هذا العنوان ليس من عندى ولكنه توصيف دقيق لموقف الحكومة، من تناقص مساحة زراعة القطن الذى جاء على لسان الدكتور ياسر الهضيبى نائب الشيوخ ورئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوفد، فى معرض تعليقه على أزمة تدهور القطن المصرى، وخروجه من السوق العالمى، خلال جلسة مجلس الشيوخ الأربعاء الماضى.
وما ذهب إليه النائب ليس غريبًا بخصوص محصول استراتيجى كالقطن، نامت الحكومة على إهماله أكثر من ثلاثة عقود حتى تراجعت مساحته، من 2 مليون فدان إلى 132 ألف فدان فقط عام 2016.
عشنا سنوات طويلة كان القطن هو الذهب الأبيض الذى يغمر بريقه الحكومة والفلاح معًا، حتى الأغنية الشعبية باتت تتغنى بموسم جنى القطن على لسان الصبية الصغار: (يا لوزة يا أم جلاجل.. يا لوزة خدك التاجر) فرحًا بموسم الجنى، وابتهاجًا بعائده الذى ينتظره الفلاح كل عام، ليزوج منه الابن ويشترى ذهب الزوجة ويجهز الابنة.
هكذا كان القطن للفلاح كما كان للدولة مبعث فخر كبير، حيث كان المادة الخام لقلعة الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى، التى تنتج الملابس الجاهزة وعلى رأسها القميص المصرى الذى يعد الآن أفضل هدية يعود بها المسافر من الخارج بعد أن توقف تصنيعه محليًا، وأصبحنا ننتج قطنًا لا نزرعه، ونستورد قطنا لتصنيع الغزل والنسيج!
ماذا حدث ولماذا هذا التدهور والإهمال حتى خرج القطن من السوق العالمى رغم أننا ما زلنا ننتج 20% من القطن طويل التيلة على مستوى العالم، من بين خمس دول عالمية تحتكر زراعته.
وإذا كانت لجنة الزراعة والرى بمجلس الشيوخ، قد قدمت استراتيجية واضحة للنهوض بهذا المحصول حتى يعود بريقه من جديد، فنحن نطالب بتطبيقها فى أسرع وقت، ونضيف عليها ضرورة عودة الإرشاد الزراعى لزراعة القطن، وتوفير البذور المنتقاة، وكذلك الأسمدة والمبيدات بأسعار منخفضة فى متناول قدرات الفلاح، مع ارتفاع سعر القنطار من 10,000 جنيه للقطن طويل التيلة، و12,000 لقصير التيلة حتى تقترب أسعاره من السعر العالمى. باختصار نحن بحاجة إلى مؤتمر كبير للقطن، يضم جميع الخبراء المتخصصين فى زراعته، والباحثين فى أصنافه، والقائمين على تصنيعه، للوقوف على أسباب تراجعه وحل مشكلاته، ووقف أسباب تدهوره حتى يعود للذهب الأبيض بريقه.
تحية لنائب الوفد الشجاع على تعليقه الصريح بشأن هذه القضية الشائكة، ونطالب بتطبيق استراتيجية للنهوض بالقطن المصرى فى أسرع وقت، عسانا أن نفيق من (النوم فى العسل) قبل فوات الأوان!
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: عبدالعظيم الباسل ياسر الهضيبي نائب الشيوخ
إقرأ أيضاً:
الوعى جدار حصين أمام التحديات التى تواجهها الدولة المصرية
تواجه الدولة المصرية فى الآونة الأخيرة تحديات كبيرة على جميع الأصعدة، اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وثقافياً، وتتصاعد هذه التحديات من يوم لآخر فى ظل ما تشهده المنطقة من تطورات وأحداث متسارعة واضطرابات وحروب، وانعكاسات تطورات الأوضاع الراهنة على الساحتين الإقليمية والدولية على الأمن القومى المصرى، والتحديات الاقتصادية الناتجة عن هذه الأوضاع، ما يجعلنا نستشعر أهمية الوعى بأن يكون الشعب المصرى العظيم واعياً ومدركاً ما يحيط بمصر وتأثير ما تشهده المنطقة حالياً علينا وعلى أمننا القومى.
والشعب المصرى العظيم دائماً يضرب أروع الأمثلة فى الوعى بالتحديات التى تواجهها مصر ويدرك قيمة الوطن وأهمية الحفاظ على الأمن القومى المصرى واستقرار الأوضاع فى البلاد، فكانت وما زالت يقظة الشعب المصرى وتماسكه هى حائط صد منيعاً أمام محاولات ومخططات أعداء الوطن الذين يريدون النيل من الدولة المصرية وهدم استقرارها، ليظل وعى المصريين الصخرة التى تتحطم عليها آمال ومخططات المتربصين بمصر.
