن الرفض للزيارة أتى من المستشار الأمني للرئيس؛ توت قلواك!
ولكنه لم يكتفي بذلك؛ بعد أن فتحت الأبواب وقام وفد من تقدم بزيارة جوبا تخلف عنه رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك لأسباب مرضية، عارض توت مقابلة بقية الوفد للرئيس سلفاكير! وأخبرني مصدر هناك أن الزيارة تم إلغاؤها لغياب حمدوك. ما حدث أن اللقاء حدث، لكن يبقى موقف توت شاهدا على دعمهم للدولة الكيزانية وعدم قدرتهم على الحياد أو الخروج من جلد الدولة الأمنية!
وبالعودة للوزير مطوك؛ كان هو الذي نظم الورشة التي قامت بها الكتلة الديمقراطية في جوبا، لم يكن اجتماعا سودانيا سودانيا كما روجوا له كان اجتماعا برعاية مطوك في كل تفصيلة، وكان من المفترض أن تتبع تلك الاجتماعات ورشة في العاصمة المصرية القاهرة هدفها الخفي إعداد حاضنة سياسية للعسكر حال تم الاتفاق على وقف إطلاق النار وكان مطوك هو أيضا المنسق مع الحكومة المصرية التي اعتذرت عن اللقاء بسفر مدير المخابرات خارج البلاد!
وأنا أقرأ ما كتبه مطوك أفكر طويلا؛ كيف يمكن لشخص ينظر لنظام الإنقاذ على أنه نظام فاشي عذب أهله واضطهدهم واستعبدهم يأتي ليقف في صفهم، ويعينهم على تدمير المزيد واضطهاد الآخرين، ويحمل معهم معول الهدم؟!
لكن عندما تعود للوراء وتنظر لنظام البشير وللمليشيات الجنوبية التي صنعها وتركها تحمل وزر دماء أهلها في يديها وتخرب القرى وتمارس كل صنوف الوحشية تستطيع أن تفهم بأن البشر يمكن أن يلغوا عقولهم بسبب شبق السلطة أو الجاه أو المال أو حتى من أجل التقرب من السلطان!
وبحسب مصادر من الحركة الشعبية، فإن أول مليشيا جنوبية أسسها نظام البشير كانت في ولاية شمال بحر الغزال، أويل بقيادة عبدالباقي ايي اكول في منطقة المتاخمة لميرم وفي ولاية غرب بحر الغزال أسّس مليشيا قوات السلام بقيادة جنرال التوم النور دلدوم، وفي ولاية الوحدة بانتيو تم تأسيس مليشيا قوات دفاع جنوب السودان بقيادة جنرال فاولينو ماتيب لتشريد السكان المحليين من مناطق النفط لإفساح المجال لشركات البترول لتنقيب النفط، وفي ولاية جونقلي بور في منطقة بيبور بالتحديد كانت هناك مليشيا بقيادة جوزيف كونجي وفي جوبا العاصمة كانت بقيادة الجنرال كلمنت واني كونقا!
من المهم عندما نتحدث عن التسامح لابد من فتح الجراح على آخرها وتنظيفها حتى لا “تنوسر” ويبقى البتر هو الحل الوحيد! لا بد من المحاسبة وتقديم كل من ارتكب جريمة ضد الإنسانية في حق شعب جنوب السودان لمحاكمة عادلة في حرب كانت حصيلة قتلاها هي الأعلى بعد الحرب العالمية الثانية! بعدد قتلى يقترب من 2 مليون شخص!
كل من كانت له علاقة بحرب الجنوب يتحدث بهمس وصوت خافت حول الفظائع التي حدثت هناك من استعباد وقتل للأسرى واغتصاب وسرقة أطفال ومجازر حصلت في صمت وخفاء بعيدا عن كاميرات الهواتف ومعظم قيادات المليشيات أو حتى القيادات من الجيش السوداني الذين ارتكبوا هذه الجرائم لا أحد يشير إلى أسمائهم أو يعرف صورهم!
الإفلات من العقاب هو ما أغرى الحكومة السودانية بتكوين مزيد من المليشيات وارتكاب المزيد من الفظائع في جبال النوبة ودارفور والنيل الأزرق، وكل الجرائم التي تحدث الآن في حرب 15 أبريل ما هي إلا تركة ثقيلة يحملها السودانيون من تاريخ مليء بالظلامات والسواد لن ينزاح مثل الكابوس بالاستيقاظ من النوم! أبدا.. سيحتاج للمواجهات القبيحة المرة الصادمة القاسية التي تجعل كل من ارتكب جريمة يقف ويعترف بها بصوت عال ويطلب السماح والغفران بعد أن يحاكم!
