الجزيرة:
2025-02-22@10:26:37 GMT

الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟

تاريخ النشر: 23rd, April 2024 GMT

الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟

مراكش- في لحظة تأمل كبرى، ينصت الشاعر الكردي حسين حبش إلى قصيدة يلقيها صديق له باللغة الإسبانية حول الحنين إلى الوطن، ما إن يتممها بإيقاع شعري حزين، حتى تهتز القاعة بتصفيق حار وجد له وقعا كبيرا في دواخله.

لم تكن تلك الكلمات، سوى محاولة مبدعة من الشاعر العراقي عبد الهادي سعدون المقيم في مدريد لترجمة قصيدته بعنوان "غدا ستصبح عجوزا" في محفل عالمي للشعر.

حبش وهو يسترجع تلك الذكرى التي ما زالت راسخة بذهنه لا تفارقه، يقول للجزيرة نت جازما "يمكن لمترجم قصيدة أن يتفوق على صاحبها، إذا كان الأول قريبا من روحها، يفهم خوالج الثاني ويترجم أحاسيسه".

ويضيف على هامش حضور أمسية شعرية بمدينة مراكش "تولد الكلمات من رحم المعاناة، لكن كتابتها بلغة أخرى يجعل لها أجنحة جديدة تسافر بها إلى عبر الأوطان لتنقل شعورا متجددا".

الشاعر الكردي حسين حبش يرى أن القصيدة المترجمة تعبير بالأنا عن ذات الآخر (الجزيرة) التعبير عبر الآخر

اختارت دار الشعر بمراكش أن تقدم نسخة جديدة من فقرة "الشاعر ومترجمه" ضمن أمسية شعرية استمتع الحضور فيها باكتشاف قصائد شعرية بلغات مختلفة، لامست مواضيع شتى، رابطها التعبير عن الذات عبر الآخر.

تناوب على المنصة مساء يوم الأربعاء 17 أبريل/نيسان الجاري، بفواصل موسيقية من فرقة دار آلة العود بمراكش، كل من الشاعرة المقيمة في أميركا ذات الأصول الكورية تانيا كو هونغ، والشاعر النيجري عثمان عبد الرحيم الطالب بمدينة فاس المغربية، إلى جانب الشاعر حسين حبش المقيم في ألمانيا والمترجم المغربي محمد الموخاريق، في حين تعذر وصول الشاعرة النيوزيلندية من أصل صيني سوزهو من مطار دبي بسبب سوء أحوال الطقس.

بعض من حضر تلك الأمسية، بدا محتارا بداية وهو يحاول اكتشاف معاني قصائد ملقاة بلغات أجنبية، لكن نبرة الصوت، خفضه ورفعه، وحركات اليد وتأثيرات وزن وإيقاع القوافي، خفف من تلك الحيرة، وسافر بهم بعيدا، ليكتمل المعنى بعدما استمعوا إلى ترجمة تلك القصائد باللغة العربية.

يقول الشاعر والناقد عبد الحق ميفراني مدير دار الشعر للجزيرة نت "بين شاعر يحمل وطنه في قلبه، متفردا في الإعلان عن جراحاته، وشاعر يفتح قلبه على وطن آخر، تتواشج الكلمات بين متون نصية إبداعية من مختلف الجنسيات، ترسيخا لقيم الشعر".

قبول ورفض

من يتابع حركة الشعر في العالم وآراء النقاد حول ترجمته، يجدها تتأرجح بين قبول ورفض، وهو الذي بدا جليا في الأمسية ذاتها وإن بتعابير جديدة.

تقول الشاعرة تانيا هو كونغ للجزيرة نت إن ترجمة الشعر بات من ضروريات نشر الوعي الشعري في العالم، لأن سحر الكلمات، قد يتجاوز المعنى إلى خاصيات تميز الشعر وينفرد بها.

