الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
تاريخ النشر: 23rd, April 2024 GMT
مراكش- في لحظة تأمل كبرى، ينصت الشاعر الكردي حسين حبش إلى قصيدة يلقيها صديق له باللغة الإسبانية حول الحنين إلى الوطن، ما إن يتممها بإيقاع شعري حزين، حتى تهتز القاعة بتصفيق حار وجد له وقعا كبيرا في دواخله.
لم تكن تلك الكلمات، سوى محاولة مبدعة من الشاعر العراقي عبد الهادي سعدون المقيم في مدريد لترجمة قصيدته بعنوان "غدا ستصبح عجوزا" في محفل عالمي للشعر.
حبش وهو يسترجع تلك الذكرى التي ما زالت راسخة بذهنه لا تفارقه، يقول للجزيرة نت جازما "يمكن لمترجم قصيدة أن يتفوق على صاحبها، إذا كان الأول قريبا من روحها، يفهم خوالج الثاني ويترجم أحاسيسه".
ويضيف على هامش حضور أمسية شعرية بمدينة مراكش "تولد الكلمات من رحم المعاناة، لكن كتابتها بلغة أخرى يجعل لها أجنحة جديدة تسافر بها إلى عبر الأوطان لتنقل شعورا متجددا".
الشاعر الكردي حسين حبش يرى أن القصيدة المترجمة تعبير بالأنا عن ذات الآخر (الجزيرة) التعبير عبر الآخراختارت دار الشعر بمراكش أن تقدم نسخة جديدة من فقرة "الشاعر ومترجمه" ضمن أمسية شعرية استمتع الحضور فيها باكتشاف قصائد شعرية بلغات مختلفة، لامست مواضيع شتى، رابطها التعبير عن الذات عبر الآخر.
تناوب على المنصة مساء يوم الأربعاء 17 أبريل/نيسان الجاري، بفواصل موسيقية من فرقة دار آلة العود بمراكش، كل من الشاعرة المقيمة في أميركا ذات الأصول الكورية تانيا كو هونغ، والشاعر النيجري عثمان عبد الرحيم الطالب بمدينة فاس المغربية، إلى جانب الشاعر حسين حبش المقيم في ألمانيا والمترجم المغربي محمد الموخاريق، في حين تعذر وصول الشاعرة النيوزيلندية من أصل صيني سوزهو من مطار دبي بسبب سوء أحوال الطقس.
بعض من حضر تلك الأمسية، بدا محتارا بداية وهو يحاول اكتشاف معاني قصائد ملقاة بلغات أجنبية، لكن نبرة الصوت، خفضه ورفعه، وحركات اليد وتأثيرات وزن وإيقاع القوافي، خفف من تلك الحيرة، وسافر بهم بعيدا، ليكتمل المعنى بعدما استمعوا إلى ترجمة تلك القصائد باللغة العربية.
يقول الشاعر والناقد عبد الحق ميفراني مدير دار الشعر للجزيرة نت "بين شاعر يحمل وطنه في قلبه، متفردا في الإعلان عن جراحاته، وشاعر يفتح قلبه على وطن آخر، تتواشج الكلمات بين متون نصية إبداعية من مختلف الجنسيات، ترسيخا لقيم الشعر".
قبول ورفضمن يتابع حركة الشعر في العالم وآراء النقاد حول ترجمته، يجدها تتأرجح بين قبول ورفض، وهو الذي بدا جليا في الأمسية ذاتها وإن بتعابير جديدة.
تقول الشاعرة تانيا هو كونغ للجزيرة نت إن ترجمة الشعر بات من ضروريات نشر الوعي الشعري في العالم، لأن سحر الكلمات، قد يتجاوز المعنى إلى خاصيات تميز الشعر وينفرد بها.
وتضيف "لولا الترجمة ما استطعت ولوج عوالم جديدة، ولما تعرفت على تجارب جديدة سواء من خلال لقاء شعراء أو جمهور مختلف"، مبرزة أن "تلك الصعوبة التي تواجه المترجم لإظهار مكامن الإيحاء تقابل بسحر إيقاع الكلمات، تجعل الشعر وسيلة لتقارب الشعوب".
