مقابل سلسلة من الأبحاث الجوهرية حول "ارتباط التوتر بمجموعة من النتائج الصحية السلبية، تجعل كبار السن يشعرون بأنهم أكبر سنا مما هم عليه"، كان هناك القليل من الأبحاث التي تناولت هذه المشكلة لدى البالغين الأصغر سنا (الأشخاص في سن المراهقة والعشرينات والثلاثينات من أعمارهم).

وذلك على الرغم من "زيادة كمية التوتر التي يعاني منها البالغون الأصغر سنا الآن، مقارنة بكمية التوتر التي عانت منها الأجيال السابقة عندما كانوا صغارا".

وهو ما جعل شيفون نيوبرت، أستاذ علم النفس في جامعة نورث كارولاينا، يرى أن الوقت مناسب لقيادة فريق من الباحثين في مجال الإجهاد، لإجراء دراسة حول العلاقة بين الشعور بالتوتر والتقلبات والضغوطات اليومية، والإحساس بالشيخوخة لدى البالغين الأصغر سنا.

وهي الدراسة التي نشرتها مجلة علوم الصحة العقلية في أول مارس/آزار الماضي، وتوصلت إلى نتائج مفادها أن البالغين الأصغر سنا "يمكن أن يشعروا بأنهم أكبر سنا في الأيام العصيبة، أو تلك التي يفقدون فيها السيطرة على حياتهم".

بعض الأيام تؤدي إلى إحساس الأشخاص بالشيخوخة أكثر بكثير من غيرها (بيكسلز)

وأوضح نيوبرت، في بيان إعلامي، أن الأبحاث الجديدة أكدت صحة القول بأن "بعض الأيام تؤدي إلى إحساس الأشخاص بالشيخوخة أكثر بكثير من غيرها"، وذلك عندما تحدث مشكلات غير متوقعة، ويستمر الحظ السيئ في إحداث التعثر، وتمر بعض الأيام على الشباب وكأنها أسابيع.

مؤكدا أن وجود فهم أعمق لهذه الظاهرة -في جميع الفئات العمرية- يمكن أن يساعدنا في "حماية صحتنا العقلية والجسدية".

الإحساس بالعمر يزداد بزيادة الضغوط

في هذه الدراسة، جمع الباحثون بيانات 107 من البالغين الأصغر سنا، الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و36 عاما (بمتوسط أعمار حوالي 20 عاما)، وأجروا مسحا يوميا لمدة 9 أيام متتالية، لرصد:

مقدار الضغط الذي كانوا يعانون منه كل يوم؟ مدى شعورهم بالسيطرة على حياتهم في ذلك اليوم؟ كم عمرهم الذي شعروا به ووجدوا أنفسهم عليه في ذلك اليوم؟

وقال نيوبرت إن النتيجة الرئيسية أظهرت أنه "في الأيام التي أبلغ فيها المشاركون في الدراسة عن تعرضهم لمستويات توتر أعلى من المعتاد، أفادوا أنهم يَبدون ويشعرون بأنهم أكبر سنا".

ظاهرة التوتر التي تجعل الناس يشعرون بالتقدم في السن لا تقتصر على كبار السن (بيكسلز)

موضحا أن هذا كان صحيحا فقط في الأيام التي أبلغ فيها المشاركون عن "شعورهم بأن سيطرتهم على حياتهم كانت أقل من المعتاد".

وأضاف نيوبرت أن "هذه النتائج تُخبرنا أن ظاهرة التوتر التي تجعل الناس يشعرون بالتقدم في السن لا تقتصر على كبار السن، بل إنها تحدث للشباب أيضا".

وأنه من المهم "أن نعلم أن التعرض للإجهاد المزمن مع مرور الوقت، يمكن أن تكون له آثار ضارة"، حين يبدأ الأشخاص في الشكوى من مستويات عالية من التوتر بالنسبة لأعمارهم، لدرجة تؤثر على إحساسهم بالعمر، "أثناء انتقالهم من مرحلة الشباب إلى منتصف العمر (الأربعينات والخمسينات من العمر)".

محذرا من أن مستويات التوتر المزمن بين الشباب يمكن أن تكون لها آثار خطيرة على صحتهم العامة في المستقبل.

تأثيرات التوتر ليست قاصرة على أعصابنا فقط

أظهر استطلاع أجرته "جمعية علم النفس الأميركية" في عام 2022 أن "أكثر من ربع البالغين في الولايات المتحدة أبلغوا عن شعورهم بالتوتر الشديد الذي يمنعهم من أداء وظائفهم في معظم الأيام"، وفقا لما ذكرته باندورا ديوان، كبيرة المراسلين العلميين في مجلة "نيوزويك".

