الجزيرة:
2025-03-29@00:33:58 GMT

الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟

تاريخ النشر: 23rd, April 2024 GMT

الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟

مراكش- في لحظة تأمل كبرى، ينصت الشاعر الكردي حسين حبش إلى قصيدة يلقيها صديق له باللغة الإسبانية حول الحنين إلى الوطن، ما إن يتممها بإيقاع شعري حزين، حتى تهتز القاعة بتصفيق حار وجد له وقعا كبيرا في دواخله.

لم تكن تلك الكلمات، سوى محاولة مبدعة من الشاعر العراقي عبد الهادي سعدون المقيم في مدريد لترجمة قصيدته بعنوان "غدا ستصبح عجوزا" في محفل عالمي للشعر.

حبش وهو يسترجع تلك الذكرى التي ما زالت راسخة بذهنه لا تفارقه، يقول للجزيرة نت جازما "يمكن لمترجم قصيدة أن يتفوق على صاحبها، إذا كان الأول قريبا من روحها، يفهم خوالج الثاني ويترجم أحاسيسه".

ويضيف على هامش حضور أمسية شعرية بمدينة مراكش "تولد الكلمات من رحم المعاناة، لكن كتابتها بلغة أخرى يجعل لها أجنحة جديدة تسافر بها إلى عبر الأوطان لتنقل شعورا متجددا".

الشاعر الكردي حسين حبش يرى أن القصيدة المترجمة تعبير بالأنا عن ذات الآخر (الجزيرة) التعبير عبر الآخر

اختارت دار الشعر بمراكش أن تقدم نسخة جديدة من فقرة "الشاعر ومترجمه" ضمن أمسية شعرية استمتع الحضور فيها باكتشاف قصائد شعرية بلغات مختلفة، لامست مواضيع شتى، رابطها التعبير عن الذات عبر الآخر.

تناوب على المنصة مساء يوم الأربعاء 17 أبريل/نيسان الجاري، بفواصل موسيقية من فرقة دار آلة العود بمراكش، كل من الشاعرة المقيمة في أميركا ذات الأصول الكورية تانيا كو هونغ، والشاعر النيجري عثمان عبد الرحيم الطالب بمدينة فاس المغربية، إلى جانب الشاعر حسين حبش المقيم في ألمانيا والمترجم المغربي محمد الموخاريق، في حين تعذر وصول الشاعرة النيوزيلندية من أصل صيني سوزهو من مطار دبي بسبب سوء أحوال الطقس.

بعض من حضر تلك الأمسية، بدا محتارا بداية وهو يحاول اكتشاف معاني قصائد ملقاة بلغات أجنبية، لكن نبرة الصوت، خفضه ورفعه، وحركات اليد وتأثيرات وزن وإيقاع القوافي، خفف من تلك الحيرة، وسافر بهم بعيدا، ليكتمل المعنى بعدما استمعوا إلى ترجمة تلك القصائد باللغة العربية.

يقول الشاعر والناقد عبد الحق ميفراني مدير دار الشعر للجزيرة نت "بين شاعر يحمل وطنه في قلبه، متفردا في الإعلان عن جراحاته، وشاعر يفتح قلبه على وطن آخر، تتواشج الكلمات بين متون نصية إبداعية من مختلف الجنسيات، ترسيخا لقيم الشعر".

قبول ورفض

من يتابع حركة الشعر في العالم وآراء النقاد حول ترجمته، يجدها تتأرجح بين قبول ورفض، وهو الذي بدا جليا في الأمسية ذاتها وإن بتعابير جديدة.

تقول الشاعرة تانيا هو كونغ للجزيرة نت إن ترجمة الشعر بات من ضروريات نشر الوعي الشعري في العالم، لأن سحر الكلمات، قد يتجاوز المعنى إلى خاصيات تميز الشعر وينفرد بها.

وتضيف "لولا الترجمة ما استطعت ولوج عوالم جديدة، ولما تعرفت على تجارب جديدة سواء من خلال لقاء شعراء أو جمهور مختلف"، مبرزة أن "تلك الصعوبة التي تواجه المترجم لإظهار مكامن الإيحاء تقابل بسحر إيقاع الكلمات، تجعل الشعر وسيلة لتقارب الشعوب".