بينما يؤكد الشاعر عبد الرحيم للجزيرة نت أنه يكتب باللغة العربية والإنجليزية، لكن يفضل قراءة النص الأصلي، لأن المترجم قد يخونه التعبير، وهو ينتقل من لغة إلى أخرى، ولا يستطيع نقل كل الأحاسيس الجياشة للقصيدة الأم.
إبداعليست الترجمة مجرد نقل ميكانيكي للكلمات والنصوص، إنما هي إبداع من نوع آخر، وبحر لا يخوضه، إلا من يحسن الغوص والعثور على لآلئ القصيدة.
في هذا السياق، تبرز تانيا وهي أيضا مترجمة ومرشدة ثقافية خريجة جامعة أنتيوش بلوس أنجلوس، أن المترجم يبني نصا جديدا بمقومات مبتكرة، إذ إن التلاقح اللغوي يبنى من خلال تبادل الأفكار والتجارب والتصورات حول الكتابة الشعرية في عمقها الإنساني.
وتضيف الحائزة على جوائز عدة في مهرجانات دولية "نجد قصائد باتت عالمية بفضل ترجمتها إلى عديد اللغات، فيما نجد كل مترجم متمكن قد أبدع وأمتع، ولا يترجم كلمة بكلمة أو جملة بجملة، بل يذهب إلى عمق المعاني، ويقترب من روح النص الأصلي متسلحا بإلمامه باللغتين الأصلية واللغة المترجم إليها، وبحمولتهما الدينية والثقافية والوجدانية.
أما الشاعر حبش الذي يكتب بـ4 لغات هي الكردية والعربية والألمانية والإنجليزية، وترجمت قصائده إلى أكثر من 30 لغة كما وردت مختارات من قصائده في أكثر من 150 أنطولوجية شعرية عالمية، فيفضل أن يكون المترجم أيضا شاعرا معتمدا على حسه الفني وخياله، قادر على إبراز عمق القصيدة.
ويشير المتوج بجائزة "ستيتشاك البوسنية" الدولية للشعر إلى أن المترجم يشعره، وهذا ما حدث له شخصيا، أنه عبر بدقة أكبر عن ذاته بتعابير جديدة ومبتكرة.
مشتركســأعدّ أنـــفــاســـي إذا ما أكتئب وسأضـحك الأسنان في وجه الكرب
وأساجل النكــبــات عند خطــوبها فنرى أأُغلَــب أم أكــون أخا الغلب
هذا جزء من قصيدة عثمان، يعبر فيها عن سعيه في الحياة لمواجهة صعابها.
وأنا إذا استطعت أن أراك ثانية
سأصنع ألف رافعة ورقية
عشرة آلاف..
أريد فتح باب شقتك من جديد
وهذا جزء من قصيدة تانيا مترجمة، تتحدث عن حبيب اشتاق إليه القلب والروح
أحب هذا التراب الذي يشبه جسدي
وهذا الأرض التي تعني القلب أولا
أحب هذا الغبار، وهو كحل عيني
وهذا الهواء، وهو بلسم رئتي
وهذه بعض كلمات الشاعر حبش يعبر فيها عن حبه لوطنه الذي تركه مضطرا..
من يتأمل كل تلك القصائد الملقاة في الأمسية، يجد فيها ذلك المشترك الإنساني العميق، تكشف عن الذات وعلاقته بالآخر وبالحياة، وكيف يشق المرء طريقه في هذه الحياة، ليصل إلى بر الأمان، معبرا عن رغباته وأمانيه في العيش مع من يهواه القلب.
يبرز الشاعر عبد الرحيم، الذي تبدو التربية الصوفية واضحة في قصائده، والمتوج في جامعة لاسو النيجيرية، أن التعبير عن شواغل الشاعر ودواخله بالكلمات، يجعل القصائد كأنها بنيان مرصوص، يشد بعضه عضد بعض، ليرتقي بشعور المتلقي، ويهذب سلوكه.
