أمير منطقة المدينة المنورة يرعى حفل النسخة الأولى لمنتدى العمرة والزيارة
تاريخ النشر: 23rd, April 2024 GMT
المدينة المنورة : البلاد
أكد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن سلطان بن عبد العزيز، أمير منطقة المدينة المنورة، أن القيادة الرشيدة تولي خدمات الحج والعمرة، الاهتمام الأكبر منذ توحيد البلاد على يد الملك عبد العزيز – طيب الله ثراه – وصولاً إلى العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين – حفظهما الله – وهي تعمل باستمرار نحو تقديم أفضل الخدمات للحجاج والمعتمرين في إطار رعاية هذه البلاد المباركة للحرمين الشريفين وخدمة قاصديهما.
جاء ذلك خلال رعاية سموه للنسخة الأولى من منتدى العمرة والزيارة الذي تنظمه وزارة الحج والعمرة وبرنامج خدمة ضيوف الرحمن، على مدار 3 أيام بمركز الملك سلمان للمؤتمرات.
وأشار سمو الأمير سلمان بن سلطان، إلى أن هذا الشرف العظيم الذي خصّه الله – عز وجل- لهذه البلاد، يُعد مصدر فخر واعتزاز لنا جميعاً، ويدفعنا لمواصلة العمل الدؤوب للارتقاء بمستوى الخدمات التي تقدّم لضيوف الرحمن، والبحث عن الأفكار وإجراء الدراسات التي من شأنها النهوض بقطاع العمرة والزيارة وتوفير أقصى سُبل الراحة لضيوف الرحمن وإثراء تجربة الزائر لهذه البقاع المقدسة منذ وصولهم وحتى مغادرتهم أراضي المملكة.
وأكد سموه أهمية المنتدى بصفته فرصة سانحة للتواصل وتبادل الخبرات بين المتخصصين من خلال الجلسات الحوارية وحلقات النقاش ومن ثم الانتهاء إلى رؤى وتوصيات تسهم في إثراء تجربة الزوار، مبدياً تطلعاته لأن تكون مخرجات المنتدى فاعلة وتنعكس إيجاباً على هذا القطاع الحيوي والهام، موجهاً شكره لمعالي وزير الحج والعمرة الدكتور توفيق الربيعة، وجميع منسوبي الوزارة على تنظيم المنتدى.
وعلى هامش أعمال منتدى العمرة والزيارة، اطّلع سمو أمير منطقة المدينة المنورة، على المعرض المصاحب الذي يضم أكثر من 100 جناح يستعرض خدمات شركات السياحة والسفر وكالات العمرة، إضافةً إلى المؤسسات الأكاديمية والبحثية، والمنشآت الصغيرة والمتوسطة ومطوري الخدمات إلى جانب قطاعات الضيافة والتموين والإعاشة والنقل والخدمات اللوجستية والرعاية الصحية والتقنية والاتصالات والذكاء الاصطناعي والخدمات البنكية وشركات التأمين وغيرها من الخدمات المرتبطة بالعمرة والزيارة.
وخلال حفل المنتدى ألقى معالي وزير الحج والعمرة الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة، كلمة أكد فيها الاهتمام الخاص الذي توليه -القيادة الرشيدة- بالحرمين الشريفين وقاصديهما، حيث يحرصان على المتابعة الدقيقة في كل ما يخص خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما، كما أن أهم برامج رؤية المملكة 2030، هو برنامج خدمة ضيوف الرحمن، مشيراً إلى أن الحرمين الشريفين يشهدان توافد الملايين ويشكل ذلك أكبر حشد بشري في مكان واحد ويدير هذه الحشود أبطال متميزين من أمن الحرمين بوزارة الداخلية، وأبطال متميزين من الهيئة العامة للعناية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي في أصعب وأعقد إدارة حشود دوليًا، وأحد المستهدفات الرئيسة لبرنامج خدمة ضيوف الرحمن هو إثراء التجربة ونعمل على أن يكون هذا المنتدى منصة شاملة لبحث الفرص والارتقاء بالتجربة، عبر 6 محاور نقاش، يشارك فيها 180 متحدثًا من خارج وداخل المملكة.
وأشار معالي الربيعة إلى أنه جرى تطوير آلية زيارة الروضة الشريفة، حيث تشرف بزيارتها خلال العامين الماضيين ما يزيد على 19 مليون زائر، إضافةً إلى عدد كبير من المواقع التاريخية الفريدة المرتبطة بالسيرة النبوية المطهرة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، حيث جرى تأهيل عدد من المواقع التاريخية الإسلامية إلى جانب تطوير وتدشين العديد من الوجهات الإثرائية التي تسهم في تعزيز وتعميق رحلة ضيوف الرحمن.
إثر ذلك، شاهد الحضور فيلماً وثائقياً عن المدينة المنورة بوصفها مكوناً أساسياً من تجربة العمرة التي تُضيف للزائر بعداً ثقافياً وإثرائياً الأمر الذي يسهم في تعزيز تجربة ضيف الرحمن بما يتواكب مع مستهدفات رؤية المملكة 2030.
