إسرائيل تواجه مقاطعة أكاديمية عالمية غير مسبوقة
تاريخ النشر: 22nd, April 2024 GMT
اشتدت حدة المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل، في ظل حرب الإبادة الجماعية في غزة، بشكل ملحوظ، مما يعكس الموقف القوي الذي اتخذه المجتمع الأكاديمي الدولي ضدها. وقد نمت هذه الحركة على الرغم من الاتهامات بمعاداة السامية، والتي غالبا ما تستخدم لتحدي شرعية الدعوة المؤيدة للفلسطينيين ورفض الجرائم التي يتعرضون لها من قبل أداة الحرب والإجرام الإسرائيلية.
حظيت المقاطعة الأكاديمية والثقافية بتأييد العديد من المنظمات والهيئات الأكاديمية حول العالم، مما يعكس إجماعا واسعا ضد الحرب الإسرائيلية على غزة. كانت الحملة الأمريكية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل (USACBI) صريحة في الدعوة إلى المقاطعة وسحب الاستثمارات من المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية، مؤكدة على تأثير الجرائم الإسرائيلية على الأكاديميين وحريات الطلاب.
وعلى المستوى الدولي، كانت الاستجابة قوية بالمثل، حيث يرى أنصار المقاطعة أن المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية متواطئة في فظائع إسرائيل وانتهاكاتها، مما يجعلها أهدافا مشروعة للمقاطعة. وقد شهد هذا النقاش مواجهة الأكاديميين الإسرائيليين لرد فعل موحد ومنسق على المستوى الدولي ومن داخل مؤسساتهم، كما رأينا في الجدل الدائر حول توقيع رسالة من الأكاديميين الإسرائيليين يتهمون فيها إسرائيل بارتكاب أعمال إبادة جماعية في غزة.
يرى أنصار المقاطعة أن المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية متواطئة في فظائع إسرائيل وانتهاكاتها، مما يجعلها أهدافا مشروعة للمقاطعة. وقد شهد هذا النقاش مواجهة الأكاديميين الإسرائيليين لرد فعل موحد ومنسق على المستوى الدولي ومن داخل مؤسساتهم
وقد استجاب المجتمع الثقافي والأكاديمي الإيطالي لدعوات المقاطعة، حيث قام أكثر من 1700 أكاديمي وباحث إيطالي بطرح هذه القضية في الوعي الوطني من خلال رسالة مفتوحة إلى وزارة الخارجية الإيطالية. وتدعو هذه الوثيقة إلى وقف التعاون الصناعي والعلمي والتكنولوجي مع إسرائيل. ويقول الموقعون إن هذا التعاون قد يدعم تطوير التقنيات ذات التطبيقات المدنية والعسكرية المزدوجة، بما في ذلك التقنيات البصرية للقتال. ويؤكدون أنه بدون بنود صريحة تمنع الاستخدام العسكري للأبحاث المشتركة، فإن هذه الاتفاقيات تخاطر بانتهاك القوانين الدولية والإنسانية من قبل إسرائيل، وقد تستغل إسرائيل هذا التعاون الأكاديمي في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وتؤكد الرسالة كذلك على ضرورة أخلاقية وقانونية، وتحث على تعليق هذا التعاون لإجبار إسرائيل على الالتزام بالمعايير الدولية، وخاصة تلك المنصوص عليها في اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية. وتشير هذه الدعوة إلى أن استمرار مثل هذه الشراكات قد يورط المؤسسات الأكاديمية الإيطالية في جرائم حرب محتملة، وهو اتهام خطير يخضع حاليا للمراجعة من قبل المحكمة الجنائية الدولية.
علاوة على ذلك، يسلط الأكاديميون الضوء على العواقب الوخيمة للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، وهي التدمير المنهجي للبنية التحتية التعليمية، مما يشكل اعتداء خطيرا على الحق في التعليم. إن تدمير المدارس والجامعات، إلى جانب الخسائر في الأرواح بين الطلاب والمعلمين، يرسم صورة مروعة لتأثير الحرب الإسرائيلية على التعليم في غزة والذي تم تدميره بشكل منهجي.
وفي نداء ختامي للتضامن، دعا الموقعون إلى تعزيز العلاقات الأكاديمية مع المؤسسات الفلسطينية. وبالتوازي مع الاستجابات الدولية للأزمات الإنسانية الأخرى، اقترح هؤلاء إنشاء برامج تعليمية وتخصيص الأموال لدعم المعلمين والطلاب الفلسطينيين.