وتضيف "لولا الترجمة ما استطعت ولوج عوالم جديدة، ولما تعرفت على تجارب جديدة سواء من خلال لقاء شعراء أو جمهور مختلف"، مبرزة أن "تلك الصعوبة التي تواجه المترجم لإظهار مكامن الإيحاء تقابل بسحر إيقاع الكلمات، تجعل الشعر وسيلة لتقارب الشعوب".

بينما يؤكد الشاعر عبد الرحيم للجزيرة نت أنه يكتب باللغة العربية والإنجليزية، لكن يفضل قراءة النص الأصلي، لأن المترجم قد يخونه التعبير، وهو ينتقل من لغة إلى أخرى، ولا يستطيع نقل كل الأحاسيس الجياشة للقصيدة الأم.

إبداع

ليست الترجمة مجرد نقل ميكانيكي للكلمات والنصوص، إنما هي إبداع من نوع آخر، وبحر لا يخوضه، إلا من يحسن الغوص والعثور على لآلئ القصيدة.

في هذا السياق، تبرز تانيا وهي أيضا مترجمة ومرشدة ثقافية خريجة جامعة أنتيوش بلوس أنجلوس، أن المترجم يبني نصا جديدا بمقومات مبتكرة، إذ إن التلاقح اللغوي يبنى من خلال تبادل الأفكار والتجارب والتصورات حول الكتابة الشعرية في عمقها الإنساني.

وتضيف الحائزة على جوائز عدة في مهرجانات دولية "نجد قصائد باتت عالمية بفضل ترجمتها إلى عديد اللغات، فيما نجد كل مترجم متمكن قد أبدع وأمتع، ولا يترجم كلمة بكلمة أو جملة بجملة، بل يذهب إلى عمق المعاني، ويقترب من روح النص الأصلي متسلحا بإلمامه باللغتين الأصلية واللغة المترجم إليها، وبحمولتهما الدينية والثقافية والوجدانية.

أما الشاعر حبش الذي يكتب بـ4 لغات هي الكردية والعربية والألمانية والإنجليزية، وترجمت قصائده إلى أكثر من 30 لغة كما وردت مختارات من قصائده في أكثر من 150 أنطولوجية شعرية عالمية، فيفضل أن يكون المترجم أيضا شاعرا معتمدا على حسه الفني وخياله، قادر على إبراز عمق القصيدة.

ويشير المتوج بجائزة "ستيتشاك البوسنية" الدولية للشعر إلى أن المترجم يشعره، وهذا ما حدث له شخصيا، أنه عبر بدقة أكبر عن ذاته بتعابير جديدة ومبتكرة.

مشترك

ســأعدّ أنـــفــاســـي إذا ما أكتئب             وسأضـحك الأسنان في وجه الكرب

وأساجل النكــبــات عند خطــوبها             فنرى أأُغلَــب أم أكــون أخا الغلب

هذا جزء من قصيدة عثمان، يعبر فيها عن سعيه في الحياة لمواجهة صعابها.

وأنا إذا استطعت أن أراك ثانية

سأصنع ألف رافعة ورقية

عشرة آلاف..

أريد فتح باب شقتك من جديد

وهذا جزء من قصيدة تانيا مترجمة، تتحدث عن حبيب اشتاق إليه القلب والروح

أحب هذا التراب الذي يشبه جسدي

وهذا الأرض التي تعني القلب أولا

أحب هذا الغبار، وهو كحل عيني

وهذا الهواء، وهو بلسم رئتي

وهذه بعض كلمات الشاعر حبش يعبر فيها عن حبه لوطنه الذي تركه مضطرا..

من يتأمل كل تلك القصائد الملقاة في الأمسية، يجد فيها ذلك المشترك الإنساني العميق، تكشف عن الذات وعلاقته بالآخر وبالحياة، وكيف يشق المرء طريقه في هذه الحياة، ليصل إلى بر الأمان، معبرا عن رغباته وأمانيه في العيش مع من يهواه القلب.

