معاناة الفلسطينين تزداد سوءا بعد إعلان نتنياهو عن خطة عسكرية لاجتياح رفح
تاريخ النشر: 22nd, April 2024 GMT
تجلس الحاجة أم سامي على مقربة من خيمتها تحاول أن تشعل النار رغم الرياح الخماسينية الشديدة لكنها كالعادة تفشل كما كل مرة، أحفادها الصغار يحاولون المساعدة من خلال لملمة بعض الأوراق المتناثرة بين خيام النازحين وتقديمها لها لتشعل بها النار.
تقول: «أبلغ من العمر سبعين عامًا لم أرَ في حياتي كلها أقسى من هذه الشهور التي مرت، فأنا مسؤولة عن سبعة عشر فردًا من الأبناء والأحفاد، زوجي طاعن في السن سافر إلى جمهورية مصر العربية للعلاج قبل السابع من أكتوبر الماضي، بقي ابني الأكبر في مدينة غزة بينما نزحت والجميع إلى مدينة رفح، أواجه صعوبة وضنك الحياة كل ساعة، تخيلي حجم المأساة الإنسانية التي نعيشها يوميًا من أجل توفير الاحتياجات الأساسية من مأكل ومشرب وعلاج وغيره، لقد أنجبت زوجة إبني طفلة قبل أيام قليلة تعاني هذه الطفلة من نقص في الوزن بسبب نقص عدم حصول أمها على التغدية المناسبة وانعدام الرعاية الصحية لها أثناء فترة الحمل، في خيمتنا تتراوح أعمار الأبناء والأحفاد ما بين أسبوع وخمسين سنه وأنا عمري تجاوز السبعة عقود».
صمتت لبرهة وأخذت تدس بعض الحطب داخل كانون النار المشتعل بينما كان قدر العدس يغلي ويعلوه الريم الأبيض، كانت بين الفينة والأخرى تقوم بإخراجه باستخدام ملعقة خشبية كبيرة.
تجلس ويتوسطها الأطفال يتكرر سؤالهم لها عن موعد انتهاء الطعام، أحدهم يبلغ من العمر ثلاث سنوات يحمل صحنًا بيده ويطلب منها الطعام كل لحظة.
«الجوع كافر» تقول وهي ترش بعض الملح للطبخة: «نعانى كثيرًا وتزداد حياتنا سوءًا مع استمرار الحرب لشهرها السابع، لا أفق للحل والعالم كله مستمتع في متابعة ما وصلنا إليه دون الضغط على إسرائيل وأمريكا لإنهاء الحرب، لقد استشهد أخي الأكبر وعائلته كلها قبل شهر رمضان المبارك في منطقة الزوايدة وسط قطاع غزة، سقط المنزل المكون من أربعة طوابق فوق رؤوسهم بينما كانوا نياما، توجهت صباحًا من مدينة رفح إلى الزوايدة لإلقاء نظرة الوداع عليهم لكن فرق الدفاع المدني التي تعمل بإمكانيات بسيطة لم تستطع سوى انتشال بعض الأعضاء فقط، تم دفن هذه الأعضاء في قبر جماعي وبقي الجميع حتى اللحظة تحت أنقاض المنزل المهدم» كانت تحاول أن تتحاشى دخان نار الطبخ بينما تكفف دموعها بمنديل ورق وضعه أحد أحفادها في يدها وهو يقول: «خلص يا ستي قولي الله يرحمهم وخلص».
لم تترك هذه الحرب مجالًا لراحة النساء والأطفال وحتى الشيوخ الكبار فالكل مطالب بالعمل من أجل تسهيل سُبل الحياة الصعبة، منذ الصباح الباكر يستيقظ الجميع كخلية نحل، يذهب الأطفال والشباب بعد حمل الجالونات لجلب الماء من محطات المياه القريبة لغسل الملابس والأواني المستخدمة للطهي والطعام، تتحول الخيمة بعد الساعة العاشرة صباحًا إلى منشر للغسيل من جميع الاتجاهات، تشتد حرارة الخيمة فيخرج كل من فيها يبحثون عن أماكن أكثر برودة للجلوس، ثم تبدأ رحلة أخرى لتوفير مياه الشرب، الرجال يحاولون توسيع آبار الصرف الصحي المتاخمة للخيام من أجل استيعاب أكبر قدر ممكن من النفايات التي تراكمت مع طول مدة النزوح، النساء يحاولن تنظيف الخيمة وترتيبها ومن ثم إعداد ما تيسر من طعام باستخدام النار بسبب عدم توفر غاز الطهي باهظ الثمن حيث يقدر سعر كيلوجرام واحد من غاز الطهي بحوالي 15 دولارًا أمريكيًا، يذهب الرجال للبحث عن الحطب في أماكن قريبة، غالبًا ما يرجعون بخفي حُنين فيضطرون لشراء الحطب من السوق بحوالي دولار واحد للكيلوجرام.