وقد شهدت حركة الأكاديميين الإيطاليين بالفعل نتائج ملموسة، حيث كانت جامعة تورينو أول من قطع علاقاتها الأكاديمية رسميا مع المؤسسات الإسرائيلية. يمثل هذا القرار، الذي أقره المجلس الأكاديمي للجامعة، لحظة مهمة في حركة المقاطعة الأكاديمية الأوسع. إن مقاطعة جامعة تورينو، وهي مؤسسة مشهورة تتمتع بنقاط قوة في العلوم الإنسانية والطب والهندسة، تشكل سابقة قد تؤثر على جامعات أخرى في إيطاليا والعالم.
وأما الولايات المتحدة، فلا تملك الإدارة الأمريكية ومؤيدو جرائم إسرائيل إلا تهمة معاداة السامية لأولئك الذين يرفعون الصوت عاليا للمطالبة بوقف المجازر الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني. وقد أثارت هذه التهم مرة أخرى هالة من الشكوك حول الحالة الحقيقية للحرية الأكاديمية داخل الجامعات الأمريكية، التي نُظر إليها تقليديا على أنها معاقل للآراء المتنوعة والنقاش النشط. إن رد الفعل العنيف ضد هؤلاء الطلاب المؤيدون للقضية الفلسطينية العادلة لا يشكل تحديا لنزاهة هذه المؤسسات فحسب، بل يكشف أيضا عن تواطؤ وإحجام سياسي أوسع عن معالجة الحقائق القاسية للجرائم الإسرائيلية في غزة. وتسلط مثل هذه الحوادث الضوء على اتجاه مثير للقلق، حيث أصبحت الضغوط السياسية تطغى على التفويض التعليمي المتمثل في تعزيز النقاش المفتوح حول القضايا الحساسة مثل جرائم الحرب الإسرائيلية التي تنظر فيها اليوم محكمة العدل الدولية أي أنها ذات أساس قانوني دولي معتبر.
وتتجلى هذه الظاهرة بوضوح في موجة الاحتجاجات وحركات التضامن في مختلف الجامعات العالمية. ففي جامعة كولومبيا، أثار اعتقال أكثر من 100 طالب بسبب تواجدهم السلمي في "مخيم التضامن مع غزة" ردود فعل عالمية، حيث قام طلاب من مؤسسات مثل جامعة ييل وجامعة ساوث كارولينا في تشابل هيل بإنشاء معسكرات مماثلة لدعم هذه العملية. وترمز هذه الاحتجاجات، التي تتراوح بين الإضرابات والمسيرات، إلى احتجاج طلابي جماعي ضد الجرائم الإسرائيلية والتواطؤ الأمريكي فيها وقمع حرية التعبير.
يؤكد هذا السيناريو على الدور المهم الذي تلعبه الأوساط الأكاديمية في التأثير على الخطاب السياسي وعكسه والتحديات العميقة التي تواجهها المؤسسات الأكاديمية؛ في اتخاذ موقف واضح وصريح لدعم حرية التعبير والدعوة لوقف انتهاكات حقوق الإنسان في غزة
ومما يزيد من التعقيد أن ردود أفعال إدارات الجامعات كانت متباينة، حيث انحنى بعضها تحت ضغط (اللوبي) الجماعات السياسية الإسرائيلية. ومن الأمثلة البارزة على ذلك قرار رئيسة جامعة كولومبيا، مينوش شفيق، بالسماح للشرطة بتفكيك معسكر احتجاج طلابي واعتقال الطلاب من الحرم الجامعي. وقد أثار هذا الإجراء، ردود فعل عنيفة كبيرة ودعوات مكثفة للجامعات لسحب استثماراتها من إسرائيل ودعم الحقوق الفلسطينية بشكل أكثر صراحة.
علاوة على ذلك، اتخذت المقاطعة الأكاديمية العالمية شكلا أكثر تنظيما، حيث أصبح الباحثون الإسرائيليون معزولين بشكل متزايد عن مجتمع الأبحاث الدولي، ويواجهون إلغاء المحاضرات، ورفض الأوراق البحثية، والاستبعاد من المؤتمرات والتعاون الأكاديمي. هذه التحركات الأكاديمية ليست حوادث معزولة، بل هي جزء من حملة متواصلة مدتها سبعة أشهر عبر الجامعات الأوروبية والأمريكية، مما يعكس الاستياء العميق من الجرائم العسكرية الإسرائيلية في غزة.