عقب ذلك، شاهد الحضور عرضاً ترحيبياً ثقافياً، بعد ذلك، ألقى سفير خادم الحرمين الشريفين لدى فرنسا وموناكو والمندوب الدائم المكلّف لدى اليونيسكو فهد بن معيوف الرويلي، كلمة تحدث فيها عن دور المواقع التاريخية والثقافية وتهيئتها في إثراء تجربة ضيوف الرحمن.
وفي ختام الحفل، شهد سمو أمير منطقة المدينة المنورة، مراسم توقيع عدد من الاتفاقيات في مجال العمرة والزيارة، كما كرّم سموه الرعاة والمشاركين في أعمال المنتدى.
يُذكر أن منتدى العمرة والزيارة تتواصل أعماله حتى مساء الأربعاء المُقبل، حيث يشهد إقامة 6 جلسات حوارية و24 ورشة عمل تغطي 6 محاور رئيسية بالإضافة إلى 18 محتوى فرعيًا بمشاركة 29 متحدثًا من الخبراء والمتخصصين، كما يضم عددًا من الفعاليات والمسابقات التنافسية تشمل مسابقة الذكاء الاصطناعي في العمرة وجائزة لبيّتم وتطوير الحلول الرقمية وهاكثون المواقع التاريخية والإثرائية المرتبطة بالسيرة النبوية.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: منتدى العمرة والزيارة أمیر منطقة المدینة المنورة المواقع التاریخیة الحرمین الشریفین العمرة والزیارة الحج والعمرة ضیوف الرحمن
إقرأ أيضاً:
???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه
???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه
( عميد التَنوير ، نِحرِير النبوءاتِ العَتيقة )
في أعمق لحظاتي مع نفسي صدقاً ، لا أراني أعظَمُ مَيلاً للحديث عن الشخصيات، إن تكرَّمَت وأسعفَتني الذاكرة ، فقد كتبتُ قبل عن فيلسوفِ الغناء مصطفى سيد أحمد ، والموسيقار الكابلي ، والمشير البشير ، وشاعر افريقيا الثائر ؛ الفيتوري .
لا أجدُني مضطراً لمدح الرّجال ، ولكنها إحدى لحظات الإنصاف ، ومن حسن أخلاق الرجال أن ينصفوا أعداءهم، دعك من أبناء جلدتهم ونبلائها ، والرجلُ ليس من قومنا فحسب، بل هو شريف قوم وخادمهم ، خطابه الجَسور يهبط حاملاً “خطاب” ابن يعمر الإيادي لقومه ، وخطبة درويش “الهندي الأحمر” ، و”بائية” أبي تمّام ، وتراجيديا الفيتوري في “التراب المقدّس” ..
عبد الرحمن ، لم يكن حالة مثقفٍ عادي ، “عمسيب” مثالٌ للمثقف العضوي قويّ الشَّكِيمَة ، العاملِ علَى المقاومة والتغيير والتحذير ، المحاربِ في ميادين التفاهة والتغييب والتخدير ، المتمرّد على طبقته ، رائد التنوير في قومه ، ظلّ يؤسس معرفياً وبأفقٍ عَالمٍ لنظرية اجتماعية ، نظرية ربما لم تُطرح في السوح الثقافية والاجتماعية من قبل ، أو لربما نوقشت على استحياء في همهمات أحاديث المدينة أو طُرحَت في ظلام الخرطوم عَهداً ثم غابت . هذا الرجل امتلك من الجسارة والثقافة العميقة بتفاصيل الأشياء وخباياها ، ما جعله يُقدم على تحطيم الأصنام السياسية والثوابت الاجتماعية وينفض الغبارَ عن المسكوت عنه في الثقافة والاجتماع والسياسة.
عمسيب قدم نظريةً للتحليل الاجتماعي والسياسي ، يمكن تسميتها بنظرية ( عوامل الاجتماع السياسي) أو نظرية ( النهر والبحر) في الحالة السودانية ، فحواها أن الاجتماع البشري يقوم على أسس راسخة وليس على أحداث عابرة . فالاجتماع البشري ظلّ منذ القدم حول ( القبيلة Tribe ) ثم ( القوم Nation ) ثم ( الوطن Home) ثم ( الدولة country) . هذا التسلسل ليس اجتماعيٌ فحسب، بل تاريخيٌ أيضاً ، أي أن مراحل التحَولات العظيمة في بِنية المجتمعات لا يصح أن تقفز فوق الحقب الاجتماعية ( حرق المراحل).. فالمجتمعات القَبَلية لا يمكنها انتاج (دولة) ما لم تتحول إلى (قومية) ، ثم تُنتج (وطن) الذي يسع عدد من القوميات ، ثم (دولة) التي تخضع لها هذه القوميات على الوطن ، مع تعاقد هذه القوميات اجتماعيا على مبادئَ مشتركة، وقيمٍ مضافة ، كالأمن والتبادل الاقتصادي وادارة الموارد ، والحريات الثقافية ونظام الحكم .
