انتصار بايدن الصغير وفشله الأكبر في الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 23rd, April 2024 GMT
يبدو أن إدارة الرئيس بايدن للأزمة من وراء الستار قد ساعدت في منع نشوب حرب أكبر في الشرق الأوسط، في الوقت الراهن. لكن ذلك الانتصار التكتيكي الذي أحرزته الإدارة الأمريكية هو في واقع الأمر جزء من فشلها الاستراتيجي الأكبر في المنطقة.
على مدى الأسبوعين الماضيين، اجتهد الرئيس بايدن من أجل ضمان عدم تحول تبادل إطلاق النيران العلني غير المسبوق بين إسرائيل وإيران إلى صراع مكتمل الأركان.
للرئيس بايدن فضل مستحق في ترتيب هذه الحيلولة الحاسمة للتصعيد. فقد أطلقت إيران هجمة فشلت، وكان ذلك هو المراد منها، وجاء رد إسرائيل محدودا بحيث أمكن أن تزعم إيران أنها لم تتعرض لهجمة أصلا. لكن في حين أن مناورة الرئيس بايدن ساعدت في اجتناب كارثة فورية، فإن سياساته هي التي وضعت الشرق الأوسط في مساره الخطير الراهن. فإسرائيل وإيران منخرطتان منذ أكثر من عقد في حرب خفية، ولم يقتربا قط من هذه الحرب الشاملة.
منذ هجمات حماس في السابع من أكتوبر، يرفض بايدن استغلال نفوذ أمريكا الكبير على إسرائيل للسيطرة على سلوك حكومة نتنياهو، أو ضمان وقف إطلاق النار، أو ردع إسرائيل عن اقتراف ما قد يرقى إلى جرائم حرب أو العمل بما يناقض المصالح الأمريكية. وبدلا من ذلك، مضى بايدن من وراء نتنياهو، حتى حينما غلَّبت إسرائيل الانتقام على المصلحة.
فقام بايدن بتسليح إسرائيل في غمار ما قالت محكمة العدل الدولية: إنه يمكن اعتباره منطقيا إبادة جماعية، وتضمن ذلك تحايله مرتين على مراجعة الكونجرس وإشرافه على شحنات أسلحة. وقد سخرت وزارة خارجيته من زعمه أن سياسة أمريكا الخارجية ترتكز على حماية حقوق الإنسان بقطعها بأن إسرائيل لا تقترف جرائم حرب في غزة. والأهم على الإطلاق أنه استعمل الفيتو ثلاث مرات ضد قرارات لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تطالب بوقف إطلاق النار. وسمح لقرار من هذا النوع بالصدور الشهر الماضي، ثم قوّضه على الفور بزعمه أنه قرار غير ملزم.
لم تؤد هذه السياسات فقط إلى إطالة أمد الحرب في غزة، والإسهام في مجزرة للمدنيين وعزل للولايات المتحدة على المستوى الدولي. ولكنها أججت أيضا خطر نشوب حرب إقليمية يسهل أن تُستدرج إليها الولايات المتحدة. وقد أدت حرب غزة إلى خرق وقف إطلاق النار غير المكتوب بين القوات الأمريكية في الشرق الأوسط و«الميلشيات» العراقية والسورية المتحالفة مع إيران فأدى ذلك بدوره إلى تصاعد كبير في الهجمات على القوة الأمريكية ومقتل ثلاثة من أفرادها العاملين في يناير. ورد الرئيس بايدن باستعمال القوة ضد هذه «الميلشيات» وضد الحوثيين في اليمن مقرِّبا الولايات المتحدة من صراع علني.
وبرغم قول الرئيس الأمريكي مرارا إنه يساند حل الدولتين، فقد دفع بسياسات تجاهلت ـ في أفضل الحالات ـ حق الفلسطينيين في دولة، ومنعتهم ـ في أسوئها ـ من ذلك. وقبل الحرب لم تظهر إدارة بايدن اهتماما يذكر بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني وعجزت عن التراجع عن قرارات الحقبة الترامبية العديدة، من قبيل إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن والقنصلية الأمريكية في القدس التي كانت نقطة الاتصال الدبلوماسي الرسمي بين الولايات المتحدة والفلسطينيين. لقد أكدت صيغة الشرق الأوسط الخاصة بالرئيس دونالد ترامب أن حل الدولتين لم يعد مفتاح السلام في المنطقة. بل إن التكامل الاقتصادي بين الدول العربية وإسرائيل هو الذي من شأنه أن يأتي بالسلام، وأن على الشعب الفلسطيني أن يقبل عمليا بأن يكون مصيره هو الاحتلال الأبدي.