خلاصة القول: إن المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل هي انعكاس لصراعات مجتمعية وسياسية أوسع، وتلخص الصراع بين الدفاع عن حقوق الإنسان وتورط الحكومات الغربية في دعم إسرائيل عسكريا وأكاديميا وسياسيا في جرائم الحرب التي ترتكبها في غزة. ويؤكد هذا السيناريو على الدور المهم الذي تلعبه الأوساط الأكاديمية في التأثير على الخطاب السياسي وعكسه والتحديات العميقة التي تواجهها المؤسسات الأكاديمية؛ في اتخاذ موقف واضح وصريح لدعم حرية التعبير والدعوة لوقف انتهاكات حقوق الإنسان في غزة.
twitter.com/fatimaaljubour
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المقاطعة الإبادة الجماعية غزة الإسرائيلية جامعات إسرائيل غزة جامعات المقاطعة الإبادة الجماعية مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المؤسسات الأکادیمیة حریة التعبیر فی غزة
إقرأ أيضاً:
المري يسلم الشهادات لخريجي أكاديمية شرطة دبي
دبي - «الخليج»
سلّم الفريق عبد الله خليفة المري، القائد العام لشرطة دبي، شهادات التخريج للطلبة المرشحين والمرشحات، الذين احتفت بهم أكاديمية شرطة دبي، ضمن حفل مهيب أقيم برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وشهده سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، في ميدان التخريج العام بالأكاديمية.
وقال في كلمته التي ألقاها بحضور مساعدي القائد العام، والعميد الدكتور سلطان عبد الحميد الجمال، مدير أكاديمية شرطة دبي، وعدد من ممثلي الجهات الشرطية في الدولة والوفود الزائرة: «أبنائي وبناتي الخريجات، أبارك لكم تخرجكم اليوم في هذه المرحلة المهمة من تكوين وصقل شخصيتكم العسكرية.. لقد اخترتم أن تكونوا جزءاً من مسيرة الأمن والأمان في وطنكم، وأن تتولوا المسؤولية للدفاع عن مقدرات الوطن ومكتسباته، وتعزيز شعور أفراده بالأمان والاطمئنان، ونحن واثقون أنكم ستكونون على قدر هذه المسؤولية، وستثبتون أنكم أهل لها، كما عهدناكم دوماً، إن رسالتكم الآن هي أكثر من مجرد وظيفة، بل هي رسالة إنسانية ووطنية تتطلب العزيمة والإرادة، والتفاني في خدمة المجتمع، وفي الختام، أسأل الله العلي القدير أن يوفقكم في مهامكم الجديدة، وأن يجعل كل خطوة تخطونها في طريق خدمتكم لوطنكم مصدر فخر واعتزاز لكم ولأسركم وأمتكم كما أود أن أؤكد لكم أننا في شرطة دبي سنظل على استعداد تام لدعمكم في كل خطوة تخطونها، متمنين لكم مستقبلاً مشرقاً مملوءاً بالإنجازات والتطلعات الطموحة».
ومن جانبه، بارك عميد الأكاديمية، العقيد الدكتور أحمد محمد يوسف الشحي، للطلبة تخرجهم، وأكد أن حفل التخريج يعكس الجهود المبذولة في التعليم والتدريب، وأنه تأكيد على الالتزام بإعداد كوادر مؤهلة، قادرة على خدمة الأمن، يسهمون في ترسيخ سيادة القانون، وتحقيق العدالة، من خلال تدريبهم المكثف على يد خبراء ومختصين، لربط المعارف النظرية بالتطبيق العملي في بيئات العمل، وعلى أرض الواقع.
وعبَّر عن فخره واعتزازه بما حققه الخريجون الطلاب والطالبات، مشيداً بأعضاء الهيئات التدريسية والتدريبية والإدارية، الذين رافقوا الطلبة الخريجين طوال فترة دراستهم، جنباً إلى جنب.
وقال: «إن أكاديمية شرطة دبي أصبحت منارة للعلم، قادرة على الإسهام في تنمية القيم الإنسانية، وتزويد رجل الشرطة بأصول المعرفة بصفة عامة، والعلوم الشرطية والقانونية بصفة خاصة».
ونوه الرائد الدكتور محمد ناصر الكعبي، مدير كلية القانون وعلوم الشرطة، إلى أن جميع الخريجين والخريجات هذا العام هم ضمن برنامج البكالوريوس في العلوم الأمنية والجنائية، بنظام التراكيز (تركيز البحث الجنائي ومسرح الجريمة، وتركيز جرائم المخدرات)، ومدة الدراسة أربع سنوات، تنقسم الدراسة إلى مرحلتين، مرحلة التخصص العام، ومرحلة التراكيز، بحيث يخصص لمرحلة التخصص العام الثلاث سنوات الأولى من الدراسة، بينما يدرس الطالب مرحلة التركيز في السنة الرابعة وتنقسم مرحلة التراكيز إلى قسمين، القسم الأول الدراسة النظرية في موضوع التركيز، أما القسم الثاني فهو التدريب التخصصي، ويكون على فصلين الثاني والثالث، ويجري كل هذا بالتنسيق مع الإدارة العامة للموارد البشرية، ليتم توزيع الطلبة بعد التخرج على برامج التراكيز المعتمدة، حسب احتياجات القوة والإدارات العامة.