بينما يؤكد الشاعر عبد الرحيم للجزيرة نت أنه يكتب باللغة العربية والإنجليزية، لكن يفضل قراءة النص الأصلي، لأن المترجم قد يخونه التعبير، وهو ينتقل من لغة إلى أخرى، ولا يستطيع نقل كل الأحاسيس الجياشة للقصيدة الأم.

إبداع

ليست الترجمة مجرد نقل ميكانيكي للكلمات والنصوص، إنما هي إبداع من نوع آخر، وبحر لا يخوضه، إلا من يحسن الغوص والعثور على لآلئ القصيدة.

في هذا السياق، تبرز تانيا وهي أيضا مترجمة ومرشدة ثقافية خريجة جامعة أنتيوش بلوس أنجلوس، أن المترجم يبني نصا جديدا بمقومات مبتكرة، إذ إن التلاقح اللغوي يبنى من خلال تبادل الأفكار والتجارب والتصورات حول الكتابة الشعرية في عمقها الإنساني.

وتضيف الحائزة على جوائز عدة في مهرجانات دولية "نجد قصائد باتت عالمية بفضل ترجمتها إلى عديد اللغات، فيما نجد كل مترجم متمكن قد أبدع وأمتع، ولا يترجم كلمة بكلمة أو جملة بجملة، بل يذهب إلى عمق المعاني، ويقترب من روح النص الأصلي متسلحا بإلمامه باللغتين الأصلية واللغة المترجم إليها، وبحمولتهما الدينية والثقافية والوجدانية.

أما الشاعر حبش الذي يكتب بـ4 لغات هي الكردية والعربية والألمانية والإنجليزية، وترجمت قصائده إلى أكثر من 30 لغة كما وردت مختارات من قصائده في أكثر من 150 أنطولوجية شعرية عالمية، فيفضل أن يكون المترجم أيضا شاعرا معتمدا على حسه الفني وخياله، قادر على إبراز عمق القصيدة.

ويشير المتوج بجائزة "ستيتشاك البوسنية" الدولية للشعر إلى أن المترجم يشعره، وهذا ما حدث له شخصيا، أنه عبر بدقة أكبر عن ذاته بتعابير جديدة ومبتكرة.

مشترك

ســأعدّ أنـــفــاســـي إذا ما أكتئب             وسأضـحك الأسنان في وجه الكرب

وأساجل النكــبــات عند خطــوبها             فنرى أأُغلَــب أم أكــون أخا الغلب

هذا جزء من قصيدة عثمان، يعبر فيها عن سعيه في الحياة لمواجهة صعابها.

وأنا إذا استطعت أن أراك ثانية

سأصنع ألف رافعة ورقية

عشرة آلاف..

أريد فتح باب شقتك من جديد

وهذا جزء من قصيدة تانيا مترجمة، تتحدث عن حبيب اشتاق إليه القلب والروح

أحب هذا التراب الذي يشبه جسدي

وهذا الأرض التي تعني القلب أولا

أحب هذا الغبار، وهو كحل عيني

وهذا الهواء، وهو بلسم رئتي

وهذه بعض كلمات الشاعر حبش يعبر فيها عن حبه لوطنه الذي تركه مضطرا..

من يتأمل كل تلك القصائد الملقاة في الأمسية، يجد فيها ذلك المشترك الإنساني العميق، تكشف عن الذات وعلاقته بالآخر وبالحياة، وكيف يشق المرء طريقه في هذه الحياة، ليصل إلى بر الأمان، معبرا عن رغباته وأمانيه في العيش مع من يهواه القلب.

يبرز الشاعر عبد الرحيم، الذي تبدو التربية الصوفية واضحة في قصائده، والمتوج في جامعة لاسو النيجيرية، أن التعبير عن شواغل الشاعر ودواخله بالكلمات، يجعل القصائد كأنها بنيان مرصوص، يشد بعضه عضد بعض، ليرتقي بشعور المتلقي، ويهذب سلوكه.

