د. محمد عبود يكتب.. «فشل- ياهو» في مرمى الغضب الإسرائيلي
تاريخ النشر: 22nd, April 2024 GMT
بالتزامن مع مرور مائتى يوم على الحرب ضد غزة، يحتفل الإسرائيليون بعيد الفصح، وهو العيد الأكبر والأهم عند اليهود. يُخلد العيد ذكرى نجاة بنى إسرائيل من فرعون وعمله، وبسبب الحرب يرسم الفنانون الإسرائيليون بنيامين نتنياهو فى هيئة فرعون موسى الذى ضحّى بالمحتجزين، وأصرّ على مواصلة الحرب رغم الخسائر الكبيرة فى صفوف الاحتلال.
المشابهة بين نتنياهو وفرعون ليست حباً فى سواد عيون الفلسطينيين، فلن تجد لهم فى إسرائيل ولياً ولا نصيراً، ولكنها تعبير عن حالة غضب إسرائيلية عارمة من أداء بنيامين نتنياهو منذ السابع من أكتوبر الماضى. لذلك تُشبّهه وسائل الإعلام ولافتات المتظاهرين بفرعون، أشد أعداء بنى إسرائيل على مر العصور، وتتمنى له مصيراً مشابهاً. يحمل المواطن الإسرائيلى نتنياهو ثمن الحرب وكلفتها الباهظة، فرغم أن الرقابة العسكرية أصدرت تعليمات بشأن التغطية الإعلامية للحرب على غزة، تحظر تناول 8 قضايا أو التعامل معها، من بينها أى تفاصيل عن العمليات العسكرية، والهجمات الصاروخية التى تصيب أماكن حساسة، فإن إسرائيل بلد صغير تنتشر فيه الأخبار والشائعات بسرعة خاطفة. وبعيداً عما تتداوله وسائل التواصل الاجتماعى العبرية من خسائر بالغة، فإن الأرقام الرسمية الإسرائيلية تشير إلى اعتراف تل أبيب بمقتل 1459 إسرائيلياً، و605 مجندين وضباط، وإصابة نحو 5 آلاف مجند، وتعترف وزارة الدفاع الإسرائيلية بأن عدد المجنّدين المعاقين بعد الحرب قد يصل إلى 12 ألفاً و500 جندى، يجب إعادة تأهيلهم، وتركيب أطراف صناعية لأعداد كبيرة منهم بعد بتر أطرافهم، نتيجة الألغام والعبوات المفخّخة أثناء حرب العصابات فى قطاع غزة.
وتشير الأرقام الرسمية إلى خطف 250 إسرائيلياً منذ بدء الحرب، لقى 30 منهم مصرعهم، وما زال «العداد الإلكترونى» المثبت فى مواقع الصحف العبرية يشير إلى وجود 133 إسرائيلياً فى الأسر. ورسمياً منذ بدء العدوان على غزة تم إجلاء 200 ألف مستوطن إسرائيلى من مستوطنات غلاف غزة، ومن مستوطنات الشمال على الحدود اللبنانية، خوفاً من صواريخ المقاومة، ومن تداعيات الحرب. وما زال هؤلاء المستوطنون يصرخون جراء إقامة معظمهم فى مراكز شباب، وساحات مدارس ومراكز إيواء، ويرفضون العودة إلى المستوطنات قبل القضاء على حركة حماس وعلى قدرات حزب الله، وهو هدف بعيد المنال، ويصعب أن يحققه «فشل-ياهو» أو الجيش الإسرائيلى فى الأمد القريب أو البعيد.