موضحة أن الأمر لا يقتصر على أدمغتنا وأعصابنا فقط، بل يمكن أن يجعلنا التوتر نبدو أكبر سنا ونشعر بذلك فعلا، حتى لو كنا لم نزل في العشرينات من العمر، فسوف تظهر علينا هذه التأثيرات "في الأيام التي نجد حياتنا فيها خارجة عن السيطرة".

أكثر من ربع البالغين في الولايات المتحدة يشعرون بالتوتر الشديد الذي يمنعهم من أداء وظائفهم (بيكسلز)

كما يمكن أن تكون لمستويات التوتر المزمن تداعيات واسعة النطاق على صحتنا العقلية والجسدية، تشمل "القلق والاكتئاب وأمراض القلب والأوعية الدموية والربو والسكري".

بالإضافة إلى ما قد يُسببه الإجهاد من تعب مزمن وسمنة ومشاكل في الجهاز الهضمي واضطرابات في الجهاز المناعي، "وكلها أمراض يمكن أن تؤدي مجتمعة لجعلنا نشعر بأننا أكبر سنا مما نحن عليه بالفعل".

اختبار مجاني لقياس مدى خطورة مستويات الإجهاد

باستخدام بيانات ما يقرب من 500 نرويجي، اتضح أن 13% منهم كانوا معرضين لخطر الإرهاق الشديد، وبعد أن أصبح الإرهاق "متلازمة" معترف بها من منظمة الصحة العالمية.

صمم فريق من الباحثين أداة تقييم الإرهاق "بي إيه تي" (BAT)، في شكل مجموعة من الأسئلة، لتقييم 4 أعراض شائعة عن التوتر والإجهاد المزمن، وهي:

الإرهاق (الشعور بالإنهاك). الابتعاد النفسي (بفصل أنفسنا عن الآخرين). الضعف الإدراكي (صعوبة تذكر الأشياء وحل المشكلات). الضعف العاطفي (اضطرابات المزاج وردود الفعل العاطفية).

ومن ثم مقارنتها بالمعدلات المعتمدة في 7 بلدان هي: النمسا، بلجيكا، فنلندا، ألمانيا، أيرلندا، اليابان، هولندا.

وذلك بهدف اكتشاف العلامات المبكرة للإرهاق، "حتى يتمكن الأشخاص من إعادة تقييم حياتهم والحصول على المساعدة، قبل أن يصلوا إلى حافة الانهيار".

ومن خلال اختبار بسيط وسريع ومتاح مجانا عبر الإنترنت، "يمكن أن يكون بمثابة تحذير مبكر بأنك قد تكون على وشك الإرهاق على نطاق واسع"، وفقا لما ذكره موقع "آي إن سي".

الإجهاد قد يسبب تعبا مزمنا وسمنة ومشاكل في الجهاز الهضمي واضطرابات في الجهاز المناعي (بيكسلز)

وتدور أسئلة الاختبار حول أشياء مثل: ما تشعر به عندما تستيقظ في الصباح، وفهمك لقيمة عملك، وعدد المرات التي تشعر فيها أنك تعمل دون شغف.

بالإضافة إلى مجالات مثل التعارض بين العمل والمنزل، وعبء العمل، والرضا الوظيفي، والضغط النفسي، كما تشمل الأسئلة الشعور بالحزن دون معرفة السبب، والشعور بعدم اليقين بشأن قيمة العمل.

توضيح ونصيحة

يوضح فريق البحث أنه "لا يمكنهم ضمان دقة النتائج، إلا إذا كنت تقيم في البلدان السبعة المذكورة"، لكنهم في الوقت نفسه يعتقدون أن "النتائج ستكون كافية لإعطاء رواد الأعمال من جميع أنحاء العالم، فكرة تقريبية على الأقل، عن حجم الإرهاق الذي يعانون منه".

كما ينصح ليون دي بير، عالم النفس بالجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا، والمشرف على فريق تصميم أداة التقييم، قائلا "إذا كنت تريد معرفة مدى اقترابك من الإرهاق، فيمكنك تجربة ذلك بنفسك عبر الإنترنت، لأن القدرة على تحديد هذا الخطر تعني أنه يمكنك اتخاذ خطوات لمنع حدوث الإرهاق".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات التوتر التی فی الجهاز فی الأیام أکبر سنا یمکن أن

إقرأ أيضاً:

هل توجد حقيقة علمية لفوائد مشروب كوكتيل "الكورتيزول"؟

يدعو مؤثرون خلال الفترة الأخيرة إلى مشروب يسمّى "كوكتيل الكورتيزول"، ويُطلق عليه أحياناً اسم "كوكتيل الغدة الكظرية"، ويتم ترويجه باعتباره يساعد على التحكم في الإجهاد والوزن.