واصل الرئيس بايدن توجيه الطاقة الدبلوماسبة في البناء على اتفاقات ترامب الإبراهيمية. وقد قدمت هذه الاتفاقات تنازلات أمريكية كبيرة لدول عربية في مقابل توقفها عن المطالبة بدولة فلسطينية شرطا لتطبيع العلاقات مع إسرائيل. وتبنى الرئيس بايدن هذا النهج في مطلع رئاسته، وسعى إلى التفوق على ترامب بمحاولة إدخال أهم دولة عربية وهي المملكة العربية السعودية. لكن من خلال منع أي أمل في إمكانية أن تؤدي جهود السلام إلى تحقيق مطامح الفلسطينيين الوطنية ـ حيث لا تقدم الاتفاقات ما يزيد على وعد هزيل بـ«طريق» إلى دولة ـ جعل الرئيسان ترامب وبايدن العنف الفلسطيني أرجح احتمالا.
وبدلا من إعادة تقييم هذا النهج بعد السابع من أكتوبر، تشبث الرئيس بايدن بتلك الصيغة. توقف سعي الرئيس بايدن إلى اتفاقية تطبيع مع الرياض عندما اندلعت الحرب. والآن تمتلئ واشنطن مرة أخرى بطَنين الشائعات حول مدى قرب بايدن من إنهاء اتفاقية بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وحكومة إسرائيل اليمينية.
برغم طرح هذا كله باعتباره خطة جديدة مبتكرة للشرق الأوسط، فإنه كله مماثل بدرجة مخيفة لاستراتيجية الولايات المتحدة الفاشلة منذ عقود لتنظيم المنطقة في مواجهة إيران بدلا من دعم بنيان أمني شامل في الشرق الأوسط يتضمن جميع حكومات المنطقة. وفي حين أن عداوة إيران الأيديولوجية لإسرائيل عميقة الغور، فقد ألمحت إيران في مناسبات عديدة في الماضي إلى أنها ـ في سياق ترتيب إقليمي أكبر لا يقصيها ـ مستعدة للتعايش مع أي اتفاقية إسرائيلية فلسطينية يجدها الفلسطينيون أنفسهم مقبولة.
لقد اتبع الرئيس بايدن سياسات دفعت الشرق الأوسط إلى شفا الحرب. ولا ينبغي أن نقلل من نجاحاته التكتيكية في تجنب أسوأ نتائج سياساته. ولكن هذه النجاحات لا يمكن أن تعوض عن فشل حكومته الأوسع في اتباع استراتيجية تجلب الأمن الحقيقي لأميركا والسلام الحقيقي للشرق الأوسط.
تريتا بارسي مؤلف كتاب «خسارة عدو: أوباما وإيران وانتصار الدبلوماسية» وهو نائب الرئيس التنفيذي لمعهد كوينسي.
خدمة نيويورك تايمز
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی الشرق الأوسط الرئیس بایدن
إقرأ أيضاً:
مطارا مسقط وصلالة يتوّجان بجوائز جودة خدمة المطارات
العُمانية/ توّج المجلس العالمي للمطارات مطاري مسقط الدولي وصلالة، بجوائز جودة خدمة المطارات العالمية على مستوى منطقة الشرق الأوسط، وذلك بناء على استبيان تقييم أداء المطارات الذي أجراه المجلس، والذي يقيس مؤشرات أداء نقاط عبور المسافرين المغادرين في المطارات العالمية.
وحصل مطار مسقط الدولي، على جائزة أفضل مطار في الشرق الأوسط في فئة المطارات سعة 5 إلى 15 مليون مسافر، بجائزة "أفضل أداء للموظفين الأكثر تفانيًا في الشرق الأوسط"، وجائزة "أسهل رحلة مطار" على مستوى الشرق الأوسط، فضلاً عن جائزة "أنظف مطار في الشرق الأوسط".
فيما حصل مطار صلالة، على لقب "أفضل مطار في الشرق الأوسط" في فئة المطارات التي تقل عن 2 مليون مسافر بجائزة "أفضل الموظفين تفانيًا في الشرق الأوسط"، و "أسهل رحلة في مطار" في الشرق الأوسط، و "أكثر مطار ممتع في الشرق الأوسط"، بالإضافة إلى جائزة "أنظف مطار في الشرق الأوسط".
كما تم إدراج مطار صلالة في قائمة التميز للمدير العام لمجلس المطارات الدولي.
يذكر أن مطار صلالة سيُدرج في قائمة التميز لعام 2025 ضمن أفضل 10 مطارات، وهي قائمة تأسست في عام 2011، وقد تم إدراج 82 مطارًا في هذه القائمة منذ ذلك الحين، كما تم إدراج مطار مسقط الدولي في هذه القائمة عام 2024.