يبرز الشاعر عبد الرحيم، الذي تبدو التربية الصوفية واضحة في قصائده، والمتوج في جامعة لاسو النيجيرية، أن التعبير عن شواغل الشاعر ودواخله بالكلمات، يجعل القصائد كأنها بنيان مرصوص، يشد بعضه عضد بعض، ليرتقي بشعور المتلقي، ويهذب سلوكه.

فيما يقول المترجم محمد الموخاريق للجزيرة نت، بالرغم من أن لكل لغة بنيتها الداخلية، وكل قصيدة تحمل صورتها الشعرية، وكل شاعر يعبر عن عمقه الداخلي، فإن ما يجمع الشعر هو ذلك الإحساس الشعري الممزوج بإيقاع الكلمات، والتي يرقى بالقصيدة إلى العالمية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

«أبوظبي للغة العربية» يفتح باب المشاركة في جائزة «كنز الجيل»

أبوظبي (الاتحاد) 
أعلن مركز أبوظبي للغة العربية، فتح باب التقديم للمشاركة في الدورة الرابعة من جائزة «كنز الجيل»، مع استمرار فترة الترشيح لغاية 31 مايو المقبل. وأصبحت جائزة «كنز الجيل»، منذ إطلاقها في عام 2021، إحدى أهم المحطات الثقافية التي تسهم في الحفاظ على التراث الثقافي العربي وإحيائه، وتحتفي بتنوعه الغني.
وبهذه المناسبة، قال الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية: «تستلهم الجائزة مكانتها من الإرث الثقافي والأدبي الفريد للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حيث تسهم بما تمتلكه من أصالة وابتكار في إثراء ثقافة الانتماء لدى الأجيال اليافعة».
وتابع قائلاً: «جائزة (كنز الجيل) شكّلت علامة فارقة في الحراك الثقافي على مستوى المنطقة، تستقطب إنتاجات كبار الأدباء والمبدعين، لتسهم بفاعلية في تحقيق أهداف المركز في تعزيز حضور اللغة العربية، ودعم روافدها من إبداع وتأليف وترجمة في مختلف أنحاء العالم».

أخبار ذات صلة «تريندز» يختتم مشاركته في «آيدكس» و«نافدكس» أحمد بن حميد يترأس الاجتماع القيادي لدائرة الموارد البشرية