ووفق "ليفينغ سترونغ"، هناك ترويج كبير للمشروبات غير الكحولية على وسائل التواصل الاجتماعي، منها عصير الكرز الذي يُنصح به لتحسين النوم، ومشروب آخر للتخلص من السموم، يتضمن الليمون والفلفل الحار وخل التفاح.

وتختلف وصفات مشروب الكورتيزول، ويصنع عادة عن طريق الجمع بين عصير البرتقال وماء جوز الهند وملح البحر، وقد تشمل المكونات الأخرى حليب جوز الهند والتوابل المختلفة وكريم التارتار، وهو مسحوق أبيض يستخدم أحيانًا في الخبز، ويحتوي على نسبة عالية من البوتاسيوم.

ولتقييم هذا المشروب، يقول أندريس سبلينسر، أخصائي الغدد الصماء في عيادات الغدد الصماء في تكساس: "في الأساس، كوكتيل الغدة الكظرية هو مشروب غير كحولي يدعي أنه يدعم وظيفة الغدة الكظرية، ويساعد في مكافحة الإجهاد والتعب".

الغدد الكظرية

والغدد الكظرية عبارة عن زوج من الأعضاء التي تقع فوق كل كلية، وتنتج هرمونات تساعد في دعم عملية التمثيل الغذائي، والجهاز المناعي، وضغط الدم، ووظائف الجسم الأخرى.

ويقول الدكتور سبلينسر إن أحد الهرمونات التي تنتجها الغدد الكظرية هو الكورتيزول، المعروف أيضاً باسم "هرمون التوتر"، والذي يساعدنا في التعامل مع التحديات اليومية.

والفكرة هي أن كوكتيلات الكورتيزول تقدم جرعة كبيرة من البوتاسيوم والصوديوم والغلوكوز، والتي تدعم ترطيب الجسم ووظيفة الغدة الكظرية، وبالتالي تحسين استجابة الجسم للتوتر، والمساعدة في إنقاص الوزن.

وتقول أماندا بيفر، أخصائية التغذية المسجلة في هيوستن ميثوديست،: "لقد جربت إصدارات من هذا المشروب، ووجدت أنها ذات مذاق مالح قليلاً حسب الوصفة، ومع ذلك، إذا لم تضف الكثير من الملح، فقد تكون لذيذة جداً".

الفاعلية

وعن الفاعلية تقول بيفر: "عادةً لا، على الرغم من وجود بعض المواقف حيث قد تكون هذه المشروبات مفيدة، فلا يوجد دليل علمي على أنها تساعد في إنقاص الوزن، أو خفض مستويات التوتر، أو المساعدة في تحسين هرمونات التوتر".

أما بالنسبة لفكرة أن هذه المشروبات يمكن أن تساعد في "إجهاد الغدة الكظرية"، فإن الدكتورةسبلينسر يلاحظ أن هذا ليس اضطراباً معترفاً به طبياً.

ويستخدم بعض الأشخاص هذا المصطلح لشرح مجموعة من الأعراض، بما في ذلك التعب ومشاكل النوم وزيادة الوزن، والتي يُفترض أنها ناجمة عن مستويات عالية من التوتر الذي يرهق الغدد الكظرية.

ولكن لا يوجد دليل علمي يدعم هذه النظرية، وفق جمعية الغدد الصماء.

وأوضح الدكتور سبلينسر أن الغدد الكظرية "إما تعمل أو لا تعمل"، "فإذا كانت الغدد الكظرية لا تعمل أو لا تنتج الكورتيزول، فهذه حالة طبية تسمى قصور الغدة الكظرية، والتي تتجلى بأعراض طبية كبيرة، وغالباً ما تؤدي إلى دخول المرضى إلى المستشفى".

مقالات مشابهة

  • عمل قذر يتجاوز أخلاقيات الصحافة.. غضب واسع إثر نشر صحيفة "الأيام" بعدن صوراً للمرأة التي تعرضت للابتراز
  • إليك مع التحية
  • ما هي شركات الطيران التي ألغت أكبر عدد من الرحلات الجوية في 2024؟
  • حكم تهذيب المرأة المتزوجة للحواجب.. الإفتاء توضح الشروط
  • هل توجد حقيقة علمية لفوائد مشروب كوكتيل "الكورتيزول"؟
  • العناية بالشعر في فصل الشتاء: نصائح للحفاظ على صحة وجمال شعرك
  • بمناسبة اليوم العالمي للحجاب.. نصائح للاعتناء بصحة شعرك
  • ماذا يحدث لجسمك إذا خففت الملح لمدة أسبوع؟.. فوائد لن تتوقعها
  • يسبب الاكتئاب والتنميل.. أعراض غير متوقعة لنقص الكالسيوم عند البالغين
  • كيف يمكن استخدام الضغط الأقصى لوقف القنبلة النووية؟