الدفاع المدني في غزة صرح بأن «منع الاحتلال دخول غاز الطهي ينذر بأزمة صحية جديدة بسبب اعتماد المواطنين على الحطب والفحم. تم تسجيل مئات الإصابات بأمراض الجهاز التنفسي بسبب استخدام الحطب والفحم بديلًا لغاز الطهي».
رفح المكتظة بالنازحين الذين يُقدر عددهم بأكثر من مليون ونصف المليون نازح تعيش أسوء أيامها فالكل في حالة تأهب وترقب حيث تواجه العائلات المُهجرة قسرًا من شمال غزة إلى جنوبها التهديد بمزيد من التهجير والعذابات والمذابح وسط إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن خططه لاجتياح عسكري لرفح بالرغم من الرفض الدولي.
استشهدت امرأة قبل أسبوع بينما كانت تحاول برفقة آلاف العائلات الفلسطينية العودة إلى ما تبقى من منازلها في شمال غزة بعد أكثر من ستة أشهر من التهجير القسري نتيجة حرب الإبادة الإسرائيلية لكن نيران المدفعية والرشاشات الإسرائيلية استهدفت بشكل عشوائي المدنيين الذين يحاولون أن يعيدوا بناء حياتهم، ما يؤكد على إمعان الاحتلال التعامل مع المدنيين بالـوحشية والإرهاب حيث أدى إطلاق النار إلى استشهاد 5 أفراد وإصابة العشرات.
وزارة الصحة بغزة صرحت بأن «هناك ارتفاعا في عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي إلى 33 ألفًا و729 شهيدًا و76 ألفًا و371 مصابًا منذ السابع من أكتوبر».
سؤال الغزيين المنهكين المهجرين أصبح متى ستنتهي هذه الحرب؟ هل سيتم وقف إطلاق النار؟.
أنقذوا ما تبقى وأوقفوا حصد أرواح الأبرياء كانت هذه رسالة الحاجة أم سامي النازحة من مدينة غزة إلى رفح جنوب قطاع غزة للعالم وهي تحتضن حفيدتها التي ولدت قبل أسبوع.
أمام حالة الخوف والترقب مطلوب من المجتمع الدولي والدول الأطراف في اتفاقيات جنيف، والأمم المتحدة وهيئاتها المتخصصة، بإدانة جريمة استهداف إسرائيل المتعمد للنازحين قسرًا واستمرار منعهم من العودة إلي أماكن سكناهم في مخالفة صارخة لقواعد القانون الدولي الإنساني وقرارات محكمة العدل الدولية، كما يجب أن يكون هناك تحرك جادٌ لوقف جريمة الإبادة الجماعية التي تواصل دولة الاحتلال الإسرائيلي ارتكابها بحق الفلسطينيين في القطاع، ومطالبتها بالامتثال لقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية باتخاذ جميع التدابير لوقف استهداف المدنيين وحمايتهم وضمان تدفق ووصول المساعدات الإنسانية لسكان قطاع غزة الذين يعانون جراء استمرار جريمة النزوح القسري والتطهير العرقي والإبادة الجماعية.
__________________
د. حكمت المصري كاتبة فلسطينية من غزة
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
حدث أمني يتسبب بتعليق جلسة محاكمة نتنياهو
أفادت القناة 12 الإسرائيلية اليوم الثلاثاء بتعليق الجلسة السادسة لمحاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لمدة ربع ساعة بعد تلقيه تحديثا أمنيا.
فيما كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) أوصى بنقل جلسات نتنياهو من المحكمة المركزية في القدس إلى مدينة تل أبيب، موضحة أن هذه التوصية تأتي على خلفية اعتبارات أمنية حساسة.
وذكرت القناة 12 الإسرائيلية أن قرار الشاباك يستند إلى "معلومات سرية للغاية"، دون الكشف عن طبيعة هذه المعلومات.
وتشير التقارير إلى أن النقل المقترح للجلسة يستهدف ضمان أقصى درجات الحماية الأمنية لرئيس الوزراء، وسط أجواء سياسية مشحونة وقضايا فساد أثارت انقسامات داخلية في البلاد.