وأكد أن الدورة الرابعة من جائزة «كنز الجيل» استكملت النجاح الكبير الذي حققته الدورات السابقة، فأصبحت منصة ملهمة لتكريم الأعمال المبدعة، واستعادة مكانة الشعر الشعبي والفنون والدراسات المتعلقة به في مسيرة استئناف الحضارة العربية.
وأضاف: «مع انطلاقة مرحلة جديدة من مسيرتها، ترسخ الجائزة مكانتها منصة ثقافية غنية تجمع بين الشعر والتراث، وتعكس تراثنا الثقافي، وتُعيد إلى الأذهان المكانة المتميزة للشعر في صناعة الثقافة والمعرفة في المجتمع».
وتستمد جائزة «كنز الجيل» مهامها من أشعار الأب المؤسس الشيخ زايد، التي تجسد مكانة الشعر مرآة للمجتمع العربي والإماراتي، كما يتم من خلالها تكريم التجارب الشعرية المتميزة في الشعر النبطي، الذي يعد جزءاً أساسياً من الوجدان العربي، بالإضافة إلى نشر هذه الأعمال والتعريف بها.
وتسعى الجائزة أيضاً إلى ترسيخ قيم الشعر التي حملها الشيخ زايد، بما يتضمنه من جماليات وقيم إنسانية نبيلة، وتسلط الضوء على تأثيره في الثقافة الإماراتية والعربية. كما تسهم في حماية التراث الشعبي والفنون التقليدية من خلال ربط الأجيال الجديدة بثقافتها وتراثها، فضلاً عن الاهتمام بالفنون المتصلة بالشعر النبطي مثل الموسيقى والغناء الشعبي والفنون التشكيلية والخط العربي.
وتضع جائزة «كنز الجيل» شروطاً عامة يجب أن يستوفيها المرشحون والأعمال المشاركة، إذ يجب أن يكون المرشح أسهم بشكل فعال في إثراء الحركة الشعرية أو النقدية أو الفنية على المستويين المحلي والعربي، وأن تتسم الأعمال المرشحة بالأصالة والابتكار، بحيث تمثل إضافة حقيقية للثقافة والمعرفة الإنسانية. ويُسمح للمرشح بتقديم عمل واحد فقط في أحد فروع الجائزة خلال الدورة الواحدة، ولا يمكن تقديم العمل ذاته لجائزة أخرى في العام نفسه.
وتُمنح جائزة فرع «المجاراة الشعرية» هذه الدورة، للقصيدة التي تتميز بقدرتها على مجاراة قصيدة (لي سَرَتْ مِ العِين سَرّايَه) للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بالوزن والقافية والموضوع، على أن تُساوي في أبياتها عدد القصيدة الأصلية، بمستوى يوازي النموذج الذي تجاريه لغة وصوراً وإيقاعاً. فيما تُمنح جائزة فرع «الإصدارات الشعرية» لديوان شعري نبطي يتمتع بالأصالة شكلاً ومضموناً، ويُشكّل إضافة نوعية لهذا المجال الشعري، في حين تُمنح جائزة فرع «الترجمة» للأعمال المترجمة لشعر الشيخ زايد إلى إحدى اللغات الحية، أو الأعمال التي قدمت خدمة كبرى في ترجمة الشعر العربي إلى لغات أخرى.
كما تُمنح جائزة فرع «الفنون» لعمل فني يستخدم الأدوات البصرية والتقنية في قراءة وأداء وتجسيد شعر الشيخ زايد والشعر النبطي، وتشمل الخط العربي، والفن التشكيلي، والأفلام القصيرة، والأعمال الغنائية، ويمكن للمبدعين التقدّم لهذا الفرع بحسب نوع الفنّ الذي تقرّه اللجنة في كل دورة.
وتُمنح جائزة فرع «الشخصية الإبداعية»، للشخصية التي قدمت إسهامات إبداعية بارزة وفاعلة في الشعر النبطي ودراسته، وفي حقول الموسيقى والغناء والرسم والخط العربي، كما يُمكن أن تُمنح لشخصية اعتبارية لها إسهامات فاعلة في تلك المجالات، وقدمت خدمات للشعر. وأخيراً، تُمنح جائزة فرع «الدراسات والبحوث»، للدراسات البحثية الخاصة بالشعر النبطي التي تتناول أساليب هذا الشعر ومضمونه ومعجمه بأسلوب علمي.

مقالات مشابهة

  • ولي العهد يصحح للمترجم الروسي بأن المملكة لم تستقل لكن أُعيد توحيدها ⁧‫يوم التأسيس‬⁩.. فيديو
  • «أبوظبي للغة العربية» يفتح باب المشاركة في جائزة «كنز الجيل»
  • شاهد| القادسية يعبر الأخدود بثنائية في ” روشن”
  • طرق علاج الثعلبة بالزيوت الطبيعية والدواء.. تعرف عليها
  • ترامب يحدد الكلمات الأربع الأحب إلى قلبه
  • دعاء بعد الفجر للرزق والفرج.. أفضل الكلمات المستحبة لتحقيق الأمنيات
  • تساقط الشعر بعد الولادة: الأسباب والحلول
  • شاهد| التعاون يعبر الوكرة ويتأهل إلى ربع نهائي” أبطال آسيا 2″
  • 3 طرق تساعد في الحفاظ على شعرك الجاف من التلف.. جربيها
  • دوري الأبطال يشتعل.. من يعبر ومن يودع المنافسة الأوروبية؟