لن تنتهي المرارات من تلقاء نفسها، ولن ننتقل إلى الحياة الكريمة الإنسانية إلا بأن نحمل مبادئ لا تقبل البيع بالتجزئة! يجب على كل من يؤمن بالديمقراطية والحقوق أن يمارسها على نفسه أولا! منذ متى وأنت يا سعادة الوزير في هذا المنصب؟ كيف يتحدث شخص عن علاج المظالم التاريخية ويكون هو في نفسه من الظالمين؟
أوضاع الحرب التي يعيشها السودان ليست بعيدة عن الجنوب خاصة مع المشاكل التي تعانيها أنابيب النفط الناقل لبترول الجنوب! الآن جوبا تعيش في وضع اقتصادي حرج جدا ومناطق مثل أبيي على خط النار! انزلاق دولة جنوب السودان إلى حرب أهلية سيطيل أمد الحرب في كل السودان الكبير ويجر الإقليم كله إلى تفكك وانهيار كامل!
على ضيو مطوك وحكومة جنوب السودان أن تستفيد من التجارب التي خاضتها بنفسها؛ من الظلامات التي ارتكبتها وارتكبت في حقها، والوقوف بشجاعة أمام شعب جنوب السودان والعمل الحقيقي من أجل بناء بلاد خالية من الفساد ومنح التعليم الأولوية وتوزيع الفرص بعيدا عن الإثنيات واختلاف القبائل والدين!
الحديث الذي لا يصاحبه فعل لا يعول عليه يا سيدي الوزير! وأريد أن أشاركك في إعجابي بالأعمال الفنية، وهنا أذكر أغنية يحب ابني أن يرقص عليها لفنان جنوبي تقول: قوندو ساكت! تتحدث عن فساد المسؤولين الحكوميين وعن استغلالهم لمناصبهم وعن غرف الفنادق التي يسكنون فيها بعيدا عن منازلهم وعن الكثير من الممارسات السيئة التي تحدث في الدولة الجديدة!
الوسومفاطمة عليالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: فاطمة علي جنوب السودان فی ولایة
إقرأ أيضاً:
الرجل والناقة وإبليس والكيزان والسودان
بسم الله الرحمن الرحيم و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.
و تحكي الرواية أن رجلاً إفتتن إفتناناً عظيماً بممارسة الجنس مع الأنعام ، و في إحدى جولاته التفقدية/الإستكشافية رأى الرجلُ ناقةً مليحةً أَسَرَّتهُ فشغف بها شغفاً كبيراً ، و قرر معاشرتها جنسياً مهما كلفه الأمر ، و قاد الشغفُ/الشبقُ الرجلَ إلى حيلةٍ فذةٍ إقتاد بها الناقةَ إلى جذعِ نخلةٍ ، و تقول الرواية أن الرجل أوثق الناقة إلى جذع النخلة و حتى يتمكن من وطأها تسلق الجذع إلى أعلى الشجرة و تعلق بالجريد مما أتاح له التأرجح ما بين الجذع و مؤخرة الناقة ، و ظل الرجل يتأرجح في الهوآء ما بين الموضعين حتى قضى وطره ، و من بعد الفراغ من المهمة المجهدة سقط/هوى الرجل من أعلى النخلة ، و عند إرتطامه بالأرض صاح قآئلاً:
الله يلعنك يا إبليس...
و قيل أن إبليس و جماعة من قبيله كانوا في تلك اللحظات يمرون في تلك النواحي و شاهدوا الواقعة/المواقعة بجميع تفاصيلها ، و قيل أن إبليس ، في باديء الأمر ، غضب غضباً عظيماً من لعن الرجل له ، لكنه و بعد أن هدأ روعه ضحك و اقترب من الرجل و خاطبه قآئلاً:
لكن عليك عليك جِنِس قوة عين... تَبهَتنِي... تعمل العَملَة الوسخة و ترمي اللوم علي و كمان تلعني!!!... و الله العظيم السَّوِيتُو ده في الناقة دي لا أنا ذاتي و لا جماعتي ديل ممكن نَسَوِّيهُو (نفعله)... و أنا أبداً ما فكرت في حاجة قِردِيَة ذي دي... بل أنها لم تطرأ على خلدي البتة...
و ما ساق صاحبنا إلى سرد هذه الرواية هو تشابه أحداثها (مجازياً) مع ما فعلته/أوقعته جماعة الكيزان المهووسة دينياً (رجل الرواية المهووس جنسياً) و صنآئعها من: مليشيات الجَنجَوِيد (الدعم السريع) و متأسلمي الجيش السوداني و الكتآئب الكيزانية في الشعوب السودانية و بلاد السودان و الدولة السودانية (الناقة في الرواية) من الحيل و التأرجحات الهوآئية و الأذى الجسيم نتيجة الإفتنان العظيم بالسلطة و هوس التشبث بها و شبق التعلق بملحقاتها من النفوذ و الجاه ، بل أن كثيرين يعتقدون أن ما فعلته الجماعة ، و صنآئعها ، يفوق و يبذ ما فعله الرجل في الناقة و إبليس و الشياطين في عباد الله...