فيما يقول المترجم محمد الموخاريق للجزيرة نت، بالرغم من أن لكل لغة بنيتها الداخلية، وكل قصيدة تحمل صورتها الشعرية، وكل شاعر يعبر عن عمقه الداخلي، فإن ما يجمع الشعر هو ذلك الإحساس الشعري الممزوج بإيقاع الكلمات، والتي يرقى بالقصيدة إلى العالمية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
قصة قابيل وهابيل إمبابة .. أحدهما تدخل لحماية والدتهما من الآخر
"قلبي على ولدي انفطر.. وقلب ولدي عليا حجر"، تلك المقولة كانت سببا لجريمة قابيل وهابيل إمبابة، حيث سطر شاب نهاية مأساوية لشقيقه داخل منزلهما بعد أن سدد له طعنة نافذة اخترقت قلبه وفارق على أثرها الحياة، معللا ذلك بأن شقيقه كان يتعدى على والدتهم بالسب والضرب، لتصبح الأم هي الخاسرة الأولى بين نجلها الأول المتوفي والثاني الذي بات متهما.
الابن خرج بأعجوبة.. الدقائق الأخيرة في حياة أسرة شقة المنيلقضت حياتها في المساعدة.. قصة نهير السباعي ضحية حريق شقة المنيل | صورتحريات أمن القاهرة عن شقة المنيل: ماس كهربائي وصل لـ ماسورة الغازماذا حدث في شقة الست "نوهير" بالمنيل| صورمأساة في شقة الست روحية بالجيزةحكاية جريمة قابيل وهابيل في إمبابة، بدأت بأفعال المجني عليه، حيث كان دائم التعدي على والدته بالسب والضرب، وفي يوم الواقعة حضر إليها طالبا منها الأموال ولكنها رفضت فقام بالتشاجر معها وسبها، وحينها تدخل شقيقه للدفاع عن والدتهم وحمايتها، وتشاجر مع شقيقه الأكبر، وذهب إلى المطبخ وأحضر سكينا وسط صرخات والدتهم ثم قام بتهديده إلا أن السلاح اخترق صدره.
صرخات انطلقت من شقة السيدة روحية والدة المتهم والمجني عليه، وخرج الشقيق المتهم محاولا انقاذ شقيقه ونقله إلى المستشفى إلا أنه لفظ أنفاسه الأخيرة بسبب اختراق الطعنة قلبه، وماهي إلا دقائق حتى تلقت المباحث في الجيزة بلاغا بالواقعة وحينما وصلت قرر الأخ المتهم - مكنش قصدي أعمل كدة بس كان بيضرب أمي ويشتمها - وتم التحفظ على المتهم واقتياده إلى قسم شرطة إمبابة.
تحقيقات النيابة العامة بشمال الجيزة الكلية عن جريمة قابيل وهابيل كشفت قتل شاب لشقيقه دفاعا عن والدته بمنطقة إمبابة حيث تبين انه سدد له طعنة قاتلة في القلب اردته قتيلا في الحال، حيث انتدبت النيابة الطب الشرعي لتشريح جثة المجني عليه وتحديد توقيت وأسباب الوفاة كما طلبت تحريات الأجهزة الأمنية حول الواقعة.
ووردت إشارة من المستشفى إلى مديرية أمن الجيزة بوصول شاب مصاب بطعنة نافذة في الصدر اخترقت القلب وانه فارق الحياة قبل إسعافه متأثرا بإصابته، وفور إخطار اللواء سامح الحميلي مساعد وزير الداخلية مدير أمن الجيزة وجه بسرعة الانتقال إلى مسرح الواقعة وفحص البلاغ وبيان ملابساته، وأشارت التحريات الأولية بقيادة اللواء محمد الشرقاوي مدير الإدارة العامة للمباحث إلى أن شقيق المجني عليه وراء ارتكاب الجريمة.
أضافت التحريات بإشراف اللواء هاني شعراوي مدير المباحث الجنائية أن المجني عليه كان يتعدى على والدته بالسب والضرب بسبب رفضها إعطائه مبلغا ماليا فتدخل شقيقه الآخر لحماية والدته وتشاجر مع شقيقه الأكبر وتطور الأمر عندما أسرع الصغير إلى المطبخ وعاد حاملا سلاحا أبيض يهدد به شقيقه فاخترق السلاح صدره وسقط غارقا في دمائه.
استغاث الأخ الأصغر بالجيران ونقل شقيقه الى المستشفى إلا أنه فارق الحياة بسبب إصابته بطعنة في القلب، وألقت مباحث إمبابة القبض على المتهم وبمواجهته اعترف بارتكاب الواقعة مؤكدا على انه لم يكن ينوي قتل شقيقه وانما تهديده فقط لابعاده عن والدته قائلا:"مكنش قصدي بس كان بيضرب أمي".