قدّم نتنياهو نفسه فى بداية الحرب بدعاية تقول إنه «تشرشل» الإسرائيلى الذى سيُنقذ تل أبيب من أعدائها، ورفع سقف طموح الإسرائيليين، ووعد مواطنيه بأن يعود من غزة بالانتصار الساحق، والقضاء على حركة حماس وإعادة المخطوفين، وانتهى به الحال إلى فشل ذريع، وإلى كشف وجه إسرائيل القبيح أمام الرأى العام العالمى، وجلوس تل أبيب فى قفص الاتهام أمام المحكمة الجنائية الدولية. وبات نتنياهو يعلم علم اليقين أن الإسرائيليين سيلقون به خارج مجلس الوزراء فور انتهاء الحرب، ويصير عليه لزاماً مواجهة محاكمات مؤجّلة فى قضايا فساد ورشوة لتسهيلات مخالفة للقانون. بعد مائتى يوم من الحرب يريد نتنياهو فرصة أخرى حتى لا تضع الحرب أوزارها، يبذل كل ما فى وسعه، لكنه يفشل المرة تلو الأخرى فى استدراج إيران للمواجهة المباشرة، والآن يضغط على واشنطن من أجل ضوء أخضر لدخول رفح، بحثاً عن ورقة توت يستر به فشله وهزيمته، ويطيل بها مدته فى رئاسة الوزراء حتى حين.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الانتهاكات الإسرائيلية غزة نتنياهو
إقرأ أيضاً:
الصفقة المنتظرة: نتنياهو يريد ولا يريد
الأنباء المتداولة حول صفقة تبادل الأسرى والهدنة في قطاع غزة تراوح بين التفاؤل والتشاؤم. تارة يتحدثون عن تقدم كبير إلى درجة تحديد مواعيد محتملة للتوصل إلى اتفاق كامل، وتارة أخرى يتحدثون عن صعوبات كبيرة لا تساهم في عملية التقدم بل وتهدد بفشل الجهود المبذولة من الوسطاء القطريين والمصريين. ولكن وبرغم الأخبار المتناقضة في الحقيقة هناك تقدم ملموس وتمت إزالة عقبات جوهرية، ولكن يبقى السؤال الذي يحير الكثيرين: هل بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية معني بالتوصل إلى صفقة أم لا؟
التقدم الكبير الذي أحرز تم بعد أن تنازلت حركة «حماس» عن مطلب وقف الحرب ووافقت على إعادة انتشار للقوات الإسرائيلية وليس انسحاباً كاملاً كما كانت شروطها قبل الجولة الأخيرة. وإسرائيل بالمقابل وافقت على الانسحاب من المناطق المأهولة ومن محور «نتساريم» ووضع آلية لفحص السيارات التي ستدخل من الجنوب للشمال وبالعكس، وفي هذا الموضوع تعهدت قطر على ما يبدو بتوفير أجهزة لمسح السيارات بأشعة إكس، بينما يتحرك الأفراد بحرية. كما وافقت إسرائيل على الانسحاب من محور فيلادلفيا باستثناء مساحة تصل بين كرم أبو سالم وبين معبر رفح. وتم الاتفاق على فتح معبر رفح على أساس اتفاق عام 2005 برقابة أوروبية وكاميرات إسرائيلية. وستبقي إسرائيل مواقع لها في الشمال وعلى طول الحدود، كما ستخضع كل المناطق لمراقبة إسرائيلية بكاميرات ومسيّرات.
ولا تزال هناك خلافات حول مطلب إسرائيل بتزويدها بقائمة لكل المحتجزين الإسرائيليين الأحياء، والإفراج عن النساء المجندات باعتبارهن ضمن تصنيف الحالات الإنسانية والرجال المدنيين المصنفين عسكريين بسبب خدمة الاحتياط في الجيش. وخلاف حول الأسرى الفلسطينيين حيث تطالب إسرائيل بفيتو على عشرات الأسماء بمن فيهم القادة مثل مروان البرغوثي وأحمد سعدات، وقادة الجناح العسكري مثل عبد الله البرغوثي وحسن سلامة وإبراهيم حامد. بينما «حماس» تصر على الإفراج عنهم مع موافقتها على مبدأ الفيتو الإسرائيلي. وتصر إسرائيل على ترحيل بعض الأسرى إلى خارج الوطن بينما تريد «حماس» أن تكون الحرية للأسرى للاختيار سواء بالبقاء في الوطن أو البقاء خارجه.