فيما يقول المترجم محمد الموخاريق للجزيرة نت، بالرغم من أن لكل لغة بنيتها الداخلية، وكل قصيدة تحمل صورتها الشعرية، وكل شاعر يعبر عن عمقه الداخلي، فإن ما يجمع الشعر هو ذلك الإحساس الشعري الممزوج بإيقاع الكلمات، والتي يرقى بالقصيدة إلى العالمية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

نجم الزُبَانَى

لطالما كان للنجوم حضور قوي في الثقافة العربية، ولا تزال الكثير منها تحمل أسماء عربية حتى اليوم، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى في سورة الأنعام: «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»، وارتبط العرب بالنجوم بشكل وثيق، فأطلقوا عليها أسماء ووصفوها بدقة، ولم يقتصر تأثيرها على علم الفلك وحسب، بل امتد أيضًا إلى الشعر والأدب، حيث تغنّى بها الشعراء وحيكت حولها الأساطير، لرسم صور خيالية تربط بين النجوم وتوضح مواقعها في السماء ضمن حكايات وقصص مشوقة.

واليوم نتحدث عن نجم الزُبَانَى الذي يعتبر أحد نجوم الأنواء عند العرب، ويقع في كوكبة الدّلو، وهو من النجوم التي يمكن رؤيتها بسهولة في السماء، يُطلق عليه أيضًا اسم «ألفا الدّلو»، ويُعدّ أحد ألمع النجوم في هذه الكوكبة، ويتميز بلونه الأبيض الذي يميل إلى الزرقة، يقع ضمن الأنواء التي كان يُعتمد عليها في تحديد بعض الفترات الزراعية أو الفصول السنوية، وقد أُطلق عليه هذا الاسم من قبل الفلكيين العرب، ويعني «الزبانة» في اللغة العربية «المشرف» أو «الذي يُوجه»، وذلك بسبب موقعه في السماء بالقرب من نهر الفلك. وقد ذكره المرزوقي في كتابه الأزمنة والأمكنة فقال: «الزباني، وسمّي زباني العقرب وهما قرناها، كوكبان وهو مأخوذ من الزّبن وهو الدّفع، وكلّ واحد منهما عن صاحبه غير مقارن لها ونوؤها ثلاث ليال وتهبّ معه البوارح. وفضل وقت لرؤية الزُبَانَى هو في شهر أغسطس تقريبًا عندما تكون الكوكبة في أعلى نقطة لها في السماء، وقد أثبتت الدراسات الفلكية أن هذا النجم يبعد حوالي 36 سنة ضوئية عن الأرض، مما يجعله قريبًا نسبيًا من كوكبنا في المقاييس الفلكية، وتبلغ درجة حرارته حوالي 12,000 درجة مئوية، وهي حرارة مرتفعة جدًا مقارنةً بشمسنا، وهو أكثر سطوعًا من شمسنا بنحو 30 مرة، وأكبر من قطر الشمس بنحو 4 مرات. وقد ذكر هذا النجم كثيرًا في أشعار العرب قديمها وحديثها، ونجد كذلك أن البحار العماني أحمد بن ماجد ذكره في منظومته الفلكية فقال:

وَيَعتدِل يا صاحبي الزُباني

مَعَ السهيلِ فافهَمِ المَعَاني

في ذلكَ الموسمِ غيرَ خافي

وهُم براسِ الحدِّ ستَّه وافي

وأشهر الشعراء الأمويين الذين ذكروا هذا النجم منهم ذو الرمة الذي ذكر هذا النجم في أكثر من قصيدة في ديوانه، ومنها قوله:

وَرَفْرَفَتْ لِلزُّبَانَى مِنْ بَوَارِحِهَا

هَيْفٌ أَنَشَّتْ بِهَا الأَصْنَاعَ وَالخَبِرَا

رَدُّوا لِأَحْدَاجِهِمْ بُزْلاً مُخَيَّسةً

قَدْ هَرْمَلَ الصَّيْفُ عَنْ أَكْتَافِهَا الوَبَرَا

ففي قصيدة أخرى نجد ذو الرمة يذكر نوء الزبانى وبعض التغيرات المقونة بهذا النوء فيقول:

فَلَمَّا مَضى نَوْءُ الزُّبَانَى وَأَخْلَفَتْ

هَوَادٍ مِنَ الجَوْزَاءِ وَانْغَمَسَ الغَفْرُ

رَمَى أُمَّهَاتِ القُرْدِ لَذْعٌ مِنَ السَّفَا

وَأَحْصدَ مِنْ قُرْيَانِهِ الزَّهَرُ النَّضْرُ

وهذا الشاعر الأموي الأخر الكميت بن زيد الأسدي يذكر هذا النوء فيقول:

وَلَمْ يَكُ نَشؤُكَ لِي إِذْ نَشَأْتَ

كَنَوْءِ الزَّبَانِي عَجَاجاً وَمُورَا

وَلِكِنَّ نَجْمَكَ سعْدُ السعُو

دِ طَبَّقْتَ أَرْضيَ غَيْثًا دَرُورَا

وفي العصر العباسي نجد الشاعر الشهير ابن المعتز يذكر هذا النجم في قصيدة له فيقول فيها:

إِذا شدَّ خِلتَ الأَرضَ تَرمي بِشَخصِهِ

إِلَيها وَيَدعوها لَهُ فَتُجيبُ

مُعِدٌّ لِأَخيارِ الرِياحِ طَليعَةً

يُراقِبُ زَبّانينَ حينَ يَأوبُ

وكذلك الشاعر محمد بن يزيد الحصني المسلمي الذي عاش في العصر العباسي يقول:

إلا وغفرُ الزبانى

يلوحُ فيه العمود

كأنه قُرَشيٌّ

تهفو عليه البنود

ونجد شاعر إشبيلية المتصوف الأعمى التطيلي يذكر هذا النجم في قصائده فيقول:

ولو أنّهُ هزَّ يُمناكَ رمحًا

وركّبَ بأْسََ فيه سنانا

لقامَ فَبَدَّدَ شمْلَ الثريّا

ولو أنّها زَبَنَتْ بالزُّبَانى

وكذلك نجد الشاعر الأندلسي ابن دراج القسطلي يذكر هذا النجم بقوله:

سليبَ المُلْكِ مُنْبَتَّ الأَمانِي

وفَقْدُ العِزِّ إِحْدى المِيتَتَيْنِ

طريدَ الرَّوْعِ لَوْ حَسِبَ الزُّبانى

تلاحِظُهُ لَغارَ مع البُطَيْنِ

كما نجد الشاعر ابن عُنَيْن الذي عاش في الدولة الأيوبية يفصل في ذكر هذا النجم فيقول:

وَأَهدى لَها الوَسمِيُّ سبعًا وَسَبعَةً

طُلوع الزُبانى قَبل ذاكَ مَع الفَجرِ

فَما بَسطت كَفُّ الخَضيبِ بِنانَها

عَلى الأَرضِ إِلّا وَهيَ مَوشيَّةُ الأُزرِ

مقالات مشابهة

  • دعاء آخر جمعة في رمضان.. اغتنم هذه الكلمات قبل انتهاء شهر الصيام
  • علي جمعة: الإيمان باليوم الآخر يمنح الحياة معناها الحقيقي
  • علي جمعة: لولا الإيمان باليوم الآخر لأصبح العالم عبثًا وفوضى
  • «سقف التمثيل العالي».. خالد النبوي يحيى ذكرى رحيل أحمد زكي بهذه الكلمات
  • فديتك زائرًا في كل عام.. الرمضانيات في الشعر العربي
  • نحـو نـقـد الانتـقـائيـة في النـظـر إلى الآخـر
  • نجم الزُبَانَى
  • بنك المغرب يعبر عن استيائه بعد شكاوى زبناء الأبناك من سوء الاستقبال في الوكالات
  • منتخب مصر يعبر سيراليون.. ويضع قدما في المونديال
  • رالي جميل 2025 يجذب إقبالاً دوليًا لافتًا ويتوسع بمسار جديد يعبر الحدود