هذه النظرية تشير إلى أن الاجتماع السياسي في السودان ظل في مساره الطبيعي لمراحل التسلسل التاريخي للمجتمعات والكيانات ، إلى أن جاءت لحظة ( الاستعمار) Colonization . ما فعله الاستعمار حقيقة ، أنه وبدون وعي كامل منه ، حرق هذه المراحل – قسراً – وحوّل مجتمعات ما قبل الدولة ( مجتمعات ما قبل رأسمالية) إلى مجتمعات تخضع للدولة.
فالمجتمعات التي كانت في مرحلة ( القبيلة) او تلكَ في مرحلة( القومية) قام بتحطيم بنيتها وتمحوراتها الطبيعيه وتحويلها إلى النموذج الرأسمالي الغربي ، خضوع قسري لمؤسسات الدولة الحديثة، مجتمع ما بعد استعماري ، تفتيت لمفاهيم الولاءات القديمة الراسخة ، بل وتغييرها إلى نظم شبه ديموقراطية، وهذا بالطبع لم يفلح، فبعد أن حطّم المستعمر ممالك الشايقية ودولة سنار ومشيخات العرب بكردفان ومملكة الفور ، وضم كل ذلك النسق الاجتماعي ( القبلي / القومي) إلى نسق الوطن/ الدولة.. أنتج ذلك نخب وجماعات سياسية ( ما بعد كولونيالية ) تعيش داخل الدولة ، لكنها تدير الدولة باللاوعي الجمعي المتشبّع بالأنساق التقليدية ( القبيلة / الطائفة / القومية) ، أي مراحل ماقبل الوطن والدولة.
ما نتج عن كل هذه العواصف السياسية والاجتماعية ، والاضطرابات الثقافية، أن هذه المجتمعات والقوميات التي وجدت نفسها فجأة مع بعضها في نسق جديد غير معتاد يسمى ( الدولة) ، وأقصدة بعبارة ( وجدت نفسها فجأة) أي أن هذا الاجتماعي البشري في الاطار السياسي لم يتأتَ عبر التمرحلات الطبيعيه الانسانية المتدرجة للمجتمعات، لذا برزت العوامل النفسية والتباينات الثقافية الحادة ، الشيئ الذي جعل الحرب تبدأ في السودان بتمرد 1955 حتى قبل اعلان استقلاله . ذات الحرب وعواملها الموضوعيه ومآلاتها هي ذات الحرب التي انطلقت في 2002 ثم الحرب الأعظم في تاريخنا 2023 .
أمر آخر شديد الأهمية، أن دكتور عبد الرحمن ألقى حجرا في بركة ساكنة، وطرق أمراً من المسكوت عنه ، وهو ظاهرة الهجرات الواسعة لقوميات وسط وغرب افريقيا عبر السبعين عاما الماضية ( على الأقل) , فظاهرة اللجوء والهجرات الكبيرة لقبائل كاملة من مواطنها لأسباب التصحر وموجات الجفاف التي ضربت السهل الافريقي، ألقت بملايين البشر داخل جغرافيا السودان، مما يعني بالضرورة المزيد من المنافسة العنيفة على الأرض والموارد وبالتالي اشتداد الحروب والصراعات بالغة العنف، وانتقال هذا التهديد الاستراتيجي إلى مناطق ومجتمعات وسط وشمال السودان ( السودان النّهري)
اذن ، سادتي ، فنظرية (الاجتماع السياسي ، جدلية الهوية والتاريخ ) هذه تؤسس لطرائق موضوعيه ( غير منحازة) لتفسير الظواهر الاجتماعية والثقافية وجدليات الحرب والسلام ، وتوضّح أسباب ظاهرة تعدد الجيوش والميليشيات القبلية والمناطقية والخطابات المؤسسة ديموغرافياً ، وما ينسجم معها من تراكمات تاريخيه وتصدّعات اجتماعية عميقة في وجدان تلك الجماعات العازية .. التوصيات البديهية لهذا الخطاب ، أن الحلّ الجذري لإشكاليات الصراع في السودان هو بحلّ جذور أزمة الهوية، والهوية نفسها لم تكن ( أزمة) قبل لحظة الاستعمار الأولى ، بالتالي تأسيس كيانات جديدة حقيقية تعبّر عن هويات أصحابها والعقد الاجتماعي المنعقد بين مجتمعاتها وقومياتها .
النظرية التي أطلق تأسيسها دكتور عبد الرحمن، لم تطرح فقط الأسئلة الحرجة ، بل قدمت الإجابات الجسورة وطرقت بجراءة الأبواب المرعبة في سوح الثقافة والاجتماع والسياسة في السودان.
Mujtabā Lāzim
إنضم لقناة النيلين على واتساب