حزب الله يحدد موقعا لدفن حسن نصر الله
حدد حزب الله اللبناني موقعا لدفن جثمان زعيمه السابق حسن نصر الله، حسبما أفادت مصادر الحزب لصحيفة "الشرق الأوسط"، الثلاثاء.
وأوضحت المصادر أن موقع دفن حسن نصر الله سيكون "قطعة أرض على الطريق القديمة المؤدية إلى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت".
وأضافت أن الموقع "سيكون مزارا".
وقالت المصادر إن "الاستعدادات جارية لتشييع جثماني نصر الله، ورئيس المجلس التنفيذي للحزب هاشم صفي الدين، في مأتم شعبي واحد، على أن يدفن الأخير، حسبما أوصى، في بلدته دير قانون بقضاء صور".
وقتل نصر الله ومن بعده صفي الدين، في هجمات إسرائيلية عنيفة في سبتمبر وأكتوبر الماضيين، على ضاحية بيروت الجنوبية.
وتردد اسم صفي الدين كخليفة محتمل لنصر الله، لكن الوقت لم يسعفه لتسلم مهام قيادة حزب الله رسميا.
لبنان يقدم شكوى ضد إسرائيل إلى مجلس الأمن
قدم لبنان شكوى إلى مجلس الأمن الدولي بشأن الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ قبل نحو شهر.
وفي التفاصيل، قدمت وزارة الخارجية والمغتربين بواسطة بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك شكوى إلى مجلس الأمن الدولي تتضمن احتجاجا شديدا على الخروقات المتكررة التي ترتكبها إسرائيل لـ"إعلان وقف الأعمال العدائية والالتزامات ذات الصلة بترتيبات الأمن المعززة تجاه تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 والتي بلغت أكثر من 816 اعتداء بريا وجويا بين 27 نوفمبر و 22 ديسمبر 2024".
وأشار لبنان في الشكوى بحسب وزارة الخارجية أن الخروقات الإسرائيلية "من قصف للقرى الحدودية اللبنانية تفخيخ للمنازل تدمير للأحياء السكنية وقطع للطرقات تقوض مساعي التهدئة وتجنب التصعيد العسكري، وتمثل تهديدا خطيرا للجهود الدولية الرامية إلى تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، كما أنها تعقد جهود لبنان في تنفيذ بنود القرار 1701 وتضع العراقيل أمام انتشار الجيش اللبناني في الجنوب".
وإذ جدد لبنان التزامه بالقرارات الدولية وتطبيق ترتيبات وقف الأعمال العدائية وأكد أنه تجاوب بشكل كامل مع الدعوات الدولية لتهدئة الوضع وما زال يظهر أقصى درجات ضبط النفس والتعاون في سبيل تجنب الوقوع مجددا في جحيم الحرب ودعا مجلس الأمن لا سيما الدول الراعية لهذه الترتيبات إلى إتخاذ موقف حازم وواضح إزاء خروقات إسرائيل والعمل على إلزامها باحترام التزاماتها بموجب إعلان وقف الأعمال العدائيّة والقرارات الدولية ذات الصلة" وفق وزارة الخارجية.
وطالب لبنان بتعزيز الدعم لقوات اليونيفيل والجيش اللبناني لضمان حماية سيادته وتوفير الظروف الأمنية التي تتيح له استعادة استقراره وعودة الحياة الطبيعية إلى جنوبه".
وأمس الاثنين، أفادت صحيفة "الأخبار" بأن رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي استدعى اللجنة الخماسية المكلفة بمتابعة اتفاق وقف إطلاق النار لبحث خروقات الجيش الإسرائيلي، وأنه طلب للمرة الأولى الاجتماع باللجنة "للتأكيد على أن ما يقوم به العدو الإسرائيلي في الجنوب من خروقات يسبب إحراجا للدولة اللبنانية التي وقعت قرار وقف إطلاق النار بوساطة أمريكية".
وأفادت مصادر مطلعة بأن "ميقاتي سيطلب من الجانبين الأمريكي والفرنسي الضغط على إسرائيل لوقف خروقاتها لأن استمرارها يعني انفجار الوضع في أي لحظة وسقوط الهدنة".
وفي 27 نوفمبر الماضي تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين "حزب الل"ه اللبناني وإسرائيل بعد أكثر من عام على تبادل الهجمات على الحدود.
في حين يواصل الجيش الإسرائيلي خرق اتفاق وقف إطلاق النار، حيث فجر وجرف عددا من المنازل والبساتين والممتلكات في عدة قرى وبلدات بجنوب لبنان.