المشكلة التي توحي بتناقض كبير لدى نتنياهو فيما يتعلق بالصفقة، فهو يصر على عدم وقف الحرب حتى القضاء على حركة «حماس» كما صرح بذلك لصحيفة «وول ستريت جورنال» أول من أمس. وهذا يعني أنه لا يريد الصفقة. وفي أحيان أخرى يقول إن هناك تقدماً في المفاوضات وأنه يريد صفقة ولكن ليس بكل ثمن. وفي أحسن الأحوال هو يريد المرحلة الأولى فقط التي تسمى المرحلة الإنسانية ولا تشمل الجنود والشبان الإسرائيليين. ويبدو ذلك بسبب مطالب الإدارة الأميركية الحالية وأيضاً رغبة الرئيس المنتخب دونالد ترامب في وقف إطلاق النار قبل دخوله إلى البيت الأبيض.
من التصريحات الإسرائيلية المتعاقبة يتضح أن إسرائيل تريد الإبقاء على الاحتلال في قطاع غزة في وضع أقرب إلى الوضع في الضفة الغربية، أي احتلال مع حرية عمل تتيح القيام باجتياحات وعمليات قصف واغتيالات متى تشاء السلطات الإسرائيلية. ومن الواضح أن الحكومة الإسرائيلية التي اتخذت قراراً بتصفية كل الذين على علاقة بهجوم السابع من أكتوبر من مقاتلين وقادة عسكريين ومدنيين. أي كل المسؤولين في «حماس» وكل النشطاء والذين تبوؤوا مناصب في الحركة. وهذه عملية لن تنتهي في عدة شهور بل تحتاج لسنوات. ولهذا من الصعب تصور وضع تنهي فيه إسرائيل احتلالها لغزة في غضون السنوات القليلة القادمة.
تصريحات نتنياهو ومواقفه تتعرض لانتقادات شديدة من قبل أهالي المحتجزين في غزة، ومن قِبل قادة المعارضة الذين يتهمون نتنياهو بأنه يحاول تعطيل الصفقة، وأنه لا يريد الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين، لأن وقف الحرب يعني أنه سيقدَّم للمحاكمة وسيتعرض لاتهام بالتقصير في الحرب عند تشكيل لجنة تحقيق رسمية، ويطالبون نتنياهو بعقد صفقة حتى لو كان الثمن وقف الحرب، على اعتبار أن الحرب استنفدت أهدافها ولم تعد هناك أهداف واضحة. وأن استمرار الحرب فقط لأسباب شخصية بالنسبة لنتنياهو ولا تعود للدولة وحاجتها للحرب، وفي هذه الفترة تطالب المعارضة بإسقاط نتنياهو.
نتنياهو من جهته يشعر بالعظمة على ضوء التطورات التي حصلت في المنطقة كنتيجة للمغامرة المجنونة التي أقدمت عليها حركة «حماس»، وهو ينسب لنفسه كل هذه التغييرات سواء بتدمير غالبية قدرات حركة «حماس» والضربات الكبيرة التي تعرض لها «حزب الله»، وسقوط نظام بشار الأسد في سورية، وإضعاف وتفتيت محور إيران الذي اصطُلح على تسميته «محور المقاومة». وهو يتمتع الآن بدعم شعبي أفضل من الذي كان له قبل الحرب، وبالتالي لا يبالي بصرخات المعارضة ولا حتى أهالي الأسرى، وما يهمه هو تعزيز علاقته بالرئيس ترامب. وعلى الأغلب علاقته بترامب هي التي ستحدد سلوكه القادم، وهو يراهن على تغير الرأي العام الإسرائيلي مع الوقت.
(الأيام الفلسطينية)