إننا فى مصر محظوظون بأن لدينا القوات المسلحة الباسلة القوية والشرطة المصرية، وما تبذله من جهود كبيرة فى حماية حدود الدولة المصرية وجبهتها الداخلية ضد مختلف التهديدات على كل الاتجاهات الاستراتيجية فى ظل ما تموج به المنطقة من أحداث، ومع وعى الشعب المصرى وتماسك ووحدة الجبهة الداخلية والاصطفاف خلف القيادة السياسية ومؤسسات الدولة فى هذه المرحلة، فلن يستطيع أحد المساس بالأمن القومى المصرى أو النيل من الدولة المصرية.
لذلك أولت الدولة المصرية فى السنوات العشر الأخيرة اهتماماً كبيراً بصناعة وبناء الوعى لدى المواطنين، باعتبار أن الوعى مسئولية تضامنية وتشاركية بين جميع مؤسسات الدولة سواء الإعلامية أو الدينية أو التعليمية والشبابية والثقافية وغيرها، وتحتل إشكالية بناء وعى المواطن المصرى صدارة أولويات الرئيس عبدالفتاح السيسى إيماناً بأن بناء الشخصية القوية السوية القادرة على مواجهة التحديات هى نقطة الانطلاق نحو بناء الإنسان المصرى القادر على دفع جهود التنمية المستدامة بمختلف أبعادها، حيث يلعب بناء الوعى دوراً كبيراً فى عملية البناء والتنمية والحفاظ على الأمن القومى المصرى.
والظروف الحالية وما تواجهه الدولة من تحديات برهنت على أن وعى الشعب المصرى وتكاتفه هو الضمانة الأساسية لتجاوز الأزمات الإقليمية والتهديدات المحيطة، ففى ظل الجهود الكبيرة التى تبذلها الدولة المصرية لمواصلة عملية البناء والتنمية والحفاظ على الاستقرار وجهود دعم وتعزيز الاقتصاد المصرى، تتزايد الشائعات المغرضة التى تبثها الجماعة الإرهابية وأذنابها، فلا يتوقفون عن نشر الأكاذيب والمعلومات المغلوطة والمضللة لتزييف الوعى لدى الشعب المصرى وتضليله، ولكن المصريين منذ البداية فطنوا لهذه المخططات الخبيثة ويتصدون لها بكل قوة.
وما يعزز ذلك هو أن الشعب المصرى لديه الوعى الكافى ويدرك ما يحيط ببلده من أخطار وتهديدات، ويعى أهمية الحفاظ على الأمن القومى المصرى واستقرار وطنه، فى ظل ما يراه من نجاح مخططات الأعداء فى تقسيم وتفكيك بعض الدول فى المنطقة وإضعافها وانهيارها، لذلك تكمن أهمية تعزيز الوعى لدى المواطنين.
وأتذكر مقولة الرئيس عبدالفتاح السيسى بأنه لم تعد الحروب العسكرية هى الآلية الوحيدة لتحقيق الانتصارات، فبعض الدول لجأت إلى استخدام الحروب النفسية ضد شعوب دول أخرى، من أجل تحقيق هزائم نفسية تفقدهم الإرادة والأمل والقدرة على الإنجاز وتستبدلها بمشاعر الإحباط واليأس وفقدان الثقة فى كل شىء، وذلك من خلال سلاح الشائعات وتعزيز حالة الاستقطاب المجتمعى ومن ثم تفكيك الشعوب، وإشعال الحروب الأهلية، ببساطة هذا ما يريد أن يصنعه بنا أعداؤنا الذين يتعمدون نشر الشائعات عن الدولة المصرية على مدار سنوات من أجل النيل من استقرار وسلامة هذا الوطن.
فصناعة الوعى تسهم فى تقوية قدرة البشر فى التفكير الصحيح والإبداع، وتساعد الناس على التمييز بين الخير والشر، وبين الشائعات والحقيقة، وتجعلهم مدركين لأهمية الحفاظ على الوطن وأمنه واستقراره، والاستمرار فى بناء الوعى مسئولية مشتركة بين جميع مؤسسات الدولة الإعلامية والتعليمية والدينية والثقافية والشبابية، وكذلك الخبراء والمثقفون والمجتمع المدنى وغيرهم، لإثراء العقول وتشكيل الوعى لدى مختلف شرائح المجتمع.
إن الوعى جدار حصين يقى الوطن كل الأخطار والأفكار المتطرفة والهدامة، ويحفز طاقات البناء والتنمية، ومصر ماضية فى مهمة بناء الوعى والذى هو جزء من بناء الإنسان المصرى، ودعم جهود الدولة لتحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على الأمن القومى المصرى.. وستظل الدولة المصرية تمتلك القدرة والقوة التى تضمن لها الحفاظ على أمن وسلامة مقدرات شعبها، وحماية الأمن القومى المصرى.