و قد إبتدرت الجماعة حيلها التأريخية و تأرجحاتها بالمكآئد و الدسآئس التي أربكت المشهد السياسي السوداني في نوڨمبر ١٩٦٥ ميلادية عندما إستغلت (حادثة الإفك) في كلية المعلمين و نجحت في إصدار عدة قرارات و تعديلات دستورية حُلَّ بموجبها الحزب الشيوعي و طُرِدَ نوابه من البرلمان ، و كان من تبعات تلك الحيلة و ذلك التأرجح كارثة إنقلاب الخامس و العشرين (٢٥) من مايو ١٩٦٩ ميلادية و ما أدراك ما مايو و حكاياتها!!! ، و كان تحالف الجماعة مع النظام المايوي من أشهر تأرجحات الكيزان التي أفرخت قوانين سبتمبر ١٩٨٣ ميلادية التي أسأت كثيراً لدين الإسلام ، و بعد عقدين من الزمان تحايلت الجماعة و تنكرت للنظام الديمقراطي مرة أخرى و أقدمت على الإستيلآء على السلطة بقوة السلاح في الثلاثين (٣٠) من يونيو ١٩٨٩ ميلادية حتى تفشل المؤتمر الدستوري الجامع الذي خُطِطَ له لينهي الحرب الدآئرة آنذاك في جنوب السودان و يقرر في الكيفية التي تحكم بها بلاد السودان...
و فور إستيلآءها على السلطة إنغمست الجماعة في الحيل و التأرجحات و القمع الوحشي للمعارضين ، و شرعت في تنفيذ مشروعها ”الحضاري الإسلامي“ الذي إحتوى على حزم من الحيل و التأرجحات: الصالح العام ، التمكين ، الجهاد ، الدفاع الشعبي ، التجنيد الإجباري ، الإكتفآء الذاتي ، البطاقة التموينية ، الإقتصاد الإسلامي ، الصحوة ، التأصيل ، أسلمة المعرفة ، نظام البكور ، النظام العام ، توطين العلاج بالداخل و... و... و...
و قد كلفت حيل و تأرجحات الجماعة و ضلالها بلاد السودان و الشعوب السودانية الكثير و أورثتها الأذى و التشظي و العنصرية/القبلية و التخلف و الفقر ، و لم تختصر حيل الجماعة و تأرجحاتها على بلاد السودان و الشعوب السودانية ، بل إمتد إلى تصدير ”المشروع“ الضلالي إلى ما ورآء الحدود تمويلاً و تدريباً للحركات التكفيرية الجهادية و تنفيذاً لمحاولات قتل رؤسآء الدول و تغيير الأنظمة عن طريق العنف...
ثم كانت خاتمة الحيل و التأرجحات الكيزانية: قمع و قتل و تصفية الثوار المتواصل بغرض إعاقة ثورة ديسمبر ٢٠١٨ ميلادية إنتهآءً بالحرب الحالية و الصراع الدامي بين كتآئب و مليشيات الجماعة حول السلطة و الذي أدى إلى موجات غير مسبوقة من إنتهاكات حقوق الإنسان و القتل و الإبادات الجماعية و الترويع و الإرهاب و الدمار و السلب و النهب و النزوح و اللجوء الجماعي و المجاعات...
و الشاهد هو أن جماعة الإخوان المتأسلمين (الكيزان) قد إفتتنت إفتناناً عظيماً بالسلطة فاق درجة الهوس و الوسواس ، و أصرت على الجلوس الدآئم على سدة الحكم و الهيمنة على كل مفاصل الدولة مهما كلف الأمر ، و في سبيل تحقيق ذلك تحايلت الجماعة و تاجرت بالدين و غيبت القانون و العدل و مارست التأرجحات الهوآئية: القمع و الكبت و التعذيب و الإغتصاب و القتل و الفساد و الإفساد و جميع أنواع البغي و الظلم مما أورث بلاد السودان و الشعوب السودانية الدمار و المذلة و الهوان و التخلف و الفقر...
و قد درجت الجماعة و عقب كل تأرجح و سقوط على صنع إبليس ترمي عليه اللوم و تلقي عليه اللعنات ، و قد ضمت اللآئحة الكيزانية ، الدآئمة التحور ، العديد من الأبالسة مثل: الشيوعية و العلمانية و اليمين المسيحي المتطرف و الصهيونية العالمية و الليبرالية و أمريكا و روسيا (اللذان دنا عذابهما) و مصر و ليبيا و أثيوبيا و يوغندا و دول في شبه الجزيرة الأعرابية و أخرى في ساحل عمان المطل على الخليج الفارسي ، و كانت قوى الحرية و التغيير (قحت) و تنسيقية القوى الديمقراطية و المدنية (تقدم) آخر الأبالسة ، فقد إدعت الجماعة أنهم هم من أشعل الحرب الحالية و السبب في كل ما أصاب بلاد السودان من فساد و مصآئب و فوضى و أزمات: سياسية و إقتصادية و إجتماعية و دينية و ثقافية و عسكرية و ما سوف يأتي به الغيب ، و فجرت في خصومتها معهم و نسبت إليهم كل مصآئبها/مساوئها/نقآئصها/دآءها ثم لعنتهم و انسلت...
و استغفر الله العظيم و أتوب إليه ، و الحمد لله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.
فيصل بسمة
fbasama@gmail.com